array(1) { [0]=> object(stdClass)#12963 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 175

قانون الميزانية الأهم للبرلمان ويعكس حالة النمو ويوضح الإيرادات

الثلاثاء، 28 حزيران/يونيو 2022

يمثل البرلمان الزاوية الثالثة في مثلث سلطات الدولة الذي يتشكل إلى جانبها من زاويتين هما: السلطتين القضائية، والتنفيذية. وإذا كانت دراسات النظم السياسية رأت أن الفصل بين هذه السلطات الثلاث يمثل ركيزة أساسية في وصف نظام ما بالديمقراطي، فإن هذا الفصل يظل فصلًا مرنًا، بمعنى أن العلاقة بين السلطات الثلاث هي علاقة تكاملية، بما يُمكّن النظام السياسي من أداء مهامه بكفاءة وفعالية، على النحو المرسوم لاختصاصات كل سلطة وفقًا لطبيعة النظام السياسي المتبع في كل دولة، وإن يشهد الواقع تطابقاً في عديد المهام أو الاختصاصات المرسومة لهذه السلطات في مختلف النظم وإن تباين حجمها ومداها. فعلى سبيل المثال، تمتلك السلطة التشريعية (البرلمان) في مختلف النظم اختصاصات تشريعية ورقابية ومالية وسياسية وإن اختلف حجم هذه الاختصاصات ما بين النظم السياسية البرلمانية والنظم السياسية الرئاسية، إذ أنه في الوقت الذي يُمارس فيه البرلمان تلك الاختصاصات بشكل أكبر في النظم البرلمانية خاصة فيما يتعلق بالاختصاصات الرقابية على أعمال السلطة التنفيذية، وذلك نظرًا لقيام هذه النظم على أساس مسؤولية الوزراء مسؤولية تضامنية من ناحية ومسؤولية كل وزير مسؤولية فردية في نطاق وزارته التي يشرف عليها من ناحية أخرى، وهو ما لم نجده في النظم السياسية الرئاسية حيث تكون الرقابة البرلمانية على السلطة التنفيذية أقل وضوحًا.

وبقطع النظر عن حجم الرقابة ومستواها، يجب الأخذ في الحسبان أن فكرة الرقابة لا تقتصر كما يرى البعض على الرقابة السياسية على أداء السلطة التنفيذية، وإنما مفهوم الرقابة يشمل إلى جانب بعدها السياسي، بعدًا ماليًا مهمًا يأخذ عديد الأشكال والصور.

ومن ثم، يبرز الاختصاص المالي للبرلمان والذي يُعد من أهم وأقدم الاختصاصات، بل تسجل الدراسات البرلمانية أن نشأة البرلمانات ارتبطت في البداية بهذا الاختصاص، نظرًا لأهمية الجوانب المالية في حياة الدول، وأن أية اختلالات مالية تشهدها الدولة تؤثر على أوضاعها الاقتصادية والاجتماعية ومن ثم السياسية.

ولذا، برزت الحاجة نحو وضع حزمة من الضوابط والأحكام الناظمة لعمل السلطة التنفيذية سواء في مجال تحصيل موارد الدولة أو في مجال نفقاتها، حتى لا يتولد مع انفرادها بالأمور الخاصة بالإيرادات والنفقات درجات مختلفة من الفساد. فكانت الرقابة المالية من البرلمانات على أداء السلطة التنفيذية بهدف التأكد من سلامة تنفيذ التوجيهات المتعلقة بالحفاظ على الأموال العامة وحسن إدارتها.

وجدير بالذكر أن طرق ومستويات الرقابة المالية للبرلمانات على الأموال العامة تختلف حسب التنظيم الدستوري في كل بلد، إذ تتباين الدساتير في تقرير سلطة البرلمانات في المجالات المالية، فبعض الدساتير تحرم البرلمان من أية سلطات أو اختصاصات في هذا الشأن، وبعضها الآخر يفرض قيودًا عدة على سلطة البرلمان، وبعضها الثالث يجعل سلطة البرلمان مساوية لسلطة الحكومة في المجال المالي.

