array(1) { [0]=> object(stdClass)#12962 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 167

معرض كتاب الرياض والانتماء للجذور

الخميس، 28 تشرين1/أكتوير 2021

 معرض الرياض الدولي للكتاب الذي احتضنته العاصمة السعودية من الأول حتى العاشر من شهر أكتوبر الماضي، كان أكبر من كونه معرضًا للكتاب، فقد كان احتفالية عربية كبرى بالثقافة والإبداع في جميع فروع الفنون والآداب واشتمل إلى جانب  عرض الكتب على أمسيات  وحلقات ثقافية وفكرية ،وأمسيات شعرية إضافة إلى الغناء والموسيقى والمسرح وغير ذلك ، وقد نجحت وزارة الثقافة وهيئة الأدب والنشر والترجمة بالمملكة العربية السعودية في التخطيط والتنفيذ لهذا الحدث الثقافي المهم الذي تجاوز المفهوم التقليدي لمعرض الكتاب، لذلك خرج في احتفالية متكاملة متعددة الفعاليات شارك فيها ألف دار نشر من 28 دولة حول العالم، وكان الحدث المهم في ذلك دعوة دولة العراق كضيف شرف للمعرض وشارك منه 50 مثقفًا في  مختلف فروع الفكر والفن والأدب والثقافة تقدمهم وزير الثقافة الدكتور حسن ناظم.

وتناولت الندوات التي أقيمت على هامش المعرض التاريخ الثري للعراق في الشعر والأدب ،والفن، والتراث ، والحضارات القديمة، والتواصل مع الجزيرة العربية باعتبار أنه لا يمكن فصل العراق عن محيطه العربي من حيث التاريخ والجذور والبنية الثقافية والحضارية، ولا يمكن اختطافه وإبعاده عن الروافد التي صنعت حضارته وشكلت هويته ورسمت مساره عبر التاريخ، وهذا ما أكده المشاركون العراقيون الذين تحدثوا عن التاريخ وركزوا جميعهم على أن  تأسيس الدولة العراقية كان في العام 1921م، باعتبار أن العراق تأسس قبل 100 سنة على يد الملك فيصل الأول وهذا يؤكد النشأة العربية للعراق، كما بدت الرغبة واضحة في  العودة إلى الحضن العربي خاصة الانفتاح على المملكة العربية السعودية، والعودة إلى التواصل الثقافي والمعرفي والإنساني معها، لا سيما أن هناك امتداد وتواصل قديم وطبيعي مع المملكة منذ عصور قديمة ما جعل الثقافات والحضارات القديمة تتماهى بين شمال المملكة وجنوب العراق منذ عصور ما قبل التاريخ وحتى العصر الحديث، وهذا ما عكسته ندوة المدن القديمة التي أقيمت على هامش المعرض والآثار الموجودة في شمال المملكة، وكذلك التقاء جذور الغناء بين جنوب العراق والكويت ومنطقة نجد حيث لا توجد حواجز طبيعية بين هذه المناطق التي تسكنها قبائل عربية تلتقي في الجذور والتاريخ، وأكدت الندوات والمداخلات أن الثقافة والحضارة بكل مفرداتها لا يمكن فصلها أو تجزئتها داخل حدود الدولة الحديثة.

وشملت الندوات الثقافية والأمسيات الشعرية موضوعات مختارة بعناية شديدة تراوحت بين النقد الأدبي، وعرض التجارب المسرحية وتاريخ الغناء والمصادر التي نهل منها الفكر العراقي وتناول مسيرة أهم الشعراء العراقيين ومنهم محمد مهدي الجواهري وبدر شاكر السياب وذلك بحضور أساتذة في النقد والتراث ، وبالمجمل إنها تجربة تؤكد تعطش الساحة الثقافية العربية لاجترار التراث العربي والتنقيب بين جنباته والتركيز على المشتركات وعلى مواطن الثراء فيه والاستفادة منه للانطلاق نحو مستقبل عربي أفضل نكتشف فيه مواطن قوتنا ومشتركاتنا ونستفيد منه لما يجمعنا ولا يفرقنا، كما أن ما قدمه المعرض، وما ترتب عليه يعزز التفكير في تكرار هذه الفعاليات وتنظيمها بشكل دوري  وفي مختلف الدول والمدن العربية مع التنويع في المشاركات، ليكون رافدًا من روافد الثقافة العربية التي تعزز مفهوم هذه الثقافة الأصيلة والجادة، وإعادة اكتشاف الإرث العربي العظيم في مواجهة انتشار ثقافة شبكات التواصل الاجتماعي العابرة للحدود والتي تستهدف في كثير من الأحيان طمس الهوية العربية، وكذلك القراءة الإلكترونية التي تفرض العزلة على الشباب والانكفاء والابتعاد عن الجذور، وكذلك عن المحيط العربي.

ومن المشاهد المهمة التي تميز بها معرض الرياض للكتاب هو حضور الشباب ومشاركتهم في الإدارة والتنظيم، والمشاركة في الندوات، وإدارتها، وكذلك العنصر النسائي السعودي، حيث حضرت المرأة السعودية وتفاعلت مع الندوات الثقافية والأمسيات الشعرية بما يؤكد أن المرأة في المملكة تخوض غمار الحياة في العمل والثقافة والتعليم بكل جدية وندية مع الرجل، وهي مسلحة بالعلم والمعرفة، وإنها تستطيع أن تقدم للمجتمع الكثير، ومن الملفت أيضًا أن الحكومة في المملكة ممثلة في وزارة الثقافة كانت متفاعلة وعن قرب وبصورة إيجابية مع المشاركين ودور النشر الموجودة في المعرض، وقد ألغت رسوم المشاركات ، أي قيمة إيجار منصات العرض لدور النشر حتى تخفف من التكاليف على دور النشر المشاركة.

وفي نهاية الحديث عن هذه المنظومة المتكاملة التي قدمت عملًا ناجحًا للقارئ والمثقف والمهتم بقضايا النشر والفكر ننتظر تكرارها لتعميم الفائدة .

مقالات لنفس الكاتب