array(1) { [0]=> object(stdClass)#12962 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 143

المؤسسات الثقافية غير الحكومية الصيغة الأفضل لتبني وتنفيذ برامج تصحيح المفاهيم

الأربعاء، 06 تشرين2/نوفمبر 2019

تمر المنطقة العربية بمنعطف تاريخي يتمثل في تصاعد موجات العنف والتطرف الأمر الذي أدى إلى وجود أزمة فكر، تستلزم ضرورة وجود استراتيجيات ثقافية وفكرية متلاحقة لمجابهة هذا التطرف، مما يدفع المجتمعات العربية على طريق الاستنارة والتقدم. ولا شك أن العديد من المؤسسات الثقافية ومنظمات المجتمع المدني في العالم العربي قد وضعت في صدارة اهتماماتها قضايا مواجهة التطرف، والتنوع، وحرية التعبير، وهو ما يتطلب ضرورة التفكير في الاستراتيجيات الثقافية والآليات الفعالة لمجابهة التطرف الفكري في المنطقة العربية.

وحيث أننا نتحدث عن استراتيجيات وآليات يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار من قبل المؤسسات الثقافية ومنظمات المجتمع المدني في المنطقة العربية، لذا من بداهة الأمور أن نقوم بتعريف مفهوم الثقافة كمفهوم عام شامل؛ حيث جاءت بعض التعريفات أو المفاهيم التي لا تخرج عن دائرة علم الاجتماع السياسي أو النظرية الاجتماعية، ومنها تعريف إدوارد إبتلور Edward Ebtylore الذي يعرفها بأنها "مجموعة من المعارف المتداخلة والمعتقدات والفن والأخلاق وبعض الآفاق والقيم الإنسانية، ويشير إلى أنها "هو ذلك الكل المرتب الذي يشمل المعرفة والمعتقدات والفن والأخلاق والقانون والأعراف والقدرات والعادات الأخرى التي يكتسبها الإنسان باعتباره عضوًا في المجتمع".

وهذا التعريف له بعدان: البعد الأول يحدد خصائص الثقافة في مجال التعبير عن شمولية الحياة الاجتماعية للإنسان في حين يتجه الثاني في التأكيد على أن الثقافة تتحقق بالاكتساب، وهي ذات بعد اجتماعي.

        أما كلوكهورن C.Kllikhorn، فيعرف الثقافة بأنها: "منظومة القيم الموجودة في وسائل الحياة المختلفة التي توصّل إليها الإنسان عبر التاريخ والمتضمنة العقلي وغير عقلي التي توجد في وقت معين، والتي توجه سلوك الأفراد في المجتمع".

       ومن ذلك التعريف يمكن التأكيد أن للثقافة بعدين: الأول عقلي، فيما توصل إليه الإنسان من إنجازات حضارية أو صناعية، في حين يتمثل غير العقلي فيما تلقنه من علوم نقلية وطقوس (أسطورية) دخلت هي الأخرى في الأسطورة وأضحت جزءًا هامًا من مكوناته الثقافية، وكلاهما موجود في إطار الدائرة السياسية والاجتماعية في موضوع الدراسة، وأنها ببعديها تتضمن تحديد الأداء الوظيفي الموجَّه والمرشد في سلوك الفرد ومن ثم العلاقات الاجتماعية السائدة.

وفيما يتعلق بمفهوم الثقافة، فإن التحليل الأنثروبولوجي لمفهوم الثقافة، تعامل مع الثقافة على أنها تؤثر على وجودنا ونظرتنا للأشياء، وهي تعد وسيلة للرؤية والتأويل والنظر والتعامل مع العالم، وتحتوي على الأدوات والمواثيق والمعتقدات. ومن المفهوم السابق نجد أن الأفكار هي المحرك الأساسي لحياتنا، وهي التي تنظم المواثيق بجميع أنواعها.

أما إذا انتقلنا للتطرف الثقافي والفكري، فهو مجاوزة حد الاعتدال، والبعد عن القصد، وتبني المواقف المتصلبة فكريًا إزاء الظروف المتغيرة. وتتسم الشخصية المتطرفة ثقافيًا وفكريًا، ببني أسلوب منغلق جامد للتفكير، وعدم القدرة على تقبل معتقدات وأفكار مختلفة عن تلك التي لا يؤمن بها، وعدم إعمال العقل بطريقة مبدعة.