وبعيدًا عن هذه الصور الثلاثة لحجم سلطة البرلمان في الرقابة المالية على أعمال السلطة التنفيذية، يستعرض هذا التقرير الدور المالي للبرلمان مع التطبيق على البرلمان البحريني، وذلك من خلال محورين على النحو الآتي:

أولًا-البرلمان والوظيفة المالية ... حمايةً للمال العام:

ليست مبالغة القول إن المالية العامة هي الوسيلة التي يمكن من خلالها التكفل بتوفير متطلبات تأمين الخدمات العامة لمواطني الدولة في كل الظروف، وبصورة منظمة ومخططة وفعالة، كما أنها تضمن إيجاد الوسائل المختلفة لتنفيذ وإنجاز أهداف المشاريع والبرامج والسياسات العامة اللازمة لرفاهية المجتمع ولقوة الدولة وتطورها. ونظرًا لتلك الأهمية وضعت مختلف الدول نظامًا قانونيًا ماليًا له مصادر قانونية عديدة تتمحور حول مصادر النظام القانوني العام للدولة، بدءًا من الدستور، مرورًا بقانون المالية العامة، وصولًا إلى القوانين العادية والنصوص التنظيمية، حيث تحتوى هذه المصادر على كافة القواعد والمبادئ المالية الدستورية والقانونية والعلمية والفنية الهادفة إلى صيانة وحماية المالية العامة من كافة أسباب ومخاطر التبديد والضياع والفساد والتسيب والانحرافات المختلفة، ومن بين هذه المبادئ والأسس الضمانة البرلمانية بوظيفتها التشريعية والرقابية.

وعليه، يحدد الدستور مجموعة من الإجراءات المنظمة لعملية تدخل السلطة التشريعية لممارسة اختصاصها الدستوري في تنظيم المالية العامة في الدولة، بموجب تشريعات مالية. كما يحدد كذلك ضوابط العلاقة الوظيفية بين السلطتين التنفيذية والتشريعية في المجال المالي.

ومن ثم، يأتي الحديث عن الوظيفة المالية للبرلمان التي يمارسها من خلال اختصاصاته التشريعية والرقابية، وذلك بهدف ضبط النظام المالي في الدولة، كون أن البرلمان هو المعبر عن إرادة المواطنين، امتثالًا للقاعدة القائلة لا ضريبة بدون تمثيل، وهذا التمثيل يتجسد في البرلمان الذى يختار نوابه كل من له حق الاقتراع، ليتولى تمثيل هؤلاء المواطنين في الذود عن حقوقهم وحمايتها، إذ تسعى هذه الوظيفة إلى تحقيق حزمة من الأهداف، يمكن أن نوجزها فيما يأتي: ضمان توجيه الأولويات العامة، تخصيص المصادر المالية، ضبط النفقات والإيرادات، المشاركة الفعالة في مختلف القرارات المالية العامة.

 وعليه، تأتى سلطة البرلمان في ممارسة وظيفته المالية من خلال علاقته مع السلطة التنفيذية في ضبط عملية تحصيل الحكومة للأموال وكيفية إنفاقها، وذلك عن طريق إقرار الميزانية العامة، ومراقبة الحساب الختامي لها. كما تشمل هذه العلاقة كذلك فرض الضرائب والرسوم، وإبرام القروض، وغيرها من المسائل المتعلقة بالشؤون المالية للدولة. مع الأخذ في الحسبان أن إقرار الميزانية العامة وحسابها الختامي هو الأداة الأكثر فعالية في تمكين البرلمان من ممارسة وظيفته المالية، إذ يظل قانون الميزانية العامة هو القانون الأكثر أهمية في كل دور انعقاد للبرلمان، فهو العاكس للحالة الاقتصادية للدولة، والمبين لطبيعة النمو، والموضح لمصادر الإيرادات، والمحدد لكيفيات الإنفاق ومعايير توزيعها على مختلف القطاعات، بل ومن خلاله تحدد الحكومة الضرائب المفروضة والرسوم المطلوبة، كون أن هذا القانون هو الترجمة العملية لبرنامج الحكومة وتوجهاتها العامة.

