array(1) { [0]=> object(stdClass)#12962 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 160

وضع خطة للتعامل مع أي كارثة في مفاعل بوشهر واتفاق دولي يضمن سلامة البيئة

الإثنين، 29 آذار/مارس 2021

تغطي هذه المقالة الآثار والمخاطر البيئية المحتملة للبرنامج النووي الإيراني على البيئة في منطقة الخليج العربي لدول مجلس التعاون الخليجي (مملكة البحرين ودولة الكويت وسلطنة عُمان ودولة قطر والمملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة). وتم ترتيب هذه المقالة بحيث تتناول أولاً نبذة سريعة حول البرنامج النووي الإيراني والوضع البيئي الحالي والمشكلات البيئية في منطقة الخليج العربي، ومن ثم إستعراض أهم المخاطر البيئية المحتملة للبرنامج النووي الإيراني وأخيراً وليس أخراً الخلاصة وأهم التوصيات.

أولاً: البرنامج النووي الإيراني

تم إطلاق البرنامج النووي الإيراني في خمسينيات القرن الماضي بمساعدة من الولايات المتحدة كجزء من برنامج (الذرة من أجل السلام). ويعتبر البرنامج النووي الإيراني هو ذلك التوجه القائم في إيران لإمتلاك عناصر القوة الشاملة بما فيها الفعاليات والأنشطة التي تقوم بها إيران في مجال امتلاك قدرات نووية يمكن أن تتحول في المستقبل لأغراض عسكرية وتحقيق طموح الهيمنة والنفوذ في المنطقة.

ويبدو جلياً عدد من الدوافع، بعضها معلن والبعض الآخر غير معلن، لسعي إيران لإمتلاك السلاح النووي، من أهمها الدوافع الاقتصادية حيث تؤكد إيران على أن برنامجها النووي يندرج في سياق الاستخدامات السلمية للطاقة الذرية مع التركيز على أن المفاعلات النووية التي تسعى إيران إلى بنائها سوف توفر حوالي 20 % من طاقاتها الكهربائية خاصة في ظل الزيادة السكانية العالية وخطط التنمية الاقتصادية.

وأيضاً الدوافع العسكرية فهناك إجماع على أنه يوجد دوافع عسكرية وراء البرنامج النووي الإيراني، وأن إيران تستعد من أجل مجابهة أية تهديدات محتملة في المستقبل سواء الإسرائيلية والأمريكية أو غيرها، كما تسعى لتعزيز دورها الاستراتيجي سواء في منطقة الخليج أو الشرق الأوسط.

أما بالنسبة لدول الخليج العربية فإن البرنامج النووي الإيراني يعتبر بمثابة تهديداً لها ليس فقط عسكرياً واقتصادياً بل بيئياً أيضاً. لذا نستعرض أولاً فيما يلي سريعاً الوضع البيئي الهش في منطقة الخليج العربي.

الوضع البيئي الراهن في دول مجلس التعاون الخليجي

تتميز دول الخليج العربية بمناخ جاف جداً ونباتات برية متناثرة هنا وهناك وتربة ضعيفة. وتُعَد أغلبية أراضي دول مجلس التعاون الخليجي صحراء قاحلة باستثناء الشريط الساحلي والسلاسل الجبلية. كما تفتقر المنطقة بصورة كبيرة إلى مصادر المياه والأراضي الصالحة للزراعة.