أما الاستراتيجية، فهي تلك الأطر التصورية التي تتصل بالغايات المرجو بلوغها مستقبلا في مجال ما، وتشمل الآليات المثلى لتحقيقها.

تعاني عدة دول في العالم العربي من ظروف سياسية واجتماعية وثقافية من الانعزال الثقافي، إلى الدول الفاشلة، إلى الحروب الأهلية، ووصولاً إلى الأشكال الجديدة متمثلة في أشكال التطرف والعنف. وأدت الانقسامات في العديد من المجتمعات إلى فوضى، وظهرت الأشكال الأكثر تطرفًا من الإرهاب الذي ظهر على السطح على أيدي القوى التي تلقب نفسها باسم "تنظيم الدولة الإسلامية" في العراق والشام "داعش"، ومن ثم فإن بزوغ التعصب والتطرف يمثل نبذًا لواقع متشابك ومعقد، واقع يتسم بالتعدد في مستوياته وهوياته. فالتعصب هو محاولة لرفض المساواة في النوع والديانة، والعنف هو السعي لفرض الإرادة بالقوة. وكثيرًا ما يستمد اللجوء للتطرف والعنف قوته من الحمية الدينية، ومن الهويات المحلية المجروحة لشعوب تشعر بالظلم من أجل حشد قواه ضد الآخرين.

ولا يخفى على أحد طاقات الشباب التي تهدر بسبب مظاهر العنف الشديدة ورفض كل حوار، ولسوف تتركز المعركة الثقافية القادمة لمجابهة التطرف والعنف في التأكيد على التعددية وتعظيم جوانبها الإيجابية مع الاعتراف بالمجموعة المركبة من الهويات التي يمتلكها كل فرد فينا. ومما لا شك فيه أن هذا الوضع البائس الذي تعيشه المجتمعات العربية، أصبحت فيه الثقافة جزئية ثانوية، وتدهورت القضية الثقافية في ظل التفكك العنيف للدولة العربية التي لا تتيح فرصة لبناء منظومة ثقافية جديدة.

وقد عانى المشروع الثقافي العربي من أزمات كثيرة وممارسات غير صحيحة، فالممارسات السابقة تحتاج إلى وقفة وإلا سنعيد إنتاج المعوقات السابقة وتلك الممارسات تعود بنا للقرون الوسطى والتيارات المتطرفة، فعلاقة تلك التيارات بالثقافة علاقة متطرفة وتدميرية، وأن الثقافة هي المستهدف الأساسي من الحوادث الإرهابية حول العالم. وعليه فإنه على أن الدولة لا يمكن أن تقوم بدور الرقيب على الثقافة، بل يجب أن تكون مساهمة ومشاركة في العملية الثقافية.

إن تصميم استراتيجية ثقافية يجب أن تشمل رؤية ينظر إليها الكثيرون بشكل مختلف ومن زوايا مختلفة، ومستمدة من واقع العالم العربي كما نراه حولنا، وتنفيذها يجب أن يكون من خلال المؤسسات الثقافية الرسمية وغير الرسمية وكذا منظمات المجتمع المدني والتي يكون لديها تصور لواقع مجتمعنا وأوجه القصور فيه، من هذا المنطلق يجب أن نطرح مجموعة من الاستراتيجيات والآليات التي تتحمل مسؤولية تطبيقها وتنفيذها المؤسسات الثقافية العربية وكذا منظمات المجتمع المدني العربية، وسنشير إلى مستويين للتعامل "مستوى داخل ويشمل الاستراتيجيات التي يجب اتباعها داخليًا ومستوى خارجي وهو ما يهتم بتحسين الصورة الذهنية للثقافة العربية لدى الغرب.

