array(1) { [0]=> object(stdClass)#13440 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 148

أمريكا ملتزمة بتزويد السعودية بالمعدات لمواجهـة الإرهـاب ونفـوذ إيران

الأربعاء، 29 نيسان/أبريل 2020

منذ أربعينات القرن الماضي، تطورت العلاقات العسكرية بين الولايات المتحدة الأمريكية ودول الخليج العربي وعلى رأسها المملكة العربية السعودية في مجالات عديدة. وبناءً على قمة الرياض في مايو 2017م، تعمل الولايات المتحدة على زيادة التعاون في مجال الأمن البحري، والتأهب العسكري، والإمداد بالأسلحة، والأمن السيبراني. كما تعززت هذه العلاقات عبر أنشطة التدريب والمناورات المشتركة ونشر الأنظمة الدفاعية المتقدمة لحماية المواقع الاستراتيجية ودعم جهود مكافحة الإرهاب وتحقيق الاستقرار الإقليمي الذي يمثل مصالح مشتركة. وقد سجلت مبيعات الأسلحة الأمريكية إلى السعودية أرقامًا قياسية متصاعدة.

طبيعة العلاقة بين أمريكا والسعودية

تعاملت الإدارات الأمريكية المتعاقبة مع الحكومة السعودية على أنها شريك مهم، واستمرت مبيعات الأسلحة الأمريكية والتعاون الأمني المرتبط بها. وتشيد إدارة ترامب بجهود السعودية لمكافحة الإرهاب وتقيم معها علاقات دفاعية قوية. وفي الفترة ما بين 2009 و2017م،أبرمت الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية اتفاقات لبيع الأسلحة بقيمة تزيد على 76 مليار دولار.

ومنذ مارس 2015م، استخدم السعوديون أسلحة أمريكية جرى تدريبهم عليها في الولايات المتحدة وقدمت لهم العون اللوجستي والمخابراتي لدعم عملياتهم العسكرية في اليمن. ومع تعرّض المملكة لهجمات صاروخية وطائرات بدون طيار نسبت إلى إيران أو إلى يمنيين تدعمهم إيران، أرسلت الولايات المتحدة إلى السعودية في 2019م، معدات عسكرية وقوات أمريكية إضافية.

وفي المقابل يمارس الكونجرس الأمريكي ضغوطًا على إدارة ترامب للحد من مبيعات الأسلحة الأمريكية للمملكة أو لإنهاء الدعم العسكري الأمريكي لعمليات التحالف بقيادة السعودية في اليمن، بالرغم من الحوثيين لا يزالون متحصنين في العاصمة اليمنية صنعاء ويمثلون خطورة أمنية على السعودية، وكان من آثار ذلك هجماتهم الجريئة عبر الحدود التي نفذوها بمعاونة عراقيين وإيرانيين أن غيّرت المفاهيم العالمية للأمن. لقد تعطلت عمليات النفط السعودية – مؤقتًا -بشكل كبير إثر هجوم طائرات بدون طيار وصواريخ كروز على منشأة إنتاج النفط في بقيق في سبتمبر 2019م، وأصبح الكل يفكر في العواقب العالمية المحتملة للمواجهات العسكرية الإقليمية بين إيران والمملكة العربية السعودية.

لمحات تاريخية

بصفته وزيرًا للدفاع منذ عام 2015م، حدد سمو ولي العهد بالمملكة العربية السعودية أهداف توحيد هيكل القيادة العسكرية في المملكة وزيادة الإنتاج المحلي للمعدات العسكرية التي تشرف عليها (الهيئة العامة للصناعات العسكرية  (GAMI وذراعها التنفيذي، (الشركة السعودية للصناعات العسكرية (SAMI.

ترأس الأمير محمد بن سلمان ولي العهد ونائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع، وشقيقه، السفير السعودي السابق لدى الولايات المتحدة ونائب وزير الدفاع الحالي الأمير خالد بن سلمان بن عبد العزيز، العمليات العسكرية السعودية في اليمن منذ عام 2015م، ورافقت التغييرات في القيادة تحولات في السياسة الخارجية السعودية نحو موقف أكثر حزمًا جسدته العمليات العسكرية للمملكة في اليمن المجاورة وسلسلة من التحركات الإقليمية التي تهدف إلى التصدي للمؤامرات الإيرانية.

