array(1) { [0]=> object(stdClass)#12962 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 125

البرنامج النووي العراقي: الحلم الكابوس .. صنعه الطموح ودمره الموساد

الخميس، 30 تشرين2/نوفمبر 2017

مثّلت قصة البرنامج النووي العراقي عبرة لأي دولة نامية تحاول امتلاك التكنولوجيا النووية، ولم تأخذ في حسبانها متغيرات التاريخ والجغرافيا ومرونة السياسة الخارجية وحركية العلاقات الدولية وحسابات الكبار فيها، والتي تعد عناصر حاسمة تضمن عبور البرنامج النووي الفتي لأي دولة تنوي دخول النادي النووي العالمي لأول مرة بأمان أو خطر، إذ مثّلت البداية المتفائلة والطموحة ذات النوايا السلمية والعلمية للنخب العلمية الشابة والمخضرمة في العراق، لا تعرف تفاصيل نوايا السياسة الرامية إلى زجها بسرعة في أتون الصراعات والأزمات، لدولة طالما مثّلت طرفًا في أي نزاع شهده إقليمها لأكثر من نصف قرن، ودخلت في متاهات القرارات السياسية الخارجية الخاطئة، التي غامرت بمستقبل الدولة، وأصابت من ثم مؤسساتها الحيوية ومجتمعها في مقتل، ولمعرفة ما شهدته مسيرة العراق في الطريق النووي، يمكن سرد الموضوع بما يشبه القصة القصيرة ذات النهاية المأساوية.

العراق يفتح عينيه بسعادة للتكنولوجيا النووية القادمة من الدولة العظمى

        لم يتأخر العراق كثيرًا في الألفة مع التكنولوجيا النووية عن العديد من الدول التي حازت على هذا النمط من التكنولوجيا، ومن المفارقة أن أول مناسبة تعرّف العلماء في العراق على أفكار الذرة كان عبر هدية أمريكية عام 1956م، ضمن برنامج الذرة من أجل السلام، وأتت هذه المبادرة ضمن التوجه الحكومي في عهد الملك الراحل فيصل الثاني، الذي أسس خلال زيارته التاريخية إلى الولايات المتحدة الأمريكية عام 1953م، (نفس سنة التتويج)، علاقات استراتيجية بين البلدين في مدة حكم الرئيس الأمريكي ترومان، واستمر هذا التعاون  في مرحلة الرئيس ايزنهاور، وكانت الهدية الأمريكية عبارة عن مكتبة نووية صغيرة، ومفاعل تجريبي صغير للأغراض العلمية، إلا أن قيام ثورة عام 1958م، حال دون وصول المفاعل الذي تحوّل إلى إيران الشاه، لكنه لم يحل دون وصول المكتبة، التي تمت الاستفادة مما حوته بحوثها ونتاجات العلماء الأمريكان في مشروع مانهاتن وما أضافوه من بحوث علمية في مرحلة الخمسينات من القرن العشرين.

        تغيير المزود النووي بتغير شكل الدولة

توجّه عراق عبد الكريم قاسم بعد تبدّل التحالفات الاستراتيجية من الولايات المتحدة الأمريكية إلى الاتحاد السوفيتي السابق، وتعاقد على التزويد بمفاعل نووي للأغراض السلمية، أطلق عليه اسم تموز تيمناً بـ(ثورة تموز) التي أنهت الحكم الملكي في العراق عام 1958م، ودخل هذا المفاعل الذي أقيم في مركز البحوث النووية العراقي في منطقة التويثة (25 كم جنوب بغداد) الخدمة عام 1967م، ليبدأ العراق منذ بداية سبعينات القرن العشرين وتولي حزب البعث ذو التوجهات القومية للسلطة باجتذاب العلماء العراقيين في المهجر، إضافة إلى العلماء العرب والأجانب للمساهمة في برامجه العلمية في مجالات الطاقة النووية وما يرتبط بإنتاجها من وسائل كيميائية وليزرية، حتى إن العالم المعروف الراحل(أحمد زويل) كان قد أشار في كتابه (عصر العلم) إلى إنه تلقى عرضًا من المسؤولين العراقيين عام 1975م، أثناء زيارة للعراق بالبقاء هنالك والعمل ضمن فرق البحث العلمي العراقية.

