array(1) { [0]=> object(stdClass)#12962 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 163

مجلس التعاون الخليجي والأمن العربي الشامل

الثلاثاء، 29 حزيران/يونيو 2021

التجربة الوحدوية الخليجية هي التجربة الوحيدة الناجحة في المنطقة العربية ،  حيث  استطاعت البقاء  رغم العواصف والأنواء وها هي تحتفل الآن بمرور 40 عامًا على تأسيسها، وتقف أسباب منطقية وراء النجاح الخليجي، وأخرى وراء فشل باقي المحاولات العربية... النجاح تحقق للتجربة الخليجية كونها جاءت ضرورة حتمية لدول تشترك في كثير من المقومات والمنطلقات والأهداف وأسلوب الحياة والأنظمة السياسية، وتواجه جميعها المخاطر والتحديات نفسها، ولم تأت هذه التجربة لتحقيق طموحات فردية، أو أمجاد لزعامات بعينها، أو ترجمة لشعارات فضفاضة، ولم ترتكز على أيدولوجيات تطمح لتحقيق غايات معينة، أي توفرت لها منذ البداية مقومات نجاحها، بينما حملت المشروعات العربية الوحدوية الأخرى بذور فشلها لأسباب معروفة.

التجربة الخليجية جاءت في البداية كضرورة أمنية في منطقة ملتهبة وتقع في مرمى أطماع قوى متعددة، فهذه المنطقة الغنية بالثروات الطبيعية وفي مقدمتها النفط، كان أكثر دولها حديثة الاستقلال، و لم يتعد أكثر من عشر سنوات على استقلال أكثرها وكانت هذه الدول تواقة للاستقرار والتقارب فيما بينها تلبية لرغبة شعبية عارمة.

وإن كان الهاجس الأمني هو هدف إنشاء هذا المجلس لكن سرعان ما تقدمت المصالح الاقتصادية التي صدرت بشأنها عشرات القرارات في القمم الخليجية للزعماء الخليجيين والاجتماعات الوزارية النوعية، وتحققت بالفعل نتائج ملموسة، وتسعى الدول الخليجية جاهدة لاستكمال بقية الطموحات التي تصبو إليها شعوبها لتحقيق التكامل المنشود من سوق مشتركة وعملة موحدة وغير ذلك.

وأعلن المجلس منذ بداية تأسيسه أنه مكمل للعمل العربي الجماعي تحت راية الجامعة العربية، ورحبت الجامعة بقيامه باعتباره أحد روافد العمل العربي المشترك، وبالفعل كان المجلس خير رافد لدعم الدول العربية التي تضررت من تبعات ما يسمى بثورات الربيع العربي التي أهدرت مقدرات عربية كبيرة ما أحوج العرب إليها في هذه الفترة التي تشهد تنامي نفوذ ودور قوميات أخرى مجاورة للوطن العربي ومنها إيران، وتركيا، وإثيوبيا، وإسرائيل.

وقد نجح المجلس بأدوات خليجية دون تدخلات خارجية من العودة إلى الجادة بعد سنوات قليلة من الخلاف الداخلي حول أسباب مؤقتة اختفت بعد قمة المصالحة الخليجية التي استضافتها مدينة العلا في السعودية وعادت المياه إلى مجاريها، وتجربة المصالحة الخليجية يجب أن تنعكس على العمل العربي المشترك تحت سقف جامعة الدول العربية حيث تم إذابة الخلافات العالقة بين ثلاث دول خليجية ومصر من ناحية، وبين دولة قطر من ناحية أخرى وهذه الدول مجتمعة هي قاطرة العمل العربي المشترك في هذه المرحلة، وإذا التقت الإرادة مع بقية أعضاء الجامعة العربية يمكن تفعيل العمل العربي المشترك لتلبية أحلام وطموحات الشعوب العربية من المحيط إلى الخليج، وتكون الاستفادة على أكثر من صعيد ومنها:

ــ الاستفادة من القدرات الاقتصادية العربية المتنوعة والمزايا النسبية لكل دولة ليقوم الاقتصاد العربي على التكامل لا التنافس وتوجيه الاستثمارات للوجهة الصحيحة.

ــ توفير الغذاء بما يحقق واحد من أسس الأمن القومي العربي حيث توجد دول عربية لديها فائض من الأراضي الصالحة للزراعة وتنقصها الاستثمارات فقط.

ــ حفظ وصيانة الأمن القومي العربي والتصدي للاختراقات الخارجية ومواجهة الإرهاب، حيث أخطر ما يواجه الدول العربية هو استهداف دول الجوار الإقليمي للأمن العربي، فالخطر النووي القادم من إيران يهدد منطقة الخليج، إضافة إلى ما تمارسه إيران من سياسات تهدد استقرار المنطقة بكاملها وتدخلها في الشأن الداخلي للدول العربية في اليمن ،والعراق، وسوريا، ولبنان، وكذلك ما تقوم به تركيا وهي تستعد للتخلص من تبعات اتفاقية لوزان الثانية التي تنتهي عام 2023م، وتطمح في استعادة إرث الدولة العثمانية على حساب الدول العربية، إضافة إلى الخطر القادم من العمق الإفريقي وصراع المياه بين مصر والسودان من جهة وإثيوبيا من جهة أخرى، وكذلك ضرورة تأمين المنطقة من خطر الإرهاب .

ولذلك، يجب أن تدعو جامعة الدول العربية ومجلس التعاون الخليجي إلى مؤتمرات وورش عمل فنية متخصصة بمشاركة مسؤولين وخبراء لرسم سياسة لمستقبل المنطقة العربية على ضوء الاحتياجات والتحديات والتهديدات ووضع استراتيجية مستقبلية متكاملة تكون بمثابة خارطة طريق عربية لخمسين سنة قادمة في شتى الجوانب مع ضرورة تحديد أولويات مواجهة المخاطر والتحديات مع وضع تعريف دقيق لها على مستوى الأقاليم العربية والمنطقة كاملة، وتوفير الاحتياجات العربية وأن يقوم ذلك على المصالح وتبادل المنافع لا العواطف والشعارات.

مقالات لنفس الكاتب