array(1) { [0]=> object(stdClass)#13440 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 163

التعاون الخليجي ـ العربي يحقق الاستقرار والرفاهية والأمن الجماعي

الثلاثاء، 29 حزيران/يونيو 2021

تحتل دول مجلس التعاون الخليجي مكانة حيوية في الأمن القومي العربي، فهي تحتل موقعًا استراتيجيًا مهمًا تشرف على خطوط التجارة الدولية مضيق هرمز في الخليج العربي والبحر الأحمر الذي يربط أوروبا وإفريقيا وآسيا من خلال قناة السويس، كما أن دول المجلس لديها احتياطي البترول والغاز الطبيعي ويتدفق البترول إلى آسيا الصين واليابان وأوروبا، فهي تتوفر لها الثروة والموقع الاستراتيجي والتجانس السكاني، فدول المجلس متجانسة العادات والتقاليد والأنظمة السياسية، ولذلك فإن مجلس التعاون الخليجي أول تكتل في الدول العربية يحقق نجاحاً رغم بعض الخلافات السياسية أحيانًا بين أعضائه، وقوة المجلس أن خلافاته تحل من داخله، ولذلك يسهم المجلس في الأمن القومي العربي بدوره السياسي والاقتصادي في العلاقات العربية من خلال الاستثمارات والمساعدات الاقتصادية وحمل القضايا العربية والدفاع عنها والوساطة في الخلافات العربية كما حدث في لبنان والسودان والصومال ودعم استقرار الدول العربية.

الأمن العربي –الخليجي: اعتماد متبادل استراتيجي

 وإذا كانت دول المجلس تتميز بالأهمية الاقتصادية والاستراتيجية، فالأمن القومي العربي مترابط ومتداخل، فأمن الخليج العربي مرتبط بأمن الدول العربية كما يرتبط أمن الدول العربية بالأمن الخليجي، فهناك تداخل استراتيجي واعتماد متبادل استراتيجي، فتماسك النظام الإقليمي العربي له انعكاساته على أمن الخليج خاصة والأمن العربي عامة، وضعف النظام الإقليمي العربي شجع القوى الإقليمية للتدخل في المنطقة العربية، كما يحدث التدخل الأجنبي في سوريا والعراق وليبيا وهي دول محورية في الأمن القومي العربي ولها دور في أمن الخليج في فترات سابقة، فقد كان العراق البوابة العربية لمواجهة إيران ، وسوريا كان لها دور في فترات سابقة في المساهمة بأمن الخليج كما حدث عند الاحتلال العراقي للكويت 1990م.

وعندما تأسست الجامعة العربية عام 1945م، تم توقيع اتفاقية الدفاع العربي المشترك عام 1950م، ورغم عدم تفعيلها بشكل رئيس  إلا أن الدول العربية كان لها دور مشترك في القضايا العربية، فقد كان شعار من المحيط الهادر إلى الخليج الثائر على مستوى الوطن العربي لاستقلال بعض دول المجلس عام 1971م،  ودخولها الجامعة العربية، كما أسهمت دول المجلس بالدعم المالي للدول التي تعرضت للعدوان الإسرائيلي في حرب 1967م، وكان موقف السعودية حاسمًا في مؤتمر الخرطوم بإنهاء الخلافات العربية والدعم المالي لدول المواجهة وفي حرب أكتوبر 1973م، استعملت المملكة العربية السعودية سلاح البترول ضد الدول المؤيدة للعدوان الإسرائيلي، حيث تم تخفيض الإنتاج ورفع أسعار البترول للضغط على الدول الغربية وخاصة الولايات المتحدة، كما أرسلت مصر عام 1990م، عندما احتل النظام العراقي الكويت حوالي 35 ألف جندي للمشاركة في التحرير وكذلك سوريا 14 ألف جندي والمغرب 13 ألف جندي، وكان الرئيس بوش الأب يحتاج إلى غطاء عربي في حرب عاصفة الصحراء حيث أرسلت واشنطن حوالي 600 ألف جندي أمريكي، ولكن الوجود العربي كان ضروريا من الناحية السياسية، وعندما أعلنت المملكة العربية السعودية عاصفة الحزم 2015م، شاركت بعض الدول العربية فيها، كالسودان، والمغرب، ومصر، وهذا يعكس مدى ترابط الأمن القومي العربي بالأمن الخليجي رغم ضعف النظام الإقليمي العربي؟

