array(1) { [0]=> object(stdClass)#13382 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 132

السعودية قادرة على تعويض الإمدادات ودورها القيادي سيظل محوريًا مع شركاء "أوبك" و خارجها

الخميس، 26 تموز/يوليو 2018

تلعب العقوبات الاقتصادية التي تفرض على الدول لأسباب مختلفة دورًا حاسمًا في التأثير في البيئة الاقتصادية العالمية بصفة عامة وعلى الدول المشمولة بهذه العقوبات على وجه الخصوص، ومنذ تغيير النظام السياسي في إيران عام 1979م، الذي أطاح بنظام الشاه ذو التوجه الليبرالي، واستبداله بنظام ثيوقراطي يرتكز على ما يسمى بولاية الفقيه، قامت الولايات المتحدة بفرض عقوبات اقتصادية على إيران بسبب سياستها التوسعية التي ترتكز على زعزعة الاستقرار في مناطق مختلفة من العالم لاسيما منطقة الشرق الأوسط .

وما من شك كان لهذه العقوبات الاقتصادية تأثيرات على أسواق النفط العالمية باعتبار أن إيران هي من الدول المنتجة الرئيسة المصدرة للنفط والغاز، علاوة على تأثير هذه العقوبات على الاقتصاد الإيراني، لكن الملفت للنظر في العقوبات التي أطلقت في مايو 2018م، أنها غير مسبوقة في التاريخ على حد تعبير وزير الخارجية الأمريكية بومبيو، وتستهدف تجفيف منابع الصادرات الإيرانية النفطية ومن ثم قطع مصادر التمويل التي تستخدمها، لتمويل المليشيات المنفلتة في اليمن والعراق ولبنان وسوريا. وسوف نتناول في هذا المقال الأهمية النسبية لإيران في سوق النفط العالمية، وتأثير الحصار الاقتصادي على إيران على أسعار النفط العالمية" وتداعياته على النمو الاقتصادي والأوضاع الداخلية في إيران.

أولاً- موقع إيران في سوق النفط والغاز

     تنتج إيران من النفط الخام في الوقت الحالي (4.9) مليون برميل يوميًا تشكل (5.4%) من إجمالي الإنتاج العالمي،تضعها في المرتبة الرابعة بين أكبر منتجي النفط في العالم بعد الولايات المتحدة المملكة العربية السعودية وروسيا الاتحادية، كما تحتل إيران المرتبة الرابعة في احتياطي النفط الخام عالميًا بنسبة (9.3%)، حيث تأتي بعد فنزويلا والسعودية وكندا.

 

 

 

جدول (1) الدول العشر الأكثر إنتاجًا للنفط الخام في العالم لعام 2017 " ألف برميل يوميًا"

 

الدولة

الإنتاج

النسبة من الإنتاج العالمي *

1

الولايات المتحدة

13057

14.1%

2

المملكة العربية السعودية

11951

12.9%

3

روسيا الاتحادية

11257

12.1%

4

إيران

4982

5.4%

5

كندا

4831

5.2%

6

العراق

4520

4.9%

7

الإمارات

3935

4.2%

8

الصين

3846

4.1%

9

الكويت

3025

3.3%

10

البرازيل

2734

2.9%

Source: British petroleum,BP Statistical Review of World Eneragy,67th,June,2018,P.14

*تم احتساب النسبة من الباحث

وجدير بالذكر أن معدل صادرات النفط الإيراني من هذا الإنتاج يبلغ نحو (2.5) برميل يوميًا تشكل حوالي نحو 8% من الصادرات النفطية العالمية، وتشير خارطة صادرات إيران من النفط والسوائل للعام 2017م، إلى أن الجزء الأكبر من هذه الصادرات تذهب إلى دول آسيا بواقع (24 %) للصين و(18%) للهند و (14%) لكوريا الجنوبية، كما يذهب نحو (35%) نحو أوروبا والشكل التالي يبين ذلك.