ونظرًا لأهمية مشروع قانون الموازنة العامة، أعطت عديد الدساتير للبرلمانات سلطة الرقابة عليه، تلك الرقابة التي تأخذ ثلاثة أنواع من حيث مداها الزمنى، وذلك على النحو الآتي:

  • الرقابة السابقة، ويمارسها البرلمان من خلال إجازة ما تتضمنه الموازنة العامة المقترحة من بنود ومخصصات مالية أو تعديلها أو تخفيضها. فالبرلمان هو صاحب السلطة في إقرار الموازنة العامة وما يرتبط بها من قوانين. ويذكر أن هذا النوع من الرقابة يطلق عليه الرقابة الوقائية أو المانعة، نظرًا لأنها رقابة تتم عند إعداد الموازنة وقبل اعتمادها من خلال عديد الوسائل من قبل البرلمان وما يصدر عنها من توجيهات ملزمة للسلطة التنفيذية.
  • الرقابة الملازمة أو المرافقة، ويقصد بها الرقابة التي تتم خلال عملية تحصيل الأموال العامة وإنفاقها خلال السنة المالية، حيث تشترط القوانين المالية في معظم الدول ضرورة الحصول على موافقة البرلمان على نقل الاعتمادات من باب إلى آخر أو عند طلبات اعتمادات إضافية. ومن أمثلة هذا النوع من الرقابة، تلك التي تتطلب حزمة من الإجراءات الواجب اتباعها قبل الارتباط والالتزام بالإنفاق، منها تحديد صلاحيات الجهات والأشخاص المسؤولين والمخولين بالإذن والصرف، الإجراءات والصلاحيات المتعلقة بعمليات تحصيل الإيرادات. ومن الجدير بالإشارة في هذا الخصوص، أن هذا النوع من الرقابة يتطلب ألا تقتصر على مجرد التأكد فقط من سلامة الإنفاق من الناحية الحسابية والقانونية، بل يجب كذلك التأكد من كفاءة الأداء، وترشيد الإنفاق، وقياس فاعلية تحقيق الأهداف المحددة، وهو ما دفع عديد الدول إلى استخدام المفهوم الحديث للرقابة وهو ما يطلق عليه الرقابة الشاملة، ذلك المفهوم الذي يركز على الرقابة المالية والقانونية والكفاءة والفاعلية.
  • الرقابة اللاحقة، ويقصد بها الرقابة التي تتم بعد عملية التنفيذ للموازنة للتحقق من أن النفقات قد تمت في حدود الاعتمادات المقررة وفقًا للقوانين واللوائح، ومن أن الإيرادات المتوقعة قد تم تحصيلها وإيداعها في خزينة الدولة. ويبدأ هذا النوع من الرقابة من بعد انتهاء السنة المالية أي بعد انتهاء تنفيذ الموازنة السنوية واستخراج الحساب الختامي وتقديم تقرير من جهاز الرقابة والمحاسبة ومناقشته واعتماده من قبل البرلمان. ومن الجدير بالذكر أن الحساب الختامي للموازنة العامة يكتسب أهميته من خلال عدة عوامل، يمكن أن نوجزها فيما يأتي:
  • يعد وسيلة فعالة لمعرفة الموقف المالي للدولة ومعرفة مقدار العجز أو الفائض في موازنات مختلف الأجهزة الإدارية في الدولة.
  • يساعد في تقييم أداء مختلف الأجهزة الإدارية فيما يختص بتنفيذ البرامج المدرجة بموازنتها السنوية، وفى توضيح مدى قدرة أو عجز تلك الجهات في إعداد تقاريرها الخاصة بموازناتها للعام المالي السابق.
  • يساعد الجهات المختصة بإعداد الموازنة في تقدير الإيرادات والمصروفات على أسس واقعية، وذلك في ضوء ما تم صرفه وتوريده من أموال خلال العام المالي المنقضي.
  • يساعد على معرفة المخزون السلعي والأموال الفائضة التي لم يتم استخدامها خلال العام المالي المنقضي.

ثانيا-البرلمان البحريني والاختصاص المالي ... الأسس الدستورية والضوابط القانونية:

تضع الدساتير حزمة من المبادئ ذات الطبيعة الاقتصادية والاجتماعية والقانونية والسياسية التي تمثل الأسس والضوابط لعملية تنظيم المالية العامة في الدولة من قبل البرلمان، من خلال النص على أن يتولى البرلمان وضع القوانين المنظمة لكافة الجوانب المتعلقة بالشؤون المالية للدولة، وهو النهج الذي تبناه الدستور البحريني في بابه الخامس المعنون بالشؤون المالية الذي يشمل المواد الدستورية (107-119) فضلًا عن المادة رقم (87)، وذلك كله على النحو الآتي:  