التكتلات الإقليمية والأمن القومي

شهدت العقود الأخيرة ظاهرة التكتلات الإقليمية والدولية، ويغلب على هذه التكتلات الصفة الاقتصادية، ورغم أن الجامعة العربية من أقدم التكتلات وتشكلت عام 1945م، مع تاسيس هيئة الأمم المتحدة فإن الإنجازات لا تصل إلى تحقيق الأمن القومي العربي وحماية أمن الخليج العربي وهذا ما سمح للدول الأجنبية الدولية والإقليمية بالتدخل في المنطقة العربية والتدخل في شؤونها، ولذا فهناك حاجة لترتيب النظام الإقليمي العربي ويتحقق من خلال التكامل في المنطقة العربية ، ودول الخليج العربي تملك من الإمكانيات الاقتصادية لأن تكون رائدة في التعاون العربي من خلال الاستثمارات في الدول العربية وخاصة التي تعاني من أزمات اقتصادية، وقد حققت بعضًا من ذلك فيما حدث من تطورات بعد الربيع العربي 2011م، فقد قدمت دول الخليج وعلى رأسها المملكة العربية السعودية الدعم الاقتصادي لمصر وكذلك الإمارات العربية كما قدمت هذه الدعم المالي لليمن والسودان من تحقيق الاستقرار السياسي بسبب الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تلت أحداث الربيع العربي . 

إن الأمن بمعناه الشامل لا يقتصر على الأمن العسكري، بل يشمل الأمن الاقتصادي والأمن الاجتماعي والثقافي والبيئي وغيرها من مجالات لتحقيق ما يسمى بدولة الرفاهية التي تسعى لها الدول، فتحقيق دولة الرفاهية هي غاية الدول وبذلك تحقق الاستقرار السياسي والاجتماعي، ومع انتشار جائحة كوفيد-19، ساءت الأحوال الاقتصادية وتراجعت السياحة وانتشرت البطالة وتقلصت عائدات المشاريع الإنتاجية، وهذا يتطلب تكامل عربي من أجل التعاون في حل هذه المشكلات، والتعاون في المجالات الاقتصادية والسياسية يؤدي لتجاوز هذه الأزمة خاصة في ظل تراجع الدعم الاقتصادي من الدول الصناعية  للدول النامية، وإذا أخذنا التكتلات الإقليمية من آسيان والاتحاد الأوروبي وتكتل حوض  البحر الأسود ومنظمة شنغهاي للتعاون ومنظمة آيباك، فهذه تكتلات تتجاوز الخلافات السياسية والأيديولوجية والمصلحة القومية هي وراء هذه التكتلات، والعالم العربي متجانس حضاريًا وتاريخيًا وثقافيًا ولغويًا ولذلك تتوفر فيه كل عناصر التعاون ويحتاج للإرادة السياسية لحل الخلافات السياسية والحروب الأهلية سواء في ليبيا واليمن والعراق وهذه تهدد الأمن القومي بشكل عام والأمن الخليجي، خاصة قضية اليمن والعراق المجاورة جغرافيا للخليج، وهذا يحتاج إلى موقف عربي موحد ومسؤولية الدول العربية لأن فشل هذه الدول التي تتعرض للصراعات يسهل التدخل الخارجي ويستنزف ميزانية الدول لأنه يساعد على سباق التسلح أو ما يطلق عليه معضلة الأمن .

التحدي الداخلي أخطر من الخارجي

إن التحديات الداخلية في الدول العربية هي الأخطر من التحدي الخارجي لأنها تكون وسيلة وذريعة للتدخل الأجنبي، فالمساعدة في تحقيق المصالحة في ليبيا ضرورة للأمن القومي العربي، وللدول العربية سواء في منطقة الخليج أو دول جوار ليبيا، وتحتاج إلى دور عربي في عملية المصالحة، ولعل تقسيم ليبيا يشكل نقطة عدم استقرار وهي دولة مهمة على حوض البحر المتوسط ودو لة بترولية، فوحدة ليبيا من صميم الأمن القومي العربي، وما يحدث في اليمن تغلغلت إيران لتهديد الأمن الخليجي ويحتاج موقف عربي موحد لمعالجة هذه القضية وتعاني تونس من عدم استقرار سياسي تحتاج مساعدة الدول الخليجية وبالفعل تسهم السعودية بدور مهم في مساعدة دول المغرب العربي.

