array(1) { [0]=> object(stdClass)#12962 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 170

مجالس أمناء الجامعات السلطة المختصة بحوكمة الجامعة والرقابة على أدائها أكاديميًّا

الثلاثاء، 01 شباط/فبراير 2022

لم يكن تأسيس مجالس الأمناء بالأمر الجديد على كثير من دول العالم وجامعاتها في وقتنا الحاضر؛ لذا حرصت الجامعات العالمية منذ نشأتها قديمًا على أن يكون لديها مجلس أمناء يتنوع المشاركون في هذا المجلس حسب الدولة وحسب الاهتمامات ووفق اختصاص كل منهم؛ فتحتوي مجالس الأمناء شخصيات سياسية سابقة متميزة بخبرتها وطول باعها، فيستفاد منها في بعض البلدان، أو شخصيات سياسية على رأس عملها بقيمتها الاعتبارية والشخصية، وليس لتمتعها بمنصب رئيسٍ معين ذي شأن، وهنالك شخصيات اقتصادية فيها كبار رجال الأعمال من الأكاديميين والمتخصصين، وتراعي مجالس الأمناء في ذلك قضية مشاركة الجنسين منصبةً على التأكد بأن الاستراتيجية التي تسير عليها الجامعة هي في الطريق الصحيح للحوكمة التي يجب أن تكون قائمةً لتحقيق الأهداف المرجوة التي تتطلع إليها، والتأكد من وجود اقتصاديات كاملة للجامعة التي تستطيع أن يكون لها القدرة على الاستمرار والاستقرار والاستدامة المالية وكفاءة الإنفاق؛ ولذلك نجد أن هناك أربع جامعات هي: جامعتا هارفارد ويل وكاليفورنيا في الولايات المتحدة، وجامعتا كيمبردج وأوكسفورد في بريطانيا لديها أوقاف ضخمة تسمح باستمرارها وتميز أدائها. ولذلك يتم اختيار الكثير من المتخصصين في مجال إدارة الأموال والوقفيات من الشخصيات المتميزة، ويعطون المكافآت العالية من أجل ذلك حتى يحافظ على استمرارهم في تحقيق الاستدامة المالية.

بدأت المملكة العربية السعودية بخطوات جريئة في السياسة التعليمية الجديدة برعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز – حفظه الله – وفي برنامج رؤية 2030 الذي تولاه وتبناه سمو سيدي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان – حفظه الله – لإيجاد الخطة الصحيحة السليمة القائمة على سياسات واضحة في التعليم بما فيها اعتماد الجامعات الكبيرة في المملكة على قدراتها الذاتية وترتيب أمورها الاقتصادية؛ للوفاء بما قد دفعته الدولة، وأعطيت هذه الجامعات مرحلة انتقالية حتى تستطيع ترتيب أمورها؛ لأن الانتقال من الدعم الكلي إلى الاعتماد على مواردها الذاتية يحتاج إلى وقت كبير.

وفي يوم الخميس 25/11/1441ه، أصدر مجلس الوزراء أمرًا ساميًا باستقلال ثلاث جامعات: جامعة الملك سعود، وجامعة الملك عبد العزيز، وجامعة الإمام عبد الرحمن بن فيصل؛ وفق نظام الجامعات الجديد، وعليه صدر نظام الجامعات الجديد متضمنًا لأول مرة في تاريخ الجامعات الحكومية قواعد إنشاء مجالس أمناء لتلك الجامعات. وقد كانت مجالس الأمناء من قبل مختصة بالجامعات الأهلية فقط؛ لتسهم في إعطائها الصفة الرسمية وتعين على حوكمتها، فأتى النظام الجديد مضيفًا هذا المسمى (مجالس الأمناء) للجامعات الحكومية،  وأرسى أسسه المنظمة له في الفصل الثالث من النظام، ابتداءً من المادة الحادية عشرة حتى المادة الخامس عشرة  بحيث يكون لكل جامعة مجلس أمناء يكلَّف رئيسه ونائبه وأعضاؤه – ما عدا رئيس الجامعة – بأمر من رئيس مجلس الوزراء – بناءً على ترشيح رئيس مجلس شؤون الجامعات – لمدة ثلاث سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة؛ إذ بهذا التنظيم تصبح للمجلس قوة نافذة وحسب أحكام النظام ووفقًا للوائح والقوائم التي تصدر عن مجلس شؤون الجامعات، يتولى مجلس الأمناء تسعة عشر اختصاصًا، أحد عشر اختصاصًا منها كان من حظ  مجلس الجامعة في النظام القديم المُلْغى، واختصاصين كانا من نصيب مجلس التعليم العالي.

