array(1) { [0]=> object(stdClass)#13013 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 148

5 أطروحات للخطاب الإعلامي السعودي أبرزها التأكيد على عمق العلاقات وتنوعها

الخميس، 30 نيسان/أبريل 2020

إن المدقق والمتابع لوسائل الإعلام السعودية، يلاحظ اهتمامًا واسعًا من قبلها بتطرقها للعلاقات السعودية ــ الأمريكية، ومناقشة جذورها التاريخية، وتطورها، ومستقبلها، في ظل كثير من الملفات المتشابكة والمتداخلة بين البلدين، ويظهر ذلك في مساحات الرأي التي يكتبها خبراء ومحللين، وكذلك في افتتاحيات الصحف السعودية، إضافة إلى التقارير والتحقيقات التي تسلط الضوء على العلاقات بين البلدين.

إن تحليل الخطاب الإعلامي من أهم العوامل الكاشفة لتوجهات وسائل الإعلام السعودية إزاء العلاقات الثنائية بين البلدين، ومن ثم يستعرض المقال نتائج تحليل خطاب صحف "عكاظ، الجزيرة، والرياض" كعينة ممثلة للصحف السعودية، وكذلك خطاب القناة السعودية الأولى خلال الفترة "مايو 2017م، حتي يناير 2020م"، لما شهدته من اهتمام مكثف بالعلاقات الثنائية بين البلدين، خاصة مع زيارة الرئيس ترامب للمملكة في 20 مايو 2017م، مرورًا بزيارة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان  ولي العهد السعودي نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع إلى واشنطن في 20 مارس 2018م، ولما قدمته وسائل الإعلام السعودية من خطابات نوعية متمايزة بشأن أبعاد هذه العلاقات، ومستقبلها.. ونعرض أهم نتائج التحليل، على النحو التالي: 

3 أحداث شكلت محور الاهتمام بالعلاقات السعودية الأمريكية

كشفت نتائج تحليل خطاب وسائل الإعلام السعودية عن ثلاثة أحداث رئيسية شكلت محور الاهتمام بالعلاقات السعودية الأمريكية في الخطاب الإعلامي، الأول: زيارة ترامب للمملكة في 20 مايو 2017م، وهو الحدث الذي حظي باهتمام واسع في الخطاب الإعلامي السعودي، مسلطًا الضوء علي الزيارة بمختلف جوانبها، ودلالاتها التي أبرزها الخطاب في إنها تعكس أهمية السعودية ومكانتها الإقليمية لدى الرئيس الأمريكي الذي اختار المملكة لتكون أول محطة في جولاته الخارجية، بما يمثل اختلافًا عن أسلافه من الرؤساء الأمريكيين السابقين الذين اعتادوا أن تكون أولى زياراتهم الخارجية إلى دول الجيران أو للحلفاء الغربيين، إضافة لما لها من دلالات استراتيجية تتجسد في إدراك الإدارة الأمريكية لأهمية التحالف وتعزيز العلاقات مع المملكة ودول المنطقة، لمكافحة الإرهاب ودفع جهود السلام، لا سيما في ظل القمم الثلاث التي انعقدت على هامش الزيارة ( سعودية- أمريكية، خليجية – أمريكية، إسلامية- عربية- أمريكية)، وأكد الخطاب الإعلامي للصحف والقنوات المدروسة، إن هذه الزيارة ما هي إلا امتداد لإرث طويل من العلاقات القوية التي تربط البلدين، كما إنها تأتي لترميم بعض التصدعات التي شهدتها العلاقات الثنائية بين البلدين خلال فترة أوباما، الذي اتسمت سياساته تجاه دول المنطقة، بما فيها المملكة، بالغموض، والتأرجح.