  • فرض الضرائب، نظم الدستور عملية فرض الضرائب العامة وتعديلها وإلغاءها والإعفاء من أدائها سواء أكان اعفاءً كليًا أو جزئيًا، أو تكليف أحد بأداء غير ذلك من الضرائب والرسوم والتكاليف، وكيفية تحصيلها وإجراءات صرفها، ذلك كله على النحو الذي ينظمه القانون وفى حدود أحكامه.
  • أملاك الدولة، نص الدستور على أن حفظ أملاك الدولة وإدارتها وشروط التصرف فيها وحدود التنازل عن شيء منها، لا يكون إلا من خلال قانون يصدره البرلمان ينظم كل هذه الإجراءات.
  • القروض العامة، أعطى الدستور للبرلمان عبر إصداره القوانين، عملية تنظيم عقد القروض العامة شريطة أن تكون في حدود الاعتمادات المقررة لهذا الغرض في قانون الميزانية. كما أجاز للهيئات المحلية من بلديات ومؤسسات عامة أن تقرض أو تقترض أو تكفل قرضًا وفقًا للقوانين الخاصة بها.
  • الموازنة السنوية للدولة، حدد الدستور أن تكون السنة المالية للدولة بقانون، على أن تقدم الحكومة مشروع قانون الميزانية السنوية الشاملة لإيرادات الدولة ومصروفاتها وتقدمه إلى المجلس الوطني بغرفتيه (الشورى والنواب) قبل انتهاء السنة المالية بشهرين على الأقل. على أن تتقدم برفقة هذا المشروع بقانون بيانًا عن الحالة المالية والاقتصادية للدولة، وعن التدابير المتخذة لتنفيذ اعتمادات الميزانية المعمول بها. مع جواز إعداد ميزانية لسنتين ماليتين على الأكثر. وقد نظم الدستور واللائحة الداخلية للمجلسين عملية عرض ومناقشة مشروع قانون الميزانية بطريق الاستعجال، عبر مجموعة من الخطوات على النحو الآتي:
  • تتولى اللجنتان المختصتان بالشؤون المالية لكل من المجلسين في اجتماع مشترك لمناقشته مع الحكومة، على أن تقدم كل لجنة بعد انتهاء المناقشات تقريرًا منفصلًا إلى مجلسها. ويعرض مشروع القانون على مجلس النواب لمناقشته وإحالته إلى مجلس الشورى للنظر فيه. وقد أعطى الدستور للمجلسين حق إدخال تعديل على مشروع القانون شريطة الاتفاق مع الحكومة.
  • تكون مناقشة مشروع القانون على أساس التبويب الوارد في الميزانية، على أن تصدر الميزانية بعد إقرارها بقانون.
  • التأكيد على أنه لا يجوز تخصيص أي إيراد من الإيرادات العامة لوجه معين من وجوه الصرف إلا بقانون. وفى الوقت ذاته لا يجوز تجاوز الحد الأقصى لتقديرات الإنفاق الواردة في قانون الميزانية والقوانين المعدلة له.
  • لا يجوز أن يتضمن قانون الميزانية أي نص من شأنه إنشاء ضريبة جديدة أو الزيادة في ضريبة موجودة أو تعديل قانون قائم أو تفادي إصدار قانون في أمر نص الدستور على أن يكون تنظيمه بقانون.
  • في حالة عدم صدور قانون الميزانية قبل بدء السنة المالية يعمل بالميزانية السابقة لحين صدوره، حيث يتم تحصيل الإيرادات وصرف النفقات وفقًا للقوانين المعمول بها في نهاية السنة المذكورة.
  • الحساب الختامي، في إطار النهج الذي اتبعه المشرع الدستوري البحريني بأن تكون الرقابة المالية للبرلمان كذلك رقابة لاحقة، نص على أن يٌقدم الحساب الختامي للشؤون المالية للدولة عن العام المنقضي أولا إلى مجلس النواب خلال الأشهر الخمسة التالية لانتهاء السنة المالية، ويكون اعتماده بقرار يصدر عن كل من المجلس الوطني (بغرفتيه) مشفوعًا بملاحظاتهما.
  • ديون الرقابة المالية، أعطى الدستور للبرلمان سلطة وضع قانون ينشأ بمقتضاه ديوان للرقابة المالية يكفل استقلاله ويعاون الحكومة ومجلس النواب في رقابة تحصيل إيرادات الدولة ومصروفاتها في حدود الميزانية المعتمدة، حيث يقدم الديوان تقريرًا سنويًا عن أعماله وملاحظاته إلى كل من الحكومة ومجلس النواب.
  • استثمار الثروات الطبيعية والمرافق العامة، أعطى الدستور للبرلمان سلطة وضع التشريعات المنظمة لاستثمار الثروات الطبيعية والمرافق العامة في الدولة بشكل تنافسي لا يوجد فيه احتكار إلا بتشريع وبمدة محدودة.
  • النقد والبنوك، أعطى الدستور للبرلمان سلطة وضع التشريعات المنظمة لإصدار النقد وتنظيم عمل البنوك وتحديد المقاييس والمكاييل والموازين.
  • المرتبات والإعانات وخلافه، أعطى الدستور للبرلمان سلطة وضع التشريعات المنظمة لشؤون المرتبات والمعاشات والتعويضات والإعانات والمكافآت التي تقرر على خزانة الدولة.

