array(1) { [0]=> object(stdClass)#12962 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 131

اهتمام صيني ـ عربي بالتنمية المتكاملة والسعودية المحطة الرئيسية لمبادرة الحزام والطريق

الأربعاء، 06 حزيران/يونيو 2018

تدرك الصين أن مجموعة بريكس تكتل اقتصادي يضم خمس دول تجمعها عوامل قوة كبيرة لكن تنازع المصالح لا يستهان به، رغم أن هناك توقعات بتجاوز قوة مجموعة البريكس تضم (البرازيل، الهند، الصين، روسيا، وجنوب إفريقيا) لمجموعة السبع الكبرى بحلول عام 2035م، إذا استمر النمو الصيني.

تشكل كتلة البريكس 43 % من إجمالي سكان العالم وما يكاد يصل إلى ربع الاقتصاد العالمي 29 % من الاقتصاد العالمي عام 2017م، أي نحو 18 تريليون دولار، فيما يبلغ إجمالي الناتج المحلي لدول السبع الصناعية (الولايات المتحدة، اليابان، ألمانيا، بريطانيا، فرنسا، إيطاليا، كندا) نحو 35 تريليون دولار، كذلك لا يتجاوز الناتج المحلي الإجمالي لدول السبع البديلة أكثر من 20 تريليون دولار (الصين، روسيا، الهند، البرازيل، المكسيك، إندونيسيا، تركيا)، لكن مبادرة الحزام والطريق الطموحة التي اقترحها الرئيس الصيني تربط الصين بأوروبا، وتتعدى على مناطق نفوذ دول بريكس الأخرى، ولا سيما الهند وروسيا، كما تسبب عدم التوازن والتفاوت الاقتصادي الكبير بين أعضاء كتلة بريكس في زيادة المخاوف بشأن مستقبل هذه الآلية الدولية، وذلك وفقًا لتقرير عن وكالة سبوتنيك الإخبارية الروسية.

استثمارات دول البريكس الخارجية ما مجموعه 197 مليار دولار في الخارج عام 2017م، لكن كانت التجارة بين الكتلة لا تتجاوز 5.7 % فقط، ويهيمن اقتصاد الصين على اقتصاد البريكس بل يفوق اقتصاد البرازيل وروسيا والهند وجنوب إفريقيا مجتمعة وفي المستقبل قد تتضاعف هيمنة الاقتصاد الصيني على اقتصادات كتلة بريكس الأخرى.

تولي الصين أهمية لدور الدول العربية في التحولات المقبلة، خصوصًا بعدما أعلن الرئيس الصيني شي جينبينغ على أن مبادرة الحزام والطريق ليست أداة جيوسياسية، لكنها منصة للتعاون العملي، ويرى في أن الدول العربية أصبحت من الشركاء المهمين في بناء الحزام والطريق، مثمنًا التعاون الأوسع نطاقًا والإنجازات التي تم تحقيقها بين الجانبين خصوصًا وأنها تتجه نحو خلق العقد الذهبي من التعاون.

وتعد مبادرة الحزام والطريق المشروع الصيني الاستراتيجي الضخم الذي يهدف إلى إحياء مفهوم وروح طريق الحرير القديم عن طريق إنشاء شبكة تجارة وبنية تحتية من طرق وموانئ وجسور وخدمات اتصالات ونقل وغيرها لتصل الصين مع آسيا وأوروبا وإفريقيا، ومن المحتمل أن يغطي المشروع 60 دولة ونحو 65 % من سكان العالم وثلث الناتج الإجمالي العالمي، وربع البضائع والخدمات التي تتحرك في العالم.

العلاقات الصينية العربية تطورت لا سيما بعد تأسيس منتدى التعاون العربي الصيني في عام 2004م، حيث تضاعف حجم التبادل التجاري عشرات المرات خلال السنوات العشر الماضية، ووصلت العلاقات الصينية العربية إلى المستوى الاستراتيجي منذ عام 2010م، لأن التعاون بين الجانبين تمتد جذوره عبر التاريخ إلى آلاف السنين، بل إن وضع العلاقات في أطر مؤسسية واضحة وثابتة وقابلة للتطور في جميع مجالات التعاون بما يخدم مصلحة الجانبين العربي والصيني.

العالم العربي ضمن أولويات هذه المبادرة الكبيرة كونه ملتقى لطريقي الحرير البري والبحري خصوصًا وأن العالم أصبح يوجه أنظاره إلى العالم العربي ويتسابق في كسب موضع قدم سياسي واقتصادي في هذه المنطقة، ولكن يبقى الاهتمام الصيني مرحبًا به لأنه عبر التاريخ ارتبطت الصين والدول العربية بعلاقات متميزة سليمة قائمة على أساس الاحترام والمنفعة المتبادلة.

بلغ إجمال حجم التجارة البينية بين الصين والدول العربية عام 2017م، نحو 171 مليار دولار منها نحو 101 مليار دولار صادرات صينية ونحو 70 مليار دولار واردات من الدول العربية، ولا تزال الدول العربية مصدر رئيسي للبترول الخام للصين حيث بلغت واردات الصين من البترول العربي في 2017 نحو 150 مليون طن وهو ما يمثل 40 في المائة من واردات الصين من البترول الخام.