شنت حملات التحالف الجوية بقيادة السعودية ومساعدة الولايات المتحدة ضربات في جميع أنحاء البلاد منذ أواخر مارس 2015م، إلى جانب حملات أرضية سعودية وإماراتية مشتركة بهدف وقف تقدم الحوثيين وإجبارهم على التفاوض مع القادة الانتقاليين المعترف بهم من الأمم المتحدة، وأدى القتال بين الفرقاء في اليمن إلى تعقيد الترتيبات السياسية السعودية ـ الإماراتية تجاه اليمن بشكل متزايد منذ عام 2018م، وفيما يخص الترتيبات الأمنية والسياسية في جنوب اليمن في عام 2019م، وتُظهر سلسلة الهجمات الصاروخية من اليمن على المملكة العربية السعودية تداعيات مباشرة وغير متوقعة على أمن المملكة، وخطورة هذه الفئة الانقلابية على الأمن في المنطقة.

نفذت الجهات الإقليمية المعادية للمملكة العربية السعودية هجمات ضد مجموعة متنوعة من الأهداف بما في ذلك البنية التحتية الحيوية والمنشآت العسكرية والمطارات ومنشآت الطاقة في جميع أنحاء البلاد، فضلاً عن السفن في ممرات الشحن في البحر الأحمر. وشملت الأهداف الحديثة كلا من الرياض، وينبع، والمناطق القريبة من جدة، والمطار المدني في أبها، والمنشآت العسكرية في الجنوب، ومنشآت النفط والغاز. وزودت إيران الحوثيين المتمركزين في اليمن وغيرهم من مجموعات الوكلاء الإقليميين بالأسلحة، بما في ذلك الطائرات بدون طيار والقذائف والصواريخ. ويواصل الحوثيون التخطيط لشن هجمات ضد مواقع في المملكة العربية السعودية.

كشفت الهجمات الصاروخية وطائرات بدون طيار على منشآت إنتاج النفط السعودية في بقيق والخريص في 14 سبتمبر 2019م، مدي تعرض البنية التحتية في المملكة رغم أهميتها البالغة للداخل والخارج. ومع أن جهود السعودية أثمرت تعافيًا سريعًا، فإن مخاطر نشوب صراع أوسع نطاقًا أضحت أمرًا واردًا.

يبدو أن التهديدات الإرهابية المستمرة هي أحد العوامل التي دفعت الحكومة السعودية إلى البحث عن شراكات أقوى مع الولايات المتحدة. منذ عام 2017م، أعلن المسؤولون السعوديون عن خطط للمساهمة في جهود تحقيق الاستقرار في سوريا وإعادة التواصل مع الزعماء العراقيين بما يتماشى مع الطلبات الأمريكية. كما يسعى القادة السعوديون إلى الحصول على الدعم من جيرانهم الإقليميين ومن الولايات المتحدة لمواجهة جهود إيران وحلفائهم من حزب الله لزعزعة استقرار اليمن من خلال دعمهم لحركة أنصار الله والحوثيين.

يجري تمويل معظم أنشطة التدريب والدعم الأمني للسعودية من خلال المبيعات العسكرية الأجنبية وعقود أخرى لصالح الولايات المتحدة، مما يعكس قدرة السعودية على تحمل تكاليف البرامج. من عام 2002م، حتى عام 2018م، تلقت المملكة العربية السعودية ما يقرب من 10,000 – 25,000 دولار في السنة على هيئة برامج تعليمية وتدريب عسكري، وأسهم ذلك في تحسين القدرات السعودية والحفاظ على العلاقات العسكرية الهامة.

مبيعات الأسلحة والدور الأمريكي

اعتمدت القوات المسلحة السعودية على الولايات المتحدة في الحصول على السلاح والتدريب والصيانة على مدار عقود. وقد تواصلت مبيعات الأسلحة المستمرة لشركاء الولايات المتحدة في منطقة الخليج، بما في ذلك المملكة العربية السعودية، وذلك يصب في المصالح الأمريكية، لأنه يُغني عن التوسع في نشر قوات أمريكية، ويدعم الصناعة الأمريكية ويردع إيران. ومنذ عام 2009م، تم الإعلان عن سلسلة من مبيعات الأسلحة الأمريكية المتقدمة للسعودية، منها إعلان عام 2010م، بأن القوات الجوية الملكية السعودية ستعيد تشكيل وتوسيع قواتها الرئيسية المقاتلة بطائرات أمريكية من طراز F-15 المتقدمة. وفي مايو 2017م، أشار الرئيس ترامب إلى استمرار وتعميق التعاون الثنائي في مجال الدفاع، وأعلن عن مبيعات دفاعية يجري استكمالها أو طلبها خلال زيارته إلى الرياض بقيمة محتملة تزيد عن 110 مليارات دولار. ومنذ عام 2015م، ومع استخدام السعودية والإمارات للأسلحة الأمريكية في اليمن تزايد تدقيق الكونجرس حول المبيعات الجديدة لتلك الدول، وفي مايو 2019م.