وفى السياق ذاته، يجدر الإشارة إلى أن الدستور البحريني حينما أعطى للبرلمان سلطة تنظيم الشؤون المالية والاقتصادية للدولة، حرص كذلك على ألا تكون الإجراءات المتبعة داخل البرلمان على النحو الذي تنظمه لائحته الداخلية، معطلًا لإصدار بعض القوانين ذات الصبغة الاقتصادية أو المالية التي قد تفرضها الظروف والتطورات التي يشهدها المجتمع. ولذا، فقد أفرد مادة دستورية (مادة رقم 87) لينظم عملية إصدار قانون بشأن موضوعات اقتصادية أو مالية على وجه الاستعجال بناء على طلب الحكومة، إذ وضع له إجراءات تحمل صفة الاستعجال جاء على النحو الآتي:

  • عرض مشروع القانون بصفة عاجلة على مجلس النواب ليبت فيه خلال خمسة عشر يومًا، فإذا انقضت هذه المدة عرض على مجلس الشورى مع رأى مجلس النواب إن وجد ليقرر مجلس الشورى ما يراه بشأنه خلال خمسة عشر يومًا أخرى.
  • في حالة اختلاف المجلسين بشأن مشروع القانون المعروض، يعرض الأمر على المجلس الوطني (بغرفتيه) للتصويت عليه خلال خمسة عشر يومًا ثالثة.
  • إذا لم يبت المجلس الوطني فيه خلال تلك المدة جاز للملك إصداره بمرسوم له قوة القانون.

وإلى جانب هذه الاختصاصات المالية الممنوحة للبرلمان في تنظيم الشؤون المالية للدولة والرقابة عليها، يتولى البرلمان بمجلسيه كذلك تنظيم الشؤون المالية الخاص به على النحو الذي أفردت له اللائحة الداخلية لكل مجلس فصلًا مستقلًا حمل عنوان " الشؤون المالية"، نظم عملية إعداد الميزانية الخاصة بالمجلس والحساب الختامي وكيفية إقرارها وإصدارها، وذلك على النحو الآتي:

  • تدرج الاعتمادات المخصصة لميزانية كل مجلس رقمًا واحدًا في ميزانية الدولة، على أن يقر كل مجلس ميزانيته السنوية في حدود الاعتماد المدرج بهذا الخصوص في ميزانية الدولة بالاتفاق مع الحكومة. وتصدر هذه الميزانية بقانون ملحق بالميزانية العامة للدولة. وتسري في شأنها الأحكام الخاصة بالميزانية العامة للدولة. ويتولى مكتب كل مجلس (المكون من رئيس المجلس والوكيلين) وضع القواعد الخاصة بتـنظيم حسابات المجلس، ونظام الصرف والجرد وغير ذلك من الشؤون المالية.
  • تعد الأمانة العامة لكل مجلس الحساب الختامي له خلال ثلاثين يومًا من انتهاء السنة المالية، ويحيله رئيس كل مجلس إلى مكتب المجلس للنظر فيه قبل عرضه على المجلس لمناقشته وإقراره. ويجوز لمكتب المجلس إحالة الحساب الختامي إلى لجنة الشؤون المالية والاقتصادية التابعة لكل مجلس، لبحثه وتقديم تـقرير عنه يعرض على المجلس في أول جلسة تالية. على أن تتبع في إقرار الحساب الختامي وإصداره الإجراءات المتبعة في إقرار ميزانية المجلس وإصدارها.