        واستمر العمل على تطوير البرنامج النووي العراقي بعمل دؤوب من قبل فريق من العلماء العراقيين الذين تدربوا ودرسوا في الدول الغربية مثل (خالد سعيد، جعفر ضياء جعفر، عبد القادر أحمد، عماد خدوري*، سلمان اللامي، ظافر سلبي، حسين الشهرستاني، وغيرهم من العراقيين والأجانب)، وانتشر هؤلاء العلماء في مختلف أنحاء العالم لاسيما أوروبا بطرفيها الشرقي والغربي (إبان الحرب الباردة)، ينشدون كل ما يسهّل مهمة نجاح البرنامج النووي العراقي.

القوة الإقليمية التي فقأت عين المفاعل النووي العراقي

بعدما بدأت الحكومة العراقية في منتصف سبعينات القرن العشرين وما بعدها في سعي جاد ومفاوضات مع فرنسا لتزويد العراق بمفاعلين من طراز (أوزيريس) أطلق عليهما تموز1 وتموز2 للأغراض التجريبية العلمية، وبعد أخذ موافقة وكالة الطاقة الذرية وتسجيله كمفاعل مستخدم للأغراض السلمية، بدأت (إسرائيل) تستشعر خطر توجهات العراق النووية، التي سببت قلقًا كبيرًا للحكومة وصناع القرار في تلك الدولة، وبدأت بتوجيه أجهزتها التنفيذية لإيقاف طموح العراق لامتلاك التكنولوجيا المحرمة على العراق إسرائيليًا.

        لم تفلح بالطبع المساعي الدبلوماسية لإقناع الطرف الفرنسي لإلغاء العقد المبرم مع العراق، والذي بلغت قيمته وقتئذ 200 مليون دولار أمريكي، فشرع جهاز المخابرات الإسرائيلي (الموساد) بحرب مخابرات مفتوحة لإجهاض تسليم المفاعلين إلى العراق، عن طريق استدراج أو اغتيال الفريق العلمي العراقي المكرس لتشغيل المفاعلين الذي تكون من 60 شخصية، والمهندسين العراقيين المتدربين في فرنسا، نجح الموساد (أو وجهت إليه التهم) في تصفية 12 منهم في ظروف مختلفة، وشارك العديد من عملاء الموساد في عمليات محاولة استدراج علماء البرنامج النووي العراقي، وحسب شهادات بعض العلماء العراقيين كانت (تسيبي ليفني) وزيرة الخارجية الاسرائيلية السابقة وزعيمة حزب كاديما أحد المشاركين، عندما عملت في جهاز الموساد في تلك المدة، وكان مصير بعض ممن رفض التجاوب هو القتل، وأشهر عمليات الاغتيال كانت للعالم المصري الشهير يحيى المشد الذي تولى عمليات صيانة وتجهيز المفاعلين، اذ تم نحره في غرفة فندق فخم وسط العاصمة باريس .

        كما عمل الموساد الإسرائيلي على وسيلة أخرى لإجهاض شحن المفاعلين، عن طريق تفجيره في الموانئ الفرنسية، وهو الأمر الذي حصل بالفعل بعد تدمير أجزاء مهمة من نواة المفاعل، الذي تم ترميمه بعد ذلك في عملية أخرت الشحن لستة أشهر، وبعدها تم بالفعل شحن المفاعلين مع الوقود النووي اللازم للتشغيل إلى موقع مفاعل تموز في التويثة جنوبي بغداد، بعد أن استنفد الإسرائيليون الوسائل المخابراتية والدبلوماسية لوقف تزويد العراق بالتكنولوجيا النووية، تم اللجوء إلىخيار آخر أكثر خطورة  وأكبر تداعيات، من حيث الإعداد والتنفيذ والنتائج المترتبة، وهو الخيار العسكري المباشر .

شن تشكيل مكون من 8 طائرات F16، أمريكية الصنع تحمل النجمة السداسية التي تمثل شعار القوة الجوية الإسرائيلية غارة على المفاعلين، في صيف عام 1981م، وتكللت الغارة بالنجاح في تدمير كامل لمفاعل تموز1 الأساس ذو القبة، وإحداث أضرار بالغة بالمفاعل الصغير المساعد، الذي لحسن الحظ كان مليئاً بالوقود النووي الذي لم يتسرب، ولو حدث التسرب لكانت نتائج التلوث الإشعاعي مشابهة لسلاح نووي تكتيكي، وشكّل الهجوم المفاجئ صدمة للقيادة العراقية والشعب والعالم، ومثل ضربة قاتلة لطموح العراق في امتلاك التكنولوجيا النووية.

