array(1) { [0]=> object(stdClass)#13382 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 88

التكلفة الاقتصادية و(الربيع العربي) ودول مجلس التعاون

الأحد، 01 كانون2/يناير 2012

مما لا شك فيه أن موجة الاحتجاجات والتغير السياسي التي تجتاح المغرب العربي وبعض دول المشرق قد أثرت أيضاً في دول الخليج العربية.ونتيجة لذلك، استجابت دول مجلس التعاون الخليجي خلال عام 2011 لهذا التحدي غير المسبوق بعدد من السياسات الاقتصادية والمالية، التي اختلفت من بلد إلى آخر، لكن جميعها يهدف في المقام الأول إلى تجنب حدوث اضطرابات وقلاقل اجتماعية محتملة.وسيتناول هذا التقرير الموجز بالتحليل مجموعة من السياسات الأساسية التي تم تطبيقها في دول مجلس التعاون الخليجي وتقييم منهجها وتقدير مدى قابليتها للاستدامة المالية بوجه عام.

بعد عودته من إجراء جراحة ناجحة في الظهر أعلن العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبدالعزيز عن حزمة من المشاريع الاجتماعية واسعة النطاق بنحو 130 مليار دولار، وتركز بشكل أساسي على إيجاد وظائف للشباب والعاطلين عن العمل من السعوديين.ويعتبر هذا هو النطاق الرئيسي للسياسة الاجتماعية نظراً لأن المملكة تواجه مشكلة بطالة كبيرة، حيث يوفر القطاع العام حالياً نحو 80 في المائة من إجمالي عمالة المواطنين السعوديين.وفي المقابل، فإن عدد المواطنين السعوديين العاملين في القطاع الخاص لا يمثل سوى 10 في المائة من العمالة الإجمالية.ومع هذا العدد الكبير من الشباب السعودي الذي يدخل سوق العمل كل عام، فإن القطاع العام يعاني عدم استيعاب الخريجين الجدد.ومن ثم، فإن الحزمة التي أعلن عنها الملك عبدالله تهدف إلى تحفيز القطاع الخاص على إيجاد المزيد من فرص العمل.

 وبينما خففت الحزمة الاقتصادية المعلنة بالتأكيد بعض التوترات القائمة، لكن من الواضح أن السياسات نفسها لا تعالج سوى المشكلات قصيرة الأجل بدلاً من المشكلات الهيكلية التي تواجهها البلاد.فأولاً، سيكون الإعلان عن توفير وظائف إضافية في القطاع العام له تأثير عكسي، على الرغم من استهداف الحزمة لزيادة فاعلية نشاط القطاع الخاص.ولن تضيف الوظائف الجديدة سوى أعداد ضخمة من موظفي الخدمة المدنية في المملكة، فهي ببساطة سياسة غير قابلة للاستمرار أو ليست ذات جدوى على المدى الطويل.ثانياً، مع إعلان المملكة عن منح إعانة بطالة تبدأ بنحو 2000 ريال سعودي، مقارنة بمتوسط الأجر في القطاع العام البالغ 3000 ريال سعودي، فإن هذا يعتبر حافزاً ضعيفاً للسعوديين ليجعلهم يبحثون عن فرصة عمل في القطاع الخاص.ثالثاً، الفرق الكبير والمتزايد في الأجر بين القطاعين العام والخاص يقيد ميزة وجدوى الحوافز بشكل كبير.والواقع أن متوسط الأجر في القطاع الخاص يمثل تقريباً ثلث الأجر الممنوح في القطاع العام مما يوضح التفاوت وعدم التوازن، الأمر الذي لم تعالجه السياسات الحالية.وستكون المحصلة النهائية إما استمرار التدفق على القطاع العام المتضخم أو قيام العاملين فاقدي الثقة بالقطاع الخاص بتركه والمطالبة بإعانة بطالة.