بعثة الولايات المتحدة للتدريب العسكري في السعودية

جاء تأسيس هذه البعثة (United States Military Training Mission - USMTM) رسميًا في 27 یونیو1953م، وتُعد مكونًا أساسيًا في التعاون العسكري بين الولايات المتحدة والسعودية إذ تتولى تنسيق المساعدة الأمنية للتدريب وتقديم المشورة ومساعدة القوات المسلحة السعودية في بناء الخبرات والقدرات الدفاعية وذلك لتعزيز الأمن الإقليمي وحماية المصالح المشتركة وترسيخ الشراكة الاستراتيجية. ومهامها: (1) تطوير الخطط والسياسات الاستراتيجية، (2) إجراء العمليات والتدريبات العسكرية المشتركة في إطار التحالف بين البلدين، (3) الحفاظ على التشغيل المتبادل بين القوات المسلحة السعودية والولايات المتحدة والشركاء الإقليميين، (4) تطوير برامج التعليم العسكري المهني من خلال مؤسسات قومية (5) تقييم الاستعداد لاستدامة وتحديث القوات.

تُعَدُّ البعثة بمثابة حلقة الوصل الرئيسية بين القوات المسلحة الأمريكية ووزارة الدفاع والطيران السعودية، ولها أفرع تعمل مع القوات البرية، والقوات البحرية، وسلاح الجو، ومشاة البحرية، وقوات الدفاع الجوي في المملكة العربية السعودية. وتدعم بشكل مباشر استراتيجية العمل للقيادة المركزية للولايات المتحدة في التشكيل والاستجابة والإعداد، من خلال التواجد المستمر، وبرامج التدريبات العسكرية الثنائية والمتعددة الأطراف، وأنشطة المساعدة الأمنية، والمبيعات العسكرية الأجنبية.

دعم العمليات العسكرية السعودية في اليمن

في مارس 2015م، أقامت السعودية تحالفًا لإطلاق عمليات عسكرية في اليمن ضد الحوثيين وأنصار الرئيس اليمني السابق. ودعمت إدارة ترامب عمليات التحالف لمقاومة التدخل الإقليمي الإيراني بينما يعتبر السعوديون أن الحملة العسكرية هي دفاع مشروع عن النفس إزاء هجمات خصومهم اليمنيين المتكررة بالصواريخ والطائرات المسيَّرة.

استمرت المبيعات الأمريكية إلى الخليج لتكنولوجيا الذخيرة الموجهة بدقة برغم بعض المعارضة من الكونجرس الذي سعى في أبريل 2019م. إلى إنهاء التدخل العسكري الأمريكي في مهام مكافحة الإرهاب في اليمن. وتواصل الولايات المتحدة تقديم دعم عسكري محدود للتحالف الذي تقوده السعودية في اليمن، وهي تعتبر أن "إنهاء النزاع في اليمن يمثل أولوية للأمن القومي بالنسبة للولايات المتحدة". تقدم القوات الأمريكية "المشورة العسكرية" والمعلومات، واللوجستيات، وغيرها من الدعم للقوات الإقليمية التي تقاتل تمرد الحوثي. "يتم نشر 107 من القوات الأمريكية في المملكة العربية السعودية لهذه الأغراض، بما في ذلك مستشارون لأمن الحدود ومنصات مضادة للصواريخ، ولا يوجد أي من الأفراد العسكريين الأمريكيين يشارك في عمليات اليمن". بينما يناقش الكونجرس مقترحات من شأنها أن تضع شروطًا على الدعم العسكري الأمريكي لعمليات التحالف في اليمن. ومع انطلاق مباحثات وقف إطلاق النار بين السعودية والحكومة اليمنية والحوثيين انخفض نطاق العمليات الجوية بنسبة 80٪ تقريبًا منذ سبتمبر 2019م.

