array(1) { [0]=> object(stdClass)#13616 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 157

القرن الإفريقي 2020 .. عام من التحديات والتهديدات

الثلاثاء، 29 كانون1/ديسمبر 2020

د. أميرة محمد عبد الحليم

كان عام 2020م، ملئ بالأحداث التي حمل بعضها مفاجآت غير سارة للعديد من شعوب العالم، فقد شهد هذا العام انتشار وباء قاتل سرعان ما تحول إلى جائحة لم تترك أحدًا من سكان الكرة الأرضية إلا وأصابته بالهلع والخوف من العدوى والموت، ولم تكن الدول الإفريقية بالطبع بعيدة عن هذا الوباء، إلا أن التحديات والتهديدات التي تواجهها هذه الدول لم يؤثر عليها انتشار جائحة كورونا، بل أن بعض الفاعلين استغلوا هذه الجائحة في تحقيق أهدافهم، لذلك كان لابد من أن تستمر الدول الإفريقية في معالجة التحديات المهمة التي تقف حائلا أمام تحقيق الاستقرار والتنمية في العديد من دول وأقاليم القارة، وكان إقليم البحر الأحمر ودوله في القرن الإفريقي من أكثر الأقاليم التي تركزت فيها التفاعلات خلال عام 2020م، سواء داخل دوله أو بين الدول بعضها البعض، فانفجرت بعض الصراعات الداخلية والإقليمية، وكذلك تصاعدت التهديدات الإرهابية، وما بين هذا وذلك حاولت بعض دول الإقليم تنفيذ خططها لتحقيق الاستقرار فوقعت الحكومة السودانية اتفاق سلام مع عدد من الحركات المسلحة لتنهى عهدًا من الصراع الداخلي، وتوصلت لاتفاق مع الولايات المتحدة الأمريكية تم بموجبه رفع اسمها من قائمة الدول الراعية للإرهاب .  

وأمام هذا المشهد الذي صاغته تطورات الأحداث في إقليم البحر الأحمر ودوله في القرن الإفريقي خلال عام 2020 م، يسعى التقرير الحالي إلى محاولة الوقوف على أهم التطورات التي شهدها هذا الإقليم خلال عام 2020م، وما يمكن أن يحمله العام القادم من تأثيرات على القضايا الرئيسية في القرن الإفريقي.    

ويمكن مناقشة تطورات القرن الإفريقي من خلال عدد من المحاور كما يلي:

أولا – انفجار الصراعات الداخلية والإقليمية    

شهدت منطقة القرن الإفريقي خلال عام 2020م، اندلاع بعض الصراعات الداخلية والإقليمية، فقد أدت الأزمة بين رئيس الوزراء الإثيوبي آبى أحمد وقادة الجبهة الشعبية لتحرير التيجراي إلى اندلاع صراع مسلح داخلي غير متوقع، كما تطورت الخلافات بين الصومال وجارتها كينيا لتصل إلى قطع العلاقات الدبلوماسية بين الدولتين في نهاية عام 2020م.

1-تصاعد الصراع الداخلي في إثيوبيا

مع اتجاه رئيس الوزراء الإثيوبي آبى أحمد لاستخدام القوة في مواجهة قادة إقليم التيجراى، وقيام جيش الدفاع الفيدرالي بعمليات عسكرية داخل إقليم التيجراى بدأت في الرابع من نوفمبر الماضي، دخلت الدولة الإثيوبية في مرحلة جديدة من الصراع الداخلي حيث أدت هذه الحرب التي لم تقتصر على مواجهة الميليشيات المسلحة التابعة للجبهة الشعبية لتحرير التيجراى إلى نتائج خطيرة في مسيرة السلام والتنمية التي أعلن عنها رئيس الوزراء الإثيوبي آبى أحمد منذ وصوله إلى السلطة في أبريل 2018م، كما فتح الطريق امام سيناريوهات كارثية على مستقبل الاستقرار في الدولة الإثيوبية التي تتميز بتعدد القوميات العرقية .