الدواعي الإسرائيلية لإنهاء الطموح النووي العراقي

كانت (إسرائيل) أكثر الدول استشعارًا لخطر امتلاك العراق مفاعل نووي، إذ كانت ترى أن طموح القيادة العراقية لن يتوقف عند امتلاك البرنامج النووي السلمي، لكن سيحيله إلى سلاح ثم قنبلة عاجلاً أم آجلاً، ويمكن تفسير المخاوف الإسرائيلية من العراق بعد تشغيل مفاعل تموز بالنقاط التالية:

  1. تؤمن القيادات في العراق والمجتمع بشكل عام، بعقيدة معادية لوجود (إسرائيل)، وتعد أدبيات السياسة العراقية في القرن العشرين، المنطلقة من وجهة النظر القومية كنظيراتها من معظم الدول العربية بأن هذا الكيان إنما هو مؤامرة لتفتيت وحدة الشعب العربي وسلب لحقوق الشعب الفلسطيني، ويجب القضاء عليه، كون ذلك قضية مركزية للأمة العربية، واعتمد هذا الطرح نسبيًا منذ العهد الملكي، وازدادت وتيرة هذا الخطاب بشكل أكبر حماسة بعد نهاية الحكم الملكي عام 1958م، وتولي العسكر لزمام السلطة في العراق حتى عام 2003م.
  2. شارك العراق في جميع الحروب العربية ضد (إسرائيل)، وساعد الفدائيين الفلسطينيين بجميع أشكال الدعم، مما ترك انطباعًا لدى القيادات هناك بأن العراق قد يكون أشد عداءً حتى من الدول المحيطة.
  3. تبنت النخبة السياسية الحاكمة في العراق في سبعينات القرن الماضي خطابًا إعلاميًا مناهضًا لــ(إسرائيل)، ومقيمًا لأفضل العلاقات مع حركة التحرير الفلسطينية بقيادة الراحل ياسر عرفات، وأشارت إحدى الصحف العراقية في أحد مقالاتها في تلك المرحلة إلى أن العراق سيمتلك القنبلة النووية ويزيل بها (إسرائيل).
  4. فسّرت القيادة الإسرائيلية تسمية المفاعل النووي العراقي باسم تموز بأنه محاكاة لشهر تموز البابلي، الذي استهل فيه الملك البابلي الشهير نبوخذ نصر عمليته العسكرية التي نتج عنها السبي البابلي لليهود، وليس التفسير العراقي الذي أريد به الإشارة إلى (ثورة) تموز.
  5. تأكد لدى جهاز الموساد حسب ما تم نشره من تقارير، بأن العراق يسعى إلى إنتاج ثلاث قنابل نووية، يسعى من خلالها إلى ضرب (إسرائيل) وإحداث أكبر ضرر ممكن، وتم الحصول على هذه المعلومة من علماء من داخل البرنامج النووي العراقي حسب ادعاء الموساد، وبأن العراق سعى إلى توفير وقود نووي كاف لصنع هذه القنابل.
  6.  تبني القيادة الإسرائيلية لنظرية الضربة الاستباقية التي تنص على عدم السماح للعدو ببناء قدرات عسكرية عن طريق المباغتة بالهجوم والحصول على الضربة الأولى، وتعزز ذلك بتوجّهات رئيس الوزراء بيغن، الذي أكد على ضرورة عدم سماح (إسرائيل) لدولة معادية بحيازة أو تطوير سلاح دمار شامل، وهو ما تم تنفيذه عمليًا دون أخذ إذن أي طرف دولي أو إقليمي في شن الغارة الجوية غير المتوقعة، حتى أن الولايات المتحدة وعلى لسان مسؤوليها أعلنت أنها تفاجأت بهذه الغارة.
  7. نظر المعنيون بالقرار في تل أبيب إلى عملية تدمير المفاعل العراقي على إنها إنقاذ اليهود من هولوكوست جديد محدق بــ(إسرائيل)، وكانت تعليماتهم للطيارين بأن النجاح في تنفيذ الغارة بنجاح يعني إنقاذ (إسرائيل) إلى الأبد من الخطر النووي.

