array(1) { [0]=> object(stdClass)#12958 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 180

حياد القرارالخليجي أقنع موسكو وواشنطن بالتكتل الخليجي لإبعاد المنطقة عن الصراع

الثلاثاء، 29 تشرين2/نوفمبر 2022

كانت منطقة الخليج العربي أحد المحاور الأساسية التي تركزت عليها الأهداف الروسية منذ عقود طويلة، ويشير التاريخ في صفحاته إلى محاولات روسيا في جانب توثيق علاقاتها بدول المنطقة وحرصها على التعاون معها سياسيا واقتصاديا، وفي ظل الهيمنة البريطانية على الخليج، كانت روسيا حريصة على تحقيق مصالحها بحذر شديد وتخطيط مدروس؛ لأجل أن تفرض قوتها بشكل موازٍ للقوة البريطانية، وحتى تتمكن من الحصول على ثقة دول المنطقة، وضمانها للوقوف في صفها ، استغلت روسيا التي ترأست الاتحاد السوفيتي عام 1922م،  جميع الفرص الدبلوماسية والتجارية الممكنة مع دول الخليج فبادرت إلى الاعتراف بحكم آل سعود عام 1926م، حيث قام القنصل كريم خان حكيموف بتسليم خطاب الاعتراف للملك، ومما جاء فيه : " أتشرف بتكليف حكومتي بإحاطة جلالتكم علمًا بأن حكومة اتحاد الجمهوريات السوفيتية الاشتراكية، انطلاقًا من مبدأ حق الشعوب في تقرير مصيرها بنفسها ونظرًا لاحترامها العميق لإرادة شعب الحجاز التي تجلت في مبايعتكم ملكًا، تعترف بجلالتكم ملكًا على الحجاز وسلطانًا لنجد وملحقاتها، وبناء عليه تعد حكومة اتحاد الجمهوريات السوفيتية الاشتراكية نفسها في حالة علاقات دبلوماسية طبيعية مع حكومة جلالتكم، وختامًا تفضلوا بقبول عظيم تقديري واحترامي 3 شعبان 1344هـ/ 16 فبراير سنة 1926م"، وبالعودة إلى السطور أعلاه ينعكس لنا هدفًا جوهريًا من أهداف الاتحاد السوفيتي مرتبطًا بنظرتهم المستقبلية حول أمن منطقة الخليج العربي، فكانوا منذ البداية موجهين أنظارهم تجاه قوة آل سعود على مستوى المنطقة، لذا وبعد الإعلان عن قيام المملكة العربية السعودية عام 1932م، جاء الحرص السوفيتي على توثيق علاقته الدبلوماسية بها بشكل أكبر وأعمق ووضع بصمته، وتثبيت نفوذه بقيادة ستالين ومحاولة إبعاد النفوذين البريطاني ونظيره الأمريكي، كما أن الموقف العدائي الذي اتخذه الاتحاد السوفيتي تجاه الإمبريالية العالمية، جعلهم ينظرون إلى العرب المقاومين لبريطانيا في منطقة الخليج العربي على أنهم ثوريين ولابد من الوقوف بجانبهم ومساندتهم؛ انطلاقًا من مبدأ المحافظة على أمن منطقتهم، ولا يخفى على أحد أن ظهور القطبية بعد الحرب العالمية الثانية قد أثرت على أمن منطقة الخليج العربي؛ لاستراتيجيتها وأهميتها الاقتصادية لكل قطب، فظهر الصراع بشكل جلي وواضح،  ومن جانبها باشرت دول المنطقة بعد شعورها بإمكانية تهديد أمنها وتعرضه إلى زعزعة وتوتر، بالمبادرة في أي إجراء من شأنه أن يحافظ على أمنها القومي وكذلك الجماعي، وذلك بما يتوافق من حياد سلمي وبعيد عن السيطرة مع القطبين الأمريكي والسوفيتي.

     من الطبيعي أن تحرص دول منطقة الخليج العربي على تعزيز مسألة حفاظها على مجتمعاتها من أي سيطرة أجنبية وإبعاد المخاطر الخارجية فضلا عن الداخلية، فركزت على عناصر أمنها المادية المتمثلة في سكانها ومواردها الاقتصادية وأيضًا عناصر هذا الأمن المعنوية المستندة على كيان الدولة وقيامها، ومما لا شك فيه أن تحقيق جانب الأمن القومي هو أهم أعمدة التنمية والتطوير وتحقيق الرفعة للمجتمعات.