وتمثل دول مجلس التعاون الخليجي نموذجاً فريداً للتنمية، إذ مكنت عوائد النفط والغاز تلك الدول من القيام بعملية تنمية سريعة وإستثنائية في جميع مناحي الحياة. وقد غدت هذه الدول مركزاً لنشاطات مكثفة، إقتصادية وصناعية وعمرانية وسياحية ونشاطات بشرية أخرى. ومما لا شك فيه أن النشاطات المتعلقة بالنفط هي الدافع الرئيسي للتنمية في المنطقة، فاقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي تعتمد اعتماداً رئيسياً على عوائد قطاع النفط والغاز، التي تمثل ما بين 25 و56 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي لتلك الدول. إلا أن النسق الحالي لإنتاج النفط والغاز واستعمالهما في دول مجلس التعاون الخليجي، يؤديان إلى مشكلات بيئية حادة. فهناك مخاوف كبيرة من تسرب بقع الزيت والمخلفات الأخرى من الناقلات العملاقة ومن مصافي النفط ومحطات التوزيع والمجمعات البتروكيميائية في المناطق البرية والبحرية، وكل ذلك وغيره له تأثير سيئ في الموارد الطبيعية، ومنها ما يتعلق بتدهور التربة وفقد التنوع الحيوي وتلوث الهواء.

ويمكن تصنيف الأسباب والضغوط التي تؤدي إلى تدهور التربة في دول مجلس التعاون الخليجي إلى العمران والتصنيع، الرعي الجائر، الزراعة وقطع أشجار الغابات.

وتشمل العوامل الرئيسية التي تؤثر في التنوع الحيوي البري وتخريب البيئات الحيوانية والنباتية: الرعي الجائر، صيد الحيوانات البرية والاتجار بها، توسع الزراعة، إنتشار الأنواع العدوانية الغريبة الغازية والسياحة.

كما تتعرض المناطق الساحلية والبحرية في دول مجلس التعاون الخليجي لضغوط قاسية بسبب التطور السريع الذي شهدته المدن والمنتجعات والمشاريع الترفيهية فيها. وكانت بعض دول مجلس التعاون الخليجي قد قامت بتنمية شريطها الساحلي منذ مطلع التسعينيات. إضافة إلى هذه التنمية السريعة، فإن النشاطات المتعلقة بصناعة النفط تلحق أضراراً كبيرة بعناصر النظام البيئي المختلفة في المنطقة، مثل الشعاب المرجانية والطحالب وشجر المنغروف وكائنات بحرية أخرى.

ويمثل النقص الحاد في المياه العذبة في منطقة الخليج العربي تحدياً قديماً ومهماً يواجه سكان دول المنطقة وحكوماتها. وتؤدي ندرة الأمطار ومعدلات البخر العالية إضافة إلى الاستهلاك الكبير للمياه العذبة، إلى نقص حاد في تلك المياه في دول منطقة الخليج العربي.

وتتمثل الأسباب الرئيسية للطلب المتزايد على الماء في دول المجلس بالنمو السكاني والتوسع العمراني السريع، إضافة إلى الإسراف في استهلاك المياه سواء في المنازل أو في قطاع الزراعة. فهناك درجة عالية من التوسع العمراني في جميع دول المنطقة تصل إلى أكثر من 84 في المائة. ويراوح معدل استهلاك الماء في هذه الدول ما بين 300 و750 لتراً للشخص الواحد في اليوم، وهو معدل يصنف بين أعلى معدلات الاستهلاك في العالم.

كما شهدت دول مجلس التعاون الخليجي تحولاً جذرياً في العقدين الأخيرين من خلال المشاريع العمرانية والصناعية الواسعة النطاق، إذ زادت هذه المشاريع من الضغوط على نوعية الهواء، الذي يحتوي على نسبة عالية من الغبار بطبيعته. يضاف إلى ذلك، أنه بالنظر إلى هيمنة قطاع النفط والغاز، فإن دول مجلس التعاون الخليجي تُعَد من بين أكثر الدول مساهمة في انبعاث غاز ثاني أكسيد الكربون إلى الجو. وتأتي الضغوط الرئيسية على نوعية الهواء في المدن والتجمعات السكنية من محطات توليد الطاقة الكهربائية، ومن الصناعات المختلفة وقطاع النقل والمواصلات. هذا بالإضافة إلى المشكلات البيئية الأخري المرتبطة بإدارة النفايات الصلبة والخطرة والبناء....الخ.

