array(1) { [0]=> object(stdClass)#13616 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 181

حرب أوكرانيا تدعم التوجه للجيوش الذكية قليلة العدد كبيرة التأثير كالجيوش الخليجية

الخميس، 29 كانون1/ديسمبر 2022

شهد العام الميلادي المنصرم 2022م، العديد من الأحداث والمنافسات والأزمات والصراعات التي أفضى بعضها إلى ميدان القتال لمحاولة حل الأزمات بالحرب من خلال الصراع المسلح الخشن ،حين فشلت الوسائل السياسية الأقل خشونة وكذلك الدبلوماسية الناعمة ..ولعل أكثر تلك الأزمات خشونة ودموية، الرابع والعشرين من فبراير2022م، ومازالت مستمرة حتي كتابة هذه المحررات في مستهل العام الجديد 2023م، فيما عرف بالأزمة الأُوكرانية أو الروسية/ الأوكرانية،

بينما تسميها روسيا (العملية الخاصة ضد النازيين الجدد في أوكرانيا) تجنبًا لاستخدام مسمى الحرب صراحةً وتجنب أنها شاملة وضد أوكرانيا والجيش الأوكراني، بل حرب محدودة ضد من أسمتهم بالنازيين الجُدد، لاستدرار التعاطف ضد النازية الهتلرية التي  كرهتها أوروبا خلال مأساة الحرب العالمية الثانية 1939- 1945م، التي بدأتها ألمانيا..

*أولاً: الصراعات والتموضع العسكري خلال عام 2022م:

بالإضافة إلى الحرب الأوكرانية، فقد شهد العام 2022م، العديد من الصراعات المسلحة الأقل سوءاً في الحجم أو الوقت أو الشدة، كان معظمها في المنطقة العربية أو التماس الشرق أوسطي مع دول الجوار غير العربية، نذكر منها الآتي:

ـ الصراعات العسكرية:

1 – إيران: الحرب بالوكالة ضد بعض دول الخليج من خلال تهريب الأسلحة إلى الحوثيين باليمن، أو إلى حزب الله في لبنان من خلال سوريا، مع التدخل المباشر في سوريا منذ 2013م، ومؤخرًا في شرق العراق.

2 – تركيا: استمرار التدخل في الشمال السوري ثم احتلاله مؤخرًا، وكذلك شمال العراق بدعوى القضاء على حزب العمال الكردستاني المعارض الذي تصنفه تركيا منظمة إرهابية.

3 – إثيوبيا: استمرار اختراق الحدود السودانية الشرقية مستغلة الأزمات والانشغال السوداني الداخلي، وبعد حسمها لأزمة إقليم تجراي المطالب بالانفصال.

4 – الحروب غير المتماثلة بين الدولة والمليشيات المسلحة: كما في الصومال ودارفور شمال غرب السودان وجزئيًا في العراق.

ـ إعادة أو تعديل التموضع العسكري:

1 – إقليميا: وشمل تركيا لوضعها العسكري في سوريا والعراق، وكذلك إسرائيل شمالاً تحسبًا لأي تحرك معادٍ لحزب الله.

2 – عالمياً: تعديل تموضع بعض قيادات وقوات حلف الأطلنطي (NATO) طبقًا لتداعيات الأزمة الأوكرانية، مع التركيز على الأجنحة الجنوبية الشرقية في رومانيا والشمالية الشرقية في استونيا والقلب في بولندا. وبالمقابل روسيا بتحريك جزء من احتياطيها الاستراتيجي من العمق في اتجاه الجبهة الأوكرانية ثم فنلندا العازمة على الانضمام إلى حلف الأطلنطي، وذات الحدود المباشرة مع روسيا لمسافة 1300كم.

بالإضافة إلى التموضع البحري الكثيف لكل من الولايات المتحدة وبريطانيا بالقرب من بحر الصين الجنوبي لدعم تايوان في مواجهة الصين، كما ينتظر مستقبلاً مشاركة وانتشار الغواصات الأسترالية النووية المتقدمة التي ابتاعتها من الولايات المتحدة قرب نهاية 2021م.