كما بلغت قيمة عقود مشروعات المقاولات للشركات الصينية الموقعة مع الدول العربية في 2017م، نحو 40 مليار دولار بزيادة نسبتها 40 % على أساس سنوي، وهو ما يمثل 16 % من إجمالي العقود الصينية الموقعة مع العالم في العام نفسه.

هناك تغيرات ضخمة في التجارة الخارجية العربية خلال السنوات الأولى من الألفية الثالثة، وكذلك على صعيد الوجهات الجغرافية، ولكن مع حدوث تغيرات طفيفة على صعيد التوزيع السلعي لهيكل الصادرات والواردات.

وبلغ المتوسط السنوي لقيمة التجارة السلعية العربية الذي قفز من 497 مليار دولار من الألفية الخمس الأولي من الألفية الثالثة إلى متوسط بلغ 1953 مليار دولار خلال السنوات الخمس الأخيرة حتى 2017م، بمعدل يزيد على ضعف نمو التجارة العالمية السلعية في المتوسط خلال نفس الفترة حسب (اونكتاد) مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية في نشرتها الفصلية الأولى لعام 2018م.

ترتب عليه ارتفاع حصة دول المنطقة في التجارة السلعية من 3 إلى 5 % ما بين الفترتين وذلك بسبب ارتفاع أسعار تصدير المنتجات العربية ولا سيما الوقود، في مقابل ارتفاع كميات الواردات السلعية العربية.

كما تضاعف حجم التجارة البينية من حيث القيمة بأكثر من 4.5 مرة من متوسط 27.4 مليار دولار إلى متوسط 126.5 مليار دولار خلال نفس الفترة، إلا أن نسبتها من مجمل التجارة السلعية للدول العربية لم ترتق إلا بشكل طفيف من 11 إلى 13 %.

أيضا تزايدت مساهمة دول مجلس التعاون في التجارة البينية السلعية العربية من 59 % إلى نحو 65 % خلال نفس الفترة، أيضا شهد التوزيع الجغرافي تغيرات واضحة حيث حلت الدول النامية محل الدول المتقدمة كأهم شريك تجاري للدول العربية ارتفعت حصتها من مجمل التجارة من 44 % إلى نحو 60 %، فيما تراجعت حصة الدول المتقدمة من 55 % إلى نحو 39 %.

لكن لم يشهد التوزيع السلعي للتجارة العربية تغيرات كبيرة، حيث تراجعت حصة صادرات السلع الأولية بشكل طفيف من 80.6 % إلى 77.5 %، في مقابل تحسن صادرات السلع المصنعة من 18.4 % إلى 21.7 %، أما على صعيد الواردات فقد شهدت استمرار لسيطرة السلع المصنعة رغم انخفاض حصتها من إجمالي الواردات من 68.7 إلى 67.1 %، مقابل ارتفاع حصة السلع الأولية من 25.3 % إلى 30.5 %.

ما يتطلب أن تكثف الدول العربية جهودها في تحسين الميزة التنافسية للصناعات المحلية ودعم حصتها من الصادرات السلعية العالمية، مع تحقيق حد أدنى من التنوع في هيكل الصادرات تفاديًا للصدمات الخارجية السعرية والقطاعية.

وصل معدل النمو السكاني في المنطقة العربية إلى 4.9 % عام 2016م، فتراجع دخل الفرد من سبعة آلاف و324 دولارًا عام 2015م، إلى سبعة آلاف و231 دولارًا في عام 2016م، كذلك عاود التضخم الارتفاع ليبلغ 5.6 % عام 2016م، بعدما بلغ 4.8 % عام 2015م، وذلك انعكاسًا لارتفاع أسعار عدد من السلع الرئيسية في المنطقة، كذلك تراجع الاستثمار الأجنبي للمنطقة بمعدل 10 % إلى نحو 40 مليار دولار عام م2015، وقد مثلت الاستثمارات الواردة إلى الدول العربية ما نسبته 2.3 % فقط من الإجمالي العالمي البالغ 1.76 تريليون دولار و5.2 % من إجمالي الدول النامية البالغ 765 مليار دولار عام 2015م.

على الرغم من إنجازات مسيرة العمل الاقتصادي العربي المشترك إلا أن ما تحقق لا يلبي التطلعات وذلك للواقع العربي الذي تعيشه الدول العربية، وهناك واقع عربي يشهد تحديات كبرى، وهناك نزاعات في بعض الدول وعدم استقرار في بعض الدول، والواقع العربي فيه بعض التحديات، وذلك ينعكس بصورة مباشرة على الواقع الاقتصادي.