الدعم الأمني

توسع التعاون بين الولايات المتحدة والمملكة المتحدة في مكافحة الإرهاب والأمن الداخلي بعد عام 2008م، عندما أنشئت هيئة استشارية لحماية البنية التحتية الحيوية للمملكة من خلال اتفاقية جرى تمديدها فيما بعد حتى عام 2023م، وقد أفادت التقارير الأمريكية أن برامج التعاون الأمني ومكافحة الإرهاب كانت مستمرة ومثمرة. ويدير البرنامج الذي تموله السعودية موظفون أمريكيون ويضم مستشارين أمريكيين في مكاتب الأمن الرئيسية والصناعية والطاقة والبحرية والأمن السيبراني في السعودية. ويسهل نقل المعرفة الفنية والمشورة والمهارات والموارد إلى المملكة في مجالات حماية البنية التحتية الحيوية والأمن العام. كما يشرف الجيش الأمريكي على المساعدات العسكرية والتدريبية التابعة لوزارة الداخلية ليوفر تأمين مواقع البنية التحتية الرئيسية، مثل منشأة العمليات البترولية في بقيق شرق المملكة والتي استهدفتها القاعدة في فبراير 2006م. والصواريخ والطائرات بدون طيار في سبتمبر 2019م. وقد نفذت اتفاقيات مبيعات بقيمة 287 مليون دولار لدعم برامج وزارة الداخلية السعودية في الفترة 2009-2017م. وهكذا يستمر التعاون الأمني الوثيق بين الولايات المتحدة والسعودية بالتوازي مع الجهود المبذولة للتغلب على خلافات الرأي بين الولايات المتحدة والسعودية حول بعض التهديدات الأمنية الإقليمية. منها ما شهدته السنوات الأخيرة لإدارة الرئيس أوباما حول الصراع في سوريا، وبرنامج إيران النووي. وقد جرى الإعلان عن شراكة استراتيجية مع أوباما في سبتمبر 2015م.

كما برزت أهمية تلك القضايا خلال زيارة ترامب للمملكة في مايو 2017م، إذ وافق ترامب والملك سلمان على "شراكة استراتيجية للقرن الحادي والعشرين" و "رؤية استراتيجية مشتركة للمملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية" وأعلنا عن خطط لـ " مجموعة استشارية استراتيجية مشتركة " تهدف إلى الاجتماع" مرة واحدة على الأقل في السنة، بالتناوب بين البلدين " لمراجعة التعاون الثنائي. وتلا ذلك زيارة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان إلى الولايات المتحدة في مارس 2018م، ولقاءات ثنائية لاحقة بين كبار القادة. يشير ترامب بانتظام إلى القيمة الاقتصادية الهائلة لمبيعات الأسلحة إلى المملكة العربية السعودية وآثارها على تعافي الاقتصاد الأمريكي، كما اعترض على العديد من محاولات الكونجرس لتقليص المساعدات الأمريكية المقدمة للمملكة إذا هي تخلت عن هذه الاتفاقيات التي توفر "مليون ونصف المليون وظيفة" داخل الولايات المتحدة. يُنظر إلى المملكة العربية السعودية أيضًا على أنها "موازنة" لإيران في الشرق الأوسط حيث تكافح لاحتواء النفوذ والعدوان الإيرانيين. وقد شجعت الولايات المتحدة هذا الموقف الذي يعتبر إيران قوة مزعزعة للاستقرار يمكن أن تهدد مصالحها الإقليمية.

بدأت الولايات المتحدة بتشكيل قوى عسكرية بحرية لأمن منطقة الخليج العربي مع مضيق هرمز وخليج عمان وكذلك مضيق باب المندب، وطلبت من الدول المستفيدة كالهند وكوريا والدول التي تستفيد كثيرًا من نفط المنطقة أن تتعاون على أن تكون هناك قوى عسكرية تعمل بقيادة أمريكية.