أولاً: على المستوى الداخلي

يجب أن يكون هناك برنامجًا ثقافيًا عربيًا للمجابهة الفكرية للتطرف يتبنى حركة جادة للتجديد الثقافي، وتعزيز ثقافة التعددية، وحماية حرية التعبير، والإبداع والتسامح وقبول الرأي الآخر. كذلك تكوين شبكة عربية بين المؤسسات الثقافية العربية مجتمعة لتكوين رؤية مستقبلية ذات مصداقية لدى المجتمع العربي وخاصة الشباب، تسعى إلى مستقبل واقعي يمكن تحقيقه بعيدًا عن المثالية المفرطة. وكذلك ضرورة وضع التكيُّف، كشرط أساسي للإبداع الثقافي العربي العصري، ليوافق الإنتاج الذوق العربي، ويلائم الجو العربي، وفي هذا الميدان تجد الأصالة مجالاً ملائمًا لها أيضًا، فالاعتماد على الموروث قد يفتح الطريق إلى الإبداع. ولكي يتحقق التواصل بين الماضي والمستقبل في إطار استمرارية خلاقة، فلابد من استيعاب العلوم الاجتماعية وتطبيقها على الواقع بدون إحجام أو تردد.

  تبني حركة ترجمة الأعمال الأدبية والفكرية الأجنبية،فمن المهم ألا تصبح الثقافات منغلقة على نفسها، فلا يقتصر التفاعل مع المجتمعات الأخرى على التبادل التجاري، ولا يهدف تبادل الأفكار والأعمال الفنية إلى ترسيخ الإثراء الثقافي فحسب، بل يفضي أيضًا إلى تعزيز التغيير في مجتمعنا. وتشمل تلك العملية الإنتاج الفني الذي يتجسد في ترجمة أعمال الأدب والشعر والمسرح. وكذلك سن القوانين التي بدورها تشجيع مثل هذه الجهود.

التبادل الثقافي، واللافت للنظر نفور جميع الاتجاهات المتطرفة تقريبًا من الانفتاح على الآخر وميلهم الدائم إلى الانغلاق على أنفسهم وعلى تعريفهم الخاص لمفهوم " النقاء" الذي يتجسد في أية صورة من صور الثقافة العرقية أو الدينية. وهكذا تعمل الجماعات المتطرفة السائدة في مجتمعاتنا على "صون نفسها" من التلوث الناجم عن البدع والاتجاهات الأجنبية، كما يهدفون إلى فرض الرقابة الصارمة ومظاهر التقوى على المجتمع. ومن ثم يعد تعزيز التبادلات الثقافية واحدة من أهم وسائل تعزيز ثقافة التعددية وتأسيس مجتمع تسوده مبادئ الانفتاح والتغيير.

ولذا أعتقد أنه ينبغي تشجيع التواجد الأجنبي، سواء المتمثل في المكاتب الثقافية في الخارج أو تلك التابعة لدول أخرى في بلدنا. كما ينبغي للحكومة تسهيل هذه التبادلات الثقافية وترويج أعمال الفنانين والمثقفين خارج حدودهم السياسية في كلا الاتجاهين. وكذلك ينبغي تسهيل الإجراءات المتعلقة برعاية الفعاليات والمهرجانات، وخاصة تلك التي تدعو المواهب الأجنبية بالإضافة إلى تشجيع الفنانين المحليين، وتشجيع تنمية المواهب ورعاية الفنانين عبر جميع الشرائح الثقافية للمجتمع والتي تعد مهمة ضرورية ومثمرة.

دعم دور المؤسسات التعليمية، وضرورة تبنيها أنشطة تهدف إلى الاهتمام بالقضايا الاجتماعية والإنسانية، وإعداد مقررات دراسية لمجابهة التطرف الفكري وسبل مجابهته

ثانيًا على المستوى الخارجي

 فلعل ما تمر به الثقافة العربية من مرحلة في غاية الدقة على المستوى الدولي وخاصة فيما يتعلق بقضايا التطرف والإرهاب، يجعل الاهتمام كبير بـــــــ الصورة الذهنية من قبل الدول والحكومات العربية، والعمل على تكوين صورة إيجابية تسهم في نجاح السياسة الخارجية لها.