ثانياً: الآثار البيئية للمفاعلات النووية.

بعد أكثر من سبعين عامًا على بداية توليد الكهرباء من الطاقة النووية، بدأ يأفل نجمها، وتتصاعد المعارضة ضدها خاصة بعد الكوارث الخطيرة التي تعرضت لها عدد من المنشآت النووية حول العالم وبدأت دول مثل ألمانيا في إغلاق كافة المفاعلات لديها وتتعهد بلجيكا وسويسرا وفرنسا وغيرهم بتخفيض تدريجي لمساهمة الطاقة النووية في الكهرباء بينما ترفض دول مثل أستراليا والنمسا وإيطاليا أن تبني أي مفاعلات نووية جديدة على أراضيها.

كارثة تشرنوبيل الروسية

هذه أسوأ كارثة نووية وبيئية في تاريخ البشرية. حيث تلوثت المنطقة المحيطة بالمفاعل بالكامل إشعاعياً ومات في الأسابيع الأولي للكارثة – وفق التقارير الرسمية -30 عاملاً أغلبهم من رجال الإطفاء والمستجيبين الأوائل، بالإضافة لتعرض 600 ألف شخص ممن شاركوا في عمليات الإخلاء أو الإطفاء أو التنظيف للإشعاع بأشكال مختلفة. كما تضررت مساحات شاسعة من بيلاروسيا وأكرانيا إشعاعياً كما رصدت الآثار الإشعاعية في جميع دول نصف الكرة الأرضية الشمالي.

كارثة مفاعل فوكوشيما اليابانية

أثارت الكارثة النووية في اليابان المخاوف والقلق في مختلف دول العالم، مما دفعها إلى إعادة التفكير في أمن وسلامة منشآتها النووية، وكيفية الحصول على مصادر جديدة للطاقة النظيفة من ناحية وكيفية تطوير سياساتها وإستراتيجياتها النووية مستقبلاً من ناحية أخرى.

ورغم فداحة الخسائر المادية والبشرية الناجمة عن زلزال اليابان المدمر الذي يعد من أعنف الزلزال التي ضربت اليابان حديثاً وموجات تسونامي التى أعقبته فإنه سرعان ما تحولت الأنظار بسرعة نحو خطر أشد وطأة يكمن في حوادث تسرب إشعاعات نووية من المفاعلات النووية.

ولا شك أن كل أزمة أو كارثة تقدم حزمة من الدروس، لعل أبرز ما قدمته كارثة شيرنوبل في روسيا ومن بعدها كارثة مفاعل فوكوشيما في اليابان أنهما جرس إنذار للمخاطر المرتبطة بالمحطات النووية سواء بسبب الزلازل أو الفيضانات أو غيرها.

البرنامج النووي الإيراني

تعهد البرنامج النووي الإيراني بتوفير 20000 ميغاواط من الطاقة النووية بحلول عام 2025م، ويؤثر تحقيق هذا الهدف الطموح على البيئة ويزيد من تكلفة التدهور البيئي في منطقة الخليج العربي كلها. فللطاقة النووية تأثيرات مباشرة على البيئة. حيث يؤثر تعدين اليورانيوم وتخصيبه على سبل العيش حول الموارد المائية ويضغط عليها. بالإضافة إلى ذلك تستهلك محطات الطاقة النووية كمية هائلة من المياه وترفع درجة حرارة المياه لموارد المياه المحيطة.

مفاعلات بوشهر

تعد دول مجلس التعاون الخليجي في مقدمة الدول التي سوف تصاب بالضرر المباشر جراء الأنشطة النووية الإيرانية، حيث يقع مفاعل بوشهر الذي يعد أحد أهم مرافق المشروع النووي الإيراني على بعد 280 كم من مدينة الكويت ويعتمد هذا المفاعل بصفة أساسية على تقنيات مستوردة من روسيا التي لا تملك عناصر الأمان النووي المضمونة.

