array(1) { [0]=> object(stdClass)#12962 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 160

تهديد نووي ثلاثي للوطن العربي حالة استكمال المشروع النووي التركي

الإثنين، 29 آذار/مارس 2021

ينظر العالم بترقب إلى توجُهات الإدارة الأمريكية الجديدة بقيادة الرئيس الديموقراطي جو بايدين، مع محاولة ربط الوعود الانتخابية بالمائة يوم الأولى في سدة الحكم في البيت الأبيض منذ العشرين من يناير الماضي وحتى نهاية أبريل المقبل، والتي وعد فيها أن تعود أمريكا عظمى كما يجب أن تكون، مع معالجة فترة سلفه ترامب التي وصفها بايدن (بالفوضى) فأين يقع الملف النووي الإيراني في إطار عودة أمريكا العظمى، وهل يكون تلويح بالقوة، أم في إطار معالجة فوضى فترة ترامب فيكون العودة الى الاتفاق 5+1 الذي انسحب ترامب منه؟ أم العودة إلى الاتفاق مع تعديله وتلافي نقاط قصوره؟  وهذا ما سنتناوله.

محتويات المقال (خلفية تاريخية-ما قبل الاتفاق 5+1-خطورة استمرار الوضح الحالي -التهديد النووي المزدوج للوطن العربي -الخيارات الدولية والإقليمية حالة استئناف المفاوضات -هل تستطيع أمريكا أن تردع إيران وتكبح جماح إسرائيل -نحن العرب ماذا نحن فاعلون؟ )

أولاً: خلفية تاريخية مختصرة:  

لن نعود كثيرًا إلى الوراء حين كانت هناك علاقة متميزة بين الدولة الفارسية وبنى إسرائيل (إيران وإسرائيل الآن)عندما اجتاح البابليون أورشليم ودمروا هيكل سليمان ونهبوا وقتلوا وأسروا وشردوا فيما عُرف بالسبي البابلي، وبانتصار الفرس على بابل لاحقًا، عفوا عن بنى إسرائيل وخيروهم بين العودة إلى أورشليم أو البقاء وعاد من عاد ومعهم ما نُهب من المعبد، وبقى الكثير منهم وهو ما يوضح لنا لاحقًا كثرة القيادات الإسرائيلية من جزور فارسية، فهل ما نراه الآن بين الدولتين هو عداء مستحدث منذ ثورة الخميني عام 1979م، وتوجه حكم الملالي بالعداء تجاه إسرائيل، بينما على المستوى الشعبي قد يكون الأمر مختلفًا؟؟

ظلت إيران منذ قبل 1979م، وحتى اُسرة بهلوي، هي الشرطي الأمريكي القوى في منطقة الشرق الأوسط وظلت ركن المثلث للتحالف الأمريكي مع كل دول الخليج العربية النفطية وإسرائيل، قبل أن تحل مصر محل إيران بعد اتفاق السلام مع إسرائيل برعاية أمريكية. كما كانت إسرائيل تستورد كل احتياجاتها النفطية من إيران، لذلك تعرضت إسرائيل لأزمة نفطية كبيرة إبان حرب أكتوبر عام 1973م، عندما أغلقت البحرية المصرية مضيق باب المندب في وجه ناقلات النفط القادمة من إيران لقرابة خمسة أشهر ولحين فض الاشتباك بوساطة أمريكية واُممية.

كان التوجه الإيراني المبكر لامتلاك القدرات النووية له مبرراته، فقد خاضت حرب مريرة مع العراق 1980-1988م، انتهت بتوازن الضعف بين طرفيها، حيث كانت إيران تعانى من التقادم التسليحي الأمريكي ولم تنفتح بما يكفى على التسليح السوفيتي، حين إنهار الاتحاد السوفيتي مع بداية تسعينيات القرن الماضي، وقبل نهاية ذلك العقد توصلت باكستان الجارة المباشرة الشرقية لإيران إلى توازن نووي مع الهند التي انتصرت على باكستان في حربين سابقتين، ولكن امتلاك باكستان للقدرات النووية أعاد التوازن إلى شبه القارة الهندية رغم التفوق الهندي في الأسلحة التقليدية وبعض الأسلحة فوق تقليدية.