وبالنسبة للتجارة العربية البينية للدول الأعضاء في منظمة التجارة الحرة العربية ارتفعت من 15 مليار دولار في عام 1997م، إلى نحو 99 مليار دولار في عام 2016م، بعد تنفيذ منطقة التجارة الحرة العربية ودخولها حيز النفاذ من 2005م، وذلك بمعدل سنوي يقدر بـ14%، وبذلك ارتفعت الأهمية النسبية للتجارة العربية البينية لتمثل نحو 12 % في مقابل 5 % قبل قيام منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى، وتتجاوز التجارة البينية لبعض الدول غير النفطية نحو 45 % ولولا هيمنة النفط على هيكل الصادرات في الدول العربية لتجاوزت التجارة البينية نسبة % من التجارة الإجمالية.

السعودية المحطة الرئيسية لمبادرة الحزام والطريق:

السعودية ستكون المحطة الرئيسية لمبادرة الحزام والطريق ونقطة الربط بين القارات، والصين تنظر للسعودية بصفتها قائد للعالمين العربي والإسلامي فضلاً عن كونها مركزًا أساسيًا للاستقرار في المنطقة، وبناء على هذا التوافق وهذه الرؤية هناك تعاون في العديد من المجالات، ومن أهمها التعاون بين المؤسسات العسكرية في البلدين، والتعاون في مجال مكافحة الإرهاب، وإطلاق بعض المبادرات الجديدة من خلال لجنة كبرى رفيعة وتضم اللجنة 5 لجان فرعية شاملة المحاور كافة لعلاقة استراتيجية بين البلدين منها السياسي والأمني والعسكري والتبادل التجاري والثقافي، ومنها شركة تتمحور حول مبادرة حزام الطريق لرؤية السعودية 2030 وتنمية القطاعات الإنتاجية بين البلدين بما فيها الاستمرار في العلاقة الاستراتيجية للطاقة.

الصين بحاجة إلى منصة تصل من خلالها إلى الشرق الأوسط وإفريقيا ووسط آسيا وأوروبا، آخذة في الاعتبار الموقع الجغرافي للسعودية والمكانة الدينية وتبنيها رؤية السعودية 2030 لتفعيل هذا الموقع من خلال الشراكات الاستراتيجية واللوجستية، وهي ترى أن السعودية بيئة جاهزة لتفعيل المحور الرئيسي في قارة آسيا بين الصين التي ستكون هي القطب الشرقي لهذه القارة، وبين السعودية التي تعد أكبر اقتصاد في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا، حيث وصلت قيمة الاتفاقات السعودية الصينية 60 مليار دولار جزء منها خاص بمبادرة الحزام والطريق، وجزء آخر للصناعات.

السعودية تطمح إلى أن تكون المستثمر الأكبر في قطاع التكرير والبتروكيماويات في الصين وليس فقط للنفط الخام، ويجمع السعودية والصين طموحات مشتركة، فالصين أعلنت عن الحزام والطريق عام 2013م، التي تنفق عليها حاليا نحو 150 مليار دولار سنويا في الدول الـ 68 دولة التي وافقت على المشاركة في المبادرة تلتقي مع إعلان السعودية عن رؤية السعودية 2030.

أبرمت السعودية والصين مذكرة تأسيس صندوق استثمار تمويلي مشترك بين البلدين، قيمته 20 مليار دولار، تكون إدارته مشتركة مع تقاسم التكلفة والأرباح مناصفة، ويعد الصندوق الأول الذي تقوم به السعودية مع دولة كبرى مثل الصين، في الوقت الذي أبدت السعودية استعدادها لدراسة تمويل جانب من احتياجاتها باليوان الصيني.

هناك حراك اقتصادي قوي بين البلدين، وهناك فرص كبيرة تمتلكها السوق السعودية وحتى الآن هناك اتفاقيات بين البلدين تجاوزت الـ 60 مذكرة تفاهم إجمالي الاستثمارات التي تنتج عنها نحو 70 مليار دولار، وسيكون القطاع الخاص المحلي المحرك الرئيسي في مسيرة السعودية خلال العقود المقبلة ضمن رؤية السعودية 2030، التي تدعو لتنويع الاقتصاد.

السعودية ترحب باستثمارات وإسهامات الشركات الصينية في جهود تنويع الاقتصاد السعودي، من خلال القطاعات الواعدة مثل البنية التحتية والصناعات المختلفة، ومشروعات النقل بأنواعها كافة، ومشروعات التحول الرقمي، والطاقة المتجددة، ومشروعات الإنتاج العسكري، وغيرها، خصوصًا وأن السعودية مقبلة على مجموعة من المشروعات التنموية الكبرى مثل مشاريع البحر الأحمر، ومدينة الفيصلية، ومشروعات إسكان فيها مئات الآلاف من الوحدات، مجهزة بجميع الخدمات، بحيث تكون مدنًا مصغرة وذكية وصديقة للبيئة.

السعودية درست تجربة التحول الصيني إلى ثاني أكبر سوق على مستوى العالم، وهذه السوق تمر بمراحل تحولية شاملة، وهذه بالنسبة للسعودية تحول كبير على السعودية أن تتفاعل معه، مع وجود طموح لدى السعودية أن تبادر الصين للمشاركة في عملية التحول هذه، خصوصًا وأن هناك العديد من المشتركات بين الجانبين.

مجلة آراء حول الخليج