أما الحدث الثاني، الذي ارتبط به الاهتمام بمناقشة العلاقات السعودية- الأمريكية في وسائل الإعلام السعودية، تمثل في الزيارات الرسمية سواء لولي العهد الأمير محمد ابن سلمان أو أي من المسؤولين السعوديين إلى واشنطن، أو استقبال  خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان- حفظه الله ورعاه- لأي من ممثلي الإدارة الأمريكية، أو لقاء يجمع المسؤولين السعوديين بنظرائهم الأمريكان، وبحسب نتائج التحليل لصحف "عكاظ، الرياض، الجزيرة"، القناة السعودية الأولي، فقد برز اهتمام واسع من قبل المحللين والخبراء بمناقشة العلاقات بين البلدين، حال أي حدث من الأحداث سالفة الذكر، خاصة أن وسائل الإعلام أفردت مساحات واسعة لمناقشة دلالاتها، وكانت تؤكد أن مثل هذه الزيارات واللقاءات الرسمية، ما هي إلا انعكاس لقوة العلاقات التي تربط البلدين، ومكانة المملكة وأهميتها لدى الأمريكان. ويبرز ذلك د. عبد الله بن موسي الطاير، في مقال له بصحيفة الجزيرة: "زيارة وزير خارجية الولايات المتحدة المملكة، واتصالات المسؤولين الأمريكيين بنظرائهم السعوديين..." جميعها مؤشرات تؤكد أن البلدين يتمتعان بالمستوى نفسه من الأهمية عند بعضهما. ويعقب "فهد بن جليد" في مقال له بالصحيفة ذاتها، على زيارة سمو ولي العهد لواشنطن: " إن الزيارة تؤكد المكانة الرفيعة التي تحظى بها المملكة وقادتها على خارطة السياسة الأمريكية، التي تجاوزت مجرد المصالح الاقتصادية، لتكشف الدور السعودي الكبير في محاربة الإرهاب وضمان الاستقرار العالمي. أما الحدث الثالث، الأبرز الذي ارتبط به اهتمام الخطاب الإعلامي بالعلاقات السعودية-الأمريكية، يتجسد في اللقاء التاريخي الذي جمع المؤسس الملك عبد العزيز آل سعود-طيب الله ثراه-، والرئيس الأمريكي روزفلت في فبراير 1945، بقناة السويس.

5     أطروحات رئيسية للخطاب الإعلامي

تمحور الخطاب الإعلامي السعودي تجاه العلاقات التي تربط المملكة بالولايات المتحدة الأمريكية، حول خمس أطروحات أو أفكار رئيسية، يمكن سردها على النحو التالي:

شكل رقم (1)

أطروحات الخطاب الإعلامي تجاه العلاقات السعودية الأمريكية

-       الأطروحة الأولى: عمق العلاقات السعودية-الأمريكية

كانت هذه هي الأطروحة أو الفكرة الأبرز في الخطاب الإعلامي تجاه العلاقات السعودية الأمريكية، وضمنها تم التركيز على عمق وقوة العلاقات السعودية-الأمريكية، وإنها ليست وليدة اللحظة الراهنة، بل لها جذور تاريخية تمتد لأكثر من نصف قرن، فتشير صحيفة الجزيرة، في إحدى افتتاحياتها إلى أن "العلاقات السعودية الأمريكية تستند على إرث قديم، وأسس راسخة، وصلات وثيقة، ورؤى متجددة، تجمعها مصالح استراتيجية متعددة. ويظهر ذلك أيضًا في خطاب صحيفة "عكاظ" التي نشرت افتتاحياتها في فبراير الماضي تحت عنوان " الرياض وواشنطن.. 75 عامًا من القوة"، وكذلك في صحيفة الرياض، التي أكدت أن "التلاحم التاريخي الاستراتيجي ما بين الرياض وواشنطن أحال العلاقة الثنائية إلى نسيج متلاحم".

وتأسيسًا على ما سبق، أفرد الخطاب الإعلامي السعودي مساحات واسعة للحديث عن تاريخ العلاقات بين البلدين، والتأكيد على قوتها، بل وتطورها على نحو يخدم مصالح البلدين، وضمن هذه الأطروحة كانت تهتم الصحف ووسائل الإعلام السعودية بإبراز تصريحات وشهادات المسؤولين الرسميين سواء السعوديين أو الأمريكان، التي تؤكد في مضمونها عمق هذه العلاقات، وجذورها التاريخية.

