array(1) { [0]=> object(stdClass)#12962 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 179

السعودية المحور والمركز في مجلس التعاون وفي المنظومة الأمنية العربية

الخميس، 27 تشرين1/أكتوير 2022

قال عالم السياسة الألماني الأمريكي هانس مورجنثاو في كتابه "السياسة بين الأمم "، "إن فكرة المصلحة هي في الواقع جوهر السياسة ولبابها، وهي لا تتأثر بظروف الزمان والمكان" وكان اللورد سالسبوري وزير الخارجية البريطانية(1878-1880م) ثم أصبح رئيسًا للوزراء أكثر من مرة آخرها (1895-1902م) يردد " إن الوشيجة الوحيدة للوحدة بين الدول، والتي يقدر لها البقاء، هي عدم وجود المصالح المتضاربة بينها"، ولكن واقع الحال أن بين الدول على عكس ما تمناه سالسبوري، إن المصالح بين الدول وخاصة الكبرى متضاربة ويسود النظام الدولي الفوضى ، والقوة هي الأساس في العلاقات الدولية لعدم وجود سلطة عالمية تطبق القانون الدولي، وتضارب المصالح أدت للحرب العالمية الأولى  وفشلت عصبة الأمم وكذلك نشبت الحرب العالمية الثانية بسبب تضارب المصالح بين دول المحور والحلفاء ورغم إنشاء هيئة الأمم المتحدة فالحروب مستمرة سواء على المستوى الإقليمي أو الحروب غير المباشرة "الحروب بالوكالة"، وفي ظل الواقع الدولي أخذت الدول تعزز قوتها بالتكتلات المتعددة سواء التكتلات العسكرية أو الاقتصادية وحتى السياسية والفكرية لحماية مصالحها، فتشكل حلف الناتو 1949م، لمواجهة الخطر السوفيتي والذي أسس حلف وارسو ثم ظهرت الأحلاف العسكرية مثل حلف بغداد ( المركزي فيما بعد) وحلف الستوSEATO لجنوب شرق آسيا وكلها لتعزيز قوة الدول للمحافظة على المصالح، ولذلك في ظل الصراعات الدولية والإقليمية التي يشهدها العالم فالمنطقة العربية بحاجة لمنظمة أمنية للمحافظة على مصالحها وردع القوى الدولية والإقليمية التي تهددها، فالتحالف بين الدول هو أحد وسائل تعزير الدول لأمنها وتحقيق مصالحها القومية

مجلس التعاون قوة إقليمية يعززها التعاون العربي

إن الخليج العربي منطقة استراتيجية حيوية سواء بموقعها الجغرافي على الممرات المائية الدولية أو بما تحتوية من مصادر الطاقة، البترول والغاز الطبيعي، وأنها سوقاً تجارياً ضخماً سواء بالتصدير أو الاستيراد، تجعل الدول الكبرى تتنافس عليها وفي ظل اضطرابات النظام الدولي وما يشهده من تحول نحو التعددية القطبية والانسحاب الأمريكي من أفغانستان والعراق، يجعل الدول الخليجية في حاجة لتعزيز المنظمة الأمنية فيها، فقد تم تأسيس مجلس التعاون الخليجي عام 1981م، إثر نشوب الحرب العراقية الإيرانية (1980ـ 1988م) واستشعار دول المجلس للخطر وتطورات الحرب، وكانت واشنطن قد دعمت تأسيس المجلس ضمن استراتيجية tripwire السلك المعثر على أمل مقاومة العدو حتى تصل القوات الأمريكية ولكن هذه الاستراتيجية التي استخدمتها الولايات المتحدة كانت غير ناجحة كما في حالة كوريا الجنوبية وحتى في الخليج واحتلال النظام العراقي الغاشم للكويت، وحيث أن دول الخليج العربي متجانسة اجتماعياً وثقافياً ووحدة التاريخ والدين والعادات والتقاليد والتداخل القبلي يجعلها أكثر فعالية في تشكيل منظمة مشتركة لحماية أمنها من التحديات الخارجية والداخلية.