شكل (1) الدول الأكثر استيرادًا للنفط الخام والسوائل من إيران للعام 2017%

Source:Interntional Energy Agency(IEA) ,Focus Economic Consensus Forecat-March,2018

ويمكن الاستغناء عن حصة إيران من صادرات النفط إذا ما قرر مستوردو النفط منها وذلك لوجود طاقات إنتاجية لدى دول أوبك وخارجها تستطيع أن تعوض عن الإنتاج الإيراني، وهذا يعني هامشية الدور الإيراني في السوق العالمية للنفط، فإيران لا تصنف ضمن اللاعبين الكبار كروسيا والسعودية والولايات المتحدة في ضبط إيقاع أسعار النفط العالمية، فالدول الثلاثة تستطيع ضخ نحو (11) مليون برميل يوميًا بما يلبي ثلث الطلب العالمي على النفط وبالتالي سيسهم التفاهم الروسي السعودي من ناحية والأمريكي الروسي من ناحية أخرى في بقاء أسعار النفط عند مستويات معتدلة مرضية للمنتجين والمستهلكين وسوف يساعد في التغلب على النقص الذي سينشأ بسبب المقاطعة للنفط الإيراني.

   أما بالنسبة لإنتاج الغاز الطبيعي، فتأتي إيران بالمرتبة الثالثة على الصعيد العالمي بعد الولايات المتحدة وروسيا الاتحادية، حيث بلغ إنتاج إيران من الغاز الطبيعي (223.9) مليار متر مكعب سنويًا، يمثل (6.1%) من الإنتاج العالمي البالغ (3680.4) مليار متر مكعب، والجدول التالي يبين لك.

جدول (2) الدول العشر الأكثر إنتاجًا للغاز الطبيعي في العالم لعام2017 " مليار متر مكعب"

 

الدولة

الإنتاج

النسبة من الإنتاج العالمي

1

الولايات المتحدة

734.5

20.0%

2

روسيا

635.6

17.3%

3

إيران

223.9

6.1%

4

كندا

176.3

4.8%

5

قطر

175.7

4.8%

6

الصين

149.2

4.1%

7

النرويج

123.2

3.3%

8

أستراليا

113.5

3.1%

9

السعودية

111.4

3.0%

10

الجزائر

91.2

2.5%

Source: British petroleum,BP Statistical Review of World Eneragy,67th,June,2018,P.28

 

   وتأتي إيران في المرتبة السادسة عالميًا في تصدير الغاز الطبيعي، حيث تصدر حوالي (80) مليار متر مكعب منه سنويً بما يوازي نحو 3% من الصادرات العالمية، حيث أن الجزء الأكبر من إنتاج إيران من الغاز الطبيعي يذهب لسد احتياجات الطلب المحلي.

ثانيًا- تأثيرات الحصار الاقتصادي على السوق العالمية للنفط:

   تخطط الولايات المتحدة لحرمان إيران من تصدير النفط الخام من خلال الضغط على الدول المستوردة له، وكذلك خفض أسعار النفط لعدم إحداث ضغط على أسواقها المحلية، خصوصًا أن مخاوف اختفاء النفط الإيراني دفعت أسعار النفط الخام الأمريكي لأعلى مستوى في ثلاثة سنوات ونصف السنة خلال تعاملات نهاية شهر يونيو 2018م، مقتربة من حوالي (74) دولار للبرميل.

    إن إعادة التوازن إلى السوق النفطية العالمية يمكن أن تواجه مخاطر جيوسياسية في الأشهر القادمة، وأن تقلبات أسعار النفط ستستمر في التزايد. مالم تتعاون الدول التي تستورد النفط الإيراني لاسيما الصين والهند وكوريا في تبني بدائل عنه والذي سيكون متاح مع الطلب الأمريكي مؤخرًا من المملكة العربية السعودية لرفع إنتاجها بنحو مليوني برميل يوميًا.