-       الأطروحة الثانية: شمولية العلاقات بين المملكة والولايات المتحدة

كانت هذه الأطروحة هي الأكثر بروزًا بعد التأكيد على عمق العلاقات بين البلدين، وضمنها برزت عدة أفكار أو أطروحات فرعية ركز عليها الخطاب، منها التأكيد على أن العلاقات بين البلدين، لا تقتصر فقط على البعد الاقتصادي المتمثل في أهمية النفط للولايات المتحدة الأمريكية، بل تتعدد أبعادها سياسيًا، وأمنيًا، واقتصاديًا، وعسكريًا، وثقافيًا.

وما يدلل على ذلك، أن كتابات كثيرة برزت في الصحف تشير إلى إن العلاقات الثنائية بين البلدين تتميز بالتنوع والشمولية، ولا تقتصر على جانب واحد، من بينها على سبيل المثال – لا الحصر، ما عبر عنه علي آل مداوي في مقال له بصحيفة الجزيرة، قائلاً: " العلاقات بين البلدين لا يمكن حصرها في «برميل النفط» الذي تحرص الولايات المتحدة، على الحصول عليه من المملكة ".. وهو نفس ما يؤكده د. إبراهيم بن عبد الله المطرف في مقال له بالصحيفة ذاتها، تحت عنوان " فخ تحجيم العلاقات السعودية الأمريكية"، مهاجمًا من يحاولون قصر التعاون بين البلدين على العلاقات الاقتصادية فقط.

وضمن هذه الأطروحة، أبرزت وسائل الإعلام السعودية في خطابها ما يؤكد تعدد أوجه التعاون بين البلدين، من بين ذلك، أن هناك تعاون ثقافي بين البلدين يتجلى في زيادة عدد الطلاب المبتعثين السعوديين إلى أكثر من 125 ألف طالب، موزعين على 51 ولاية، وأصبحت أمريكا الأولى على مستوى العالم باستقبال المبتعثين السعوديين ضمن برنامج بعثة خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي. وعلى الصعيد الاقتصادي، ركز الخطاب الإعلامي على المجالات الاستثمارية بين البلدين في مجالات الطاقة والبتروكيمياويات والدفاع فضلاً عن توقيع كثير من الاتفاقيات بشأن مشاريع سيتم تنفيذها على أرض الواقع في إطار تحقيق رؤية المملكة 2030. ونشرت تصريحًا للملك سلمان بن عبد العزيز، يشير فيه إلى أن المملكة تربطها بالولايات المتحدة الأمريكية شراكة تاريخية واستراتيجية في مجالات متنوعة"، إضافة لتصريح آخر لولي العهد نصه: "العلاقة بين السعودية وأمريكا صاحبتها نجاحات سياسية وأمنية واقتصادية كبيرة"، بالإضافة لتصريحات لمسؤولين مثل وزير الخارجية الأمريكي، ووزير الدفاع، تشير إلى شمولية وتعدد أوجه التعاون مع المملكة.

-       الأطروحة الثالثة: التعاون الحتمي بين البلدين

وفقًا لهذه الأطروحة أو الفكرة، وصف الخطاب الإعلامي السعودي العلاقات بين الرياض وواشنطن بأنها "حتمية"، فكلاهما يحتاج الآخر، في إطار من الشراكة يرتكز على الندية والتكافؤ ويتسم بالتوازن والتفاعل والاعتراف المتبادل بين البلدين بأهمية الآخر.

ولعل القراءة التحليلية للخطاب الإعلامي السعودي، تكشف عن ثمة ملاحظة دقيقة ارتبطت بالتأكيد على إنه رغم التوترات التي أحاطت بالعلاقات السعودية الأمريكية إبان أحداث 11 سبتمبر2001م، وإبان فترة الرئيس الأمريكي السابق أوباما التي اتسمت سياسته تجاه المنطقة العربية بالغموض، إلا أن إدراك الدولتين لمبدأ "حتمية" التعاون بينهما هو السبب الرئيسي وراء عدم تأثر العلاقات بمثل هذه التوترات العابرة.. وما يدلل على ذلك مقال منشور بصحيفة الجزيرة، تحت عنوان "قراءة موضوعية في العلاقات السعودية الأمريكية" يؤكد إنه رغم "الاختلافات العالقة إزاء عدد من المواقف التي طرحت نفسها في بعض المراحل التاريخية، حول بعض ملفات السياسة الخارجية للبلدين، إلا أنه لم يكن بين البلدين الكثير من الخيارات آنذاك، ولن يكون أمامهما حاضرًا ومستقبلاً، إلا خيار "الشراكة الاستراتيجية" وفي كل الأحوال، فإن الولايات المتحدة الأمريكية تحتاج إلى المملكة العربية السعودية، كما تحتاج المملكة إليها، على قاعدة المصالح الاستراتيجية المشتركة للطرفين.