استعادة الحيوية بعد ضربة مفاعل تموز وموته المفاجئ

        قرر العراق على وقع صدمة تدمير مفاعله الفتي البدء بحماسة في إعادة بناء إمكاناته النووية عن طريق تكليف فريق علمي عراقي بحت بمهمة تقييم الأضرار والشروع باستعادة إنتاج الوقود النووي، وعمل العلماء على العديد من الطرق الهادفة إلى تخصيب اليورانيوم اللازم لإنتاج السلاح النووي، وقدمت لجنة الطاقة الذرية العراقية مجموعة من المقترحات حول إنجاز المهمة توصلت في النهاية إلى أن أنسب طريقة هي الكهرومغناطيسية على أسس مشروع مانهاتن بسبب توافر الأسس البحثية لها، وتقدّم رئيس اللجنة بوعد إلى القيادة العراقية آنذاك بإنجاز المهمة في عام 1990م، وهو أمر لم يستطع الفريق النووي العراقي إنجازه، وعزمت القيادة العراقية على التوجه جنوبًا، بعد انتهاء الحرب العراقية-الإيرانية (حرب الخليج الأولى)، التي دامت ما يقارب ثمان سنوات وخلفت ما يزيد عن مليون ونصف قتيل من الطرفين وضعف هذا العدد من المعوقين والمصابين، إضافة إلى خسائر مادية جاوزت التريليون دولار أمريكي، فبدأت تعد العدة لغزو الدولة الجارة الكويت، وبالفعل فاجأ العراق العالم بغزو الكويت في مطلع آب/ أغسطس عام 1991م، وكان في ذلك الغزو مقتل البرنامج النووي العراقي وجميع الجهود التي بذلها منذ عام 1981م، العلماء العراقيون من أجل استعادة القدرة النووية العراقية، إذ تركت حرب استعادة الكويت من العراق آثارًا مدمرة ليس فقط على البرنامج النووي العراقي بل على مستقبل الدولة والمجتمع على حد سواء .

        الإجهاز على البرنامج النووي المحتضر

وبعد خسارة العراق الكبيرة في حربه مع دول التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، التي أجبرت الجيش العراقي على الانسحاب من الكويت وكبدت العراق خسائر هائلة، لم يكن أقلها الإجهاز على ما تبقى من مؤسسات البرنامج النووي العراقي في كافة مواقعها المنتشرة على طول خارطة العراق، والتزامات ثقيلة أملاها عليه المجتمع الدولي من أجل ضمان عدم عودة العراق مصدرًا لتهديد السلم الدولي والإقليمي، والتي كان منها ضرورة تدمير البرنامج النووي كشرط من شروط رفع الحصار الاقتصادي الخانق، الذي دام لأكثر من عشرة سنوات، وقامت لجنة الأمم المتحدة الخاصة أونسكوم UNSCOM التي كلفت بنزع أسلحة الدمار الشامل العراقية (في أعقاب حرب الخليج الثانية) بقرار من مجلس الأمن أوقف إطلاق النار في حرب عام 1991م، حمل الرقم 687، وكلفت اللجنة بتدمير المواد غير النووية وبمساعدة الوكالة الدولية للطاقة الذرية في تولي المجالات النووية، واهتمت بإزالة أسلحة العراق للدمار الشامل والصواريخ ذات المديات أكثر من 150 كم، بالإضافة إلى العناصر المتصلة بها ومنشآت الإنتاج، وأكملت اللجنة حتى كانون الأول 1998م، أكثر من 250 مهمة تفتيش صارمة، وظلت هذه اللجنة تعمل وفقًا لهذا القرار حتى ديسمبر/ كانون الأول عام 1998م، انسحبت بعدها بقرار من رئيسها في ذلك الوقت لتحل محلها لجنة إنموفيك، التي تولت مع وكالة الطاقة الذرية إتمام مهمة نزع جميع أسلحة الدمار الشامل ومن ضمنها السلاح النووي، لتضحى المؤسسات النووية البحثية العراقية أثرًا بعد عين، والعلماء النوويون العراقيون مطاردون من المحققين الدوليين، وفي النهاية قدم  هانز بليكس رئيس وكالة الطاقة النووية الدولية تقريره في بداية عام 2003م، يؤكد تعاون العراق في نزع السلاح النووي وخلو العراق من ذلك السلاح، فيما أعلن المسؤولون العراقيون عن تدمير آخر الوسائل المحتملة لإيصال أي دمار خارج مدى 150 كم، متمثلاً بصاروخ الصمود، ما يعني أن العراق أضحى بلدًا لا يمثل تهديدًا حقيقيًا على المستوى الإقليمي والدولي، وهو الأمر الذي لم يرق لإدارة الرئيس الأمريكي بوش الابن ومساعديه الذين أعدوا العدة لعملية غزو العراق في نفس العام، استنادًا على أدلة قدمتها وكالة الاستخبارات الأمريكية CIA تفيد بوجود سعي متواصل لدى القيادة العراقية في الحصول على أسلحة الدمار الشامل، وأن العراق حصل بالفعل على شحنة يورانيوم خام من النيجر، وهو أمر لم يتم تأكيده بعد احتلال القوات الأمريكية للعراق، وإخفاقها في تأكيد أي ادعاء قامت على أساسه بعملية غزو العراق واحتلاله عام 2003م، ومن ضمنها وجود نشاط نووي في العراق .