     ويرى مصرف «سيتي غروب» الأمريكي، أن التوتر بشأن الحظر على النفط الإيراني ساهم في رفع أسعار النفط بنحو 5 دولارات مؤخرًا، ولكن ما إن يتم اتخاذ قرار بالحظر فإن العلاوة السعرية سوف تزيد على هذا. وتوقع بعض المحللين أن الرئيس ترمب سوف يخرج بصورة قوية؛ ليس لفرض حظر على النفط الإيراني، بل لإعطاء قادة أوروبا المزيد من الوقت من أجل مراجعة أنفسهم والانضمام إلى الحظر على نفط إيران.

   وتشهد أسواق النفط العالمية اليوم حالة من الترقب وعدم اليقين، حيث بدأت بعض المصافي في آسيا البحث عن بدائل للنفط الإيراني، عقب الإعلان عن أن الولايات المتحدة ستضغط على حلفائها لوقف كامل مشترياتهم من نفط إيران قبل نهاية العام الجاري.وفي الوقت الذي تسعى فيه شركات التكرير في تايوان واليابان وكوريا الجنوبية والإمارات العربية المتحدة لتخفيض وارداتها بشكل كبير، حيث أصبحت مسألة الحظر على النفط الإيراني وشيكة وسط تشدد أمريكي بعدم إعطاء أي إعفاءات لأي دولة لاستيراد أي شحنات نفط إيرانية، لا تزال الشركات في الهند تنتظر قرار الحكومة بوقف استيراد النفط الإيراني من عدمه.

   إن الولايات المتحدة طلبت من جميع الدول وقف واردات النفط الإيراني اعتبارًا من الرابع من نوفمبر المقبل.ونقلت وكالة بلومبيرغ عن مصادر في شركة «فيوجي» اليابانية و«فرموزا» للبتروكيماويات في تايوان أنهما تفكران حاليًا في إيقاف كامل استيرادهما من النفط الإيراني؛ إلا أنهما لم تتخذا أي قرار نهائي حول الموضوع. وفي دبي تبحث شركة «اينوك» عن بدائل حاليًا للنفط الإيراني، فيما أوقفت بعض المصافي الكورية وارداتها من نفط إيران.ومن المتوقع أن تنخفض واردات كوريا الجنوبية من النفط الإيراني لأدنى مستوياتها في ثلاث سنوات في سبتمبر المقبل مع إحجام مشترين عن حجز شحنات من هذا النفط.

   وأشار متحدث رسمي لشركة « GXTG»، وهي التي تُعد من أكبر شركات التكرير اليابانية أن الشركة سوف تلتزم بأي قرار يصدر من الحكومة اليابانية بشأن تعليق الواردات، وأنها سوف تبحث حينها عن الاستيراد من جهات أخرى من الشرق الأوسط والولايات المتحدة وغرب إفريقيا.
   وأعلنت في كوريا الجنوبية، كل من شركات «إس كيه» و«هانهوا» و«هيونداي أويل بانك» أنهم سيتوقفون عن استيراد المكثفات من إيران كلقيم في معامل البتروكيماويات، وسيبحثون عن منتجات أخرى مثل النافثا لتحل محلها.ولا يبدو واضحًا الكمية التي تخسرها إيران من جراء الحظر على نفطها، غير أن مراقبو السوق يتوقعون أن ينخفض إنتاج النفط الإيراني بمقدار الثلث بنهاية 2018م، ويعني ذلك أن إيران لن تحقق مكسبًا يذكر من اتفاق زيادة إنتاج أوبك الأخير في 23 يونيو 2018م، بنحو (800) ألف برميل على عكس منافسيها.

   أما بالنسبة لروسيا، فسيكون تأثير ارتفاع أسعار النفط إيجابيًا في المقام الأول على إيرادات الموازنة.  وإذا بقيت أسعار النفط مرتفعة، فينبغي توقع زيادة الإنفاق. لكن من ناحية أخرى، فإن القرار الأمريكي بشأن إيران يهدد مصالح روسيا. فأولاً، العقوبات الاقتصادية ضد إيران ستضع حدًا لعدد من المبادرات الاقتصادية الروسية-الإيرانية، التي تخطط غاز بروم للمشاركة فيها؛ وثانيًا، سيكون فرض حظر على شراء النفط الإيراني بمثابة تذكير المستثمرين بأن الولايات المتحدة قادرة على اتخاذ مثل هذه الخطوة ضد روسيا أيضًا.