عانت مفاعلات بوشهر، التي كانت قد شيدت قبل الثورة الإسلامية في إيران، أضراراً كبيرة كانت قد لحقت بها نتيجة للضربات الجوية التي تعرضت لها أثناء الحرب العراقية ـ الإيرانية. ونتيجة لهذه الأضرار، كان من الواجب على الإيرانيين غلق أحد المفاعلات نهائياً وتجديد المفاعلات. الا أنه تظل إمكانية تسرب الإشعاعات بسبب عيوب جوهرية في بناء هذه المفاعلات تظل أمراً محتملاً.

وستكون التأثيرات البيئية في منطقة الخليج العربي كارثية في حال تسرب إشعاعات من مفاعلات بوشهر، وذلك بسبب وجود عيوب في عملية بنائها أو في تصميمها الروسي. كما أن التأثيرات الكارثية لمفاعلات بوشهر، سواء أكانت نتيجة لأخطاء بشرية أم لعوامل طبيعية، لن تقتصر على إيران فقط، إذ إن أي نوع من التلوث الإشعاعي يمكن له أن يلوث كميات هائلة من المياه في هذه المنطقة.

إضافة إلى أن الرياح في الخليج العربي تهب في العادة باتجاه الجنوب؛ أي من إيران باتجاه دول الخليج العربي؛ لهذا فإن أي تسرب نووي سيحمل معه في نهاية الأمر تلوثاً إشعاعياً من إيران إلى الدول العربية الواقعة إلى جنوبها. كما أن الخليج العربي له خاصية فريدة تميزه عن غيره من الخلجان الأخرى في العالم، وهي أن تياراته المائية تجري بعكس إتجاه عقارب الساعة؛ وهذا يعني أن أي تلوث مائي تسببه تلك المفاعلات سيصل في نهاية الأمر إلى سواحل كلٍّ من الكويت والسعودية والبحرين وقطر والإمارات العربية المتحدة وعمان.

وسيكون للماء الملوث بالإشعاعات النووية المتسربة من المفاعلات النووية في جنوبي إيران، تأثيرات شديدة في التنوع الحيوي في الخليج العربي، إذ إنه سيسبب عدم توازن بيئي حاداً في بيئة تلك المنطقة. وستصبح المسطحات المائية والأسماك والنباتات والحيوانات الأخرى ملوثة بالمواد المشعة، حتى لو نجم ذلك التلوث عن حادث تسرب إشعاعي بسيط. وسيؤدي تلوث البيئة إلى زيادة كبيرة في معدلات فناء بعض الأنواع وإلى نقص حاد في عملية تكاثرها، إضافة إلى تشوهات جينية وراثية في النباتات والحيوانات المعرضة للتلوث الإشعاعي.

التلوث الحراري

من المعروف أن المفاعلات النووية تحتاج إلى تبريد وبالتالي تستخدم لهذا الغرض كميات كبيرة من الماء وهذا ما جعل أغلبية المحطات النووية تقام على شواطئ الأنهار أو البحار، أي بالقرب من مصدر مائي كما هو الحال في مفاعل بوشهر، وحقيقة الأمر هنا ينبع مكمن الخطر في عملية إعادة صرف الماء الساخن بعد استخدامه في تبريد المفاعل إلى المجرى المائي الأصلي حيث يكون هناك فرق واضح في درجات الحرارة بين كتلة الماء التي استخدمت في التبريد وبين بقية مياه المجرى الأصلي، وقد يصل الأمر بعد تكرار هذه العملية يومياً إلى رفع درجة حرارة المجرى المائي الأصلي بأكمله خاصة إذا كان هذا المصدر مقفل كما هو الحال في الخليج العربي. وسيؤدي هذا الارتفاع البسيط في درجة الحرارة إلى الإخلال بالتوازن البيئي من ثّم تضر كثيراً بحياة بعض الكائنات الحية التي تعيش في مياه الخليج العربي.

