array(1) { [0]=> object(stdClass)#12963 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 170

في زمن كورونا: الخروج من الاهتمام التحصيلي للجوانب الوجدانية والاجتماعية

الثلاثاء، 01 شباط/فبراير 2022

كادت جائحة كورونا أن تعصف خلال السنوات الأخيرة بكل مخططاتنا التعليمية، ورأى الجميع أن في "التعلم عن بعد " طوق النجاة، فتعلقت به جميع الأنظمة التعليمية في العالم أجمع ظناً منهم أنه محقق الآمال والطموحات وسارت الجهود حثيثة لتوضح للنظم التعليمية المختلفة مالها وما عليها، ما كان وما ينبغي أن يكون، فجاءت بعض التقارير التي تناولت " التعلم عن بعد" وهو النظام الذي أفلحت الأنظمة التعليمية العالمية في تطبيقه بدرجات متفاوتة ومن بينها أنظمتنا العربية.

 وكانت أنظمة التعليم في الخليج العربي من أكثر النظم التي حققت النجاح في هذه الأزمة ويرجع ذلك لتوافر الإمكانات الاقتصادية والبنية التحتية التي بذلت فيها هذه الدول الكثير من المال والجهد لتوفيرها، وحين جاء وقت الاحتياج وأصبح إغلاق المدارس ضرورة للبقاء لم تجد معاناة في ذلك.

فسرعان ما هبت تلك النظم بين عشية وضحاها -مجرد إعلان غلق المدارس-إلى الاستبدال الكامل للتعليم المدرسي ليتم عن بعد، وهنا وقفة وتساؤلات: هل حقق التعلم عن بعد الأهداف التي تسعى إليها مناهجنا المختلفة؟، وهل تم تطويع المناهج لتساير هذا النظام التعليمي؟ وهل أثرت أزمة أو جائحة كورونا في مناهجنا وأهداف تلك المناهج؟ وللبحث عن إجابات لهذه الأسئلة وغيرها الكثير مما يشغل بال المهتمين بالعملية التعليمية وتربية الأبناء، ولا نبالغ إذا قلنا إنها تشغل بال أبنائنا أنفسهم وتقلق راحتهم لبعض الوقت.

و في هذا المقام فرصة للإشارة إلى صدور تقرير مستقل عن نُهُج " التعلم عن بعد" أثناء إغلاق المدرسة بسبب كوفيد 19 الذي أعده أرماند دوسيت، د . ديبورا نيتو ليكي، وكوين تيمرز وفرانسيس جيم توسكانو في 29 مارس 2020م، والذي ترجمه ا. د/ أسامة إبراهيم أستاذ علم النفس التربوي بجامعة سوهاج. فقد عرض التقرير أن التخطيط للتعليم في ظل جائحة الوباء له متطلبات من أهمها: إيقاف الفجوة لضمان توافر احتياجات "ماسلو قبل بلوم"

فقد أشار التقرير إلى تأييده لما انتهى إليه المنتدى العالمي للتعليم في كوريا الجنوبية الذي استضافته اليونسكو في 2015م، ونصه: " نحن نقر جميعاً أن لكل طالب الحق في تعليم عام مجاني وجيد " ولكنهم ومع دعمهم لهذا الحق رأوا أن هناك من الحقوق والطموحات ما تسعى إليه أنظمتنا التعليمية، ولكن ومع هذه الأوقات العصيبة يجب أن نضع ما سبق في السياق الصحيح وما يعنيه هذا لطلابنا الذين تعرضوا لاضطرابات في تعليمهم بشكل ما سواء على المدى القصير أو على المدى البعيد.  ومن هنا جاء تأكيدهم على أن حاجات "ماسلو قبل بلوم"؛ فيجب أن تكون هذه هي المهمة الأولى للمضي قدماً نحو التعلم عن بعد في هذا الوقت، كما ينبغي أن يكون ذلك في إطار تنفيذً خطة أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة لعام 2030م، وألا ينجح هذا الوباء بتوجيهنا بعيداً عن تحقيقها في الوقت المحدد.