في الوقت الحاضر تستطيع السعودية أن تستوعب بسهولة مشاريع ذات إنفاق ضخم

ليس هناك أي تأكيد على أن المناخ الاقتصادي الجيد الذي توفر خلال السنوات الماضية سيستمر إلى الأبد

وبالنسبة للمملكة، فإنها تواجه المزيد من المشكلات المتعلقة بالميزانية على المديين المتوسط والطويل.بينما في الوقت الحاضر تستطيع المملكة العربية السعودية أن تستوعب بسهولة مشاريع ذات إنفاق ضخم، إلا أن الضغط في الأجل المتوسط على الميزانية وما يقابله من حاجة لارتفاع مطرد في أسعار النفط لدعم الأعباء المستمرة سيزيد مخصصات الإنفاق بشكل أكبر مما سيصبح قاعدة وليس استثناء.وبمجرد إقرار هذه الزيادات في الأجور والمعاشات، سيصبح من الصعب التخلي عن هذه الاستحقاقات.وفي السياق ذاته، ليس هناك أي تأكيد على أن المناخ الاقتصادي الجيد الذي توفر خلال السنوات الماضية سيستمر إلى الأبد، حيث يتوقع صندوق النقد الدولي أن ينخفض نمو الناتج المحلي الإجمالي في المملكة العربية السعودية قرابة النصف، من 6.5 في المائة في عام 2011 إلى 3.6 في المائة في عام 2012. مما يجعل الحفاظ على المنحنى التصاعدي للالتزامات الحالية محل شك وأمراً غير مؤكد بالنسبة للمملكة على المدى الطويل. كما أن المساعدات المالية التي تعهدت بها دول مجلس التعاون الخليجي لبعض الدول التي شهدت اضطرابات اجتماعية خلال (الربيع العربي) لن تضيف سوى مزيد من الأعباء المستقبلية على الميزانية.خلاصة القول إن المملكة العربية السعودية يتعين عليها أن تكفل قيادة القطاع الخاص لعملية النمو بما في ذلك توظيف المواطنين السعوديين من أجل ضمان تحقيق المزيد من النمو.وحتى الآن، لم تحقق الحزم الاقتصادية المعلنة الكثير من أجل وضع المملكة على هذا الطريق.

ونظراً لقلة عدد مواطنيها، فإن دولة الإمارات العربية المتحدة تعتبر في وضع اقتصادي مستقر نسبياً، ومع ذلك فإنها تواجه صعوبات مشابهة، كغيرها من دول مجلس التعاون الخليجي، بما في ذلك ارتفاع أسعار المواد الغذائية وارتفاع مستوى البطالة بين الشباب وقلة المساكن ميسورة التكلفة.كما أن تمويل مشاريع التنمية في الإمارات الخمس الشمالية الأصغر مساحة من الميزانية الاتحادية يمثل مشكلة للبلاد.وقد تم حتى الآن الإعلان عن حوافز اقتصادية لتخفيف بعض الصعوبات في هذه المناطق وفي العاصمة أبوظبي من بينها طرح برنامج جديد لدعم الخبز والأرز والوعد بزيادة معاشات تقاعد العسكريين بنسبة 70 في المائة والتعهد بإنفاق 1.9 مليار دولار في شكل قروض سكنية (يخصص منها 1.6 مليار دولار للإمارات الشمالية فقيرة الموارد).بينما سيبقى تحدي توفير مساكن ميسورة التكلفة المشكلة الرئيسية في السنوات المقبلة.وبناء عليه، تعهدت حكومة أبو ظبي بتقديم قروض سكنية لمواطنيها بنحو 600 مليون دولار، وهو ما من شأنه أن يعوض بعض النقص الموجود في شريحة الإسكان الاجتماعي المتوفر للمواطنين.