-       الأطروحة الرابعة: المنفعة المتبادلة بين البلدين

إذا كانت القراءة التحليلية للخطاب الإعلامي السعودي تجاه العلاقات السعودية الأمريكية، في إطار "الحتمية"، فإن جزءًا آخر من الخطاب قد وضع هذه العلاقات في إطار من المنفعة المشتركة أو المتبادلة بين البلدين، فكلاهما شريك للآخر، وكلاهما يعود عليه العديد من المكاسب جراء علاقته بالآخر.

  وضمن هذه الأطروحة اهتمت وسائل الإعلام السعودية بإبراز تصريحات المسؤولين الأمريكان التي تؤكد أن بلادهم استفادت من توطيد علاقاتها بالسعودية، ويهمها أمن المملكة واستقرارها لما في ذلك من تحقيق لمصلحتها، منها تصريح لوزير الخارجية الأمريكي يقول فيه: " أمن السعودية أولوية لنا".. وتصريح آخر "ندعم شركاءنا السعوديين بالدفاع عن أمنهم". كما أبرزت تصريحات لمسؤولين سعوديين تؤكد استفادة المملكة من علاقاتها بالولايات المتحدة الأمريكية، منها تصريح لـ "فهد ناظر" المتحدث الرسمي باسم السفارة السعودية في واشنطن، قال فيه «هناك فوائد كبيرة جنيناها من التدريب العسكري المشترك بين البلدين، على سبيل المثال، عندما شارك الطيارون السعوديون في التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة ضد تنظيم «داعش» الإرهابي في سوريا". وتصريح آخر تناقلته وسائل الإعلام السعودية لوزير الدولة للشؤون الخارجية السعودي، يعكس تأييد المملكة لسياسة أمريكا التي تتفق مع توجهاتها، نصه، "الجبير: الرياض تؤيد سياسة الرئيس ترامب تجاه إيران ".

الأطروحة الخامسة: مستقبل العلاقات السعودية الأمريكية

أولى الخطاب الإعلامي- بحسب القراءة التحليلية للصحف والقنوات المدروسة- اهتمامًا واسعًا بمناقشة مستقبل العلاقات السعودية الأمريكية، وكان السيناريو التفاؤلي الذي يشير لتطور العلاقات بين البلدين، والدفع بها إلى الأمام، هو الأكثر بروزًا في الخطاب الإعلامي، منطلقًا من عدة أسانيد في مقدمتها، أن العلاقات بين البلدين تاريخية تمتد لأكثر من 75 عامًا، ومتعددة، ومتنوعة، لا تقتصر على جانب واحد كما ذكرنا، كما أن الولايات المتحدة الأمريكية تدرك جيدًا مكانة المملكة العربية السعودية ووزنها في المنطقة العربية ككل، إن هناك قواسم مشتركة بين سياسات البلدين، لا سيما في مواجهة النفوذ الإيراني في المنطقة، ومكافحة الإرهاب.

4 منطلقات للخطاب الإعلامي

ويقصد بها مجموعة العوامل المؤثرة في تشكيل الخطاب الإعلامي تجاه العلاقات السعودية الأمريكية، وبصفة عامة تشير دراسات تحليل الخطاب، إلى أربعة عوامل أساسية، يمكن عرضها على النحو التالي:

شكل رقم (2)

العوامل المؤثرة في تشكيل الخطاب الإعلامي

-         السياسة الخارجية للدولة:

تشير أغلب نتائج الدراسات والبحوث التي تهتم بدراسة العوامل المؤثرة في تشكيل الخطاب الإعلامي بشأن العلاقات التي تربط الدول بعضها البعض، إلى أن السياسة الخارجية للدولة إحدى أهم العوامل المؤثرة في تشكيل خطابات وسائل إعلامها بشأن علاقاتها مع الدول الأخرى، فإن كانت السياسة الخارجية للدولة إزاء بلد ما تتسم بالاعتدالية، يتسم الخطاب الإعلامي بالنهج ذاته.. والعكس صحيح، ومن ثم فإن القراءة التحليلية الدقيقة للخطاب الإعلامي تجاه العلاقات السعودية الأمريكية، تؤكد ثمة تأثره بسياسات المملكة تجاه الولايات المتحدة الأمريكية.

توجهات وسائل الإعلام:

ويقصد بها السياسة التحريرية للوسيلة الإعلامية سواء صحف أو قنوات أو مواقع إلكترونية، فهي –حسب العديد من الدراسات- مجموعة المبادئ والخطوط العريضة التي تجيب عن سؤالين، ماذا أنشر؟ وكيف أنشر؟.. أي طبيعة المضامين التي يتم بثها أو نشرها في وسائل الإعلام، وطريقة معالجتها، بشكل يتسق مع التوجهات المهنية والفكرية لكل وسيلة. ورغم أن السياسة التحريرية قد تختلف من وسيلة لأخرى، إلا أن الملاحظة الدقيقة التي كشفتها القراءة التحليلية لخطابات وسائل الإعلام السعودية بشأن العلاقات التي تربط المملكة بالولايات المتحدة الأمريكية، هي اتفاق خطابات وسائل الإعلام السعودية في تناولها للعلاقات بين البلدين، وهو أمر في تقديري يرتبط بنتيجة مفاداتها أن السياسات التحريرية لوسائل الإعلام السعودية تأثرت بالسياسة الخارجية للمملكة تجاه الولايات المتحدة الأمريكية.

-         توجهات منتج الخطاب:

ويقصد بها التوجهات المهنية والفكرية والاهتمامات الذاتية لمنتج الخطاب، سواء أكان كاتبًا حرًا، أو محررًا صحفيًا، فتشير أغلب دراسات تحليل الخطاب، إلى أن هذه التوجهات قد تؤثر في مرجعية الكاتب أثناء كتابة المقال، أي في طبيعة الاستشهادات التي ينتقيها من أجل إقناع القارئ بالأطروحة أو الفكرة الرئيسية للمقال، ومن ثم لا يمكن إجراء تحليل خطاب دون تحليل توجهات منتج الخطاب.

وبحسب القراءة التحليلية لمضمون الخطاب الإعلامي السعودي تجاه علاقات المملكة بالولايات المتحدة الأمريكية، فإن مرجعية معظم الكتاب كانت في أغلبها تاريخية، فكانت وقائع اللقاء التاريخي الذي جمع المؤسس الملك عبد العزيز آل سعود-طيب الله ثراه-، والرئيس الأمريكي روزفلت عام 1945م، حاضرة في أغلب المقالات التي تناقش نشأة العلاقات بين البلدين، وتطورها، ومستقبلها، إضافة إلى أن التوجهات المهنية والفكرية والذاتية لمنتج الخطاب-كاتب مواد الرأي – على وجه التحديد، لم تختلف كثيرًا عن سياسات تحرير الصحف والقنوات.

-         السياق الزمني والمجتمعي:

السياق الزمني يقصد به مجموعة الأحداث المثارة على الساحة، أي طبيعة الحدث، ومدى أهميته، أما السياق المجتمعي، فيعنى به قيم وعادات وتقاليد المجتمع، وكلاهما يؤثر في الخطاب، وتأسيسًا على ذلك، فإن الخطاب الإعلامي السعودي تجاه العلاقات بين البلدين، كان يؤكد على أن الانفتاح على الولايات المتحدة الأمريكية، له جذوره التاريخية التي لا تتعارض مع قيم وثوابت المجتمع السعودي، كما كان يؤكد الخطاب على أن الاتفاقيات التي يتم إبرامها مع أمريكا، منطلقة بالأساس من رؤية المملكة 2030، التي أشادت بها واشنطن كثيرًا- حسب ما كشفته نتائج تحليل الخطاب الإعلامي السعودي تجاه العلاقات بين البلدين.