ترامب متمسك بالتحالف السعودي ــ الأمريكي

هناك جهود تبذل من البعض في واشنطن لإجراء تغيير جذري، إن لم يكن إنهاء، لتحالف أمريكي عمره سبعة عقود من الزمن، ولكن دونالد ترامب يمثل أكبر قوة مقاومة للتغيير. إن الشراكة الأمريكية السعودية ستواجه منعطفًا حقيقيًا إذا تم انتخاب رئيس ديمقراطي في 2020م، وهناك نذر مبكرة يمكن رؤيتها بالفعل تصدر من جميع المشرعين الديمقراطيين والعديد من الأعضاء الجمهوريين في الكونجرس وجماعات الضغط والمحللين والمسؤولين السابقين إذ يتحفظون على استمرار هذه الشراكة. عندما التقى رئیس الولایات المتحدة فرانكلين روزفلت والملك عبد العزيز في البحیرات المرة في مصر على متن يو إس إس كوينسي في عام 1945م، لم يكن أي منهما يتوقع التصدعات التي ستنشأ في علاقة مبنية على المنفعة المتبادلة: إمداد ثابت من النفط السعودي مقابل الحماية العسكرية الأمريكية.

ولكن حتى تداعيات هجمات 11 سبتمبر -حيث كان كما تردد أن 15 من الخاطفين التسعة عشر سعوديين -لم تتمخض عن مثل هذا التحدي الواضح اليوم إذ يسعى المشرعون الأمريكيون إلى تقييد مبيعات الأسلحة إلى المملكة، وهم في السعودية يدركون أن العلاقة تعرضت لضغوط مؤخرًا، لكنهم يعملون بجد على إعادة العلاقة إلى ما كانت عليه في السابق، حتى وإن استغرق الأمر بعض الوقت. ويشير ترامب إلى أهمية العلاقات مع المملكة، وإلى مشتريات الرياض الوفيرة من الأسلحة الأمريكية الصنع، فهي تخلق وظائف أمريكية قائلا: "بينكم أناس يريدون مقاطعة المملكة العربية السعودية. إنهم اشتروا معدات عسكرية بقيمة 450 مليار دولار، ولا أريد أن أفقدهم!"

تسليح الخليج

إن نظرة عامة على اتجاهات وأنماط الإنفاق العسكري وواردات الأسلحة الحديثة لدول الخليج في الفترة الأخيرة تشير إلى مستويات عالية من الإنفاق العسكري كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي. وبينما تواصل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة بناء قدرات عسكرية متنوعة ومتقدمة، لا تستطيع إيران أن تفعل الشيء نفسه وبذلك يتنامى التفاوت العسكري في المنطقة وتثور التساؤلات حول تطورات الوضع الأمني المتقلب في الشرق الأوسط، ودور الدول التي تزوده بالسلاح.

يعني الاستثمار الهائل للسعودية في قواتها العسكرية أن لديها أكبر مخزون من الأسلحة المتقدمة بين دول منطقة الخليج. وتضم القائمة التالية أسلحة واردة من الولايات المتحدة. في عام 2016م، بدأت تسليم 154 طائرة مقاتلة من طراز F-15SA، تم تجهيزها بصواريخ كروز وأسلحة أخرى موجهة. وفي الفترة 2014-2018م، تلقت 23 من أنظمة الدفاع الجوي وصواريخ باتريوت PAC-3 لتحسين قدرتها على الدفاع ضد الهجمات الجوية والصاروخية. في عام 2018م، طلبت سبعة أنظمة دفاع صاروخية متقدمة للغاية. لقد تم تحديث وتوسيع القوات البرية والبحرية في المملكة العربية السعودية. في الفترة 2014-2018م، تم تسليم 338 دبابة. في عام 2017م، طلبت المملكة العربية السعودية أربع فرقاطات. ويتضمن العديد من مشروعات استيراد الأسلحة الرئيسية الحالية التجميع النهائي لهذه الأسلحة. على سبيل المثال، سيتم تجميع 68 طائرة مقاتلة من طراز F-15SA تم شراؤها من الولايات المتحدة في المملكة العربية السعودية.

وكانت الإمارات خامس أكبر مستورد للأسلحة على مستوى العالم في الفترة 2009–2018م، بعد توسيع وتحديث أسطولها من الطائرات المقاتلة في 2003-2008م، اشترت الإمارات العربية المتحدة في 2009-2018م، معدات عززت من انتشار قواتها المسلحة بما في ذلك 3 طائرات نقل و8 طائرات نقل بعيدة المدى و10 طرادات. كما حصلت على قدرات متقدمة في الدفاع الجوي والصاروخي تضم تسعة أنظمة باتريوت PAC-3 ونظامين ثاد من الولايات المتحدة الأمريكية. وهي تعمل حاليًا على توسيع قدراتها الاستخبارية والاستطلاعية واكتشاف الأهداف، وعلى الأخص مع شراء خمسة أنظمة رادار محمولة جوًا واثنين من أقمار المراقبة لتوصيلها من عام 2019م. وكان أكبر الموردين إلى الإمارات العربية المتحدة في 2014-2018م، الولايات المتحدة الأمريكية.