 حيث أدت هذه الحرب إلى نتائج خطيرة على الاستقرار الداخلي في إثيوبيا وكذلك دول القرن الإفريقي فقد تحول قومية التيجراى إلى قومية مضطهدة ومطاردة في الداخل والخارج الإثيوبي، تلك القومية التي ظلت تحكم البلاد لما يقرب من 27 عامًا ، بعد نجاحها في اسقاط نظام مانجستو الماركسي في عام 1991م، وتمكنت خلال هذه السنوات من ترسيخ وجود أفرادها في مفاصل الدولة وفى المواقع الرئيسية للسلطة، إلا أن الخلافات التي ظهرت بين قادة الجبهة الشعبية لتحرير التيجراى ونظام حكم آبى أحمد منذ وصوله للسلطة في ظل اتجاهه لعزل الكثير من قادة التيجراى من مناصبهم في الدولة في إطار أفكاره الإصلاحية ولمكافحة الفساد، وكذلك اتجاه رئيس الوزراء الإثيوبي إلى محاولة تغيير الأسس التي رسخها نظام حكم التيجراى عبر نظام الفيدرالية العرقية وتقسيم الدولة إلى أقاليم فيدرالية، من خلاله السعي إلى إعلاء قيم المواطنة وليس العرق في السياسات الداخلية الإثيوبية، وقام بتأسيس حزب الازدهار (PP) كبديل للجبهة الثورية الشعبية الديمقراطية للشعوب الإثيوبية، مما اعتبره التيجراى محاولة لهدم التوازنات التي اعتمدها قادة التيجراى وأكدها دستور 1994م، وتصاعدت الخلافات بين آبى أحمد وقادة التيجراى في أعقاب عقدهم للانتخابات الإقليمية في سبتمبر الماضي على الرغم من رفضه لها .

وعلى المستوى الخارجي، حملت المشاركة الإريترية ومساندتها للجيش الإثيوبي في عملياته في إقليم التيجراى والتي أكدت عليها العديد من التقارير، العديد من الإشارات الخطيرة على واقع العلاقات بين الجماعات العرقية في القرن الإفريقي وكذلك الدول، وخاصة في ظل منح دستور 1994م، حق تقرير المصير للقوميات الإثيوبية، ووجود تلميحات من قادة التيجراى حول إمكانية الانفصال عن الدولة الإثيوبية.

كما طرحت تدفقات اللاجئين التي خرجت هربا من العمليات العسكرية التي دارت رحاها في إقليم التيجراى ووصلت أعدادها إلى ما يقرب من 47 ألف واتجه غالبيتها إلى السودان، الكثير من الأعباء على عاتق دولة السودان، كما أعرب ستيفان دوجاريك المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة عن قلق المنظمة بشأن التأثر المحتمل على التجارة والاقتصاد والأمن الغذائي في جيبوتي نتيجة الصراع في إقليم تيجراى، لافتا إلى أن 85 % من التجارة عبر ميناء جيبوتي إما متجهة إلى إثيوبيا أو قادمة منها.

وعلى الرغم أن كينيا لا تعد من دول القرن الإفريقي إلا انها ترتبط بدوله التي تتواصل معها عبر حدودها مع ثلاث دول (إثيوبيا – الصومال – جنوب السودان) من خلال العديد من القضايا الأمنية والسياسية والاقتصادية، إلا أن اقدام دولتي الصومال وكينيا على قطع العلاقات الدبلوماسية يمثل تحدى خطير للاستقرار في منطقة القرن الإفريقي وكذلك في إقليم شرق إفريقيا ككل.

وشهدت الشهور الأخيرة توتر العلاقات الدبلوماسية بين الحكومتين الصومالية والكينية بسبب العديد من القضايا العالقة، ومن بينها النزاع حول الحدود البحرية بين البلدين. ووصلت العلاقات بين البلدين إلى حد القطيعة في 2019م، بعد أن قرر الصومال طرح حقول نفط وغاز في المنطقة البحرية المتنازع عليها في مزاد.