التأثير البيئي لسحب كميات هائلة من المياه وتسخينها وتفريغها وإطلاق الرواسب والنفايات في المياه المجاورة يسبب أضرارًا كبيرة في النظام البيئي المائي ويؤثر سلبًا على التنوع البيولوجي ونوعية المياه في تلك المجاري المائية.

النفايات والمخلفات النووية

بعد أكثر من سبعين عامًا من إستخدام الطاقة النووية لا يوجد حل للمخلفات النووية وستترك إرثاُ خطرًا للأجيال القادمة. فالعقبة الحقيقية التي تعاني منها التكنولوجيا النووية اليوم هي كيفية التخلص من النفايات النووية دون الإضرار بالبيئة، فيجب الحرص الشديد عند التعامل مع النفايات والمخلفات النووية من ناحية نقلها بعد انتهاء استعمال الوقود النووي اليورانيوم المستنفد الذي يحتوي على نسبة عالية من الذرات القابلة للانشطار، وهناك العديد من نواتج الانشطار المشعة التي بها قدر كبير من الحرارة والإشعاعات التي لها أثر كبير على المحيط البيئي وما به من كائنات حية سواء كانت حيوانية أو نباتية والإنسان الذي يعيش في هذه البيئة.

بينما تتراكم المزيد من المخلفات النووية، لا يوجد حل طويل الأجل في الأفق. هذه النفايات تكون مشعة أكثر بملايين المرات من وقود اليورانيوم "الطازج" وتبقى مشعة لآلاف السنين. لا يوجد في أي مكان في العالم مخزن طويل الأمد للمخلفات النووية عالية الإشعاع. ويتم الاحتفاظ بكميات المواد المشعة هذه ببساطة في أحواض سباحة مؤقتة وبراميل جافة تحت الأرض غالباً في جميع أنحاء العالم.

تشكل المخلفات المتراكمة خطرًا بارزًا يتمثل في التسرب الإشعاعي وتلوث البيئة. هناك العديد من سجلات حوادث المخلفات النووية التي تم التخلص منها بشكل غير صحيح أو معيب، أو ببساطة تم التخلي عنها أو سرقتها من مخزن المخلفات المؤقتة.

الانبعاثات الإشعاعية

تطلق محطات الطاقة النووية باستمرار انبعاثات إشعاعية بنسبة منخفضة في البيئة، ويختلف العلماء في تقدير الآثار الناجمة عن النسبة المنخفضة للإشعاعات المستمرة. وأظهرت الدراسات ومراكز منظمات الصحة العالمية والبيئة زيادة معدل الإصابة بالسرطان بين الذين يعيشون بالقرب من محطات الطاقة النووية.

واتضح أن التعرض الطويل للإشعاع على المدى الطويل ولو لكمية قليلة يصيب الأفراد بتلف في الحمض النووي الخاص بهم، هذا بخلاف الأثر على البيئة البرية والبحرية.

الكوارث النووية

كما أن أي حادث نووي لن يهدد بيئة الخليج العربي فقط، بل سيمثل تهديداً لإمدادات المنطقة من النفط والغاز الطبيعي. فالتلوث النووي يمكن أن يخترق حقول النفط ويسبب تلفاً دائماً لإمدادات النفط والغاز في كلٍّ من المملكة العربية السعودية، وقطر، والبحرين ، والإمارات العربية المتحدة والكويت. يضاف إلى ذلك أن لمعظم دول مجلس التعاون الخليجي شبكات من محطات تحلية مياه البحر على شواطئ الخليج العربي، وتُستخدم مياه الخليج بالتالي للاستهلاك البشري وللأغراض الزراعية. وبأخذ جميع هذه الأمور في الحسبان، فإن للمرء أن يتخيل حجم التأثير الكارثي في بيئة المنطقة حال وقوع أي حادث نووي.