وأشار التقرير إلى عدم وجود سابقة يمكن الاسترشاد بها في حل المشكلات التي تعاني منها الأنظمة التعليمية في ظل جائحة كورونا، فيجب البحث والابتكار للعثور على حلول، وارتأى أن محاولة الإفادة من خبرات سابقة في هذا المجال يتمثل في البحث عن أفضل الممارسات التي وردت في دليل الطوارئ للتعليم في المفوضية وأمثلة التعلم عن بعد من جميع أنحاء العالم نحو إجراء تغييرات إيجابية في التعليم للجميع. وبالرغم أن أزمة اللاجئين تختلف اختلافاً شاسعاً عما يعانيه العالم في ظل الجائحة إلا أن هذه التجربة تستحق التفكير في كيفية التعامل مع التعليم عندما يكون طلابنا في وضع مختلف عن الظروف العادية التي عهدوها، وقد أكد دليل الطوارئ على ضرورة توفير حماية جسدية ونفسية واجتماعية.

وأشار دليل الطوارئ إلى وجوب تحقيق التعليم الآمن والجيد، وأشار إلى أن التغيب عن المدرسة له مخاطره التي قد تظهر في زيادة استخدام المخدرات، وقضايا الصحة العقلية والتعرض للآباء المسيئين، والإيذاء المنزلي وعمالة الأطفال، وتجنيد الميليشيات وغيرها الكثير فمع كل يوم يمر نفقد المزيد من الأطفال الذين لن يعودوا إلى المدرسة أبداً. وأن يوفر التعليم إحساساً بالاستمرارية عندما يكون كل شيء في حالة تغير مستمر، ويوفر نظاماً مستقراً وآمناً وخاضعاً للإشراف يراعي احتياجات الطلاب الأكاديمية والنفسية والاجتماعية التي ستفيد جميع مجتمعاتنا والبلدان على المدى الطويل. وإذا كان تقرير اليونسكو قد أشار إلى التعليم العام العادل والشامل والجيد للجميع بعد إغلاق المدارس، فإن وجود التعليم عن بعد لا يعني وصول التعليم للجميع فلا يزال أكثر من نصف العالم لا يمكنهم الوصول إلى الانترنت، ولذلك أصبح الهدف الأسمى لمعظم هذه البلدان العودة إلى المدرسة بأقل قدر ممكن من الفجوات التعليمية.  وبذلك يمكن القول إن كل ما يتم وما ينفذ من اقتراحات لتقديم تعليم في ظل الأزمات ومنها جائحة كورونا يجب أن يكون أساسه بصورة رئيسة هو النهج " ماسلو قبل بلوم "

وبملاحظة عابرة لأحوال التعليم في ظل جائحة كورونا وتداعيات هذه الجائحة، نجد الاهتمام بإبراز ما نتج عن إغلاق المدارس، والاهتمام بطرح سؤال أساسي وحيد وهو: هل يجب أن نواصل تعليم الطالب، وإذا كان الأمر كذلك. فكيف؟

ولم يتم التعرض للسؤال الأهم وهو ماذا يجب أن تستهدف المناهج الدراسية لهذه المجتمعات في ظل هذه الجائحة؟ أو بمعنى آخر هل أثرت جائحة كورونا على أهدافنا التعليمية؟

وهنا نعرض لماسلو و موقعيته من أهداف مناهجنا التعليمية، فقد اهتم ماسلو بتصنيف الاحتياجات النفسية للأفراد من خلال هرم يوضح درجة الأهمية للحاجات، فتأتي الحاجات الجسمية الأساسية من الحاجة إلى الطعام والماء والإخراج والنوم والتنفس في قاعدة الهرم وتتمثل في الحاجات التي يسعى كل فرد إلى إشباعها ولا يبحث عن حاجات أخرى إلا بعد إشباعها، فتأتي بعدها الحاجات النفسية بدءاً من الحاجة إلى الأمن فالحاجات الاجتماعية ثم الحاجة إلى التقدير وأخيراً الحاجة إلى تحقيق الذات.

ونتناول في هذا المقال ما يمكن أن تقدمه المناهج الدراسية من أدوار في إشباع حاجات ماسلو وجعلها أهدافاُ تسعى لتحقيقها كبديل له الأولوية عن أهداف بلوم المعرفية.

 فالحاجة إلى الأمن تأتي في مقدمة الحاجات التي يجب أن تسعى المناهج إلى استهدافها، والأمن المقصود بكل صوره في أن يأمن الفرد على نفسه وسلامته الجسدية، وأن يكون آمناً مطمئناً على نفسه من الناحية الأسرية والصحية، آمناً على ممتلكاته وعلى مستقبله من خلال تأمين وظيفة له تضمن له العيش بمستوى مناسب إن لم يكن متميزاً.