ومن هنا بدأت إيران في العمل بجدية أكبر في بدء مشروعها النووي بالتوازي مع باقي الأسلحة بالهندسة العكسية، مع المعاونة المحتملة القليلة من باكستان والمحتملة الكثيرة من كوريا الشمالية، ومع تفادى بناء مفاعلات ضخمة يسهل استهدافها كما تم من اٍسرائيل ضد المفاعل العراقي في (أوزيراك) قبل نهاية الحرب الإيرانية ــ العراقية، واستبدلت تلك المفاعلات بتكتيك وحدات الطرد المركزي تحت الأرض سوفيتية المنشأ لحمايتها من الضربات الجوية المعادية المحتملة.

ثانيًا: ما قبل الاتفاق النووي 5+1 عام 2015:

استفادت إيران من انشغال الولايات المتحدة بأزمة 11 سبتمبر 2001م، ثم من تبعياتها التي أدت إلى غزو العراق عام 2003م، ثم فوضى ما سمي بالربيع العربي منذ 2011م، لتمضي إيران قدما في إرساء وتطوير برنامجها النووي وتضع نصب أعينها تجربتين هامتين، الأولى هي التجربة الباكستانية الجارة والاعتماد على الذات بنسبة كبيرة مع وضع هدف الوصول إلى القدرات النووية كهدف استراتيجي يرقى إلى الغاية القومية، حتى إن العالم الباكستاني (عبد القدير خان ) الملقب بأبي القبيلة النووية وضع مقولة رئيس الوزراء ذو الفقار على بوتو " سنصل لهدفنا حتى لو أكلنا العشب وأوراق الشجر " نهجًا لبرنامجه حتى تحقق بالفعل، وهو نفس المسار الذى سارت وتسير عليه إيران..

والثانية هي التجربة الكورية الشمالية، التي اعتمدت على المراوغة والتخفي في مواجهة الهيئة الدولية للطاقة الذرية وكذلك الولايات المتحدة الداعم الأكبر لكوريا الجنوبية بما في ذلك تموضع قدرات نووية أمريكية بها، وصولاً إلى اتفاق 4+1 الذى حصلت كوريا الشمالية بمقتضاه على مميزات اقتصادية ومادية نقدية كبيرة، ورغم ذلك خدعت بيونج يانج الجميع واستمرت في برنامجها النووي العسكري بينما تحصل على كل مميزات الاتفاق، إلى أن كشفت الاستخبارات الأمريكية وأكدتها هيئة الطاقة الذرية، أن المفاعل الرئيسي لإنتاج الكهرباء لا تخرج منه أي هوائيات او كوابل!! وهو ما يتوافق مع السلوك الإيراني المراوغ حيث زادت منه لا حقا وخاصة بعد انسحاب الرئيس ترامب من اتفاق 5+1 عام م2018 .

بعد خلافات ومباحثات مضنية استمرت قرابة عشر سنوات وفى 14 يوليو2015م، في فينا تم التوصل إلى اتفاق 5+1 لتقليص برنامج إيران النووي مقابل رفع العقوبات الاقتصادية عن طهران، إلى أن أعلن ترامب في 8 مايو 2018 بانسحاب أمريكا من الاتفاق واصفا إياه (بالكارثي).