والتحدي الآخر الذي تتعرض له الدول العربية، وإن بنسب مختلفة، أزمة الهوية والتي سببها التراث الاستعماري، فكانت الهوية الإسلامية هي السائدة قبل الحرب العالمية الأولى بشكل عام، ومع بروز ظاهرة القوميات في القرن التاسع عشر في أوروبا وانتقالها للدول الأخرى، كانت بريطانيا تشجع تيارات القومية التركية والكردية والفارسية والعربية في نفس الوقت ولتسخير هذه القوميات ضد بعضها لخدمة المصالح البريطانية، وشجعت فرنسا المشكلة الأمازيغية بالمغرب العربي ( البربر) في محاولة لخلخلة النسيج الاجتماعي، وهذه الظاهرة تحولت إلى أزمة هوية داخل بعض الدول من صراعات عرقية وطائفية، فالطائفية تنهش الدولة العراقية وكانت قوى التبشير والاستعمار قد أسهمت في تقسيم السودان وفصل جنوب السودان، كما أن بعض القوى السياسية في ليبيا تستخدم القبيلة مما يساعد في تفكيك النسيج الاجتماعي، فهذه التحديات تحتاج لموقف عربي موحد لعلاجها لمنع الدول الأجنبية من استغلالها.

إن أزمة الهوية من أخطر المشكلات التي تواجه الدول النامية وقد تكون أقل في الدول العربية إلا أنها برزت في العقدين الأخيرين في ظل الدولة القطرية كما في كل من المغرب والجزائر والمطالبة باللغة الأمازيغية كلغة رسمية كما تم في البلدين أو اللغة الكردية في العراق وظاهرة التركمانية في العراق أيضًا، واللغة عامل مهم في وحدة المجتمع فحتى الدول الديمقراطية العريقة تحافظ على هوية اللغة، فالولايات المتحدة  بلاد الليبرالية وتمثال الحرية والبالغة الحد الأقصى في الاختلاط العرقي فإن فيها حرصاً شديداً على سيادة اللغة الانجليزية رغم ما فيها  من الأصول الإسبانكية (Hispanic )الذي يصل نسبة عددهم 18.3% من سكان الولايات المتحدة، فاللغة كما يقول المفكر والأكاديمي المغربي بنسالم حميش " أما القاعدة الجاري بها عالمياً في البلدان المتقدمة كما في البلدان النامية فإنها قاعدة التجانس اللساني والثقافي . فدستورياً، لا يمكن لأي وطن أن يتبنى لغتين رسميتين أو أكثر من دون أن يخاطر بالظهور برأسين أو أكثر مع ما يستتبع في الحال والمآل من تصدعات وانفصامات في الشخصية الجماعية وفي أوعيتها السوسيو-ثقافية وقنواتها التواصلية"، وفي المشرق أو المغرب العربي، يحتاج دعم الجانب اللغوي الموحد للأمة من خلال تعزيز التعاون الثقافي ودعم الجامعات في استعمال اللغة العربية لأن اللغة الوعاء الثقافي للأمة والاستعمار الثقافي كما يقول العالم السياسي الأمريكي مورجنثاو من أخطرها وأقلها تكلفة، وبذلك تنتشر المراكز الثقافية الأجنبية في البدان العربية ولا نستغرب وجود الاتجاهات الفرانكوفونية الفرنسية والانجلوفونية الأمريكية والإنجليزية، فالأمن الثقافي ضرورة حيوية للأمن القومي العربي وتوحيد الأهداف والتواصل بين الشعوب.