وأمام ذلك، استدعت نيروبي سفيرها في مقديشو في فبراير 2019م، متهمة جارتها بالاعتداء على سيادتها قبل أن تتجها إلى محكمة العدل الدولية.  وتفجرت الأزمة بين البلدين نهاية نوفمبر الماضي، على خلفية سحب الصومال سفيره من نيروبي محمود أحمد نور ترستن، واتهام الحكومة الصومالية لكينيا بالتدخل في الشؤون الداخلية للصومال وتحديدًا في انتخابات ولاية جوبالاند. 

ثانيًا – التهديدات الإرهابية والصحية خلال العام

لم يثن انتشار جائحة كورونا حركة شباب المجاهدين من القيام بهجماتها الإرهابية على القواعد والقوات العسكرية وكذلك الممتلكات العامة والخاصة والمدنيين، فقد حفل عام 2020م، بالعديد من الهجمات التي تبنتها الحركة الإرهابية، كما لم تسلم دول القرن الإفريقي من تفشي جائحة كورونا داخل دولها حيث تعد إثيوبيا الدولة الأكثر تأثرًا بالجائحة على مستوى منطقة القرن الإفريقي.

  • استمرار هجمات حركة شباب المجاهدين

على الرغم من تراجع ضحايا الإرهاب في الصومال خلال عام 2019م، استمرت حركة الشباب في استهداف المدنيين والقوات العسكرية والأمنية في دول القرن الإفريقي خلال عام 2020م، مع بروز عدد من الأحداث التي قد تساعد على فهم أعمق لظاهرة الإرهاب في شرق إفريقيا وما ينعكس على عمليات مكافحتها في القرن الإفريقي، فقد عقدت إثيوبيا اتفاق مع المخابرات الإسرائيلية في نوفمبر الماضي لمواجهة الإرهاب، كما ظهر دور واضح للمخابرات التركية في إطلاق سراح عاملة إغاثة إيطالية قامت حركة الشباب بخطفها منذ عامين.

 في 28 ديسمبر 2019م، قصفت حركة الشباب نقطة تفتيش بالقرب من مقديشو وخلف 85 قتيلاً بينهم قوات صومالية ومهندسين أتراك. وبالمثل، في 6 يناير 2020م، هاجمت حركة الشباب قاعدة عسكرية كينية بالقرب من لامو حيث قتلت الجماعة ثلاثة أمريكيين بعد أن استهدفت قاعدة عسكرية كينية تستخدمها القوات الأمريكية كمحطة خارجية. واعتبرت حركة الشباب هجوم "ماندا باي" تدبيرًا انتقامًا من المحاولة الأمريكية لتصنيف القدس عاصمة لإسرائيل. وزعم أن الهجوم نفذ بتوجيه وقيادة القاعدة.

وفي يونيو2020م، هاجمت حركة الشباب قاعدة عسكرية تركية في مقديشو، كما استهدفت حركة الشباب في أغسطس 2020م، فندق في مقديشيو مما أسفر عن مقتل أكثر من عشرة أشخاص ووقع هذا الهجوم بعد أيام فقط من مقتل 19 من الحراس والسجناء بعد أن حاول أفراد من التمرد الفرار من سجن مقديشو المركزي. كما هاجمت موقع عسكري في سبتمبر في منطقة جوبا السفلى بجنوب الصومال، وقتلت الحركة اثني عشر شخصًا بينهم جنود وضباط في أواخر شهر نوفمبر الماضي في هجومين منفصلين استهدفا، عائلة بأكملها وقوات من الشرطة العسكرية في الصومال.

وأودت الهجمات المتواصلة بحياة مئات الأشخاص، بمن فيهم صحفيون بارزون ومدافعون عن حقوق وسياسيون وزعماء دينيون ورجال أعمال، واتجهت وزارة الخارجية الأمريكية في نوفمبر 2020م، إلى وضع اثنين من كبار قادة حركة الشباب على قائمة الإرهابيين وهما، عبد الله عثمان محمد ويعرف أيضًا بكنية “المهندس إسماعيل”، وهو كبير خبراء المتفجرات في صفوف الحركة، ومعلم أيمن هو قائد جيش أيمن، الذي يعد وحدة تابعة للشباب تقوم بهجمات وعمليات إرهابية في كينيا والصومال. والمسؤول عن التحضير للهجوم الذي استهدف معسكر سيمبا في خليج ماندا في كينيا في يناير 2020م، والذي قتل فيه عنصر في الجيش الأمريكي ومتعاقدان أمريكيان.