   وتواجه إيران تهديدات تراجع صادراتها النفطية بشكل حاد في ظل إعلان العديد من الدول والشركات الأوروبية والآسيوية وقف أو تقليص مشترياتها النفطية من طهران بسبب العقوبات الأمريكية المرتقبة عليها، حيث أن عددًا من الدول الكبرى المستوردة للنفط  بدأت تبحث وقف استيراد النفط من إيران امتثالاً لضغوط الإدارة الأمريكية. 

   وعلقت كوريا الجنوبية بالفعل بعض وارداتها النفطية من إيران، في الوقت الذي تبحث فيه شركة بترول الإمارات الوطنية "اينوك" عن بدائل للشحنات الإيرانية والأوروبية، توقعت مصادر توقف الشركات الأوروبية كلّيًا عن استيراد النفط الإيراني، لكنها لم تحدد وقتًا لتنفيذ قرارها،  كما أن وزارة النفط الهندية عقدت مطلع يوليو 2018م، اجتماعًا مع المصافي وحثتها على إيجاد بدائل للنفط الإيراني، وذلك لحماية انكشاف الاقتصاد الهندي على النظام المالي الأمريكي. كما قررت ريلاينس أند ستريز المشغلة لأكبر مجمع تكرير في العالم وقف الواردات من إيران.

   وغني عن البيان، فقد أثار قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني وعودة العقوبات الاقتصادية المشددة على طهران حالة من الترقب والقلق في سوق النفط الخام وسط توقعات واسعة بنمو الأسعار بسبب تقلص الصادرات الإيرانية على نحو حاد قدره البعض بأكثر من مليون برميل يوميًا

   وتتجه الأنظار في السوق إلى كبار المنتجين في العالم وعلى رأسهم السعودية وروسيا في كيفية التعاطي مع القرار الجديد واستيعاب تأثيراته وتخفيف آثاره السلبية في سوق النفط الخام.
وتوقع محللون أن تعمل السعودية مع روسيا على ضمان استقرار وتوازن السوق وتعويض كافة التوقفات والتراجعات الطارئة في إمدادات النفط الخام بما يضمن الحفاظ على توازن العرض والطلب في الأسواق وبما يؤمن الإمدادات على المدى الطويل.

   ومن نافلة القول، فإن السعودية بقدراتها الإنتاجية الواسعة قادرة على التعامل مع الوضع الجديد في السوق وتعويض الإمدادات الناقصة والحفاظ على شراكة قوية بين المنتجين بما يبني على النجاحات السابقة ويعزز استقرار سوق النفط، وخير مصداق على ذلك عندما قامت بالتعويض عن النفط الإيراني بعد العقوبات التي فرضت على إيران عام 2012م، أن الدور السعودي القيادي في السوق سيظل محوريًا بالتعاون مع بقية الشركاء سواء في "أوبك" أو خارجها.

   وغني عن البيان، فإن المنتجين من أوبك وخارجها كانوا قد بدؤوا في خفض إنتاج النفط العام الماضي بمقدار (1.8) مليون برميل يوميًا بقصد تخليص السوق من وفرة المعروض العالمية. وساهم هذا التخفيض في القضاء على فائض مخزونات النفط الخام العالمية وهو ما جعل السعودية أكبر مصدر للنفط الخام في العالم، تحث الأعضاء الآخرين على مواصلة خفض الإنتاج، لكم المشهد اليوم قد تغير تمامًا، حيث أن التخفيضات الإنتاجية جاوزت حاليًا المستهدف لا سيما بعد قرار عودة العقوبات على إيران وهو ما دعا أعضاء أوبك والدول المشاركة في اتفاق خفض الإنتاج في اجتماعهم في 23 يونيو 2018م، إلى الاتفاق على زيادة الإنتاج بمقدار (800) ألف برميل يوميًا ابتداءً من مطلع يوليو الحالي للحفاظ على توازن السوق ولمنع حدوث انخفاض في المعروض النفطي، كما يتوقع أن ينتهي العمل باتفاق خفض الإنتاج مع نهاية العام الحالي مما سيوفر الفرصة لسوق النفط من استعادة توازنه والتخفيف من الضغوط على أسعار النفط الخام نتيجة العقوبات على قطاع النفط الإيراني.