ومن هذا المنطلق، ظهرت الحاجة لوضع تصور للاستراتيجيات والآليات التي يجب اتباعها من خلال المؤسسات الثقافية العربية، بشكلٍ سليم لبناء صورة ذهنية إيجابية معبرة عن ثقافة أمتها؛ فعملية بناء صورة ذهنية إيجابية لدى الغير مهمة للغاية، لأنها تخدم العلاقات الدولية المتبادلة، وفي المقابل فإن الصورة الذهنية السلبية تؤثِّر سلبًا على تلك العلاقات، كما أن المصالح تتشكل طبقًا للصورة الذهنية، فكلما كانت الصورة الذهنية سلبية مالت العلاقات نحو الصراع، سواء على المستوى السياسي أو الاقتصادي أو الثقافي. كما أن العلاقة الوثيقة التي تربط بين الاتصال الثقافي بمختلف قنواته وبين الصورة الذهنية، وأنها علاقة تبادلية على اعتبار أن الاتصال الثقافي بين الشعوب والمجتمعات هو العامل الأساس في بناء الصورة الذهنية، كما أن الصورة الذهنية قد تسهم في تفعيل الاتصال الثقافي وزيادته أو الحد منه بين الشعوب؛ تبعًا لنوع الصور التي يتبناها شعب ما عن الشعب الآخر. وتبدو العلاقة بين مفهوم الصورة الذهنية والاتصال الثقافي أكثر وضوحًا عند استعراض وسائل الاتصال الثقافي التيتعد في الوقت ذاته من أهم عوامل بناء الصورة الذهنية المتبادلة بين الشعوب والمجتمعات.

إن مهمة التصحيح أو التعامل بشأن الصورة الذهنية للثقافة العربية لا يمكن أن تخضع للدولة أو مؤسساتها الرسمية، فتجارب العقود الماضية تشير إلى أن المصالح الوطنية قد تحدث الكثير من الارتباك في العمل الثقافي والإعلامي. وعليه فإن المؤسسات الثقافية غير الحكومية بكافة أشكالها هي الصيغة الأكثر فاعلية في تبني وتنفيذ البرامج والاستراتيجيات التي تستهدف تصحيح المفهوم الغربي للثقافة العربية مع التنسيق مع المنظمات الوطنية الأخرى التي لا يمكن حظر أنشطتها بلا شك، فنحن بحاجة إلى قدر أعلى من التنسيق بين المنظمات المختلفة التي تعمل على المستوى الدولي.

إن تلك الاستراتيجيات المستقبلية لابد أن تراعي الأسس التالية:

أن تعتمد نظرة المؤسسات الثقافية العربية الاستراتيجية للتغيير على ما يمكن تسميته "صناعة الصورة البديلة" بدلاً من الانشغال بردود الأفعال ومحاولات الترقيع. فبدلاً من الإغراق في تفنيد المغالطات وملاحقة مروجيها في أي شكل أو صورة أو منتج ثقافي، فعلينا أن نقدم المعلومات الصحيحة وفق منظومة متكاملة ومستمرة غير منقطعة. وكذلك أن تسلك المؤسسات الثقافية سياسة النفس الطويل ولا ترتهن للعمل الوقتي أو البرامج الثقافية قصيرة الأجل الذي قد تنجح نجاحًا وقتيًا وليس نجاحًا مستديمًا.

أن تتوجه البرامج والمنتجات الثقافية العربية والتي ستعمل على صناعة الصورة الذهنية البديلة إلى القاعدة الشعبية العريضة في المجتمعات الغربية ولا تقتصر أو تركز على الساسة وصناع القرار. فإن الشعوب الغربية تُبدي – كما رأينا – استعدادًا وقابلية للتغيير ومعرفة الجديد عن الثقافة العربية ومستجداتها وكذلك تاريخها السليم مع الأخذ في الاعتبار ضرورة التنوع الجغرافي في ذلك وعدم إهمال نطاقات إقليمية وجغرافية بحجة أن تلك دول لا تهمنا أو دول صغيرة ...الخ من النظريات ضيقة الأفق والتي للأسف تتبعها عدة دول عربية سواء على المستوى الرسمي من التمثيل الدبلوماسي والثقافي أو على المستوى غير الرسمي من حيث عدم تشجيع خطط وبرامج المؤسسات الثقافية التي تهدف للانطلاق نحو أقاليم جغرافية جدية تكون أرض خصبة لنقل صورة ثقافية عربية سليمة لشعوبها. وسنجد أن العديد من المؤسسات المدنية في المجتمعات الغربية توفر لنا ساحة ملائمة لإيصال رسالاتنا الثقافية إلى قطاعات متنوعة من الأفراد والجماعات وعلى المؤسسة الثقافية حسن اختيار تلك المؤسسات المدنية الغربية لكي تصل الرسالة بشكل فعال.