أما الكارثة البيئية المحتملة الأخرى فيمكن أن تكون هزة أرضية في المنطقة، وما يترتب عليها من دمار قد يصيب مفاعلات بوشهر، ولا سيما أن إيران تقع على خط الزلازل الساكن حالياً والذي قد يصبح "نشطاً" في أي وقت من الأوقات وبالتحديد قرب موقع مفاعلات بوشهر.

في أي وقت يمكن أن يؤدي مزيج غير متوقع من الفشل التكنولوجي أو الأخطاء البشرية أو الكوارث الطبيعية أو الاستهداف العسكري إلى خروج المفاعل النووي عن السيطرة. وعلى كلٍّ فإن خطورة الحوادث لا تقاس فقط بقلة مرات تكرارها ولكن كذلك بجسامة تأثيرها. فآثار الحوادث النووية هائلة سواء من ناحية الدمار البيئي والإصابات والوفيات الناجمة عن الحادث، أو الأمراض المزمنة والسرطان، وتمتد لتشمل العواقب الاجتماعية والاقتصادية الجسيمة.  

بصفة عامة يمكن تلخيص أهم العواقب البيئية الخطيرة جداً للنشاطات النووية الإيرانية وتأثيراتها السلبية على بيئة الخليج العربي الإقليمية على النحو التالي:

  • تلوث الوسط المائي بسبب:
  • التلوث الإشعاعي الطبيعي.
  • الإشعاعات المتسربة نتيجة لحوادث الشحن.
  • الإشعاعات المتسربة نتيجة لعيوب في بناء المفاعلات النووية الروسية التصميم الإيرانية التشييد.
  • عدم وجود توازن بيئي بسبب تلوث المياه، وينجم عنه:
  • زيادة في فناء بعض الأنواع وتناقص في عملية تكاثرها.
  • تشوهات جينية وراثية في النباتات والحيوانات.
  • تلوث إمدادات المنطقة من النفط والغاز الطبيعي وربما تدميرها.
  • النفايات والمخلفات النووية.

ثالثاً: الخلاصة والتوصيات

بلا شك فقد اتضحت عيوب الطاقة النووية عبر الزمن فهي خيار عالي التكلفة وضار بيئياً وصحياً، والبدائل من الطاقة المتجددة أفضل منها خاصة في دولة مثل إيران التي تمتلك المقومات لتوليد الطاقة من المصادر التقليدية أو حتى المتجددة الصديقة للبيئة مثل الطاقة الشمسية.

مما لا شك فيه أن هناك صعوبة في تحديد أي من الاتجاهـات التي يمكن أن تسلكها الأزمة النووية الإيرانية في المستقبل، خاصة وأن تطوراتها لا تزال تتفاعل بشكل يمكن القول معـه إنها مفتوحة على كل الخيارات والاحتمالات. فإيـران تصر على حقها في تكوين قدراتها التكنولوجية النووية وتطويرها، بينما تعبر الغالبية العظمى من دول العالم الأخرى عن قلقها ومخاوفها الأمنية والبيئية من البرنامج النووي الإيراني.

لكن الحقيقة المؤكدة أنه لن ينجو النظام البيئي الهش للخليج العربي من الآثار البيئية للبرنامج النووي الإيراني. كما سيضع البرنامج النووي الإيراني ضغطًا إضافيًا خطيرًا على البيئة البحرية في الخليج.

لذا لابد أن يتم التعامل مع هذا التهديد البيئي من جانب دول مجلس التعاون الخليجي على اتجاهين:

أولهما هو وضع خطة للتعامل بفاعلية مع أي كارثة نووية أو تسرب نووي من مفاعلات إيران النووية خاصة تلك التي في بوشهر. إن وجود خطة عمل للطوارئ أمر حيوي للحد من التأثير الذي يمكن أن يسببه أي نشاط نووي في بوشهر.

وثانيهما هو أن تشمل المفاوضات النووية وأي اتفاق بين إيران والمجتمع الدولي على مكون بيئي جاد بين مواده يضمن حقوق البيئة في الخليج والتعويضات في حال حدوث أية أضرار.

مقالات لنفس الكاتب