صدر عن مركز الخليج للأبحاث كتاب(الطاقة المتجددة في دول مجلس التعاون الخليجي: المصادر ، الإمكانيات، والآفاق) للمؤلفة إيمان الجريدي ، ويركز الكتاب على إبراز الدور المحتمل لمصادر الطاقة المتجددة في تركيبة الطاقة المستقبلية لدول مجلس التعاون الخليجي، حيث يتناول بالرصد والتحليل أهم المبادرات والسياسات الخليجية القديمة والقائمة في مجال الطاقة المتجددة ، مع إلقاء الضوء على القدرات الصناعية والبحثية التي تتمتع بها المنطقة في هذا المجال، مع إيلاء اهتمام خاص لتقنيات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، ويتناول الكتاب في ههذا السياق دراسة الدوافع والمتطلبات لنشر استخدام هذه المصادر وإدماجها المحتمل في قطاعات مختلفة كقطاعات توليد الكهرباء أو تحلية المياه أو المباني الخضراء. ويزخر الكتاب بالعديد من الحالات والدراسات العملية التي تصبو إلى أن تكون مرجعًا لمساعدة الباحثين في تكوين فهم شامل لقدرات وإنجازات دول مجلس التعاون في مجال الطاقة المتجددة ما من شأنه أن يعطي رؤى موضوعية حول القضايا الاستراتيجية للمنطقة في مجال الطاقة ويشجع على بلورة نماذج مستدامة، وتقول المؤلفة يقدم هذا الكتاب معلومات مفصلة وتقنية بامتياز ، الأمر الذي يسهل على الباحثين تكوين فهم دقيق حول مختلف المجالات التي يتناولها الكتاب بما فيها المجالات التي لا تتعلق باختصاصاتهم، وبفضل مقاربته المتعددة للاختصاصات يعكس مختلف التوجهات المتعلقة بموضوعاته من دون تحيز أو أحكام تاركا للقارئ حرية تكوين رأيه حول التحديات القائمة، وإمكانية تصور سبل معالجة الوضع الراهن.
وتقول المؤلفة أنه بالرغم من النظر إلى دول المجلس كمنطقة متجانسة إلا أن خصوصيتها بقضايا الطاقة المتجددة تستحق اهتماما خاصا ، لذا سيلاحظ القارئ أننا خصصنا فصلا مستقلا لكل واحدة من الدول الست ، مع أن المؤلف تطرق إلى الموضوعات العامة والمتشابهة بين دول المجلس، غلا أن طبيعة التحديات والفرص قد تختلف من دولة خليجية إلى أخرى.
ويناقش كل فصل من فصول الكتاب مجمل القضايا المتعلقة بأمن الطاقة وشح المياه وانبعاثات ثاني أسيد الكربون والبحث والتطوير ، كما يناقش الدراسات ذات العلاقة وسبل نشر تقنيات الطاقة المتجددة محليا ، وذلك بهدف إبراز مصادر الطاقة المتجددة وإمكانياتها وآفاق تطوير تقنياتها في الدولة التي يتناولها الفصل المخصص لها، وتساعد هذه المقاربة أيضا في إبراز تكاملية ومحدوديات مصادر المنطق، كما تظهر ما إذا كان المجدي أو المطلوب دمج أي تجارب إقليمية أو عالمية في كل واحدة من دول المجلس.
على مستوى المنطقة ، تعكس الخصائص المشتركة لدول المجلس الست ، نموًا اقتصاديًا متسارعًا ومتشابهًا بالإضافة إلى حقيقة أن هذه الدول الست تعتمد بشكل رئيسي على النفط والغاز في توليد الطاقة الكهربائية ، وإلى جانب الضغط المتزايد على احتياطياتها من موارد الطاقة الأحفورية يؤدي نمو الطلب على الكهرباء إلى تزايد انبعاث ثاني أكسيد الكربون، الأمر الذي يفاقم البصمة الكربونية القياسية المرتفعة لبعض دول المنطقة، وفي الواقع تبين أن توليد الكهرباء والحرارة الذي يغطي بشكل أساسي قطاعي الكهرباء وتحلية المياه ، هو أكبر مصدر أحادي للانبعاثات الكربونية في المنطقة، حيث كان مسؤولا بالمتوسط عن اربعين في المائة من اجمالي هذه الانبعاثات في عام 2009م، بينما تجاوز الخمسين في المائة في بعض دول المجلس.
وطالما استمر هذا الوضع ، فإن مشروعات الطاقة المستدامة بما فيها مشروعات الطاقة المتجددة ستظل غير مجدية ماليا في دول المجلس ، كما لن يؤثر في ابتكار أي ابتكار في العادات السائدة أو يتسبب في الانتقال إلى نظام جديد للطاقة، وبدلا من ذلك سيتمر هذا الدعم الحكومي في إبعاد العديد من القطاعات عن التطبيقات الممكنة لتقنيات الطاقة المتجددة مهما كانت مناسب.