ومن هنا نرى أن جائحة كورونا كان لها دور كبير في التأثير على هذه الحاجة بشكل سلبي، فقد أحدثت جائحة كورونا هزة عنيفة على المستوى الفردي والجماعي إذ فقدت كثير من الأسر عائلها، وفقدت مصدر تمويلها الرئيس بفقد الكثير من الوظائف. ونالت هذه الهزات وظائف بسيطة وأخرى كبيرة، فقد كان للإغلاق التام في جميع البلدان تأثيرات مأساوية على بعض رؤوس الأموال، واضطرت بعض البلدان للفتح أو بعض الفتح لأسباب اقتصادية بحتة، ولتضمن توفير الحد الأدنى للمعيشة لأصحاب بعض المهن رغم ما يمثله ذلك من خطورة صحية.

وإذا ما نظرنا إلى مجتمعاتنا العربية وطلابنا في المدارس الذين فقدوا الإحساس بالأمن على سلامتهم الجسدية، وسادت المجتمعات كل مظاهر الخوف على النفس وخشية الإصابة بالفيروس والذي عكسته كل وسائل الإعلام من خلال التوجيه المستمر لاستخدام الأقنعة والمطهرات التي أصبح استخدامها إجبارًا لا اختيارًا حتى نأمن على أنفسنا العدوى، وأصبح كل فرد من الأسرة يخشى من الآخر ،ومثلت مستشفيات الحجر الصحي قمة المآسي الأسرية ـ فالابن معزول في غرفة بعيداً عن أبيه، ويسمع بأن جاره في الغرفة قد وافته المنية وقد يكون هذا الجار أباً أو أخاً أو ابناً، ومنعت الهواتف عن بعض المرضى حتى لا يتأثرون نفسياً فيما يصيب أسرهم من الكوارث والفواجع فترة عزلهم.

ومرت ذروة هذه الجائحة التي مازال العالم يعاني من آثارها، دون النظر إلى هذه الكائنات اللطيفة التي تعيش بيننا، فلم ينتبه واضعوا المناهج ولاسيما للمراحل الأولى لمثل هذه المآسي بعين الاعتبار ومدى التأثير السلبي على إحساس الطفل بالأمن.

ولم يهتم واضعو المناهج بإعادة النظر إلى أهداف أو محتوى المناهج التعليمية، وهنا يجب التنويه إلى أن المناهج يمكن ان تسهم بنصيب كبير في تطبيق نهج    " ماسلو قبل بلوم " مناهج التربية الإسلامية واللغة العربية والتاريخ والجغرافيا والعلوم والاقتصاد المنزلي ...إلخ. فالتربية الإسلامية بما تتضمنه من موضوعات وفروع منها سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم والصحابة الكرام والتي تحمل سلوكيات حياتية حققت الآمال ووفرت الأمن لأشخاصهم وذويهم بل تعدى ذلك إلى تحقيق الأمن للمجتمع ككل، فتحقيق الأمن لا يكون بالأماني بل بالجهد والمثابرة والتمسك بأسباب القوة والتي يأتي في مقدمتها التمسك العقدي.

واللغة العربية بفروعها المختلفة واختيار نصوصها بعناية يمكن أن تقدم معلومات ومعارف حول هذه الأزمة وكيفية حماية الأفراد – قدر المستطاع – من الأخطار المختلفة.

وعلى مناهج العلوم أن تسمو بأهدافها لما يفوق الوعي الصحي فيتعداه إلى الأمن الصحي بما يعنيه هذا المصطلح من تحقيق السلامة البدنية من الأمراض وأن يكون الفرد آمناً على نفسه من المخاطر التي تعصف بصحته.

وأن تركز مناهج الاقتصاد المنزلي على أهداف إدارة المنزل بطريقة تحقق التوازن بين حصول الجميع على نفس الحقوق وتقديم ما عليهم من واجبات، وأن تسعى إلى زيادة الوعي بوسائل تنمية موارد الأسرة بترشيد الاستهلاك في أوقات الأزمات، وخلق مهن جديدة تدار من المنزل وتدر دخلاً على الأفراد بما يحقق لها أمناً اقتصادياً ملتزماً بالخلق القويم.

وبذلك يمكن القول إن لجميع المقررات الدراسية دوراً كبيراً في إشباع الحاجة إلى الأمن، وعلى المتخصصين كل في تخصصه أن يبرز الجانب الأمني في محتواه العلمي ويسعى لتحقيقه.