وكما هو الحال في بقية دول مجلس التعاون الخليجي، فإن المشكلة في دولة الإمارات ستنشأ من تغيير الشعب للنظام الاجتماعي الذي اعتادوا عليه من المهد إلى اللحد وبناء قطاع خاص يتمتع بمقومات الاستمرار والنجاح يجذب المواطنين ويحتويهم. إضافة إلى ذلك، فقد أدت زيادة نسبة التعليم بين المواطنين خلال السنوات الماضية إلى رفع سقف التوقعات حول الدور الذي ينبغي أن يضطلع به المواطنون في مجتمعاتهم.وما كان يعتبر في الماضي امتيازاً مثل الحصول على حصة من عائدات النفط، لم يعد كافياً بعد الآن. ولقد ارتفع معدل التضخم المتوقع إلى الضعف تقريباً عن العام الماضي وستؤدي الزيادة الكبيرة في معاشات تقاعد العسكريين إلى زيادة توتر الوضع المالي للبلاد على المدى الطويل.ولا يُمكن القيام بالكثير تجاه تضخم أسعار المواد الغذائية لأن معظم هذا التضخم ناتج عن تضخم أسعار الواردات.وعلى الرغم من ذلك، فإن القيام بإصلاحات اقتصادية كبيرة من أجل إيجاد المزيد من فرص التوظيف للمواطنين الإماراتيين في القطاع الخاص والتوسع في قطاع الإسكان الاجتماعي سيكون أمراً ضرورياً لاستمرارية ونجاح الميزانية المستقبلية لدولة الإمارات.

وفي قطر تعهدت الحكومة القطرية بحزمة مالية تبلغ 8.1 مليار دولار تتمثل في زيادة المرتبات في القطاعين العام والخاص (ما يقرب من 2.75 مليار دولار) وزيادة المعاشات بالإضافة إلى علاوات ومزايا للقوى العاملة في القطاع الخاص. نظراً لأن نسبة القطريين العاملين في القطاع الخاص أقل من 10 في المائة، فإن هذه الزيادات ستعود بالفائدة بشكل أساسي من دون حصر، على المجتمع المحلي. وتتمتع قطر بوضع مختلف تماماً عن جيرانها، حيث يُقدر مستوى البطالة فيها ينحو 0.5 في المائة (وهو الأقل بين دول مجلس التعاون الخليجي وهو من أدنى المعدلات في العالم) وحقق الناتج المحلي الإجمالي مؤخراً معدل نمو قدره 15 في المائة وهي أعلى دولة في العالم من حيث نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي. ونتيجة لذلك فلا توجد توترات اجتماعية كبيرة إزاء هذا الأمر.

يتعين على السعودية أن تكفل قيادة القطاع الخاص وليس الحكومي لعملية النمو

مع ذلك، تتوقع الأمانة العامة للتخطيط التنموي حدوث انخفاض في نمو الناتج المحلي الإجمالي لدولة قطر من 15 في المائة إلى 5.1 في المائة في عام 2012، ويرجع ذلك في الأساس إلى الركود في إمدادات المحروقات.هذا التباطؤ في النمو، تصحبه زيادة معدل التضخم إلى الضعف تقريباً، مما قد يزيد بعض المضاعفات والعواقب الناجمة على المدى المتوسط. وتُضفي القوى العاملة في القطاع الخاص حيوية في سوق العمل الخاص لدولة قطر؛ لكن، يبقى عدد أرباب العمل وأصحاب المشروعات التجارية أقل من إجمالي السكان بنحو 0.5 في المائة.ومن ثم هناك حاجة لبذل المزيد من الجهد لدعم وحث الشباب القطري على تنظيم ومباشرة الأعمال الحرة كوسيلة لتشجيع المواطنين على التوجه إلى القطاع الخاص. وإحدى هذه الوسائل ستكون عبر تقديم قروض من دون فوائد للشباب أصحاب المشاريع التجارية وجدولة تسديد الفائدة عندما تبلغ المشاريع عتبة الربح.

وفي سلطنة عُمان وعقب الاحتجاجات التي تصاعدت في شهر فبراير من عام 2011 ، تعهدت الحكومة في سلطنة عمان بضخ 1.3 مليار دولار في صورة مزايا وإعانات اجتماعية جديدة بالإضافة إلى إيجاد 50000 فرصة عمل جديدة.وتتضمن الحزمة المالية زيادة كل من الأجور والمعاشات في القطاع العام.كما تعهدت دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى بتقديم مساعدة إلى سلطنة عمان تقدر بنحو 10 مليارات دولار إضافية خلال السنوات المقبلة.ويبقى من غير الواضح تماماً كيف سيتم نقل تلك المبالغ أو توقيت دفعها، وما هي القيود المفروضة على صرفها، إن وجدت قيود؟ ويتمثل الجانب المميز بالنسبة لسلطنة عمان في أن حاكمها، السلطان قابوس بن سعيد، أعلن أيضاً عن عدد من الإصلاحات السياسية من بينها مراجعة الدستور وإجراء تعديل وزاري بعد مظاهرات طالبت بمكافحة الفساد ووعد بمنح المزيد من صلاحيات السلطة التشريعية إلى برلمان منتخب.