وصل عدد سكان المجلس 65.5 مليون نسمة، والمشكلة الرئيسية التي تواجه الأمن الخليجي مستقبلاً هي الهجرة الآسيوية أي العمالة الأجنبية التي قدمت من جنوب شرق آسيا، وقد حذر الكاتب الإماراتي الدكتور حسين غباش من هذا الخطر بقوله "بعيداً عن المشهد الخارجي المبهر، فإن الصورة من الداخل تثير القلق، بل الريبة، الشوارع تعج بكل الجنسيات، إلا بالمواطنين، وبشكل خاص في الإمارات وقطر، الأغلبية هندية تليها الباكستانية، البنغالية، الأفغانية، الفلبينية، الإيرانية ولحقتها مؤخراً، الهجرة الصينية، هناك اليوم 16 مليون آسيوي تقريبًا في بلدان مجلس التعاون الستة، ومن المرشح أن يصل عددهم إلى 30 مليوناً في عام 2025م، بل إن وزير العمل البحريني السابق، مجيد العلوي قال " إن الهجرة الأجنبية تهدد وجودنا .. وإذا لم يتحقق هذا التهديد اليوم فسيتحقق في الجيل القادم"؟، ولا شك أن هذا التهديد على الهوية الوطنية والثقافية واللغة وغيرها، وإذا نظرنا بحالة مقارنة، فإن الولايات المتحدة الأمريكية الدولة الأولى في العالم حتى وقت قريب شعرت بالتهديد الداخلي من خلال الهجرة القادمة من أمريكا اللاتينية (الهسبنك) وخطر ازدواجية اللغة بانتشار اللغة الإسبانية وهو خطر حذر منه صموئيل هنتنجتون في آخر كتاب له" من نحن: تحديات الهوية القومية الأمريكية 2005"، فإذا كانت دولة كبرى مثل الولايات المتحدة تشعر بهذا التهديد حتى أعلن الرئيس السابق ترامب ببناء الجدار مع المكسيك للحد من تدفق الهجرة، فدول مجلس التعاون بحاجة قوية لإيجاد منظمة أمنية خاصة، لأن الهجرة القادمة من الهند وهي الأغلبية تقف خلفها دولة نووية ولها طموحها وحكومة مودي تشجع الهوية الهندوسية وتشن حملة على المسلمين في الهند وتهدم المساجد ـ فلا يمكن الوثوق في سياستها، والعلاقات الدولية متغيرة ، تربطها المصالح وقد تتغير التحالفات في ظل المصالح كالتقارب بين الهند وإسرائيل وعلاقتها مع إيران ومشاركتها في التعاون الديمقراطي الرباعي مع أستراليا واليابان والولايات المتحدة، وهذه المنظومة الأمنية الخليجية يمكن تعزيزها بتوسيعها لتشمل الدول العربية الأخرى لتشكل توازن قوى إقليمي مؤثر وفعال في المنطقة بمشاركة مصر الدولة الكبرى في العالم العربي وثقلها السكاني والعسكري، وضم دول الهلال الخصيب، فقد كان المحور المصري / السعودي/ السوري فعالاً في مرحلة الحرب الباردة في إيجاد توازن واستقرار في المنطقة كما حدث في دور هذا المحور في الأزمة الكويتية 1991م.