 *ثانيًا: مفهوم التوازن العسكري الإقليمي والدولي:

إذا نظرنا إلى مصطلح التوازن الإقليمي وعلاقته بمصطلح التوازن الدولي، فسنجد علاقة رأسية تصاعدية أو تنازلية حيث يكون أحدهما مُنشِئ للآخر، أو مُستقبِل لرد الفعل من الآخَر. كما سنجد تأثير وعلاقة اُفقية تمددية تبدأ بالأقاليم المحيطة والمتاخمة، وقد تتمدد إلى أقاليم أبعد جغرافيا ولكنها متداخلة، أو اُدخِلت نتيجة تحالفات أو مصالح في مجالات سياسية أو اقتصادية أو أمنية دفاعية أو أكثر من مجال في وقت واحد. خاصة إذا ما فشل الصراع والحلول السياسية للأزمة، وانزلقت إلى الحرب والصراع المسلح في ساحة القتال.

ولدينا مثالان خلال العام المنصرم 2022م، وينتظر استمرارهما خلال العام 2023م، الأول دولي إقليمي مكتمل وهو الحرب الروسية / الأوكرانية -وهو ما سنُركز عليه-حيث أنه مثال شامل، والثاني لم يتجاوز مرحلة الصراع السياسي فيما يخص الأزمة الصينية / التايوانية، حيث الأخيرة مدعومة من الغرب وخاصة الولايات المتحدة وبريطانيا.

والمثال الثاني إقليمي دولي، متعدد ولكننا سنركز على الإقليم الشرق أوسطي العربي وأقاليمه الفرعية المتشابكة، مع تهديد من أطراف وجوار غير عربي، كإيران ضد الخليج، وتركيا ضد الشمال السوري والعراقي، وإسرائيل ضد سوريا ولبنان.

ثالثًا: الحرب الروسية على أوكرانيا:

هي مثال شامل يغطى العديد من جوانب الدراسة من حيث، المجال الدولي والإقليمي، وتعدد مجالات التسلح التقليدي وفوق التقليدي والتهديد النووي، وتغير وتطور العقائد العسكرية وعقائد القتال العامة والنوعية، والدروس المستفادة حتى الآن ثم بعد أن تضع الحرب أوزارها، وهكذا.  

1 -التوازن العسكري الروسي / الأوكراني التقليدي في افتتاحية الحرب:

مساحة مليون كم2

ميزن دفاع مليار$

صواريخ ميدان

مدفعية

مجنزرات

دبابات

إجمال قوات بحرية

إجمالي قوات جوية

قوات مشاة بالألف

المقارنات

17

145

3391

14145

30122

12420

290

4173

1100

روسيا

64.

11.9

490

3107

12303

2596

16

318

250

أوكرانيا

                               

: Global Fair Power 2022 المصدر:

تحليل مقارنات التسلح التقليدية:

يُظهر الجدول عالية لقدرات التسلح التقليدي، التفوق الروسي الكبير في معظم المجالات والتفوق الكاسح في بعضها، وهو ما يثير التساؤل، كيف صمدت أوكرانيا أمام تلك الهجمات وقاومت لمدة طويلة وعلى وشك أن تكمل العام الأول منذ بدأت روسيا الحرب في فبراير 2022 ؟! لنبحث عن الإجابة من خلال التحليل كالآتي:

1 -وقت وأماكن تموضع الحشد الروسي قبل الحرب، أفقد روسيا أحد أهم مبادئ الحرب وهو مبدأ المفاجأة ومباغتة العدو ببدء الحرب وخاصة من حيث التوقيت والمكان وتركيز المجهود الرئيسي للهجوم (عكس ما فعلته مصر وسوريا في حرب أكتوبر تشرين 1973م).