بينما سيكون من شأن الزيادات في الأجور تهدئة بعض التوترات الاجتماعية على المدى القصير، لكن من غير المحتمل أن يستمر استيعاب 50000 عامل جديد في القطاع العام على المدى الطويل خاصة في حالة عدم الوفاء بتنفيذ إصلاحات موازية لزيادة مشاركة القطاع الخاص.وبالتالي، فإن الخطوات الأولية التي تم الإعلان عنها حتى الآن من غير المرجح أن تكون كافية، ويبدو أن القيام بإصلاحات اجتماعية ومؤسسية أصبح ضرورة مُلِّحة،وإلا سيكون البديل هو زيادة الاعتماد على المزيد من الدعم المالي المقدم من دول مجلس التعاون الخليجي المجاورة.

أما في الكويت فقد اشتملت التغييرات التي تم الإعلان عنها على صرف منحة لكل مواطن قيمتها 4000 دولار وزيادة الدعم لبعض المواد الغذائية الأساسية. ويُشكل القطاع العام بالفعل نسبة كبيرة من القوى العاملة في دول مجلس التعاون الخليجي، لكن دولة الكويت تمتلك أعلى نسبة من القوى العاملة في القطاع العام بين دول مجلس التعاون الخليجي بنسبة 93 في المائة.وتعتبر هذه النسبة العالية من موظفي الخدمة المدنية بمثابة محاولة لاستيعاب القوى العاملة الشابة التي تتخرج كل عام، لكن مع ارتفاع معدلات المواليد فإن هناك شكوكاً جدية في قدرة الكويت على الاستمرار في استيعاب الخريجين بنفس هذا المعدل.وقد ذكر مقال نشر مؤخراً في صحيفة (فاينانشيال تايمز) أن منطقة الخليج تسعى الآن جاهدة، من جهة، إلى زيادة الأجور والمزايا في القطاع العام، ومن جهة أخرى لزيادة عدد المواطنين العاملين في القطاع الخاص.وحتى الآن، لم يعد التقدم المحرز لزيادة القوى العاملة في القطاع الخاص إلا على العمالة الأجنبية بشكل أساسي لكن الأهم من ذلك هو وضع التدابير والإجراءات اللازمة لزيادة المشاركة المحلية في سوق العمل الخاص.

عدد المواطنين السعوديين العاملين في القطاع الخاص لا يمثل سوى 10 في المائة من العمالة الإجمالية

وتقوم المؤسسات في الكويت بدور أكثر أهمية مقارنة بجاراتها من دول مجلس التعاون الخليجي، وقد أغلقت التوترات والزخم السياسي الباب أمام المحاولات الأساسية لتبني عدد من السياسات البراغماتية العملية والضرورية. وهناك بالفعل انقسام كبير بين البرلمان والأسرة الحاكمة، مما أدى إلى توقف معظم خطط التنمية. وقد تفاقمت حدة ذلك التوتر بعض الشيء في عام 2010، عندما حاول البرلمان تمرير قانون يقتضي من الحكومة إعادة شراء كافة الديون الشخصية للمواطنين الكويتيين. وقد أدت هذه التوترات إلى قيام الحكومة بعرقلة أي تدابير اقتصادية يقرها البرلمان والعكس صحيح.لذا فإن إحداث أي تغييرات في المستقبل المنظور يستوجب حل هذا المأزق المؤسسي أولاً.