ثالثًا: خطورة استمرار الوضع الحالي:

لا شك أن استمرار وضع انسحاب أمريكا من الاتفاق النووي الإيراني وعودة العقوبات ضد إيران وبالتالي تنصلها من التزاماتها التي حددها الاتفاق، يشكل خطورة إقليمية ودولية لعل أشدها ضد الوطن العربي بشكل عام ودول مجلس التعاون الخليجي والعراق بشكل خاص، بصفتهم الجوار المباشر لإيران ومنافسيها في زعامة الخليج الذي تريد إيران الفوز به واحتكاره على المدى المستقبلي. وتبرز تلك الخطورة كالاتي:

 تهديد مباشر ومزدوج لدول مجلس التعاون والعراق:  

حيث يشمل التهديد النووي ذاته بالإضافة إلى التهديد الصاروخي، فالتهديد النووي يتصاعد منذ انسحاب أمريكا من الاتفاق وبالتالي تنصل إيران من التزاماتها التي أدت إلى زيادة النسبة المؤدية لتخصيب اليورانيوم عن تلك المسموح بها إنتاج الطاقة الكهربائية وبالتالي فإن الاستمرار في رفع نسبة التخصيب وزيادة درجة النقاء، سوف يقربها عدة خطوات من (العتبة النووية) ويساعدها على ذلك -وبدون رقابة -زيادة عدد وحدات الطرد المركزي كماً ونوعاً عما حدده الاتفاق 5+1 وكذلك زيادة كمية مخزون اليورانيوم المُخصًب.

 

أما التهديد الصاروخي الإيراني الذى لم يتم تحجيمه بالقدر الكافي وكان أحد أهم أسباب انسحاب الرئيس ترامب من الاتفاق، فإنه يمثل الطرف الثاني للتهديد المزدوج، حيث تمتلك إيران ترسانة صاروخية تعوض ضعفها في القوات الجوية التي تقوى تدريجيًا، كما أن تلك الترسانة الصاروخية متدرجة في المدى وفى قوة الرأس المُدمٍرة (الرأس الحربية) وبالتالي فإن لها استخدامًا مزدوجًا، الأول كصواريخ ميدان وباليستية ذات مديات قصيرة ومتوسطة وبعيدة، والاستخدام الثاني كوسيلة حمل للرؤوس النووية وتوصيلها للهدف، ليتبقى من تعريف قدرة الدولة النووية، البعد الثالث وهو (إرادة الاستخدام) وهى ما تملكها قيادة الدولة الإيرانية التي يغلب عليها المتشددون والمرشحون بنسبة كبيرة للفوز بالانتخابات القادمة، كما تنطبق إرادة الاستخدام أيضًا على كل من كوريا الشمالية و إسرائيل، أي الاشتراك في التهور وامكانية الاستخدام.

وتعكس منظومة الصواريخ الإيرانية، أن قصيرة المدى منها هي الأكثر عددًا، حيث تغطي كامل الساحل الخليجي العربي وعمقه الذي يغطي معظم الكثافة السكانية والاقتصادية وخاصة النفطية. وحيث أن تلك الأهداف المساحية المتسعة، تعوض ضعف دقة توجيه تلك الصواريخ البالستية وخاصة من طراز(سكود) المطوًر سوفيتي المنشأ. أما المدى التالي فيغطي معظم شبه الجزيرة العربية وأجزاء من مصر وإسرائيل، والمدى الأطول تحت التطوير والاختبار فيغطي كل الدول العربية الآسيوية وإسرائيل ومعظم مصر والسودان عبر البحر الأحمر.

 

رابعًا: المشروع النووي الإيراني والإسرائيلي، هل توازن نووي أم تهديد مزدوج للوطن العربي؟

لا شك أنه تهديد مزدوج للوطن العربي وقد يصبح تهديداً ثلاثياً حالة استكمال المشروع النووي التركي.  

 1-إسرائيل:  

بدأت مشروعها النووي مبكرًا بالتزامن مع قيام الدولة عام 1948م، وعقب الحرب العالمية الثانية التي أنهتها القنبلة الذرية الأمريكية وأنهت معها الصلف الياباني وعار بيرل هاربر بقنبلتي هيروشيما ونجزاكي (أول وآخر استخدام فعلي حتى الآن) في 6 و9 أغسطس عام 1945 لتستسلم اليابان دون قيد أو شرط كما سبقتها إيطاليا وألمانيا أقطاب المحور.