ولإضعاف وجود الشباب، تعمل القوات الصومالية جنبًا إلى جنب مع قوات من حفظ السلام التابعة للاتحاد الإفريقي، والتي تشمل قوات من كينيا وجيبوتي وبوروندي وأوغندا وإثيوبيا. هناك أيضًا ما بين 650 إلى 700 جندي أمريكي في الصومال، معظمهم من قوات العمليات الخاصة، الذين يقاتلون حركة الشباب من مواقع استيطانية صغيرة إلى جانب القوات المحلية.

2 انتشار جائحة كورونا في القرن الإفريقي

على الرغم من أن دول القارة الإفريقية كانت الأقل تأثرًا على المستوى العالمي من انتشار الوباء القاتل (كوفيد 19) أو كورونا، إلا أن عوامل الضعف وتراجع مستوى الخدمات الصحية التي تعاني منها العديد من الأقاليم الإفريقية وخاصة منطقة القرن الإفريقي تثير المخاوف من فقدان السيطرة على الانتشار الواسع لهذا الوباء.

ومثل غيرها من الدول، لم تنجو دول القرن الإفريقي من انتشار جائحة كورونا، وكانت إثيوبيا في مقدمة هذه الدول حيث وصلت عدد حالات الإصابة إلى 118 ألف، والوفيات 1831، ويوضح الجدول التالي مدى تأثر دول القرن الإفريقي بانتشار جائحة كورونا.

جدول رقم (1)

يوضح عدد الإصابات بجائحة كورونا في دول القرن الإفريقي

الدولة

الإصابات

الوفيات

حالات الشفاء

إثيوبيا

118000

1831

99751

السودان

٢٢٢٦٥

١٬٤٠٨

12873

جيبوتي

٥٧٧٠

61

5635

الصومال

4662

124

3566

جنوب السودان

٣٢٢٢

٦٢

3043

 

إريتريا

741

صفر

572

 

 * الجدول من تصميم الباحثة

ثالثًا – جهود تحقيق السلام والمصالحة  

  شهدت دول إقليم البحر الأحمر على الجانب الإفريقي العديد من جهود تحقيق السلام والاستقرار فقد اتجهت الحكومة الانتقالية في السودان تنفيذ أهداف المرحلة الانتقالية، ونجحت في الاتفاق مع الولايات المتحدة على رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، كما شهد عام 2020م، عقد مفاوضات في جيبوتي بين الحكومة الصومالية وحكومة أرض الصومال.        

  • توقيع السودان اتفاق السلام مع الحركات المسلحة

مع التغيرات التي شهدتها السودان خلال العامين الأخيرين منذ انتهاء حكم نظام البشير وبداية عهد جديد تتطلع فيه القوى السياسية والشعب السوداني إلى بناء دولة حديثة تتمتع بالاستقرار،  وفق ما أقرته وثيقة الإعلان الدستوري من ضرورة إحلال السلام في البلاد ، اتجهت تحركات الحكومة الانتقالية إلى إعادة محاولات التفاوض وعقد الاتفاقات مع الحركات المسلحة (والتي اتجه اليها نظام البشير ولكنه فشل في استيعاب مطالب هذه الحركات)، ونجحت الحكومة الانتقالية في السودان في عام 2020م، في توقيع اتفاق للسلام مع عدد كبير من الحركات المسلحة، حيث استضافت عاصمة دولة جنوب السودان جولا في أغسطس الماضي احتفالات توقيع اتفاق السلام بين الحكومة الانتقالية في السودان وعدد من الحركات المنضوية تحت لواء " الجبهة الثورية " لاستعادة الاستقرار في منطقة جنوب كردفان والنيل الأزرق ودارفور  وتضمن هذا الاتفاق  ثمانية  بروتوكولات، تتعلق بالعدالة الانتقالية والتعويضات، وملكية الأرض، وتطوير قطاع المراعي والرعي، وتقاسم الثروة والسلطة، وعودة اللاجئين والنازحين .