      لم يتوان ستالين بعد الحرب العالمية الثانية في المضي قدما؛ لتحقيق طموحاته في منطقة الخليج العربي لا سيما وأنها " صندوق الشرق الذهبي، وبابه السحري ومحور الصراع الدولي في الجانبين السياسي والاقتصادي" وبخاصة الصراع النفطي عليها فقد كانت المنطقة تلبي ٢٥٪ من متطلبات النفط الأجنبية، ومن الجدير بالذكر أن الاتحاد السوفيتي كان يمتلك مخزونًا نفطيًا كبيرًا، غير أن سيطرته على نفط الخليج بلا شك ستضمن له مصدرًا آخرًا للطاقة في ظل الاكتشافات المتوالية للمنابع النفطية، إضافة إلى الحصول على الامتيازات ومنافسة القوى الاستثمارات الأجنبية وبخاصة الأمريكية في هذه الدائرة، وكسب دول المنطقة في صفها وبالتالي تحقيق طموحاتها في الشرق وتحديدًا تلك الأهداف المتركزة على المياه الدافئة وما وراءها.

     وبالمقابل كانت دول المنطقة حريصة على إبعاد مجتمعاتها من دوامة الصراع العالمي، ولا ترغب في أن تجعل أراضيها ميادينا للمنازعات الدولية؛ لذلك بادرت بعض هذه الدول بطرح مبادراتها ومشاريعها الهادفة إلى تجنب تدخل السياسات الأجنبية فيها، فقدمت سلطنة عُمان مشروعًا ارتكز على إنشاء قوة بحرية عسكرية مشتركة مع المملكة العربية السعودية؛ بهدف حماية مضيق هرمز وضمان حرية الدول في اختيار نظامها السياسي والاجتماعي، إضافة إلى الحذر من التدخل السوفيتي والأمريكي وكل تدخل أجنبي من شأنه أن يؤثر على استقرار وأمن دول المنطقة، لاسيما بعد إصرار الاتحاد السوفيتي على عدم إخراج قواته من إيران بعد الحرب العالمية الثانية مباشرة ومساندته لمعارضي نظام رضا بهلوي، فضلاً عن الدعم المقدم من قبل الحكومة السوفيتية لأْعضاء حزب توده الإيراني، كما قدمت المملكة العربية السعودية مشروعًا متضمنًا التعاون في الجانب العسكري بين دول المنطقة للحفاظ على أمن أراضيها وتحقيق وحدة أمنية مشتركة بينها.

      حاول الاتحاد السوفيتي أن يجد منفذًا من خلال تدخله في القضايا السياسية لدول المنطقة ففي خضم الأزمة الكويتية العراقية عام 1961م، وجهت الحكومة السوفيتية دعمها للواء عبد الكريم قاسم  الذي رفض الموافقة على إعلان استقلال الكويت واعتبرها جزءًا لا يتجزأ من أراضي العراق، ولاحقًا استخدم الاتحاد السوفيتي الفيتو ضد الكويت في مجلس الأمن الدولي بعد المطالبة الدولية التي قدمتها الحكومة الكويتية لإعلان استقلالها، ولعل ما يعلل هذا الموقف من قبل الاتحاد السوفيتي هو الدعم البريطاني المقابل للكويت ووجود قواته على أراضيها، ويمكن القول أن الأزمة لم تكن بين العراق والكويت فحسب، وإنما ضمنيا هي تعبرعن صراع ومنافسة القوى الكبرى الداعمة لأطراف هذه الأزمة (بريطانيا والاتحاد السوفيتي)، وكان الاتحاد السوفيتي مصممًا على خروج القوات البريطانية من الكويت حفاظًا على أمن المنطقة واستقرارها، وشدد على إعلانه لدعمه المطلق للعراق ضد كل المصالح الغربية في الخليج العربي.