التعاون الاقتصادي يعزز الأمن

إن العامل الاقتصادي مهم جدًا في تعزيز أية منظمة أمنية يمكن تشكيلها بين الدول العربية، لأن المواطن مرتبط بمصالحة فالولاء عند الشعوب يرتبط بما يحققه من حياة كريمة تحفظ كرامته، ولا يمكن أن يطلب الولاء من المواطن الذي يعاني من الفقر والجوع، والأمثلة كثيرة على المستوى العالمي، فسلمان خليل زادة أفغاني المولد والأصل ولكن انتماءه وولاءه للولايات المتحدة، فقد عين سفيراً للولايات المتحدة في بلده الأصلي وموطن أجداده ثم كان يقود الفريق الأمريكي في المفاوضات مع حركة طالبان، وكذلك هنري كيسنجر وزير خارجية أمريكا الذي كان ألماني المولد والنشأة، فتوفير دولة الرفاهية لدولة المنظومة الأمنية يجعل الشعوب تلتف حول قياداتها وتضحي من أجل أوطانها، لأنها تدافع عن مصالحها، ومعظم عدم الاستقرار في المنطقة مرتبط بالأوضاع الاقتصادية للدول ، وتخترق القوى الأجنبية المجتمعات من خلال بؤر الفقر والحاجة مما يسهل إثارة الفتن والقلاقل في الدول، ولذا لايمكن فصل التعاون الاقتصادي عن التعاون الأمني في المنظمة العربية فالأمن مرتبط بالاقتصاد وكما قال روبرت مكنمارا مدير البنك الدولي السابق وكان قبل ذلك وزيرًا للدفاع الأمريكي " إن الأمن هو التنمية " وكان التعاون الاقتصادي للاتحاد الأوروبي هو أساس الاستقرار في القارة الأوروبية والتي شهدت حربين عالميتين، والدول الغنية  في الاتحاد الأوروبي كما ألمانيا كانت تسهم في معالجة الأوضاع الاقتصادية في بعض دول الاتحاد الأوروبي كما حدث  في أزمة اليونان الاقتصادية.

استراتيجية الغرب: تمزيق المنطقة وإعاقة وحدتها

إن تشكيل منظمة أمنية عربية يواجه تحديات خارجية قوية تمنع أي تحالف عربي أمني فالاستراتيجية الغربية اتجاه الدول العربية أن تبقى متنازعة ومعتمدة على القوى الخارجية، وهذه الاستراتيجية منذ مطلع القرن العشرين، فقد ذكر ديفيد فرومكين في كتابه "سلام ما بعده سلام" معتمداً على الوثائق البريطانية، أن حكومة دائرة الشؤون الخارجية في حكومة الهند أرسلت مذكرة إلى وزارة شؤون الهند في لندن تقول فيها "ما نريده ليس شبه جزيرة عربية موحدة، بل نريدها مقسمة وضعيفة، ممزقة إلى إمارات صغيرة خاضعة إلى أقصى ما يمكن لسيطرتنا، وتبقى عاجزة عن القيام بعمل منسق ضدنا، وتشكل حاجزاً في وجه قوى الغرب"، وكان رد لندن على لسان كلايتون " يبدو أن الهند مسكونة بهاجس الخوف من دولة عربية موحدة قوية، هذه الدولة لن تظهر إلى الوجود ما لم تبلغ بنا الحماقة حد خلقها"؟

إن هذه الاستراتيجية البريطانية التي تبنتها بريطانيا في مطلع القرن العشرين وما زالت ،هي التي تتمناها الولايات المتحدة وفرنسا وإسرائيل للمنطقة العربية، وعندما قامت الوحدة بين مصر وسوريا وتشكلت الجمهورية العربية 1958-1961م، جندت الولايات المتحدة وبريطانيا وحتى الدول الإقليمية كل وسائلها لإفشال الوحدة حتى حدث الانفصال عام 1961م.

إن الدول العربية تملك الثروات الاقتصادية والموقع الاستراتيجي في مفترق ثلاث قارات وممرات مائية وعدد سكان العالم العربي 423 مليون نسمة وبه من الكفاءات العلمية ما يجعله قوة تنافس القوى الكبرى في حالة توفر الإرادة السياسية لتشكيل منظومته الأمنية وحيث أنه يقع في وسط العالم الإسلامي وبه المقدسات الإسلامية يعني أن عمقه الاستراتيجي بشرياً 1.5 مليار نسمة، ومنظمة التعاون الإسلامي ثاني تكتل بعد الأمم المتحدة يمكن أن تكون عاملاً مسهمًا في توفير الدعم لأي نظام أمني عربي.