وإذا ما انتقلنا إلى الحاجات الاجتماعية والتي تظهر من خلال الحاجة إلى تكوين صداقات، وعلاقات أسرية، وتحقيق الألفة بين الأفراد فقد أدى غلق المدارس وتقليل ساعات العمل في معظم المصالح الحكومية إلى تقلص دور الأصدقاء لدى البعض وإلى إظهار أسوأ ما في الأسر من طباع، وسادت أجواء تفوح بالمشكلات في معظم البيوت، فقد مكث الجميع في البيوت لساعات طويلة بصورة إجبارية، فعمد الجميع إلى تفريغ شحناتهم الانفعالية داخل هذه الجدران وكادت معظم الجدران أن تتهاوى من شدة هذه الشحنات ... وهنا يجب أن يقف التربويون ويتساءلون  كيف ولماذا وماذا ومتى .... وكل أدوات الاستفهام لمحاولة الكشف عن أسباب هذا الانهيار الأسري، وكيفية الحفاظ على هذه العلاقات الأسرية التي تكونت بطرق مختلفة تقليدية أو غير تقليدية، وكيف كانت دعائم هذه العلاقات بهذا الضعف والهشاشة؟

وهنا يبرز دور المناهج الدراسية التي يجب أن تتطرق إلى وسائل الدعم النفسي للأسر وأن تقدم توجيهات لكيفية تكوين الصداقات الحقيقية التي تتخطى الأزمات بقوة أكبر، وأن تنقل الصداقات من العالم الافتراضي الذي عاش فيه الكثير خلال فترات الغلق من أجل الجائحة إلى صداقات العالم الواقعي الذي يستمتع فيه الأصدقاء ببهجة اللقاء والتجمع لنشاطات هادفة وذات قيمة في حياة كل واحد منهم. وحرم الأطفال الصغار اكتساب المهارات الاجتماعية في أجواء المدارس اليومية ولا سبيل لتحقيق ذلك إلا من خلال تضمين المناهج لنماذج وصور العلاقات الاجتماعية السوية وما ينبغي مراعاته عند تكوين هذه العلاقات.

وتأتي حاجة الفرد إلى التقدير من خلال تقدير ذاته، والثقة بالإنجازات، والاحترام للآخرين مقابل الحصول على احترامهم وهنا ينبغي ملاحظة أن تقدير الفرد لذاته لا يأتي كمردود لفكرته أو فهمه لذاته فقط، فالآخرون المحيطون بالفرد يؤدون دوراً كبيراً في تكوين صورة كل فرد عن ذاته، ويدعمون هذه الثقة بشكل كبير والعكس صحيح.

فالشعور بالإنجاز يكتسبه الفرد من ردود أفعال الآخرين تجاه أفعاله، أو من خلال مقارنة أدائه بأداء أقرانه، ولذلك فالحاجة إلى التقدير لا يمكن إشباعها من طرف الشخص تجاه ذاته فحسب، بل هو في حاجة إلى مجتمع يشعر معه وفيه بالتقدير والإنجاز.

وغلق المدارس منع التلاقي بين الأفراد الذين يمكن أن يشعر كل واحد منهم بالإنجاز والتميز الخاص به، فهذا الأفضل في القراءة، وهذا أجمل في الكتابة، وهذا أروع في الرسم، وهذا الأكثر تفوقاً في حصص العلوم، وهذا الأسرع الذي يحصد الميداليات في التربية الرياضية ..إلخ ومن هنا وجب على المناهج التصدي لهذه المشكلات والعمل على خلق مجالات وأنشطة متنوعة من خلال المقررات المختلفة لتتاح الفرص للجميع لتحقيق إنجازات عدة .

ثم تأتي الحاجة إلى تحقيق الذات من خلال العمل المميز المبتكر، والقدرة على حل المشكلات وتقبل الآخر.

وإذا كان غلق المدارس أثر سلباً على معظم الحاجات النفسية إلا أنه أثر إيجابياً في إشباع هذه الحاجة، فقد ساعدت الساعات الطويلة الممنوحة لبعض الأفراد  بالغلق لإعمال العقل والتأمل والوصول لحل بعض المشكلات بل وتعدى الأمر ذلك إلى تحقيق الابتكار فمارس البعض هوايات نافعة سواء بتصنيع أدوات وآلات تسهل من أعمالهم، أو إعادة ترتيب المنازل وتزيينها بأنفسهم، أو الاهتمام بتدوين أفكارهم وسطرها في أعمال كتابية متميزة، وأبدع البعض في ممارسة بعض الأعمال غير التقليدية والتي لم يسمح اليوم التقليدي بنشاطاته المعهودة بمجرد التفكير فيها، فهناك من أصدر كتباً أو مدونات أو جرائد إلكترونية، ومنهم من عمد إلى تقديم شروح لكتب تراثية ...إلخ.