2 -إن المُدافع لديه فرص أكبر لتوظيف أرض ومسرح الحرب بشكل أفضل من المهاجم خاصة أنها أرضه ويحفظها جيدًا، كما أن قوانين الحرب توضح أن المهاجم يحتاج إلى من 3-4 : 1 ضعف المدافع نتيجة التعرض لنيران المدافع، حيث الثبات افضل من الحركة.

3 -إن أوكرانيا من ذات المدرسة التسليحية والتكتيكية الشرقية الروسية، وبالتالي توقع أسلوب قتال القوات الروسية المهاجمة. ا

4 -إن حلف الأطلنطي ذو مصلحة في إنزال أكبر خسار ممكنة في الجيش الروسي" بهدف إضعاف روسيا " وهو نص ما قالة وزير الدفاع الأمريكي الجنرال لويد أوستين في زيارته لكييف لاحقًا .. ولذلك ساعد الحلف أوكرانيا في التخطيط الدفاعي قبل الحرب.

أما بعد نشوب القتال وتطوره فقد أمد الحلف والاتحاد الأوروبي أوكرانيا بالسلاح والعتاد مع التدريب كأحد أكبر أمثلة للحرب بالوكالة على مستوى دولة، وليث مليشيات مسلحة كالقاعدة في أفغانستان وكيلاً عن الولايات المتحدة أو الحوثيين في اليمن وكيلاً عن إيران.

5 – إيقاف الغرب للنظام الكوني لتحديد المكان (GPS) مما أربك القوات الروسية وخاصة الدبابات ليلاً، وعند استخدام النظام الروسي البديل (GLONAS) تمت مهاجمته سيبرانيًا، مع عدم توفر وسائل الملاحة التقليدية بالبوصلة المغناطيسية.

6 – إيقاف الغرب لتصدير التكنولوجيا المتقدمة إلى كل من روسيا والصين، مما أثر سلبًا على نُظم التسلح المتطورة ونًظم الصناعات الأخرى.

تنويه: ُذكٍر بأن جميع مراكز الدراسات والفكر العالمية عالية المصداقية، تقارن الأعداد والترتيب الدولي (Rankings) للأسلحة التقليدية فقط، دون فوق التقليدية أو النووية، كما

 تقارن الأعداد وليس النوعية أو مدى التقدم التكنولوجي، وهو ما يجب أخذه في الاعتبارات الفنية التخصصية، رغم أن المقارنات العامة لكلا المدرستين العسكريتين تأخذان بالأعداد.

*رابعًا: نظم التسلح التقليدية وغير التقليدية وتأثيرهما في الحروب الحديثة:

أظهرت الحرب الأوكرانية بشكل كاشف، التوسع الكبير في استخدام نظم التسلح والقدرات غير أو فوق التقليدية، ليس فقط في الأداء والاستخدام القتالي، ولكن أيضًا في تكتيكات وتسلسل القتال، الذي أثر وسوف يؤثر مستقبلاً على عقائد القتال والعقائد العسكرية بنسب متفاوتة، وما يستتبع ذلك من تغير في الاستراتيجيات العسكرية العامة للدولة أو التخصصية داخل أفرع القوات المسلحة، البرية والبحرية والجوية، ويزاد الدفاع الجوي في المدرسة العسكرية الشرقية، حيث أنه ضمن القوات الجوية في المدرسة الغربية، كالآتي:

1 -من حيث التواجد والاستخدام القتالي: كان هناك توسع في استخدام المسيرات (الدرونز) والصواريخ والذخائر الذكية، وكذلك الصواريخ فرق الصوتية، وهو ما نتج عنه السرعة والدقة ورخص التكلفة، بالمقارنة لبعض الأسلحة التقليدية الأخرى لذات المهام.