 كانت القنبلتان نتاج سنين عمل في معمل مانهاتن بنيويورك تحت الأرض لمجموعة من العلماء الأمريكيين معظمهم من اليهود بقيادة أينيشتاين، وهو ما يفسر بدء المشروع النووي الإسرائيلي مواكبًا لقيام الدولة التي اعتبرت نفسها مهددة بالفناء وسط بحر من العرب وتجاوزها قرار تقسيم فلسطين رقم 181 لعام 1947م، ولذلك أسست  للخيار (شمشون/سيمسون)وكانت على وشك الاستخدام خلال حرب أكتوبر1973م، وتحديدًا يوم 9 أكتوبر عندما نادت جولدا مائير للعالم (أنقزوا إسرائيل) ولو لم تهب أمريكا لنجدتها لكان الاستخدام الفعلي للسلاح الذري للمرة الثالثة محتملاً. ثم أضافت تل أبيب إيران لاحقًا إلى معادلة الفناء لدولة إسرائيل.

2-إيران:

كانت ذات علاقة جيدة مع إسرائيل حتى نهاية جلوس اُسرة بهلوي على عرش الطاووس، ولكن الموقف تغير كلياً تجاه إسرائيل بالإطاحة بحكم الشاه ووصول نظام (الملالي) إلى الحكم منذ عام 1979م، حيث بادرت إيران بإعلان توجهها وعدائها لإسرائيل، وربما كان جزء من ذلك التوجه لاجتذاب العرب وتعاطفهم وإذالة بعض قلقهم -وخاصة دول الخليج-تجاه الثورة الإيرانية الوليدة، بالإضافة إلى إعلان عدائها تجاه الولايات المتحدة حليفة وراعية إسرائيل وحليفة نظام الشاه سابقًا.

 حيث بدأت إرساء وتطوير برنامجها النووي -كما أسلفنا- ولكن الملفت للنظر أن العداء الإيراني تحول تدريجيًا تجاه الوطن العربي بشكل عام ودول الخليج العربي ومصر بشكل خاص، كما أصبح الأمر يبدو غامضًا تجاه إسرائيل، فمع حقبة الربيع العربي وبدء تصدع الدولة السورية، سارعت إيران بنجدة الحليف الشيعي العلوى في دمشق منذ يناير 2013م، حيث تغير الموقف الاستراتيجي الإيراني- الإسرائيلي، وبالتالي تغير موقف قواعد الاشتباك العسكري، حيث أصبحت قوات الصفوة الإيرانية من الحرس الثوري وقوات دعمها وإسنادها على خط التماس مع إسرائيل.

ولكن ما حدث كان العكس، فقد استهدفت إسرائيل القوات الإيرانية والقوات السورية المتداخلة معها، ولم نر أفعال أو ردود أفعال عسكرية إيرانية مناسبة، ليبدو للمحلل أن الهدف هو دعم النظام السوري الحليف وليس تحين الفرصة على مقربة من العدو الاستراتيجي الإسرائيلي كما سبق وأعلنت، ولكن يبدو ان إيران اكتفت بالتخطيط لحرب بالوكالة ضد إسرائيل من خلال حزب الله اللبناني بإمداده بعدد كبير من الصواريخ عبر الحدود السورية السائلة غير المسيطر عليها، وهو ذات الأسلوب الذى تتبعه إيران في حربها بالوكالة ضد السعودية باستخدام الحوثيين اليمنيين الشيعة عبر إمدادهم بالصواريخ و الطائرات المسيرة(الدرونز).  

3-تركيا:

لم تتضح معالم برنامجها وتوجهه بعد، حيث تم إبطاؤه وربما إيقافه في مرحلة سعي تركيا الدؤوب للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، ولكن يحتمل استئناف المشروع بعد فشل الانضمام إلى الاتحاد وكذلك توتر العلاقات مع الولايات المتحدة زعيمة الغرب وزعيمة منظمة حلف شمال الأطلنطي (ناتو) وكذلك توجهات تركيا العسكرية تجاه الوطن العربي سواء في سوريا أو ليبيا ومع تواجد قواعدها العسكرية في شمال العراق وقطر والصومال والمحاولة في السودان واستمرار احتلال الشمال القبرصي وأزمات غاز شرق المتوسط.