إن حلف الناتو ليس متجانساً بشرياً ولا لغوياً وكانت بينهم الحروب الطاحنة ولكن على مستوى الدول العربية تجانس لا يتمثل في أي تكتل إقليمي أو دولي عالمي، وإذا توفرت الإرادة السياسية فالمنظمة الأمنية العربية ليست بحاجة لدعم قوى خارجية، وتكون مؤثرة عالميًا سواء على المستوى الاقتصادي والثقافي والأيديولوجي لأنها أمة ذات تاريخ حضاري عريق لا يتوفر حتى عند الولايات المتحدة التي عمرها لا يتجاوز قرنين ونصف القرن وعدد سكان العالم العربي يفوق سكان الولايات المتحدة وكذلك روسيا الاتحادية.

محاولات إجهاض منظومة الأمن الإقليمي العربي

إثر نهاية الحرب الباردة 1991م، وانعقاد مؤتمر مدريد للسلام أكتوبر  من العام نفسه، أصدر شمعون بيرس وزير خارجية إسرائيل والذي أصبح فيما بعد رئيساً لإسرائيل كتابه " الشرق الأوسط الجديد"، ومما جاء فيه أن إسرائيل تملك التكنولوجيا وبعض الدول العربية تتوفر لديها القوى العاملة وأخرى تتوفر لديها الأموال، وروج في كتابه للتعاون من أجل إدماج إسرائيل في المنطقة العربية، يريد بيرس أن يحقق لإسرائيل ما لم تحققه القوة العسكرية، يريد تحقيقه بالوسائل الاقتصادية ورفع المقاطعة عن إسرائيل،  هذه الدعوة شعار التعاون  الاقتصادي التفاف على الأمن القومي العربي بإدخال إسرائيل فيه علماً أن استراتيجية إسرائيل منذ إنشائها إضعاف الدول العربية وتقسمها العرقي والطائفي كما ورد صراحة في استراتيجية إسرائيل في الثمانينيات، ولم تنفذ إسرائيل اتفاقيات مدريد ولا في أوسلو وحتى مئات القرارات الدولية التي تطال بالحقوق الفلسطينية .

كما ظهرت مبادرات غربية الهدف منها لا يختلف عن هدف شمعون بيرس تشكيل تكتل إقليمي شرق أوسطي للمحافظة على أمن المنطقة واستقرارها وشعار مواجهة الخطر الإيراني لإدخال إسرائيل في المنظمة الشرق أوسطية ثم في عهد ترامب وبعده بايدن ظهرت مبادرة ناتو الشرق الأوسط ،وصفقة القرن ورغم تأييد ترامب لها إلا أنها لم تطرح رسميًا في قمة لأنها مبادرات أمريكية أو أوروبية لخدمة إسرائيل وطمس القضية الفلسطينية، وفي ظل التغيرات الدولية والإقليمية الحالية، فالفرصة مناسبة لتشكل المنظومة الأمنية العربية لأن هناك محاور دولية متبلورة، مثل محور الصين وروسيا من جهة ومناورات عسكرية بينهما مؤخراً شارك فيها 50 ألف جندي، شاركت فيها أيضًا الهند ودول أخرى كما أخذت كوريا الشمالية تزود روسيا بالأسلحة وإيران تبيع المسيرات لروسيا، ويظهر أن أزمة أوكرانيا حركت المياه الراكدة في تايوان، ورغم أن زيارات السياسيين الأمريكيين من نانسي بيلوسي وبعض أعضاء الكونغرس خلفها الانتخابات النصفية في الكونغرس نوفمبر القادم إلا أن أزمة أوكرانيا وتدخل واشنطن في دعم أوكرانيا قربت التعاون الصيني / الروسي وجذب دول أخرى إلى منظمة شنغهاي للتعاون التي يطلق عليها بعض الخبراء الغربيين ناتو الشرق.