التحديات الخارجية الإقليمية والدولية

تواجه الدول العربية تحديات خارجية وخاصة من الدول الإقليمية من دول الجوار،  فالتهديد الإيراني لأمن الخليج العربي يشكل خطورة ليس للخليج بل الأمن القومي العربي، كما هنك التهديد الإسرائيلي وهو تهديد حضاري ووجودي رغم شعارات السلام التي رغم مرور أربعة عقود لم تحقق الاستقرار أو تعيد الحقوق المشروعة أو تنفيذ القرارات الدولية، والتهديد الثالث وهو التهديد الإثيوبي في وادي النيل الذي يهدد الأمن القومي لدولة عربية محورية والتهديد الإثيوبي مرتبط بالتهديد الإسرائيلي وطمع إسرائيل في مياه النيل ونذكر بالمقولة التي تتردد في الدوائر الأمريكية والإسرائيلية منذ كامب ديفيد 1978م، "أن لا حرب بدون مصر " ولذلك السعي لإضعاف مصر، وهي استراتيجية إسرائيلية منذ قيام الدولة عام 1948م، بل ذهب بن غوريون مؤسس إسرائيل بالقول " علينا أن نكون طرفًا من المعادلة السياسية في داخل كل دولة عربية " ومن ذلك تتعامل إسرائيل مع الأقليات العرقية والطائفية لإثارة الفتن والاضطرابات في الدول العربية سواء في الخليج أو مغرب الأمة العربية ومشرقها، أما التهديد الرابع فهو تهديد الجماعات المتطرفة التي تقف خلفها الدول الاستعمارية الطامعة لإسقاط الأنظمة، تحت شعارات العلمانية وشعارات دينية متطرفة وتقسيم المنطقة إلى مسميات متعددة الإسلام المتطرف والمعتدل والسلفي والصوفي وغيرها من تسميات كما تبين ذلك من خلال الدراسة التي أعدتها مؤسسة راند في كيفية إثارة الفتن في الدول العربية والإسلامية؟  

إن التهديد الإيراني يمكن مواجهته بالتعاون العربي وباحتواء إيران، وهي أضعف  من أن تتحدى الدول العربية ولكنها تستخدم وكلاء لها في المنطقة تحت عدة شعارات، وإذا كانت الدول الغربية والولايات المتحدة تتفاوض مع إيران بسبب مصالحها، فالدول العربية وخاصة الدول الخليجية لها علاقات دبلوماسية، وأعلنت السعودية أن إيران دولة جارة وأنها إذا تخلت عن تدخلها  في الدول العربية يمكن بناء علاقات تعاون وتبادل بين  الدول الخليجية وإيران، وكما تردد من لقاءات مؤخرًا يؤكد على رغبة في انفراج العلاقات علمًا بأن الدول الغربية تريد بقاء التوتر في المنطقة لبيع الأسلحة واستنزاف المنطقة من خلال الصراعات الإقليمية.

أما الخطر الإسرائيلي، فهي أداة للقوى الغربية ونذكر أن أثر بلفور الذي أعلن وعده لليهود عام 1917م، حذر في مجلس العموم البريطاني في عام 1905م، عندما كان رئيساً للوزاء البريطاني من خطر دخول اليهود لبريطانيا ولكنه فيما بعد أعلن الوعد لأهداف الاستعمار البريطاني في البلاد العربية لعدم توحيده واستنزاف خيرات المنطقة وتعطيل التنمية والتطوير من خلال إسرائيل، ورغم عملية السلام فإن أهدافها لم تتغير بل ذكر شمعون بيرس رئيس إسرائيل السابق في كتابه الشرق الأوسط الجدبد أن التغلغل الاقتصادي هو الكفيل بتحقيق أهداف إسرائيل في المنطقة، ورغم اتفاقية أوسلو 1993م، لم تنفذ إسرائيل شيئًا منها وإنما أرادت من السلطة الفلسطينية أن تكون حارسًا لها ضمن التنسيق الأمني، وتعلن القدس عاصمتها الأبدية وضم الأراضي المحتلة، وترفض حل الدولتين فليس في قاموس السياسة الإسرائيلية دولة فلسطينية، وتعتبر قيامها خطراً عليها ، لذا تبقى إٍسرائيل تهديداً للأمن القومي العربي لا يمكن تجاهله رغم شعارات مضللة تعلنها للسلام فالواقع ينفي ذلك.

ويحتاج التحدي الإثيوبي موقفًا عربيًا لحماية مياه النيل التي تهدد إقامة سد النهضة كل من السودان ومصر، فالتعاون بين دول المجلس ودولتي وادي النيل مصر والسودان كفيل بلجم التحدي الإثيوبي التي إسرائيل طرف فيه، والتعاون بين دول الجامعة، الصومال وجيبوتي مع بقية الدول يشكل قوة ضغط على إثيوبيا لأنها دولة مغلقة بدون منفذ على البحار والمحيطات، ولكن إثيوبيا طورت علاقاتها مع أرتيريا وزعيمها أسياس أفورقي الذي انتهز فرصة استقلال أرتيريا عن إثيوبيا فقفز على السلطة بدعم أمريكي/ إسرائيلي وتجاوز حركة تحرير ارتيريا التي دعمتها الدول العربية وسمح لإسرائيل لإقامة محطات تجسس لإسرائيل على الأراضي الارتيرية، واتخذ سياسة عنصرية ضد المسلمين الأكثرية والأغلبية العربية فيها وأنه من الأقلية المسيحية وليس غريبًا أن أول زيارة يقوم بها بعد الاستقلال 1993م، زيارة إسرائيل .