ويعتبر وضع مملكة البحرين أكثر وضوحاً من كافة النواحي نظراً لأن التظاهرات السلمية الأصلية والمطالبة بوجود تحسينات اجتماعية ومحاسبة المسؤولين المنتخبين تحولت إلى مواجهات طائفية عنيفة.لذا فإن المملكة تواجه انقسامات اجتماعية كبيرة من غير المرجح علاجها قريباً.ولقد حاولت الحكومة طرح مجموعة من السياسات الاجتماعية تضم حزمة دعم مالي تبلغ قيمتها 6.6 مليار دولار لتشييد وبناء مساكن جديدة.ومن المتوقع كذلك أن تحصل البحرين على حزمة مساعدات من جاراتها من دول مجلس التعاون الخليجي تقدر قيمتها بـ 10 مليارات دولار.ونتيجة لذلك فإنه من المتوقع أن يرتفع الناتج المحلي الإجمالي للمملكة مجدداً بنسبة 3.6 في المائة في عام 2012 وبنسبة 4.7 في المائة في عام 2013، على الرغم من كون هذه النسب تشكل مستوى منخفض بعد الهبوط الحاد الذي حدث في عام 2011. ونظراً للاحتجاجات الواسعة التي اجتاحت البلاد، فقد أدى انسحاب الشركات الدولية والمستثمرين إلى إضعاف وضع ومكانة البحرين بشكل بالغ كمركز مالي في دول مجلس التعاون الخليجي وقوض طموحاتها في أن تكون نقطة جذب للاستثمار في المنطقة، وبالتأكيد فإنها ستسعى جاهدة إلى استعادة الثقة الدولية.وفي هذا السياق، يبدو من المرجح أن البحرين ستظل تعتمد على المساعدات الإقليمية.فضلاً عن ذلك، فإنه نظراً للطبيعة السياسية للنزاع، لن يؤدي الإعلان عن أية حزم اقتصادية إلى حل لهذه الأزمة.

بوجه عام، يمكن القول إن هناك تحديات كبرى تلوح في الأفق أمام دول مجلس التعاون الخليجي على الرغم من تمتعها بوضع مالي إيجابي إلى حد كبير.ويبقى معدل البطالة بين صفوف الشباب هو التحدي الرئيسي الذي يواجه دول مجلس التعاون الخليجي، حيث يصل معدل البطالة حالياً إلى 23 في المائة.وتدعم العديد من الدول مثل الكويت والسعودية القطاع العام بشكل كبير، مما سيشكل عبئاً على الموازنة المالية حتى إن بقيت أسعار النفط عند مستوياتها الحالية.

وهناك حاجة لمزيد من التشجيع على مباشرة الأعمال الحرة وتحفيز القطاع الخاص إذا ما رغبت دول مجلس التعاون الخليجي في بناء جيل قادم يكون له دور فاعل في عملية النمو. وهذا يشكل ضرورة أكبر إذا رغبت الدولة في أن تكون قادرة على استيعاب قوى عاملة جديدة تضاف إلى سوق العمل كل عام. فلا يمكن أن يظل القطاع العام هو الخيار المفضل لفترة أطول.كما يدل هذا على وجود حاجة إضافية إلى الاستمرار في التنوع الاقتصادي من أجل تقليل الاعتماد على عائدات النفط. وتشير دراسة أجراها معهد التمويل الدولي (IIF) إلى أن المكاسب الصافية الناجمة عن موجة (الربيع العربي) والتي حققتها الدول المصدرة للنفط (حيث سيزيد معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي لدول مجلس التعاون الخليجي من 4.7 في المائة في عام 2010 إلى 6.5 في المائة في عام 2011)، ستفوق بكثير حجم الإنفاق العام حتى الآن.لكن، هذا الوضع قصير الأجل ولا يُغني عن الحاجة إلى سياسات هيكلية طويلة الأجل للنظام الاجتماعي.ومما لا شك فيه، أن تزايد الالتزامات سيمثل عبئاً على التمويل الحكومي، وتشير الدراسة بالفعل إلى أن عائدات النفط ستمول الإنفاق الحكومي بنسبة أكبر مما كانت عليه قبل (الربيع العربي).وتعتبر الجهود المبذولة لتبني التنوع الاقتصادي هي الوحيدة التي بإمكانها تقليل التعرض لخطر تقلبات أسعار النفط والمساعدة على استقرار معدلات التضخم بعض الشيء في كافة دول مجلس التعاون الخليجي.وفي النهاية يمكن القول إن التغيير المؤسسي في دول مجلس التعاون الخليجي هو السبيل الحقيقي للاسترضاء والإصلاح الاجتماعي وليس السياسات الاقتصادية.

مقالات لنفس الكاتب