      استمرت الأزمة الكويتية العراقية بين شد وجذب إلى أن أصدر الاتحاد السوفيتي إعلانه عن وقف دعمه للواء عبد الكريم قاسم بعد سلسلة التنكيلات التي أقامها الأخير ضد شيوعي العراق، وبعدها تمت الإطاحة بحكمه نتيجة انقلاب سياسي كبير قام ضده، وتم الإعلان لاحقًا بشكل رسمي عن استقلال الكويت عام 1963م، من قبل الحكومة العراقية الجديدة بقيادة عبدالسلام عارف الذي لم يتردد لحظة في إعادة العلاقات العراقية السوفيتية إلى سابق عهدها حفاظًا على أمن العراق، وفي الوقت ذاته وجد الاتحاد السوفيتي مصلحته في إقامة علاقات دبلوماسية مع الكويت وذلك جاء مع حدة التنافس الغربي على منطقة الخليج العربي، ولم تتردد الكويت في ذلك لاسيما وأن الاتحاد السوفيتي تمكن من توطيد هذه العلاقات مع العديد من الدول العربية في إفريقيا كمصر والسودان، فكان ذلك عاملاً مشجعًا للكويت التي كانت أسبق دول المنطقة في تطوير علاقاتها السياسية مع حكومة الاتحاد السوفيتي رغم الضغط البريطاني لمنعها والتأكيد على مخاطرها، غير أن الإصرار الكويتي على موقفه جاء انطلاقًا من الاستناد على سياسة الحياد في إقامة العلاقات الدبلوماسية مع الدول العظمى على مستوى العالم.

      تم تبادل المذكرتين بين الجانبين الكويتي والسوفيتي في واشنطن، وبالنظر إلى اختيار واشنطن كنقطة انطلاق لهذه العلاقات يعكس لنا حنكة السياسة الكويتية، التي أرادت أن تؤكد على مبدأ الحيادية وعدم الانحياز لطرف دون الآخر، وضرورة المحافظة على التوازن في العلاقات مع المعسكرين الشرقي والغربي، وفي 30 يونيو 1963م، تم تعيين أول سفير تابع للاتحاد السوفيتي في الكويت، من جانبها شجعت الكويت بقية دول الخليج إلى تعزيز علاقاتها مع دول الاتحاد السوفيتي وضرورة موازنة هذه العلاقات مع الأطراف الغربية الأخرى؛ وذلك حفاظا على مصلحة المنطقة وأمنها والانشغال بتطويرتها وتنميتها، كما أن الاتحاد السوفيتي أراد من خطوته السياسية مع الكويت وتشجيعه للعديد من الدول كيوغوسلافيا وبلغاريا وتشيكوسلوفاكيا لإقامة علاقات دبلوماسية مع حكومة الكويت، أن يوجه رسالة لبقية دول الخليج مفادها قائم على أن مصلحة أمنها تستوجب إقامة هذه العلاقات لاسيما وأن القرب الجغرافي بينها وبين روسيا ومعظم دول الاتحاد السوفيتي يعد أهم دافع لذلك، حيث أنها ستخدم مصالح جميع الأطراف.

       يمكن القول أن هناك ازدواجية في سياسة الاتحاد السوفيتي تجاه دول المنطقة وذلك كالتالي:

أولا: دعم وتأييد التيارات والحركات الفكرية المؤيدة للشيوعية ومبادئها، ولا يخفى على أحد الضرر المعنوي والمادي الذي تكبدته المجتمعات التي تبنت هذا الفكر، ولعل أحد أهم أسباب فشل هذا المد في مجتمعات الخليج العربي هو التمسك الديني لدى أفراد هذه المجتمعات فضلاً عن مبادئهم، ووعي غالبيتهم وجهود حكوماتهم التي كثفت جهودها؛ لصد كل الأفكار التي من شأنها أن تزعزع أمنها وتؤثر سلبًا على توجهات أفرادها.