الملامح العامة للخطاب الإعلامي تجاه العلاقات السعودية الأمريكية

بعد استعراض الأحداث التي دفعت وسائل الإعلام السعودية لمناقشة العلاقات السعودية الأمريكية، وتحليل الأطروحات أو الأفكار البارزة في معالجتها لهذه العلاقات، وفهم العوامل المؤثرة في بنية الخطاب الإعلامي تجاهها، يمكن عرض أهم السمات العامة لهذا الخطاب، على النحو التالي: 

-         فيما يتعلق بمضمون الخطاب: فقد ركز في مجمله على عدة أطروحات، عمق العلاقات بين البلدين، وإنها علاقات تاريخية تمتد لأكثر من 75 عامًا، ومتنوعة في مختلف المجالات، وليست الاقتصادية فقط، وحتمية تؤكد أهمية كل من البلدين للآخر، وتستند لأساس المنفعة المتبادلة، ومستقبلها ليس محفوفًا بالمخاطر كما يصور البعض، بل هي في إطار من التوافق والانسجام بما يخدم مصالح البلدين.

-         فيما يتعلق بمفردات الخطاب: أي الكلمات المحورية البارزة في الخطاب، وجاءت في مجملها تؤكد قوة وعمق العلاقات بين البلدين، منها: راسخة، قوية، متينة، استراتيجية، تاريخية، متجذرة، متجددة، متطورة، حيوية.. إلخ. وهي في مجملها مفردات شكلت الأطروحات الرئيسية للخطاب سالفة الذكر.

-         فيما يتعلق باتجاه الخطاب: يلاحظ أن الخطاب اتسم بالطابع الموضوعي، الذي عرض لأبعاد العلاقات التي تربط بين البلدين دون تحيز لجانب على حساب آخر، بل وتطرق في جزء منه لتفنيد بعض المزاعم التي يرددها البعض بشأن وجود توتر بين البلدين، بل والرد عليها، في إطار عقلاني، يستند لأدلة وشواهد وأسانيد وبراهين تدلل على عمق العلاقات، وقوتها، من بينها الاستعانة بتصريحات لمسؤولين من الجانبين تبرز مكانة كل دولة لدى الأخرى.

-         فيما يتعلق بمرجعية الخطاب: فكانت المرجعية التاريخية هي الأبرز في الخطاب الإعلامي تجاه العلاقات السعودية الأمريكية، التي ظهرت في الاستشهاد مرات عديدة باللقاء التاريخي سالف الذكر، تلاها المرجعية السياسية التي برزت في سياق مناقشة موازين القوى في المنطقة العربية، ومكانة المملكة على وجه الخصوص، إضافة إلى المرجعية الاقتصادية التي برزت في سياق العلاقات التجارية بين البلدين.

-         فيما يتعلق بالقوى الفاعلة في الخطاب: أي الشخصيات المحورية الأكثر بروزًا في الخطاب الإعلامي الذي يتناول العلاقات السعودية الأمريكية، وهي: الملك سلمان- حفظه الله ورعاه ـ الذي أكد الخطاب سمات خطابه ـ أيده الله ـ  الحكمة في إدارة البلاد، والقيادة الرشيدة في إدارة المملكة، وسياستها الخارجية الرشيدة، بالإضافة إلى ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، الذي ثمن الخطاب دوره في دفع العلاقات السعودية ـ الأمريكية إلى الأمام، وإنه يصيغ حقبة جديدة من العلاقات والاتفاقيات تعلو فيها الامتيازات أعلى من سابقيها، إلى جانب عدد من المسؤولين السعوديين، كالوزراء وسفير المملكة في واشنطن.

ومن الجانب الأمريكي، كانت الشخصيات الأكثر بروزًا في الخطاب الإعلامي، الرئيس ترامب، تلاه الوزراء، وسفير الولايات المتحدة الأمريكية في المملكة، وأسند إلى أغلبهم صفة ترتبط بإدراكهم الجيد لمكانة المملكة، ودورها المهم والحيوي في الحفاظ على أمن واستقرار المنطقة ككل.

مقالات لنفس الكاتب