 

خامسًا: الخيارات الدولية والإقليمية المتاحة في حالة استئناف الاتفاق من عدمه:

سوف يكون هناك خياران، الأول حالة استئناف المفاوضات لاتفاق 5+1 المعدًل(مجازًا)، والخيار الثاني رفض استئناف المفاوضات لإرساء قرار جديد او معدل سواء كان الرفض من طرف واحد وهو إيران أو الولايات المتحدة وحلفاؤها في الاتفاق السابق، كما أن الاتفاق الجديد إن وجد، فهناك أطراف جديدة لم يتم  التشاور معها قبل الاتفاق السابق مما أوجد اعتراضًا وتأزمًا، وهو ما سيتم تلافيه بالتنسيق المسبق معها كما وعد الرئيس الأمريكي بايدين وهما بشكل خاص الدول العربية الخليجية- نيابة عن الدول العربية- بالإضافة إلى إسرائيل، وفى جميع الحالات سوف تكون هناك مجموعة من التحديات والعوائق يجب تجاوزها ،لأن النتائج أيا كانت طبقًا للاحتمالات، سوف تنعكس على الاستقرار النسبي للمنطقة لفترة زمنية ممتدة.

 

استئناف المفاوضات:

1-إيران:

أبدت في البداية رغبة العودة إلى المفاوضات بشرط رفع العقوبات الاقتصادية وحين أبدت الولايات المتحدة شيء من (حُسن النية )كما قال المحللون، عادت إيران لترفض وتفرض شروط مسبقة جديدة، فالإيرانيون يعلمون جيدًا أن المباحثات قادمة بنسبة كبيرة، ويريدون أن البداية من منصة مفاوضات بعيدة، المفاوضات السابقة والمراوغات التي استغرقت سنين تشهد على ذلك، ولعلنا نذكر آخر خمسة عشر يوماً منها في فينا من عمل متصل ليل نهار للوصل إلى اتفاق في موعد محدد اختاره الرئيس الأسبق أوباما وانتظر النتيجة من وزير خارجيته جون كيري، وقد تكون بعض النقاط لم تكتمل بشكل جيد مثل منظومة الصواريخ الإيرانية.

 

كما تحاول إيران التقليل من آثار العقوبات الاقتصادية وتتباهى بما أسمته (اقتصاد المقاومة) -والحقيقة أن معظمه تهرب وتحايل-الذي نفذته منذ عام 2011 م، وعقوبات الأمم المتحدة منذ عام 2012م، وحتى اتفاق 5+1 عام 2015م، ولكن الأرقام تعكس معاناتها فقد انخفض ناتجها المحلى الإجمالي بنسبة 20% والصادرات بنسبة 200% منها 600.000 برميل نفط/يوم كما زاد التضخم إلى نسبة 40% وهو ما ورد من الباحثة المتخصصة في الشؤون الإيرانية الدكتورة هدى رؤوف.

2-إسرائيل:

   ترفض إسرائيل العودة إلى اتفاق 5+1 حتى ولو تم تعديله وتقول إنها فقط ستقبل باتفاق جديد يتم التنسيق له مسبقًا معها بواسطة الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين، بما يمنع إيران من المضي قدمًا في برنامجها السلمي مع قدرتها على الالتفاف وتحويله إلى برنامج عسكري مسترشدة بتجربة كوريا الشمالية كما أسلفنا.