ثانيًا: الحرص على إقامة العلاقات الدبلوماسية وإخراج دول المنطقة من دائرة الضغط الأجنبي الغربي لها، غير أن هذه العلاقات لم ترَ النور بشكل مباشر بعد العلاقات الدبلوماسية التي قامت مع الكويت وإنما تأثرت بعوامل وظروف سياسية لاحقة، تسببت في تأخيرها ولعل أبرزها الحرب السوفيتية لأفغانستان عام 1979م، حيث اتخذت دول المنطقة موقفًا صارمًا وأصدرت خطابات شديدة اللهجة تطالب بخروج قوات الاتحاد السوفيتي من الأراضي الأفغانية بل إن بعض دول المنطقة قدمت شرطًا، استند على أن إقامة علاقاتها الدبلوماسية مع الاتحاد السوفيتي ستكون مقرونة  بانسحاب قواته من أفغانستان؛ ولذا اهتمت الحكومة السوفيتية بجانب تحسين علاقاتها مع دول المنطقة فقامت أولى المفاوضات بين الجانبين السوفيتي والأفغاني في المملكة العربية السعودية وتحديدًا في مدينة جدة، ولعل ما أبدته الحكومة السوفيتية من موقف في هذه القضية وغيرها من القضايا السياسية السابقة في المنطقة، كرد الفعل تجاه الإعلان عن الانسحاب البريطاني من منطقة الخليج العربي وقضية استقلال البحرين التي أرادت الخروج من دائرة المطالبات الإيرانية الراغبة  في فرض سلطتها وهيمنتها على أراضيها، ومسألة الجزر الثلاث (طنب الصغرى، وطنب الكبرى، وأبو موسى)، وبغض النظر عن الدور السياسي الذي أبداه الاتحاد السوفيتي في قضايا دول المنطقة السالفة الذكر، إلا أنه لا يخفى علينا أن كل ذلك كان سببًا بشكل أو آخر دفع بدول المنطقة لاحقًا إلى إقامة علاقاتها الدبلوماسية مع الاتحاد السوفيتي وتطويرها، حيث قامت تلك العلاقات في الربع الأخير من القرن العشرين مع كل من سلطنة عُمان والإمارات العربية المتحدة وقطر والبحرين والمملكة العربية السعودية تباعًا، وبطبيعة الحال واجهت هذه الدول ضغطًا شديدًا من قبل الدول الكبرى الرافضة لدبلوماسية العلاقات مع  الحكومة السوفيتية وهي بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية، حيث رأت في ذلك تهديدًا لمصالحها، لا سيما وأنها تجاوزت الجانب السياسي وامتدت لتشمل جوانب أخرى كالعلاقات الاقتصادية المتمثلة في عدد من المعاهدات، والمشاريع التجارية والجوانب العلمية والثقافية والإعلامية بمختلف أفرعها، ومن جانبها أصرت دول المنطقة على موقفها معلنة أن قرار علاقاتها السياسية هو شأن خاص بها وأن الحيادية هي عنوان علاقاتها مع القوى العظمى، ولعل هذا الموقف هو الذي جعل حكومتا الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة الأمريكية لاحقًا تقتنعان نوعًا ما بأن أمن الخليج هو مسؤولية دولها وحدها؛ ولذلك تمت الموافقة الدولية رغم تباين آراء القوى العظمى على إنشاء مجلس التعاون لدول الخليج العربية حيث رسم هذا التكتل الإقليمي أهدافه انطلاقاً من مبدأ التعاون وعدم الاعتماد على الدول الأجنبية وإبعاد المنطقة من الصراع الدولي والمحافظة على ممراتها المائية وسلامتها.

      بهذا نجد أن روسيا منذ ترؤسها للاتحاد السوفيتي بلورت استراتيجيتها تجاه منطقة الخليج العربي حسبما تقتضيه مسألة إحكام قوتها ووجودها في المنطقة، ولكونها القطب المنافس للولايات المتحدة الأمريكية، فمن الطبيعي أن تحاول التغلغل في المنطقة وإبراز دورها في مسائلها الدولية، فالقيادة السوفيتية لم تتوان لحظة في أي خطوة من شأنها أن تعزز من وجودها ضد الهيمنة الأمريكية، وعلى الجانب الآخر كانت الولايات المتحدة الأمريكية تراقب الأوضاع بحذر كبير وتمارس سياسة الضغط الشديد على دول المنطقة خوفًا من أن تميل كفتها لصالح منافسها السوفيتي الذي بات مهددًا لمصالحها ومشكلاً لها قلقًا كبيرًا، وبالنسبة لدول المنطقة فكانت بين مد وجزر ولم ترغب في أن تكون أراضيها ميدانًا للصراع الدولي بل حرصت كل الحرص على الحفاظ على أمنها واستقرارها وسلامة موانئها وممراتها المائية من خلال اتباع سياسة الحياد والابتعاد عن دوامة الصراعات والأزمات الدولية.