مستقبل العراق والطاقة النووية

        لم يختلف حال البرنامج النووي العراقي بمكوناته المادية والبشرية عن حال العراق كدولة، فهو مفتت ومدمر بكل مكوناته، ويعيش معظم العلماء النوويون العراقيون ممن بقي على قيد الحياة ولم تطله الاغتيالات في المهجر، منهم من تم الاستفادة من خبراته ومنهم من ينتظر لحظاته مغادرته للدنيا، أما موقع المفاعل النووي العراقي في منطقة التويثة، الذي سلمته القوات الأمريكية إلى الحكومة العراقية بعد إجراء مسح ميداني قام به فريق من العلماء، لا يرى منه سوى ساتر ترابي بطول يزيد عن 9.5 كم وارتفاع يصل إلى 50 م، ليبقى شاهدًا على الدولة الناهضة التي تضافرت جهود قواها البشرية والعلمية والمادية لبناء نموذج حضاري، لم تلبث أن عصفت به رياح المغامرات السياسية الفاشلة، التي تسببت بالضرر للقلب والمحيط وأورثت العراق فاتورة ثقيلة من المشكلات السياسية والاقتصادية والأمنية والاجتماعية وغيرها، لا يزال يدفع ثمنها حتى الآن .

        ومما تجدر الإشارة إليه ختامًا أن ثمة توجه للقيادة العراقية الحالية في إعادة الحياة للبرنامج النووي، بعد الدعوة التي وجهها وزير الخارجية العراقي إلى الأصدقاء من الدول والتي ناشد فيها دعم العراق لحيازة الطاقة النووية للأغراض السلمية، والتي يبدو أنها بارقة أمل قد تعيد فرصة وجود التكنولوجيا النووية الطموحة في العراق، لاسيما إذا ما نجحت الدولة العراقية في إعادة الهيكل العلمي البشري العراقي المختص في مجال الطاقة النووية، وأنهت فوضى السلاح والاغتيالات التي نالت ما نالته من الكفاءات العلمية العراقية منذ 2003م، حتى الآن.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*أكاديمي عراقي

 

 

* يعد العالم العراقي عماد خدوري، الحائز على درجة الماجستير بالفيزياء من جامعة ميشيغان في الولايات المتحدة الأمريكية والدكتوراه في "تكنولوجيا المفاعلات النووية" من جامعة برمنغهام في بريطانيا، من أهم المؤلفين الذين كتبوا في موضوع البرنامج النووي العراقي، وكانت كتبه :-

-          Iraq’s Nuclear Mirage: Memoirs and Delusions, Springhead Publishers, Canada , 2003 .

-          سراب السلاح النووي العراقي: مذكرات وأوهام، الدار العربية للعلوم ، بيروت ، 2004 .

-          مَعالِم وأحداث غير مكشوفة في البرنامج النووي الوطني العراقي1981 – 1991، عماد خدوري مُشاركاً و مُحققاً مع ظافر سلبي  وزهير الجلبي ، الدار العربية للعلوم، لبنان،2011 .

ومثلت هذه الكتب المصادر الرئيسة لهذه المقالة .

مجلة آراء حول الخليج