وهذا ما هاتف به رئيس وزراء إسرائيل نتنياهو الرئيس بايدين في 17 فبراير الماضي ثم عقد في اليوم التالي مع قياداته وكان يبدو محبطًا ومنفعلاً حيث قال موجهًا حديثه إلى إيران " لن نسمح لنظام الملالي (الواهم ) بالقضاء علينا وتدمير نهضة الشعب اليهودي بعد آلاف السنين من الأجيال المتعاقبة " هذا وقد جاء رد إيران في سياق التصاعد على لسان على خامنئي حيث قال " هذا (المهرج) الصهيوني دائمًا ما يصرح بأنه لن يسمح لإيران بتملك السلاح النووي، بل إذا أرادت إيران أن تمتلك فلن يستطيع هو ومن هو أكبر منه منعها " في إشارة إلى الولايات المتحدة.

حفلت المرحلة منذ انسحاب أمريكا من الاتفاق في 2018م، بأعمال عدائية إسرائيلية / إيرانية متبادلة بعضها تم الإعلان عنه والبعض لم يعلن عنه طبقًا لتكتيك إعلامي مخطط، فإسرائيل يحتمل أنها قامت باستهداف مواقع نوعية ذات علاقة بالمشروع النووي داخل إيران، ويحتمل تورطها في اغتيال العالم النووي الإيراني (فخري زادة) مع استهداف بعض سفن النفط الإيرانية المتجهة على مقربة من سواحلها في طريقها إلى سوريا، مع الادعاء بتلوث شواطئها، وربما يكون التلوث نتيجة إعطاب بعض تلك السفن ليكون عصفورين بحجر.

أما إيران فقد استهدفت إحدى السفن الإسرائيلية في مضيق هرمز، وينتظر أن يزيد هذا الاستهداف مستقبلاً مع زيادة حركة السفن الإسرائيلية من وإلى موانئ الإمارات والبحرين بعد تطبيع علاقتيهما مع إسرائيل.

 

3-الدول العربية وخاصة الخليجية:

 تُبدى انزعاجاً شديداً نتيجة تهديد أمنها القومي وتريد أن يكون لها دور فعال بالتنسيق المسبق معها وخاصة من قِبَل الولايات المتحدة حيث تم تجاهلها في الاتفاق السابق مما أتى به معيبًا، وتريد تلافي تلك العيوب، وما ذاد عليها من خلل منذ عام 2018م، حيث تخلت إيران عن التزاماتها مما يقربها أكثر من العتبة النووية.

 

حالة عدم الوصول إلى اتفاق:

لن يكون لدى التحاف الدولي بقيادة الولايات المتحدة ضد إيران سوى خيارين، الأول وهو الأكثر احتمالاً، بالعودة إلى العقوبات الاقتصادية ولكن بشكل أكثر تشديدًا مع مشاركة الأمم المتحدة فيه بمجال أوسع من ذي قبل. أما الخيار الثاني الأقل احتمالاً فهو الخيار العسكري ضد إيران من خلال تحالف محدود تقوده الولايات المتحدة ويضم بعض الحلفاء الغربيين وبعض العرب وإسرائيل.

 

سادسًا: هل تستطيع الولايات المتحدة أن تردع إيران وتكبح جماح إسرائيل وتبعد روسيا:

إن الخيارات صعبة أمام الولايات المتحدة تجاه تلك الأطراف الثلاثة كالآتي:  

1-  فتجاه إيران:  فقد أبدت الولايات المتحدة (حسن النية) حيث قوبل ذلك بالتعنت الإيراني مما رفع سقف الأزمة من درجة التنافس إلى درجة التحدي، وهو ما سيدعو أمريكا وأعضاء 5+1 إلى مزيد من الضغوط على إيران لقيادها إلى مائدة المفاوضات، بينما إيران تقول إن أمريكا هي التي انسحبت من الاتفاق، ويشجع إيران على(المماطلة) أنها منذ انسحاب أمريكا عام 2018م، استطاعت زيادة كمية ودرجة نقاء اليورانيوم المخصب مما يقربها من العتبة النووية- كما أعلن أحد خبراء هيئة الطاقة الذرية- وقال إن إيران تستطيع أن تصل إليها خلال عام ونصف وخاصة مع زيادة وحدات الطرد المركزي، لتجلس إلى الطاولة حينئذ وهى في موقف قوة. ليفرض السؤال المهم نفسه. هل تسمح الولايات المتحدة بذلك؟ وهو ذات السؤال الذي توجهه إسرائيل إلى الولايات المتحدة.   

