array(1) { [0]=> object(stdClass)#12962 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 165

أفغانستان ورقة جديدة في الصراع الدولي

الإثنين، 30 آب/أغسطس 2021

تشهد الفترة الحالية إرهاصات ميلاد نظام عالمي جديد ربما أكثر من أي مرحلة مضت في التاريخ المعاصر على الأقل، أي منذ أن تشكل النظام الدولي بعد الحرب الكونية الثانية أي منذ منتصف أربعينيات القرن العشرين وتسيد الولايات المتحدة الأمريكية على سدة النظام العالمي ثم تفردها بصدارة هذا النظام منذ مطلع تسعينيات القرن العشرين مع قيادتها للتحالف الدولي لتحرير الكويت الذي واكب الفترة الزمنية التي انهار فيها الاتحاد السوفيتي، وعلى صعيد ذي صلة إذا كانت حرب تحرير افغانستان من الغزو السوفيتي قد شهدت بداية انهيار الامبراطورية السوفيتية ثم أفولها مطلع التسعينات، فقد يعيد التاريخ نفسه حيث قفزت حركة طالبان حاليًا مرة أخرى إلى الحكم في أفغانستان وسيطرت على العاصمة كابول بطريقة دراماتيكية غير متوقعة وبصورة تحمل علامات استفهام كثيرة سوف تجيب عليها الأيام القادمة ومن بين هذه الأسئلة المحيرة  ما يلي:

ــ هل الانسحاب الأمريكي من أفغانستان وتسليم هذه الدولة لحركة طالبان المتشددة جاء في إطار تكتيك أمريكي لفتح جبهات  صراع بين جماعات الإسلام السياسي الراديكالية المتشددة مع كل من إيران وروسيا والصين وتكون بذلك فصلت واشنطن بين دول التحالف الجديد الذي يتشكل حاليًا بين إيران وروسيا والصين بزرع بؤرة توتر من جماعة طالبان التي لن تلتقي مع جيرانها لاختلاف المذهب والعقيدة، ولتكون الحركة شوكة في جسد هذا التحالف الذي يواجه النفوذ الأمريكي، وإذا كان هذا التفكير قائم لدى صانع القرار في الإدارة الأمريكية يتطلب الأمر دعم واشنطن لهذه الحركة لتمكينها من حكم أفغانستان وحمايتها من الاستقطاب الصيني / الروسي / الإيراني وضمان ولاء الحركة للولايات المتحدة الأمريكية، وكذلك لضمان عدم سيطرة داعش والقاعدة على حركة طالبان وهم حلفاء الأمس للحركة، وما لم تؤثر واشنطن على  قرار حركة طالبان وبقاء النفوذ الأمريكي في كابول سوف تخرج أفغانستان عن السيطرة وتتحول إلى بؤرة إرهاب جديدة تهدد المصالح الأمريكية في المنطقة.

ــ السيناريو الآخر، يكون الانسحاب العسكري الأمريكي من أفغانستان بدون رؤية استراتيجية وفي غياب الحسابات الدقيقة وتحت ضغوط داخلية أمريكية و يكون الانسحاب في هذه الحالة انتكاسة للسياسة الخارجية الأمريكية حيث ستعمل دول جوار أفغانستان المعادية لواشنطن على استقطاب الحركة ودعمها لتكون موالية لهم وفي الوقت نفسه لتأمين هذه الدول من ويلات الجماعات الإرهابية التي سيتم استخدامها ضد المصالح الأمريكية وستكون ورقة ضغط جديدة في الصراع الأمريكي ـ الصيني / الروسي / الإيراني.

عمومًا الانسحاب الغربي من أفغانستان ومغادرة الرعايا الأجناب بطريقة مرتبكة والهجوم الإرهابي الذي استهدف القوات الأمريكية وأفراد من أفغانستان في مطار كابول مؤشر غير مريح ويدل على دخول عناصر داعش خرسان وتغلغلها في أفغانستان هذا البلد الذي مازال يعاني من تأثير ويلات الحروب الأهلية والصراعات الداخلية وحالة الفقر واختراق الجماعات الإرهابية ما يتطلب من تدخل دولي حاسم لملء الفراغ الذي تركه الانسحاب الأمريكي الذي سيظل محل تساؤل لفترة ليست قصيرة.

انعكاس الوضع في أفغانستان على الدول العربية ومنطقة الخليج  بصفة خاصة مهم جدًا وخطير ومن الضروري أن يكون داخل دائرة الاهتمام والمراقبة عن كثب حتى لا تتكرر مأساة موجة الإرهاب الأولى التي ضربت المنطقة في تسعينيات القرن الماضي، وحتى لا تتكرر ظاهرة الإرهاب العابر للحدود التي مازالت تؤرق المنطقة والعالم، خاصة في حالة التقاء الجماعات الإرهابية الموجودة في الجمهوريات المستقلة عن الاتحاد السوفيتي السابق وامتداداتها في آسيا الوسطى وحتى الصين، كما أن الخشية من أن تستخدم إيران هذه الجماعات كأدوات في صراعها مع دول المنطقة وفي مواجهة الولايات المتحدة وتكون أذرعًا مسلحة لطهران شبيهة بالحوثيين في اليمن وحزب الله في لبنان والميليشيات المسلحة في العراق وسوريا.

ومن أجل تلافي سلبيات الوضع في أفغانستان وما قد يترتب عليه من أضرار تجاه منطقة الخليج والدول العربية يجب تفعيل دور دول التحالف الإسلامي ضد الإرهاب، وكذلك توسع دور دول التحالف العربي وقوات درع الجزيرة ووضع رؤية عسكرية استراتيجية عسكرية لتأمين المنطقة من أي اعتداءات قد تحدث، أو من استغلال الدول الإقليمية اختلاط الأوراق واستخدام الجماعات الإرهابية  كمخلب قط لتنفيذ عمليات إرهابية وتشويه صورة الإسلام وتعزيز نظرية الإسلاموفوبيا وتسويق هذه الظاهرة في الغرب كما فعلت فعلته إيران  في مراحل كثيرة وما زالت تستثمره وتروج له في الساحة العالمية.

مقالات لنفس الكاتب