أما تحدي التيارات المتطرفة والتي يستغل بها الشعارات الدينية والقوى الغربية كتنظيم داعش، فهي صنيعة أجنبية لإثارة الحروب والفتن في المنطقة من العراق مرورًا بليبيا ومنطقة الساحل الإفريقي، ويرتبط بالجماعات المتطرفة تدفق المرتزقة من الدول الغربية والتي أصبحت الشركات الأمنية وسيلة جديدة تستعملها الدول الكبرى حتى لا تتحمل مسؤولية جرائمها أمام الرأي العام الدولي ومنظمات حقوق الإنسان العالمية، فالدول الكبرى تمول الشركات الأمنية ومرتزقتها وتدربها مثل منظمة  بلاك ووتر (1997 والتي تعرف منذ 2009م،) التي كشفت جرائمها البشعة في العراق وأفغانستان وتسخرها الولايات المتحدة وانتقلت إلى الدول الإفريقية كما في ليبيا أو دول الساحل، وكلها تهديد للأمن القومي العربي من مشرقه لمغربه، وليس أدل من ذلك أن الرئيس الأمريكي ترامب أصدر عفواً عن أربعة من أعضاء هذه المنظمة في 22 ديسمبر 2020م، والذين أدينوا بمجزرة في حق العراقيين في بغداد 2007م، وحكم عليهم القضاء الأمريكي بالسجن .

وتستعمل روسيا الاتحادية أيضًا المرتزقة كغطاء لعملياتها في المنطقة العربية في سوريا وليبيا، وهي "مجموعة فاغنر " وتزودهم روسيا بالسلاح للقيام بالعمليات نيابة عن القوات الروسية للتهرب من المسؤولية القانونية المترتبطة على أنشطة هذه المنظمة وهم من العسكريين الروس السابقين فهم في ليبيا وسوريا والسودان وجمهورية إفريقيا الوسطى وليس غريبًا أن تسيطر على حقول النفط الليبية في فزان لتحقيق الأهداف الروسية في المنطقة العربية والبحر الأبيض المتوسط ، فالمرتزقة الأجانب والجماعات المسلحة في الساحل الإفريقي بين مالي والنيجر وموريتانيا تشكل خطرًا للأمن في منطقة المغرب العربي تلتقي مع العصابات الطائفية المتطرفة في العراق وسوريا وتحتاج لرؤية استراتيجية عربية موحده لأن تهديدها يمتد من الخليج العربي إلى المغرب العربي على المحيط الأطلسي.

هل يحتاج الأمن القومي لحلف ناتو عربي وخطة مارشال

إن التطورات الإقليمية والدولية تدفع دول الخليج وبقية الدول العربية لإعادة بناء النظام الإقليمي العربي ليأخذ دوره الإقليمي والعالمي، فالولايات المتحدة أخذت بالانسحاب من الشرق الأوسط كما في العراق وأفغانستان وليست راغبة في تكرار تجربتها في المنطقة بسبب الخسائر والتكاليف التي دفعتها في أطول حرب في تاريخها وفشلت فيها، وتدفع منذ عهد أوباما لتشجيع دول الإقليم لترتيب أوضاعها الإقليمية لتحقيق الأمن والاستقرار وإدارة بايدن هي امتداد لإدارة أوباما. وعلى مستوى دول الإقليم، فإسرائيل أصبحت في مأزق الصراعات السياسية الداخلية، وأن نظرية الأمن الإسرائيلي باتت من الماضي بسبب انكشاف العمق الإسرائيلي لحركات المقاومة، وعلى لسان الخبراء الإسرائيليين، فالحرب البرية مغامرة لا تستطيع القيام بها، وأصبحت النخبة الحاكمة تشعر بالخطر الأمني وكشفت نقاط ضعفها، وزيادة هناك تحول في الرأي العام الدولي تجاه إسرائيل وخاصة داخل الولايات المتحدة حتى أصبحت المطالبة بإنهاء العلاقات الخاصة معها وهذا ما  طالب به الأستاذ بجامعة هارفارد ستيف والت في مقالة في مجلة  Foreign Policy، وفي ظل التطورات الإقليمية تصبح إسرائيل خارج الترتيبات الإقليمية لأنها بحاجة أصلاً لحمايتها بالاعتماد على دولة كبرى.