تلعب السعودية دورًا مهمًا في الحفاظ على الأمن في الشرق الأوسط، نظرًا لأهميتها الاقتصادية والسياسية والثقافية وموقعها الاستراتيجي. في ضوء التحديات الأمنية المعقدة والديناميكية التي تواجه المنطقة، والتي تشمل مكافحة التطرف العنيف من دولة العراق وسوريا (ISIS) وكذلك الجماعات المتطرفة الأخرى، ونتيجة للتعاون الأمني الأمريكي، أحبطت المملكة العديد من المحاولات الإرهابية ضد أهداف سعودية وأجنبية، وتمكنت من ردع الهجمات الخارجية بنجاح. لا تزال الولايات المتحدة ملتزمة بتزويد القوات المسلحة السعودية بالمعدات والتدريب والمتابعة اللازمة لحماية المملكة العربية السعودية والمنطقة من الآثار المزعزعة للاستقرار الناجمة عن الإرهاب ومواجهة النفوذ الإيراني والتهديدات الأخرى. ولتحقيق هذه الغاية، ستستمر الولايات المتحدة في التعاون مع المملكة العربية السعودية لتحسين التدريب على العمليات الخاصة وقوات مكافحة الإرهاب، ودمج أنظمة الدفاع الجوي والصاروخية، وتعزيز الدفاعات الإلكترونية، وتعزيز الأمن البحري.

المملكة العربية السعودية هي أكبر مشترى للمبيعات العسكرية الأجنبية FMS في الولايات المتحدة، مع أكثر من 129 مليار دولار في الحالات النشطة. من خلال التوقيع على اتفاقية بقيمة 110 مليارات دولار لمواصلة تحديث القوات المسلحة السعودية من قبل الرئيس ترامب والملك سلمان، فإننا نتوقع زيادة كبيرة في حالات المبيعات العسكرية الأجنبية والمبيعات التجارية المباشرة DCS. تم حتى الآن تنفيذ أكثر من 26.3 مليار دولار من مبيعات FMS، وهو ما يمثل 24 بالمائة من اتفاقية العشر سنوات، على الرغم من مرور عامين فقط منذ توقيعها. في يناير 2017م، وافقت الولايات المتحدة على حالة FMS محتملة للمملكة العربية السعودية لنظام الكشف عن التهديدات المستمرة (PTDS)، المعروف أيضًا باسم 74K Aerostat System، بتكلفة تقديرية 525 مليون دولار. في مايو 2017م، وافقت الولايات المتحدة على بيع FMS إلى المملكة العربية السعودية لمواصلة برنامج التدريب على أمر بحري بتكلفة تقديرية تبلغ 250 مليون دولار. في يونيو 2017م، وافقت الولايات المتحدة على استمرار برنامج التدريب الشامل للأوامر والذي يتضمن التدريب على الطيران والتدريب الفني والتعليم العسكري المهني والتدريب المتخصص وفرق التدريب المتنقلة والتدريب على اللغة الإنجليزية بقيمة 750 مليون دولار. في يونيو 2017 م، وافقت الولايات المتحدة على بيع محتمل لأنظمة الرادار( 26 AN / TPQ-53 V) والتدريب والمعدات ذات الصلة بتكلفة تقديرية 930 مليون دولار. كجزء من تحديث الأسطول الشرقي للمملكة العربية السعودية، في شهر أكتوبر عام 2017م، نفذت الولايات المتحدة صندوق FMS بقيمة 6 مليارات دولار لبرنامج مكافحة السفن متعدد المهام المكون من 4 سفن. في أكتوبر 2001 م، وافقت الولايات المتحدة على بيع محتمل لقاذفات 44 محطة للدفاع عن المناطق المرتفعة (THAAD، و 360 صاروخًا من طراز THAAD اعتراضية، و 16 محطة THAAD للتحكم في الحريق والاتصالات المتنقلة، وسبعة رادارات AN / TPY-2 THAAD )، وما يرتبط بها من معدات الدعم، بتكلفة تقدر بـ 13.5 مليار دولار.

