array(1) { [0]=> object(stdClass)#13490 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 156

تحديات الأغنياء والفقراء في قمة العشرين

الأحد، 29 تشرين2/نوفمبر 2020

إلى ما قبل الأزمة المالية العالمية التي ضربت الاقتصاد العالمي عام 2008م، كانت تبدو المسافة واسعة بين الدول الغنية والدول الفقيرة حينما كانوا يطلقون على الدول الغنية دول الشمال الغنية ويطلقون على الدول الفقيرة دول الجنوب النامية، وكانت الدول الغنية تلتقي في نادي الدول الصناعية السبع، وكان أعضاء هذا  النادي من الأغنياء يشعرون أن ناديهم حصن منيع لا تقترب منه الأزمات والهزات المالية كما كانوا يعتقدون، وما أن ظهرت الأزمة المالية العالمية عام 2008م، استيقظ مجتمع الأغنياء على تلك الكارثة ووجدوا أنفسهم غير قادرين على مواجهة تبعات هذه الأزمة بمفردهم، ووجدوا الحل في توسيع دائرة هذا النادي وهدم أسواره ليضم دول أخرى غنية في وقت ظهرت فيه على المسرح الاقتصادي العالمي مجموعة من الدول النامية الواعدة وذات اقتصاديات ناشئة ولديها أسواق واسعة ومن هنا جاءت فكرة إنشاء مجموعة العشرين الأغنى في العالم لتضم الاقتصادات التقليدية والصاعدة معًا.

و هذه المجموعة عقدت القمة الأخيرة لها بالرياض في المملكة العربية السعودية في الثاني والعشرين والثالث والعشرين من شهر نوفمبر2020م، و جاءت تتويجًا لرئاسة المملكة لمجموعة العشرين للعام الحالي، وتناولت القمة  الكثير من قضايا ومشكلات العالم، خاصة أزمة جائحة كورونا و مشكلات الدول الفقيرة والنامية بعد أن سقطت الحدود الجغرافية أمام الأزمات الطارئة سواء الصحية، أو البيئية، أو الاقتصادية، أو قضايا الطاقة والتغير المناخي، وإن كانت جائحة كورونا العنوان الأبرز لهذه القمة حيث شغلت هذه الجائحة وتداعياتها الاقتصادية والصحية حيزًا كبيرًا من اهتمام القادة والمسؤولين التنفيذيين، والخبراء، وفي ظل بوادر انفراج هذه الأزمة بالإعلان عن اللقاحات التي تم اختبارها لمواجهة هذه الجائحة ركزت القمة على توفير هذه اللقاحات وتوزيعها  خاصة للدول الفقيرة.

 وإذا كانت حلول جائحة كورونا قد لاحت في الأفق، فكان على مجموعة العشرين الاهتمام بآثار وتداعيات هذه الجائحة على الاقتصاد العالمي، بل توجهت أنظار القمة إلى أبعد من ذلك وأولت اهتمامًا لما قد يحدث مستقبلاً  في حال ظهور جوائح جديدة أو أمراض مستجدة، وجاء في البيان الختامي للقمة "نلتزم بتعزيز إجراءات التأهب لمواجهة الجوائح العالمية الجديدة والوقاية منها واكتشافها والاستجابة لها، ونعيد تأكيد التزامنا بالامتثال الكامل للوائح الصحية الدولية (2005) وتحسين إجراءات تطبيقها بما في ذلك دعم قدرات الدول المحتاجة" وفي هذا النص مكاسب للدول الفقيرة والمحتاجة التي لن يتم تركها بمفردها لمواجهة الأمراض الفتاكة.

وجاء البيان الختامي للقمة في 38 بندًا ركزت على تبني سياسات مهمة ،وفي  مجالات مختلفة ومنها ما يتعلق بجوانب اقتصادية مهمة مثل مكافحة غسل الأموال، والاقتصاد الرقمي، والضرائب الدولية، ومكافحة الفساد، وقضايا التنمية المستدامة وإتاحة الفرص، والتوظيف، وتمكين المرأة والشباب، والتعليم، والهجرة والنزوح القسري، وقضايا البيئة  وتغير المناخ ، وقضايا الكربون والطاقة والزراعة والري، وغيرها من القضايا التي تهم جميع دول العالم دون استثناء سواء  كانت من دول مجموعة العشرين ، أو الدول النامية والفقيرة، خاصة أن الدول الفقيرة لا تمتلك القدرات على مواجهة هذه التحديات  بمفردها ، بل يتطلب التصدي لها العمل الجماعي وليس الفردي وقد يكون ذلك من أهم الدروس المستفادة من جائحة كورونا التي أثبت عجز الدول الكبرى عن مواجهتها، لذلك  كان من الضروري أن تتبنى دول مجموعة العشرين هذه الحزمة من المقترحات والسياسات، وإن كنا نعتقد أنه يجب تنفيذ هذه التوصيات من خلال جهاز أو أمانة عامة للمجموعة التي أصبحت منظمة عالمية  عليها مسؤوليات كبيرة تجاه نفسها وتجاه المجتمع الدولي ولا سيما أنها تمتلك أكثر من 70% من إجمالي الناتج العالمي، ومن الضروري أن توجد آلية تضمن تفعيل هذه الجهود بالمتابعة والتنسيق والرصد، ثم بالتعاون البناء والإيجابي بعيدًا عن الصراعات السياسية والحروب العسكرية والتناحر بين الدول الكبرى على بسط النفوذ والرغبة في الاستحواذ والسيطرة كما يبدو المشهد بين الولايات المتحدة الأمريكية من جهة، والصين من جهة أخرى، فهذا الصراع مؤثر جدًا على الدول الفقيرة التي لا ناقة لها ولا جمل في هذا الصراع بل تجني التأثير السلبي للاستقطاب، لذلك على مجموعة العشرين أن تفكر بمنأى عن الصراعات والحروب التجارية، وأن تضع مصالح الدول الفقيرة ومشاكل الإنسانية نصب أعينها لأنها سوف تتأثر بشكل مباشر بمعاناة الدول الفقيرة والأمراض والأوبئة وضعف معدلات التنمية وانكماش الأسواق والركود.

مقالات لنفس الكاتب