ومن أبرز الحركات المسلحة الموقعة على الاتفاق حركة العدل والمساواة، بقيادة جبريل إبراهيم، وحركة جيش تحرير السودان، بزعامة مني أركو مناوي، الحركة الشعبية شمال، بقيادة مالك عقار، بجانب فصائل أخرى صغيرة منضوية في تحالف الجبهة الثورية. في حين غاب عن التوقيع كل من الحركة الشعبية لتحرير السودان -شمال بقيادة عبد العزيز الحلو، وحركة تحرير السودان بقيادة عبد الواحد محمد نور، حيث وجهت الحركتان انتقادات إلى الطريقة التي تدار بها المفاوضات. 

  • رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب

 في يوم 14 ديسمبر الماضي أعلنت السفارة الأمريكية في الخرطوم دخول إلغاء تصنيف السودان دولة راعية للإرهاب حيز التنفيذ اعتبارًا من (الاثنين 14 ديسمبر 2020م). وقالت السفارة، عبر حسابها الرسمي على موقع فيسبوك "انقضت فترة إخطار الكونجرس البالغة 45 يوما، ووقع وزير الخارجية إشعارا يفيد بأن إلغاء تصنيف السودان دولة راعية للإرهاب أصبح ساري المفعول اعتبارًا من اليوم ليتم نشره في السجل الفيدرالي".

كما أقر الكونجرس الأمريكي، في 11 ديسمبر مشروع قانون يدعم الانتقال الديمقراطي في السودان، ويشدد الرقابة على قوى الأمن والاستخبارات السودانية، ويتضمن تقييمًا لإصلاحات القطاع الأمني في البلاد من قبل الحكومة السودانية، كتفكيك الميليشيات، وتعزيز السيطرة المدنية على القوات العسكرية، وقد سمي هذا المشروع باسم «قانون الانتقال الديمقراطي في السودان والمساءلة والشفافية المالية للعام 2020»، وهو يحظى بدعم واسع من الحزبين الديمقراطي والجمهوري، لهذا فقد تم إدراجه ضمن مشروع التمويل الدفاعي الذي مرره الكونجرس بإجماع كبير من الحزبين، ويتحدث القانون عن مراقبة أموال الجيش والأجهزة الأمنية والعسكرية، وأصولها، وميزانيتها، والكشف عن أسهمها في جميع الشركات العامة والخاصة.

ويشمل النص وقف أي ضلوع لقوى الأمن والاستخبارات في الاتجار غير الشرعي للموارد المعدنية بما فيها النفط والذهب. إضافة إلى رسم وتطبيق خطة يمكن من خلالها للحكومة السودانية استرجاع أي ممتلكات أو أرباح للدولة تم تحويلها لحزب المؤتمر الوطني أو لأي مسؤول فيه، كما ينص المشروع على ضرورة المحاسبة على جرائم انتهاكات حقوق الإنسان واستغلال الموارد الطبيعية وتهديد العملية الانتقالية الديمقراطية في السودان.

فبعد سبعة وعشرين عامًا على قائمة الولايات المتحدة الراعية للإرهاب، أعلن الرئيس ترامب في أكتوبر الماضي، عبر Twitter، أنه تم أخيرًا إزالة تصنيف السودان كدولة راعية للإرهاب.