وغني عن القول إنه رغم كل ما سبق ذكره بشأن القواعد والأحكام التي تنص عليها عديد الدساتير والضوابط والإجراءات التي تضعها عديد التشريعات المنظمة لعمل البرلمانات في أداء دورها المالي، إلا أن الممارسة العملية تكشف عن صعوبات تواجهها عديد البرلمانات في أداء هذا الدور، وذلك نظرًا لطبيعة المجال المالي وفنياته، الذى يحتاج إلى معرفة بكثير من التفاصيل بأداء الجهاز الإداري للدولة، حتى تمنح للنائب فرصة التقدم بمشاريع قوانين في هذا المجال، الأمر الذى يجعل من السلطة التنفيذية صاحبة الاختصاص الحقيقي، فتكون المبادرة التشريعية في المجال المالي من طرف الحكومة دون سواها، وذلك عن طريق تقديم مشاريع القوانين المالية وتعديلاتها.

والأمر ذاته يتعلق بالرقابة الفعالة على تنفيذ القوانين المالية التي تحتاج كذلك إلى معرفة تفاصيل عديدة لا يتوافر لنواب البرلمان معرفتها حتى يتمكن النائب من ممارسة رقابته الفعلية على تنفيذ ما تضمنته هذه القوانين. وإذا كان هذا الأمر فيما يتعلق بالتشريعات المالية بصفة عامة، فإنه أكثر تطبيقًا فيما يتعلق بالميزانية العامة للدولة إذ يواجه البرلمان صعوبات عدة في هذا الخصوص على وجه التحديد، صحيح أن الدستور أقر برقابة مالية للبرلمان على الحكومة سواء رقابة سابقة أو مرافقة أو لاحقة، وهو ما يقوم به البرلمان بما يكسب العملية التشريعية شرعيتها الدستورية والقانونية على النحو المرسوم، إلا أن فعالية الدور الذى يقوم به البرلمان في مناقشة واعتماد الميزانية العامة ثم الرقابة عليها من خلال الحساب الختامي يواجه عديد الصعوبات سواء تعلق الأمر بمحدودية التوقيت المطلوب من البرلمان إقرار الميزانية خلاله، أو تعلق الأمر بما يتسم به مشروع الموازنة العامة من قدر كبير من التعقيد والفنية، وهو ما قد لا يتوافر لدى أعضاء البرلمانات من المعارف التي تمكنهم من  مناقشة بنوده وتفاصيله مناقشة جدية، أو تعلق الأمر بقيد قبول أي اقتراح من جانب النواب بزيادة النفقات العمومية أو تخفيض الموارد إلا إذا كان مرفقًا بتدابير تهدف إلى الزيادة في إيرادات الدولة أو تغيير مبالغ في فصل آخر من النفقات العامة تساوي على الأقل المبالغ التي تم إنفاقها، وهو أمر صعب لا يستطيع النائب طرح بدائله.

خلاصة القول إن الغاية الرئيسة من منح البرلمانات اختصاصًا ماليًا خاصة في مجال الموازنة العامة؛ اعتمادًا ومتابعةً للتنفيذ، إنما تكمن في السعي نحو التأكيد من التزام الحكومة بالإجازة التي منحها البرلمان لها في تحصيل الإيرادات وصرف النفقات. وأن ضمان هذا الالتزام يحتاج توافر مجموعة من الآليات حتى تصبح عملية الرقابة المالية للبرلمان عملية فعالة، ومن أبرز ذلك:

  • ضبط المنظومة القانونية المتعلقة بالجانب المالي على نحو يسمح للبرلمان من القيام بدوره بفعالية وكفاءة.
  • خلق إدارة برلمانية متخصصة تساعد عضو البرلمان على أداء دوره من خلال توفير الدراسات والبحوث في المجال المالي.
  • وضع آلية متخصصة على مستوى الوزارة المعنية بالعلاقة مع البرلمان لتعزيز قدرات البرلمان في مجال نظر التشريعات المالية مع متابعة الأداء المالي للوزارات والأجهزة والمؤسسات العامة، تأكيدًا للمساءلة وترسيخًا للشفافية ومكافحة للفساد.
مقالات لنفس الكاتب