وتتجه مجموعة 5+1 للاتفاق على عودة الولايات المتحدة إلى الاتفاق النووي مع إيران والمسألة وقت وهذا يعزز الدور الإيراني، ولهذا يحتاج النظام الإقليمي العربي لترتيبات مع دول الجوار العربي.

ويمكن للدول العربية وعلى رأسها دول المجلس الاستفادة من تجربة حلف الناتو بعد الحرب العالمية الثانية لمواجهة الاتحاد السوفيتي، فرغم اختلاف الأنظمة السياسية بين الدول الأوروبية وكذلك الولايات المتحدة والاختلاف اللغوي والقوميات والحروب بين الدول الأوروبية، كان تأسيس حلف الناتو 1949م، لمواجهة التحدي الخارجي فميثاق الحلف يركز على مواجهة  الخطر السوفيتي في حالة تعرض دولة من أعضاء  الحلف لعدوان سوفيتي ولم يطرح الحلف في ميثاقه التدخل في الشؤون الداخلية لأعضائه، ولذلك عبر تاريخ الحلف لم يتدخل خارجيًا إلا بعد سقوط الاتحاد السوفيتي في الصرب والبوسنة وليبيا إبان الثورة ضد القذافي وفي أفغانستان، فيمكن أن يكون نانو عربي لمواجهة التحدي الخارجي ضمن ميثاق عربي لإحياء اتفاقية الدفاع العربي التي تم توقيعها عام 1950م.

أما الجانب الاقتصادي، فالدول العربية تحتاج إلى مشروع مارشال عربي تسهم فيه جميع الدول العربية حسب قدراتها، لأن الأمن القومي العربي ليس عسكريًا فقط بل هو مرتبط بالجانب الاقتصادي لأن سوء الأوضاع الاقتصادية تؤدي إلى عدم الاستقرار وانهيار الأنظمة السياسية كما حدث في الاتحاد السوفيتي ودول أوروبا الشرقية.

وبالإضافة حلف دفاع مشترك مثل الناتو ومشروع مارشال، فهناك الحاجة لترتيبات الأمن الإقليمي مع دول الجوار، فرغم فترة برود العلاقات مع تركيا، فقد فرضت المصالح المشتركة لحوار مصري-تركي وخليجي تركي وعودة تركيا لسياسة تصفير مشكلات، ولا شك أن هذا التقارب يدفع لاحتواء إيران ويعزز الجبهة العربية لمواجهة الخطر الإثيوبي في قضية سد النهضة ويواجه إسرائيل التي تعمل على تهويد مدينة القدس بجعلها عاصمتها الأبدية وترفض حل الدولتين، وهذا ما عبر عنه صراحة أهارون ليبران المسؤول السابق في الاستخبارات العسكرية (أمان) بما كتبه في صحيفة إسرائيل اليوم 9 يونيو الماضي" إن حل الدولتين يجب أن يدفن، لأن فكرة إقامة دولة فلسطينية خاسرة وخطيرة، وجاءت حملة حارس الأسوار الأخيرة، وقبلها الجرف الصامد في 2014م. لتقدم مزيدًا من الإثباتات إنه يجب التخلي عن هذا الحل تمامًا".  وهذا يعبر عن رؤية إسرائيل الرسمية والشعبية وبالتالي لا يمكن تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة بدون حل القضية الفلسطينية وتبقى إسرائيل تحدياً للأمن القومي العربي.

إن التعاون السياسي بين دول مجلس التعاون والدول العربية في المجالات السياسية والاقتصادية والاستراتيجية من خلال ما تم الإشارة إليه يمكن تحقيق الاستقرار ودولة الرفاهية فالأمن العربي متداخل ومترابط ومتشابك يشبه نظرية الدومينو، خطر تتعرض له دول عربية ينتقل لأخرى فتحصين الجبهة العربية وتبني سياسة الردع يحقق مكانة دولية وإقليمية فعالة للنظام الإقليمي العربي.

مقالات لنفس الكاتب