إن الاتحاد الأوروبي يعيش في أزمة التضخم والطاقة خاصة مع قرب الشتاء واعتمادها على الغاز الروسي جعلها في مأزق أمام شعوبها وتحت الضغط الأمريكي ،وتحاول فرنسا وألمانيا بكل قوة إيجاد حل دبلوماسي لأزمة أوكرانيا ولكن واشنطن لها حساباتها الخاصة داخليًا وفي سياستها مع أوروبا لإرجاعها إلى الهيمنة الأمريكية حيث حاولت بعد نهاية الحرب الباردة التخلص من هيمنة واشنطن حتى أن بعض السياسيين الأوروبيين صرح بأنه لا حاجة للناتو فكان رد مارجريت تاتشر أنه إذا انتهى الاتحاد السوفيتي فهناك الخطر القادم من المتوسط إشارة للخطر الإسلامي من الجنوب مبالغة للمحافظة على الناتو، وتأتي أزمة أوكرانيا وأزمة تايوان لإحياء الناتو من جديد فمن المتوقع أن يكون الصراع القادم يتركز بين الصين والولايات المتحدة في بحر جنوب الصين وتايوان، وفي هذه الظروف الفرصة لقيام منظومة الأمن العربي.

دوائر منظومة الأمن العربي: مجلس التعاون

إن الحلقة المركزية لأي منظمة أمن عربي تبدأ من الدائرة الخليجية، فهي موجودة ولها جانب عسكري تشكل في درع الجزيرة، وإن تفعيل منظومة الأمن الخليجي حيث تتوفر الإمكانيات المادية والعسكرية وتنقية الأجواء السياسية تكون عاملاً في جذب الأطراف العربية والمملكة العربية السعودية هي المحور والمركز في مجلس التعاون الخليجي وفي المنظومة الأمنية العربية، وتأتي بعد ذلك الدول العربية المحيطة كدائرة ثانية في تشكيل الأمن العربي ، دول الجوار لدول الخليج كالأردن ومصر وضرورة إيجاد حل للأزمة السورية وإعادة تفعيل الدور السوري من خلال المصالحة السورية وإبعاده عن إيران، والمحور الرئيس في الأمن العربي هي مصر والسعودية ثم تأتي دول المغرب العربي، ويمكن للمنظمة العربية إيجاد نوع من التعاون مع دول الجوار العربي (تركيا وإثيوبيا وحتى إيران ).

إن الدول العربية لها مكانتها في عمقها الإفريقي ، تاريخيًا كانت القاهرة مركز حركات التحرر الإفريقي والسعودية قدمت وما زالت تقدم المساعدات والدعم للدول الإفريقية ، ودولة قطر أسهمت في حل عدد من النزاعات الأهلية الإفريقية السودان وقضية دارفور أو جنوب السودان وفي آسيا مثل أفغانستان وأخيرًا الأزمة الداخلية في تشاد كما أن أثيوبيا تعاني أزمة داخلية في صراع بين حركة تيجري والحكومة الأثيوبية، فيمكن للمنظومة العربية أن تلعب دوراً إقليماً سواءً في القرن الإفريقي أو القارة الإفريقية بشكل عام وفي آسيا الوسطى حيث الجمهوريات الإسلامية التي ما زالت روسيا الاتحادية تعزز نفوذها فيها.

إن العلاقات العربية / الإيرانية يمكن احتواؤها في ظل التغيرات الدولية، فالولايات المتحدة في الحرب الباردة فتحت أبواب الأمم المتحدة للصين من أجل احتوائها وكورقة ضغط ضد الاتحاد السوفيتي و رغم الحرب الباردة بين السوفييت والأمريكان إلا أن هناك اتفاقيات ومعاهدات أبرمت ، أملتها المصلحة القومية لكليهما، ويمكن احتواء إيران بعلاقات دبلوماسية وربط فتح السفارات العربية بميثاق شرف لترويض السلوك الإيراني في المنطقة، أما تركيا فهي استفادت من تجربتها في سوريا وأخذت بالعودة إلى استراتيجية صفر مشكلات لأن مصالحها الاقتصادية مع العالم العربي وبوابتها لإفريقيا والعالم الإسلامي .