ويمثل هذا التحول مكسبًا سياسيًا كبيرًا للحكومة الانتقالية ورئيس الوزراء عبد الله حمدوك، حيث تعهدت هذه الحكومة منذ توليها السلطة بإزالة السودان من القائمة وإعادة تشكيل علاقة البلادة مع كل دول العالم. وهذا القرار يوفر للحكومة بعض الوقت لإعادة تنظيم بيتها الاقتصادي والوفاء بوعدها. وخاصة مع تجاوز معدل التضخم 200 % وانخفاض الجنيه السوداني إلى 262 مقابل الدولار (انخفاضًا من 82 عندما تولت الحكومة المدنية السلطة)، فإن الاقتصاد السوداني في حالة انهيار. حيث تنتظر السودان الكثير من الوعود الأمريكية من مساعدات تنموية وإنسانية إضافية تزيد قيمتها على مئات الملايين من مستويات المساعدات الحالية هذا فضلاً عن تعهد واشنطن بإشراك البنك الدولي وصندوق النقد الدولي لدعم وتسريع المناقشات بشأن إعادة هيكلة الدين الخارجي للسودان البالغ 65 مليار دولار، وتصفية أكثر من 3 مليارات دولار من المتأخرات، وخلق مسار لتخفيف الديون في إطار مبادرة البلدان الفقيرة المثقلة بالديون؛ مع  تخصيصات في موازنة 2021م، لحصة الولايات المتحدة من تخفيف أعباء الديون للسودان، والتي من المحتمل أن تزيد تكلفتها عن 300 مليون دولار؛ وكذلك  شطب السودان من قائمة الممنوعين من السفر والمشاركة مع الكونجرس بشأن تشريع السلام القانوني للسودان والذي من شأنه أن يحسم في المطالبات ضده من ضحايا الإرهاب ويوفر نهجًا منظمًا لمعالجة دعاوى ضحايا 11 سبتمبر المعلقة. 

وكان من الممكن أن تكون معظم هذه المساعدات قد اقرتها الإدارة الأمريكية بالفعل لأنها تعبر عن التزامها برعاية التحول الديمقراطي في السودان، وتجنب الانهيار المالي، وردع عودة الحكم العسكري. إلا أن إدارة ترامب تركت الحكومة الانتقالية تواجه مزيد من إحباط الشعب السوداني، واستعد الجيش للتدخل لتأمين صفقة نهائية إذا لم تفعل السلطات المدنية ذلك. (يُحسب لهم أن القادة المدنيين والعسكريين في السودان قد حافظوا إلى حد كبير على مناهجهم التكتيكية المختلفة وأظهروا انضباطًا كبيرا في صياغة موقف مشترك)، وفى المقابل قدمت الحكومة الانتقالية تنازلات بقبولها تطبيع العلاقات مع الكيان الإسرائيلي.

  • المفاوضات بين شطري الصومال

من اهم التفاعلات التي شهدها عام 2020م، سعى العديد من الشركاء الإقليميين والدوليين للتقارب بين دولة الصومال وجمهورية أرض الصومال (غير المعترف بها).

  فقد حاول رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في فبراير 2020م، إحياء مسار المفاوضات بين الجانبين، وتمكن من عقد اجتماع غير رسمي بين الرئيس فرماجو ورئيس جمهورية أرض الصومال بيحي عبدي على هامش القمة الإفريقية المنعقدة في أديس أبابا، وتم طرح مقترح لقيام رئيس الصومال بزيارة عاصمة أرض الصومال هرجيسا، على غرار الزيارة التي قام بها آبي أحمد إلى إريتريا في منتصف 2018م، وأنهت القطيعة الإثيوبية -الإريترية. لكن حكومة صوماليلاند رفضت استقبال الرئيس الصومالي قبل أن يعلن اعترافه بها دولة مستقلة. واستبعد رئيس صوماليلاند إمكانية إجراء أي محادثات مع الطرف الصومالي، ودعا المجتمع الدولي إلى الاعتراف باستقلال بلاده.

وخلال الفترة 14-18 يونيو 2020م، استضافت جيبوتي جلسة جديدة من المباحثات بين الجانبين بمشاركة رئيسي البلدين، وحضور الرئيس الجيبوتي ورئيس الوزراء الإثيوبي، والسفير الأمريكي في الصومال، ورئيس الهيئة الحكومية للتنمية (ايجاد)، وممثلين عن الاتحاد الأوروبي، إلا أن هذه المفاوضات لم تسفر عن نتائج جديدة لتحقيق التقارب بين الجانبين وتحقيق الاعتراف بجمهورية أرض الصومال، ولكن اتفقت الدولتان على مناقشة القضايا العالقة بينهما وتشكيل لجان لمعالجة هذه القضايا.