أن تستند الأنشطة والمنتجات الثقافية الفعالة لصناعة الصورة البديلة إلى مزيج من العمل الإعلامي والعمل الثقافي والعمل الدبلوماسي والاتصال الشخصي، فتغيير الصورة المشوهة وإحلال صورة بديلة مكانها لا يكفي لتحقيقه الاعتماد على نوع واحد من هذه النشاطات. بل نحتاج إلى الحركة في جميع هذه الجبهات. فعلى المؤسسات الثقافية العربية أن تصل إلى وسائل الإعلام المؤثرة في الغرب وتنشط علاقاتها مع المثقفين والإعلاميين المميزين وتوثق صلتنا بالمؤسسات الثقافية والإعلامية ذات النفوذ وذات التواجد المجتمعي الفعلي وليس الشكلي. ولا شك أن هذه العلاقات والصلات متى مانمت ونضجت فستساهم في تثقيف أولئك المثقفين الإعلاميين وتصحيح مفاهيمهم وتصوراتهم عن الثقافة العربية.

تبني استراتيجية نشر عربية للإثراء الثقافي العربي، من خلال خطة نشر ممنهجة وموسعة، وذلك للتأثير في الشعوب الغربية؛ لذا يجب علينا تعزيز هذه الجهود والتوسع في نشر الكتب والمؤلفات والمسرحيات والمجلات الثقافية بلغات أجنبية المترجمة، وعدم التوقف عند عملية النشر فقط ولكن استكمال عملية التوزيع والتسويق لكي نكفل الانتشار لتلك الإصدارات لكي تصبح ذات فاعلية ثقافية في المجتمعات الغربية.

أن نصوغ لنا خطابًا دينيًا جديدًا لمخاطبة الغرب يحل محل الخطاب القديم. فلم يعد مستساغًا ولا مقبولاً أن نخاطب الغرب بخطاب استعدائي يوغر الصدور بدلاً من أن يقربها. إن خطابنا الجديد عليه أن يراعي خصائص الجماهير المستهدفة وظروفهم الفكرية والاجتماعية والسياسية وان يتشبع بروح إيجابية فيقدم الإسلام للغرب بوصفه خيارًا حضاريًا يمكن أن يسهم في إثراء القيم الإنسانية التي يؤمن بها الغرب نفسه، وبوصفه تحديًا فكريًا جديرًا بالدراسة والتأمل العقلي. وعلينا ألا نقدم الإسلام للغرب بوصفه منازعًا ومناطحًا إيديولوجيا له بل بوصفه رسالة هادية ورحمة للناس ومستودع علاج لكثير من مشكلات العالم.

ما يُمكن قوله خلاصة هو أن التطرف الثقافي والفكري لا يعبر عن حالة معزولة عن السياق الاجتماعي والثقافي العام، بل هو بالضرورة أحد نتاجاته المباشرة أو الضمنية. ومن هنا، فإن أية معالجة للتطرف الفكري يجب أن تلحظ واقع المجتمعات العربية، والإنتاج الثقافي لها. وكلما اتجهت الآليات والاستراتيجيات اتجاهًا أفقيًا، كانت النتائج أكثر جدوى وفائدة. وعلينا أن ندرك بأننا في عصر يصعب فيه السيطرة على الأفكار والقناعات، أو إعادة توجيهها، ففي ظلال الثورة الرقمية باتت للجميع قدرته على التأثير والتأثير المضاد.  وأصبحت العبرة بأن يكون العمل أكثر منهجية واستدامة، وأكثر قدرة على تحديد الأولويات، وأكثر مرونة وشفافية.

مجلة آراء حول الخليج