إسرائيل التحدي الرئيس للمنظومة الأمنية العربية

إن  استراتيجية إسرائيل منذ قيامها ضد مشروع  الوحدة العربية بكل أشكالها كما أنها ضد امتلاك القنبلة النووية وزار رئيس الوزراء الإسرائيلي لبيد فرنسا وألمانيا والوفود الإسرائيلية لواشنطن لمنع الاتقاق الإيراني والثالثة نشر الفتن وعدم الاستقرار داخل الدولة الواحدة كما قال مؤسس إسرائيل بن غوريون " علينا أن نكون جزءاً من المنظومة السياسية داخل كل دولة عربية " ولذلك دعموا انفصال جنوب السودان والأكراد في شمال العراق وبناء علاقات مع الموارنة في لبنان، وكانت تبنت استراتيجية الأطراف مع إيران الشاه وتركيا وأثيوبيا، ورغم محاولات مبادرات السلام والتطبيع لم تغير إسرائيل من استراتيجيتها، لذا فالعقبة الرئيسية ضد منظومة الأمن العربية تبقى إسرائيل وما أوجدها الغرب إلا لتبقى المنطقة مفككة وتبقى في حروب حتى تفشل خطط التنمية في البلاد العربية ويقف الغرب مع إسرائيل ضد الدول العربية، مهما رفعت شعارات السلام تبقى الأهداف ثابتة لتحقيقها.

وفي ظل التطورات الدولية الحالية، يمكن للدول العربية إذا أرادت منظومة أمنية إقليمية تكون الإرادة السياسية أولاً ثم التعاون الاقتصادي، واحتواء المعارضة الداخلية بالعمل إلى دولة الرفاهية، ثم تنوع العلاقات الخارجية مع الدول الكبرى، فالولايات المتحدة لم تعد الفاعل الرئيس المتحكم في الوضع الدولي، وبعد الحرب الروسية / الأوكرانية يشكل نظام دولي جديد يمكن أن تلعب المجموعة العربية دوراً فيه ولا تستطيع دولة مهما علا شأنها أن تحقق الاستقرار لوحدها.

لقد أعلنت واشنطن صراحة منذ عهد أوباما أن مصالحها شرقاً أي في شرق آسيا، ثم إن التدخل بعمليات عسكرية ليس وارداً، لذلك على الدول الإقليمية أن تحمي نفسها من خلال التعاون الإقليمي، هناك ثروات الطاقة في شرق المتوسط بحاجة لتعاون عربي وحتى دولة مثل تركيا وإسرائيل تستنزف الطاقة العربية، ولذلك في ظل محور عربي يمكن حماية المصالح في شرق المتوسط والوقوف ضد سد النهضة في أثيوبيا التي تهدد الأمن المائي المصري والسوداني.

وتريد الدول الغربية وعلى رأسها واشنطن استخدام البعبع الإيراني ورغم الخلافات إلا أن أوروبا تعزز مصالحها في إيران وحتى واشنطن لها قنواتها والعامل الجغرافي مهم في العلاقات العربية / الإيرانية للحد من نفوذها في سوريا والعراق من خلال العمل الدبلوماسي في حالة منظمة عربية متعاونة لدور عربي إقليمي.

ولا يمكن تحقيق الأمن الإقليمي إلا من خلال جبهات داخلية عربية مستقرة، وتوفير الأمن الغذائي وتعزيز الجبهة الداخلية لكل دولة، فالانتفاضات العربية 2011م، كانت بسبب أوضاع اقتصادية وسياسية صعبة قد تكون قوى خارجية استغلتها لتجعل المنطقة العربية في دوامة الحروب الأهلية وإفشال بعض الدول، إن حل الصراعات في ليبيا واليمن والعراق وغيرها ضرورة للأمن القومي العربي وأمن الخليج العربي.

مقالات لنفس الكاتب