وبشأن تعيين أعضاء المجلس فهذا لا يكون إلا بقرار يصدر من رئيس مجلس الوزراء، كما هو الحال في تعيين مجلس شؤون الجامعات وتعيين أمينه العام فإن ذلك كله يكون بقرار من رئيس مجلس الوزراء وهذا يجعل أعضاء مجلس الأمناء يدركون مكانة منصبهم ويشعرون بقيمة موقعهم في عملهم وسيولونه بالغ اهتمامهم، لئلا يتطرق إليه ــ بعون الله ـــ قصور أو خلل.

تشرفت أن أكون أحد أعضاء مجلس أمناء جامعة الملك عبد العزيز – الأستاذة في الإدارة العامة – وتشرفت بأني إحدى الثلاثة الأعضاء الذين يمثلون أعضاء هيئة التدريس.

إن أهمية دَوْرِ مجالس أمناء الجامعات ينبثق من كونه السلطة المختصة بحوكمة الجامعة والرقابة على أدائها أكاديميًّا وإداريًّا وماليًّا وفق أحكام النظام؛ لأن هناك حوار ونقاش متميز فيما بين الأعضاء النخبة الذين يتمتعون بخبرة في مجالات مختلفة تستطيع أن تناقش في مصلحة الطالب بالدرجة الأولى وفي مصلحة الأكاديمي ومجتمعنا الذي نعيش فيه بالدرجة الثانية، ونستطيع أن نقدم لهم الخدمات والمساعدات العلمية والبحثية، والمشاركة في المسؤولية الاجتماعية تجاه أبناء وبنات الوطن.

مما لا شك فيه أن اختيار أعضاء المجلس بعناية من تخصصات مختلفة وخبرات في مجالات متنوعة يساهم في فعاليته وتميز أدائه، وهذا يتضح جليًّا في النقاشات والمداولات عند عرض مواضيع للمجلس؛ للاطلاع عليها أو لاعتمادها.

وبعد مرور عام على إنشاء مجلس الأمناء نجد بفضل من الله تعالى أن جامعة الملك عبد العزيز أسست منذ سنوات أطرًا وثوابت تم بها البناء الأكاديمي، وتم بها تكوين إرْثٍ للبحث العلمي لمن أرادوا تطوير أنفسهم سواء كانوا أكاديميين، أم باحثين، أم طلابًا. ناهيك عن مالديها من قدرات عالية في البنية التحتية والتقنية للمنشآت.

إن هذا العمل هو الذي ساهم وساعد جامعة الملك عبد العزيز على استدامة مكانتها وترتيبها في جميع التصنيفات الدولية رغم صعوبة معايير التصنيفات وتغير بعضها في أحيان أخرى، بالإضافة إلى الاعتمادات الأكاديمية التي تقيس بشكل علمي جودة ومخرجات التعليم والتعلم؛ وهذا بصدق ما جعل جامعة الملك عبد العزيز متميزة عن بقية الجامعات الأخرى. وعلى الرغم من الظروف المالية التي تواجهها الجامعات في هذه الفترة من تقليص حجم الدعم الحكومي للجامعات الذي أثر على الصرف على البحث العلمي، وملاحظة تراجع العديد من الجامعات، إلا أن جامعة الملك عبد العزيز استمرت على المستوى نفسه لأدائها الأكاديمي والبحثي؛ وهذا يعود إلى فضل الله تعالى ثم إلى الإرث والعمق والقوة التي تتميز بها الجامعة من أساتذة وبنية تحتية وأكاديمية وبحثية مساعدة على الاستمرارية والاستدامة.

إنَّ هذا يجعلنا نفخر بأن جامعة المؤسس جلالة الملك عبد العزيز – رحمه الله – هي مركز قوة على المستوى المحلي والإقليمي للقدرة الأكاديمية والبحث العلمي وخدمة المجتمع، وهي ضرورة حتمية تفرضها التحولات والتوجهات الحالية التي تؤكد عليها رؤية 2030.

مقالات لنفس الكاتب