رابعًا -مستقبل التحولات في القرن الإفريقي

تواجه منطقة القرن الإفريقي العديد من التحديات والتهديدات التي تنبع من حالة الضعف التي تعاني منها غالبية دولها في ظل استمرار عوامل عدم الاستقرار الداخلي وكذلك الإقليمي، والتي ساهمت في عجز دولها عن الاستخدام الأمثل لثرواتها الطبيعية وكذلك موقعها الجغرافي حيث تطل هذه الدول (ماعدا إثيوبيا وجنوب السودان) على ممر مائي من أهم الممرات الحيوية بالنسبة للأمن والتجارة الإقليمية والدولية.

وتدفع الأحداث التي شهدتها منطقة القرن الإفريقي خلال عام 2020م، إلى الواجهة العديد من السيناريوهات المستقبلية التي تجمع بين الأمل في تحقيق الاستقرار في الإقليم والمخاوف من استمرار الصراعات والإرهاب بما يزيد من الأعباء التي تتحملها شعوب هذه المنطقة.

ومن أهم السيناريوهات التي يمكن استشرافها خلال العام القادم:

  • استعادة الاستقرار في إثيوبيا

في إطار الدور الذي لعبته إثيوبيا خلال العقدين الأخيرين في إقليم شرق إفريقيا وحمايتها وتنفيذها للمصالح والاستراتيجيات الأمريكية في هذا الإقليم، لن تترك الإدارة الأمريكية الجديدة إثيوبيا تسير في طريق التفكك أو الفوضى. ولذلك فمن المتوقع أن تعمل واشنطن وبمساندة بعض الشركاء الإقليميين على اقناع رئيس الوزراء الإثيوبي على إجراء عدد من الإصلاحات الداخلية لاستيعاب الغضب الشعبي، وكذلك للحد من تأثيرات الحرب في إقليم التيجراى على الدول المجاورة.

  • استمرار التهديدات الإرهابية خلال العام القادم

على الرغم من مرور أكثر من عقد على بروز وتصاعد التهديدات الإرهابية في منطقة القرن الإفريقي وإقليم شرق إفريقيا، إلا أن الجهود الوطنية والإقليمية والدولية لمكافحة الإرهاب لا تزال تحتاج إلى مزيد من التطوير وعدم التركيز على الأدوات العسكرية دون غيرها من الأدوات للحد من أنشطة الحركات الإرهابية.

كما أن المشكلات الاقتصادية والسياسية التي تعاني منها غالبية دول الإقليم تزيد من قدرات الحركات الإرهابية وخاصة حركة شباب المجاهدين من خلال عمليات التجنيد والتدريب والتمويل الذاتي والسيطرة المكانية على أراضٍ واسعة خاصة في الصومال التي لا تزال تعاني من فقدان الحكومة المركزية القدرة على السيطرة على كامل إقليم الدولة.

وتنتظر القرن الإفريقي أحداث كبيرة خلال عام 2021م، حيث تستعد قوات الاتحاد الإفريقي للانسحاب من الصومال لتترك مهام حفظ الامن والاستقرار للأجهزة العسكرية والأمنية الصومالية التي لا تزال في طور التشكيل والتدريب، وكذلك من المتوقع انسحاب القوات الأمريكية التي تستقر في الصومال لدعم الحكومة الصومالية في مواجهة حركة الشباب، وإعادة تموضعها في احدى الدول المجاورة للصومال مثل كينيا أو إثيوبيا.

  • الانتخابات الصومالية

كما ينتظر الصومال تحديًا جديدًا يحمل توقعات ومخاوف من تزايد التوترات الداخلية في هذه الدولة التي لم تصل إلى مرحلة الاستقرار منذ ما يقرب من ثلاثة عقود ، حيث تبرز العديد من الخلافات بين الحكومة الفيدرالية والمعارضة في بعض الولايات الصومالية، حول إجراءات وتشكيل مفوضية الانتخابات المزمع إجراؤها في فبراير 2021م، كما يتهم البعض الحكومة الفيدرالية بالتقارب مع قطر في ظل استمرار فهد ياسين (مراسل قناة الجزيرة في مقديشيو) في منصبه كرئيس للمخابرات الصومالية، كما يتوقع البعض الآخر أن يتم تزوير الانتخابات مما قد يفتح الطريق أمام الخلافات والأزمات في البلاد.  

مقالات لنفس الكاتب