 

2-تجاه إسرائيل: كما أن موقف أمريكا صعب تجاه إسرائيل أيضًا، للإجابة على سؤالها السابق، وتُلح إسرائيل على العمل العسكري ضد إيران مشاركتها مع التلويح بالعمل المنفرد إذا لم يصل التحالف إلى ذلك، ويتضح أن إسرائيل لم تقم بأعمال عدائية ضد إيران خلال سريان إتفاق5+1 مقابل ما قام به الرئيس السابق ترامب من مِنَح و(رشاوي)لإسرائيل من خلال الجولان والقدس، فهل لدى الرئيس بايدن ما يمنحه؟

 

3-تجاه روسيا: تعرف الولايات المتحدة أن روسيا الاتحادية خلف معظم المشروعات والمحطات النووية السلمية في منطقة الشرق الأوسط بما فيها إيران، وأنها الوجهة الأكثر احتمالا لدول المنطقة التي تسعى إلى ذلك، وأنها المُورٍد الرئيسي لوحدات الطرد المركزي الإيراني لتخصيب اليورانيوم تحت الأرض، كما إن روسيا طبقًا للاتفاق السابق هي المسؤولة بالتنسيق مع هيئة الطاقة الذرية عن مخزون اليورانيوم المخصب. فهل يمكن أن توافق على الخيار العسكري؟ بالتأكيد الإجابة ستكون (لا).

 

4-يتبقى السؤال الكبير.. ماذا عن الخيار العسكري الأمريكي ضد إيران؟  

فرغم  محدودية فرصته التي تقترب من العدم، فإن الإجابة على هذا السؤال الكبير، هي مزيد من الأسئلة الفرعية دون إجابة محددة مما يعقٍد الموقف، فهل يتم من خلال تحالف محدود قد يضم (بعض الدول الغربية-إسرائيل- الدول الخليجية- بعض الدول العربية) وليس على غرار تحرير الكويت بل أقرب لغزو العراق دون غزو، وخارج نطاق الأمم المتحدة ومجلس الأمن لتوقع رفض روسيا والصين، وهل سيتم بكثافة جوية وصاروخية ضد البُنى التحتية النووية فقط أم يمتد إلى كل القدرات والبُنى التحتية العسكرية، وهل تستعد إيران بشراء المزيد من عناصر الدفاع الجوي الروسية المتطورة مثل إس ـإس 400 لمجابهة تكنولوجيا الهجوم المتطورة للغاية من طائرات وصواريخ ذكية ومتعددة ؟ مع خيار (عليا وعلى أعدائي) بإطلاق المواد المشعة لتحملها الرياح تجاه الوطن العربي وإسرائيل وستكون أشد كثافة وتأثيرًا على دول الخليج العربية المتاخمة، وليست مأساة تشرنوبل واليابان ببعيدة.   

 

 خاتمة: نحن العرب، ماذا نحن فاعلون تجاه ذلك التهديد النووي المزدوج؟

يتضح مما سبق صعوبة الموقف والخيارات العربية، فإما العودة إلى اتفاق معدل يمكن لإيران أن تلتف حوله اقتداءً بكوريا الشمالية، وبافتراض إذالة ما أنتجته ونقًته خلال فترة نقض الاتفاق، وإما الحرب عليها بتبعاتها السلبية السالفة، ليتبقى خيار التوازن النووي الثلاثي، العربي الإسرائيلي-الإيراني، بدءاً بتوازن عربي خليجي مع كل من إيران وإسرائيل التي تردد دائمًا إن مشروعها النووي لحماية بقائها وأمنها القومي، وسنستعير من إسرائيل تلك المقولة، إن المشروع العربي لبقاء وحماية الأمن القومي العربي.

مقالات لنفس الكاتب