     لم يستمر الوضع على ما هو عليه، فما لبثت أن تغيرت القناعات السوفيتية لفترة من الزمن خاصة مع مسألة إقامة علاقاتها الدبلوماسية مع دول المنطقة وتعاونها معها في مختلف المجالات، ومشاركتها في كل ما يتعلق بأمن الخليج. لقد بادرت حكومة الاتحاد السوفيتي في تغيير مسار موازنتها للأمور ورأت ضرورة انتهاج المسار السلمي في علاقاتها مع الولايات المتحدة الأمريكية وتجنب كل صدام عسكري وإعلامي معها، وهذا بلا شك سينعكس إيجابًا عليها وعلى دول المنطقة وأمنها فضلاً عن تحقيق نوع من السلام العالمي، الذي سيخدم مصالح جميع الأطراف التي تقع تحت مظلتها.

     بعد انهيار الاتحاد السوفيتي ككيان سياسي، استمرت سياسة الروس تجاه منطقة الخليج العربي وأمنها مثلما كانت عليه، غير أن الأزمة الروسية الأوكرانية أثارت نوعًا من القلاقل تجاه أمن المنطقة، وقد أكدت دول مجلس التعاون الخليجي منذ بداية الأزمة التزامها بميثاق الأمم المتحدة، وشددت على جانب احترامها لمبادئ السلام الدولية وسيادة الدول، كما أعلنت دول المجلس على ضرورة اتباع الطرق السلمية لمعالجة الأزمة الروسية الأوكرانية وتجنب أي تصعيد سلبي لها؛ حفاظًا على السلام والأمن في أراضي الطرفين، وكذلك الحفاظ على الأمن الإقليمي والأمن الدولي.

  وأشارت دول مجلس التعاون الخليجي في اجتماع سابق انعقد في المملكة العربية السعودية ومُثّل من قبل وزراء خارجية دولها، إلى ضرورة تسوية النزاع وتوظيف لغة الحوار بين روسيا وأوكرانيا وإيقاف الصدام المسلح بينهما، كما أكد المجلس دعمه الإنساني للمتضررين من الحرب، ومن الجدير بالذكر أن دول مجلس التعاون الخليجي لم تستغل هذه الأزمة من خلال تأثيرها على أسعار النفط، بل صرحت بعض دولها عن موقف مغاير للمتوقع على المستوى الدولي، وذلك من خلال إعلانها وإصرارها على عدم رفعها لأسعار براميل النفط، وإبقاء الوضع على ما هو عليه قبل الحرب، وبالرغم من ذلك فلا يخفى على أحد أن استمرار الأزمة قد يؤثر على المدى البعيد على الأمن الغذائي للمنطقة؛ لكون أوكرانيا وروسيا من الدول المصدرة لكثير من المواد الغذائية التي تحتاجها دول المنطقة، ولعل تصريحات بعض الخبراء الاقتصاديين تعكس لنا نوعًا من الاطمئنان حيث أكدوا على نفي التأثر السلبي المتوقع والمتحمل لهذه الدول؛ انطلاقًا من عدم حصر اعتمادها على استيراد المواد الغذائية من أوكرانيا وروسيا فقط، وإنما هناك العديد من دول العالم يمكن التصدير منها والتعاون معها اقتصاديًا، وبالرغم من ذلك فلابد من دول الخليج  أن تأخذ حذرها تجاه أي تصعيد سلبي متوقع للأزمة التي باتت تؤرق العالم بشكل كبير، والتشديد على هدف تحقيق الأمن والسلام الدوليين والحفاظ على أمن أراضيها بمختلف جوانبه، والالتزام بموقفها المحايد تجاه أطراف الأزمة، انطلاقًا من مبدأ موازنة علاقاتها مع طرفي هذه الأزمة والدول الغربية التي اتبعت سياسة فرض العقوبات على روسيا، وحفاظًا على دبلوماسية واستراتيجية علاقاتها الدولية وتجنب كل ما من شأنه أن يهدد خططها وطموحاتها التنموية.

مقالات لنفس الكاتب