ثالثاً- تداعيات الحظر الاقتصادي على النمو والأوضاع الداخلية في إيران:

   يمكن القول بأن القرار الأخير بعودة العقوبات الاقتصادية الأمريكية واستكمالها بالتضييق على واردات إيران النفطية سيكون له تداعيات خطيرة على الاقتصاد الإيراني بدأت تجلياتها خلال الشهر المنصرم وسوف تتصاعد هذه العقوبات مع انتهاء المهلة الأمريكية للدول والشركات التي تتعامل مع إيران في الرابع من نوفمبر القادم. وفيما يلي شرحًا لأثار هذه العقوبات المتوقعة على الاقتصاد الإيراني:

1)   التأثير على اسعار صرف العملة:

   علاوة على التأثيرات المتوقعة على قطاع النفط والغاز، فإن للعقوبات الاقتصادية تأثير كبير على أسعار صرف العملة الإيرانية، فقد هبط سعر صرف الريال الإيراني أمام الدولار الأمريكي إلى مستويات فلكية لم يصلها من قبل، حيث بلغت قيمة الدولار الواحد نحو (90) ألف ريال إيراني. فقد انخفض سعر صرف الريال الإيراني 1277 ضعفًا، أي بنسبة 127574% وذلك منذ عام 1979م، إذ كانت تبلغ قيمة الدولار الواحد (70.5) ريال إيراني في عام 1979م، وبنهاية شهر يونيو 2018م، أصبح الدولار الواحد يساوي (90) ألف ريال إيراني. وتتراجع العملة الإيرانية منذ شهور، بسبب الأداء الاقتصادي الضعيف، والصعوبات المالية في المصارف المحلية، والطلب الكثيف على الدولار بين الإيرانيين القلقين من انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي، وساهم انخفاض سعر صرف الريال الإيراني والقيود التي وضعها البنك المركزي الإيراني على بيع الدولار للمواطنين بالسعر الرسمي لأغراض السفر للخارج في موجة من الاحتجاجات الشعبية، كما يؤثر انهيار العملة في أي دولة على الحياة اليومية بشكل مباشر، حيث يرتفع التضخم بسبب ارتفاع أسعار المواد الغذائية وغيرها من متطلبات المعيشة اليومية، ومن المتوقع أن يتخطى معدل التضخم في إيران خلال العام الحالي (12%).

2 ) الـتأثير على معدل النمو في الناتج المحلي الإجمالي:

   تجدد العقوبات الأمريكية على طهران ,وفرض سياسة تجفيف منابع صادرات إيران من النفط الخام سوف يسهم  في تقليص عوائد إيران من النفط والغاز، ومن ثم خفض مساهمة النفط والغاز في الناتج المحلي الإجمالي الذي يتوقع أن يحقق نموًا بنحو 4% عام 2018م، مقارنة بمعدل النمو لعامي 2016م، والمقدر بنحو (12.5%) . وتوقع بنك "باركليز" الدولي أن يؤدي استئناف العقوبات الأمريكية إلى إضعاف قدرة إيران على جذب الاستثمارات الأجنبية ما يبقي إنتاج البلاد مستقرًا أو أقل حتى عام 2025م، ويلقي بظلال سلبية على نمو الناتج المحلي الإجمالي .