وافق السعوديون على تلقي تدريب من القوات الأمريكية على قانون النزاع المسلح (LOAC) وأفضل الممارسات لمنع وقوع إصابات بين المدنيين. ستشمل فعاليات التدريب المخططة لسلاح الجو الملكي السعودي وقوات الأمن السعودية الأخرى على وجه التحديد مزيدًا من التدريب على LOAC وعمليات الاستهداف من الجو إلى الأرض. تم تصميم التدريب الثنائي والمتعدد الأطراف في المستقبل لتحسين فهم قوات الأمن السعودية لتحديد واستهداف وإشراك الأهداف الصحيحة مع التقليل إلى أدنى حد من الأضرار الجانبية والخسائر المدنية.

مستقبل التعاون العسكري الأمريكي السعودي / الخليجي

نرصد بعض المتغيرات الدولية والداخلية التي قد تؤثر على التزامات الولايات المتحدة تجاه منطقة الخليج العربي، ومن شأنها إحداث مستويات متباينة وغير متوقعة من التوتر والصراع:

  • خطر نشوب صراع فعلي يتمثل في حرب شاملة أو حرب محدودة، أو الزج بقوات بالوكالة، أو الإيماء بتهديدات عسكرية، أو هجمات خاطفة. بالإضافة إلى تطور دور الوكلاء والجهات الفاعلة غير الحكومية والمتطرفين والفصائل العرقية والطائفية.
  • خفض خطير في صادرات الخليج من النفط والغاز الطبيعي المسال وتأثيره على الاقتصاد العالمي والواردات الأمريكية الحرجة من السلع الآسيوية المصنعة.
  • عمليات التخريب بالمواجهات البحرية في الخليج وضربات الصواريخ على البنية التحتية الرئيسية والأهداف العسكرية.
  • الزيادة المطردة في أعداد ونوعية الأسلحة مثل الصواريخ الباليستية، وصواريخ كروز، والصواريخ أرض-جو، والطائرات القتالية، والطائرات المسيّرة، مع تزايد دقة الضرب، واستخدام الرؤوس الحربية الذكية.
  • توسع العمليات الجوية والبحرية لتغطي كامل الخليج (خليج عمان، المحيط الهندي، البحر الأحمر).
  • استخدام أو تطوير القوى النووية والكيميائية والبيولوجية وأشكال جديدة من الحرب السيبرانية والحرب الإلكترونية.
  • تنافس القوى الخارجية (الولايات المتحدة، أوروبا، روسيا، تركيا، الصين) على التواجد والتأثير ومبيعات الأسلحة والمستشارين والدور العسكري النشط.
  • الانقسامات داخل التجمع الاستراتيجي العربي وانطلاق التوترات والنزاعات العرقية والطائفية والداخلية والمحلية.
  • الاضطرابات السياسية والاقتصادية "للدول الفاشلة" -والصراعات الداخلية المحتملة -في سوريا ولبنان والعراق وإيران واليمن.

خاتمة

أنفقت دول مجلس التعاون الخليجي 135.6 مليار دولار على الدفاع في 2018م، وذلك يمثل سبعة أضعاف ما أنفقته إيران، السعودية وحدها أنفقت 82.9 مليار دولار. ويمثل إنفاق السعودية وعمان أكثر من 10٪ من ناتجهما المحلي الإجمالي. وبينما كان عدد العسكريين من دول الخليج العربي 374.800، قدم الأمريكيون أقل من 50,000، ويمثل تواجد القوات الأمريكية في الخليج ميزات استراتيجية رئيسية للولايات المتحدة:

  • تحجيم النفوذ الإيراني وردع إيران ووكلائها من السوريين وحزب الله واليمنيين.
  • الحد من التوترات العربية وتوفير تنسيق أفضل وقيادة أكثر فعالية لقوات الخليج.
  • ضمان تدفق ثابت لـ 20٪ من إمدادات النفط العالمية، 4.1 تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي المسال، وهو أمر حاسم لاستقرار الاقتصاد الأمريكي والعالمي.
  • إتاحة خيارات لمواجهة أي تصعيد للتهديدات، والوكالة، والحروب.
  • احتواء التواجد الروسي والتركي والصيني وتأثيرهم ومبيعات أسلحتهم.
  • بسط النفوذ الاستراتيجي مقابل الصين، ودعم الهند، والوصول إلى المحيط الهندي، والتأثير على جنوب شرق آسيا.

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*أكاديمي، جمهورية مصر العربية

مجلة آراء حول الخليج