ولا يعني أن النجاح في إشباع هذه الحاجة عند البعض في وقت إغلاق المدارس إعفاء المناهج من مسؤوليتها لتوعية طلابنا إلى أنواع الابتكار وأهدافه ووسائل تنميته في إطار أخلاقي متميز يرفع من شأن الأفراد والمجتمعات.

كما لا ننسى أن هناك عدد – ليس بالقليل – ممن استغلوا وقت الإغلاق في ممارسة جرائم شتى ولاسيما الجرائم الإلكترونية، فقد أعلنت وكالة الشرطة الأوروبية ( يوروبول ) أن جائحة كوفيد-19 أسهمت في زيادة الجرائم الإلكترونية في أنحاء أوروبا وخصوصاً لجهة المواد الإباحية المتعلقة بالأطفال وعمليات الانتحال عبر الإنترنت. فتباطؤ الحياة المعتادة زادت معها وتيرة النشاط الإجرامي عبر الإنترنت.

 وفي نفس هذا السياق أكد مدير قسم الجريمة السيبرانية في المكتب الاتحادي الألماني لمكافحة الجريمة أن ألمانيا شهدت ارتفاعاً في الجرائم الإلكترونية في 2020م، وأوضح أن عدد الجرائم ارتفع بنسبة 8% لتتجاوز 108 ألف جريمة، وهو ما يعادل أكثر من ضعف هذه الجرائم المعلنة في 2015م.

وإن كان العدد الأكبر من الدول أعلن التراجع في الجرائم التقليدية مثل المرور وحوادث الطرق والنشل والسرقة والقتل بنسبة تصل لحوالي 50% لتواجد المواطنين بمنازلهم، إلا أن الارتفاع يعد واضحاً في جرائم الاحتيال الإلكتروني.

فقد حاول المجرمون البحث عن طرق الاستفادة من الأزمة وحاجات الأفراد المتعلقة بالمواد والمستلزمات الصحية والطبية فزاد الاحتيال في هذا المجال بشكل كبير في كل البلدان.

كما أشارت د/ ياسمين صالح المدرس بقسم العلوم السياسية بجامعة بني سويف إلى بروز أنماط جديدة من الإرهاب والتطرف، تعتمد على توظيف التقنيات الحديثة في بث خطابات الكراهية والترويج للأفكار الهدامة بظهور الإرهاب الإلكتروني.

والإرهاب الإلكتروني يعد من أخطر الجرائم المجتمعية والتي يتم من خلال اختراق أنظمة المعلومات للدول وممارسة أعمال التجسس وتدمير البنى التحتية للدول بما يدمر الأمن القومي.

ونخلص إلى أن للمناهج الدراسية في أوقات الأزمات والجوائح مثل جائحة كورونا بالمراحل التعليمية المختلفة دوراً كبيراً في تحقيق الحاجات النفسية، وعليها أن تخرج من عباءة بلوم التي تهتم بالنواحي العقلية التحصيلية فقط لتصعد إلى هرم ماسلو الذي يهتم بجوانب وجدانية واجتماعية مهمة في حياة الأفراد بشكل عام وفي أوقات الأزمات بشكل خاص.

حقيقة أن قمة التحصيل عند بلوم هو الإبداع، كما هو الحال في هرم ماسلو لكن أن تكون شخصاً مبدعاً وأنت تشعر بالراحة والأمن النفسي وفي جو مفعم بالحب والألفة مع المحيطين الذين تسعى إلى إسعادهم بإبداعاتك وتسعد بإبداعاتهم لهو خير من الإبداع بالمعارف العقلية فقط. ولعل المجتمعات في حاجة أكثر إلى نتائج مناهج تعلي من قدر حاجات ماسلو في التعليم  والتي قد تؤتي ثمارها في سلوكيات وأخلاقيات ملموسة بخلاف نتائج بلوم التي لا تتعدى – في الغالب – الأوراق الامتحانية التي تخضع لمواصفات وأرقام وتكون محصلتها مجرد درجات ترقى بصاحبها من صف دراسي إلى صف أعلى لا يؤثر على شخصيته ولا يشعر بهذا الرقي أقرب الناس إليه فنجد من الآباء الذين يخطئون في تقدير الصف الدراسي الذي ينتمي إليه ابنه ، ولكن لا يمكن أن يخطئ قريب أو بعيد فيما يتسم به الفرد من سمات اجتماعية أو يتحلى به من أخلاقيات .

مقالات لنفس الكاتب