 

3) الـتأثير على القطاع الصناعي:

     شهدت صناعة البتروكيماويات التي كانت تكافح من أجل التعافي منذ تخفيف القيود المفروضة على العقوبات منذ أكثر من عامين نموًا متصاعدًا، حيث تضاعف شحنات البتروكيماويات الإيرانية - بما في ذلك الإيثلين والميثانول والأسمدة - منذ عام 2013م، حيث بلغ إجمالي الإنتاج نحو 53.6 مليون طن في الأشهر الـ 12 المنتهية في 21 مارس 2018م ، لكن هذا النمو سرعان ما سيواجه تحديات مع إحجام الكثير من الدول من شراء منتجات هذه الصناعة.

   4) الآثار على قطاع الطاقة:

       من المتوقع أن تعرقل العقوبات الاقتصادية التي سنها الرئيس الأمريكي ترامب تقدم قطاع الطاقة الإيراني، وأشار تقرير World Oil بأن إعلان ترامب بإعادة فرض العقوبات الأمريكية الصارمة على إيران سيؤدي إلى فقدان طهران (200) مليار دولار هي قيمة صفقات الطاقة التي كانت متوقعة في الأمد القريب، حيث أن هذه العقوبات سوف تؤثر على الاستثمار في كل من مشاريع النفط والغاز الطبيعي لا سيما مع انسحاب الشركات النفطية من إيران في مقدمتها شركة توتال الفرنسية التي تستثمر في إيران وفازت بعقد قيمته (5) مليار دولار لتطوير حقل غاز جنوب فارس العملاق. ومن المتوقع أن تسبب العقوبات الاقتصادية بإلغاء عدد من مشاريع استخراج النفط وإلى انخفاض طاقة إنتاج النفط، نتيجة انسحاب الشركات الأجنبية العاملة في قطاع النفط والغاز، كما ستعيق العقوبات أيضًا استيراد المنتجات المكررة، حيث تعتمد إيران بنحو (16%) على الخارج في سد الطلب المحلي على الوقود والمشتقات النفطية.

     وعلاوة على الآثار الاقتصادية للحصار المتوقع استمراره لحين رضوخ إيران للمطالب الأمريكية الاثني عشر، ستكون هناك تداعيات على الأوضاع الداخلية في إيران التي تشهد اليوم احتجاجات شعبية بسبب انقطاع المياه وملوحتها في جنوب غرب البلاد وندرة المياه في مدينة خرمشهر، وكذلك التدهور الاقتصادي، الذي فاقم من معدلات البطالة، حيث وصل عدد العاطلين عن العمل نحو (7.5) مليون شخص، ويعيش (25%) من سكان إيران في المساكن العشوائية بضواحي المدن الإيرانية، وهناك أكثر من (12) مليون مواطن يعيشون تحت خط الفقرعلاوة على انتشار تعاطي المخدرات بشكل كبير في الفئة العمرية (15-64) سن، حيث وصل عدد متعاطي المخدرات نحو (4) ملايين شخص.

   وفي الختام نقول بأن غياب الصادرات النفطية الإيرانية عن السوق العالمية نتيجة العقوبات الاقتصادية سوف لن يؤثر كثيرًا على أسعار النفط العالمية، حيث أن الدول المستوردة وفي مقدمتها الصين والاتحاد الأوروبي واليابان وكوريا الجنوبية والهند يمكنها أن تستخدم مخزوناتها التجارية والاستراتيجية من النفط لتعويض غياب النفط الإيراني ولتهدئة الأسعار، علاوة على دور الضابط الأكبر لإيقاع أسعار النفط العالمية هي المملكة العربية السعودية، التي استطاعت أن تضمن أمن امدادات الطاقة في فترات الحصار الاقتصادي على كل من إيران والعراق، علاوة على الإنهاء المتوقع لاتفاق خفض الإنتاج في ديسمبر القادم، فضلاً عن التنسيق الأمريكي السعودي والتنسيق الروسي السعودي بشأن ضمان امدادات أمن الطاقة من خلال زيادة إنتاج النفط الخام.

مجلة آراء حول الخليج