2 - من حيث تسلسل الاستخدام القتالي: تتسم الحروب التقليدية بتسلسل معين ويمكننا أخذ مثال كاشف وواضح لحرب أكتوبر 1973م، بين كل من مصر وسوريا ويتبعان المدرسة الشرقية (السوفيتية) التكتيكية والتسليحية من جهة، وإسرائيل التي تتبع المرسة الغربية (حلف الأطلنطي) التكتيكية والتسليحية من جهة أخرى، ولنأخذ الجبهة المصرية في قناة السويس - حيث الخبرة الشخصية للكاتب – فقد بدأت الحرب بضربة جوية افتتاحية بعدد (220) طائرة قابلة للتكرار، تبعها تمهيد نيران لعدد (2200) مدفع لمدة 53 دقيقة تخللها عبور المفارز المتقدمة لفرق النسق الأول، وتلاها بدء الهجوم واقتحام قناة السويس على مواجهة 160 كم لاقتحام وتدمير خط بارليف الدفاعي الحصين، ثم صد وتدمير الاحتياطيات المدرعة الإسرائيلية المتدرجة في العمق والقوة، من المحلية إلى التكتيكية، ثم دفع الجانب المصري باحتياطيه التعبوي (العملياتي) لتطوير الهجوم لتحقيق المهام التالية والنهائية، والاستعداد لصد وتدمير الاحتياطي الاستراتيجي الإسرائيلي، حيث دارت بعض المعارك النهائية شرق وغرب القناة حتى صدور قرار وقف إطلاق النار من مجلس الأمن رقم 338  في 22 أكتوبر لفض الاشتباك وإنهاء الحرب ..

وهذا مثال متكامل لحروب ما بعد الحرب العالمية الثانية 1939-1945م، وإنشاء الأمم المتحدة ومجلس الأمن، لتصبح الحرب -كما اُسميها -مرحلة وسيطة بين السياسة والسياسة، وليس كالحروب العالمية الممتدة لسنوات لنصر كامل وهزيمة كاملة، كادت أن تعرض الإنسانية للفناء.

3 -اختلاف تسلسل الحرب ووسائلها في الحرب الروسية على أوكرانيا: فاجأت القوات الروسية العالم وأوكرانيا بتسلسل ووسائل مختلفة في افتتاحية الحرب بما سوف يؤثر على تكتيكات الحروب التقليدية مستقبلاً، فلم تبدأ بضربة جوية ولا تمهيد نيراني للمدفعية، بل ضربة صاروخية ذات نوعان الأول بصواريخ باليستية ضد الأهداف المساحية الكبيرة كالمطارات ومراكز القيادة والمستودعات اللوجستية ،خاصة الذخائر والوقود وبعض البنى التحتية الهامة، أما النوع الثاني فتم باستخدام الصواريخ والذخائر الذكية ضد الأهداف النوعية العسكرية كمواقع الدفاع الجوي والرادارات ووسائل الحرب الإليكترونية، بما أصاب القوات الأوكرانية (بالشلل) والدفاع الجوي والرادارات (بالعمى) وخاصة خلال الأيام الأولى من الحرب، وقبل أن تتدخل تكنولوجيا الغرب المتقدمة لإنقاذ أوكرانيا.

4 -نتائج التكتيكات الجديدة للضربات الصاروخية الروسية الافتتاحية: حققت تلك الضربات مفاجأة عدم التوقع، مع السرعة الفائقة مقارنة بسرعة الطائرات، وكذلك الدقة ضد الأهداف الصغيرة التي تعتبر (هدف نقطة) والأهم هو رخص التكلفة، حيث يتكلف الصاروخ بضع مئات من الدولارات، بينما تتكلف طائرة واحدة متعددة المهام من الجيل الرابع أو الخامس، 100 مليون دولار قابلة للزيادة .. مع توفير ملايين الدولارات ثمن لملايين قذائف المدفعية وصواريخ الميدان خلال التمهيد النيراني، حيث سيقتصر دورها على النيران المرافقة للهجوم وتطويره أو ضد ما يعوقه من المقاومات في عمق الدفاعات المضادة.

ولكن سوف يقتصر ذلك في حروب المستقبل على الدول التي تمتلك تكلفة وتكنولوجيا إنتاج تلك الأنواع من الصواريخ والذخائر الذكية بكثافة.

*خامسًا: نظم التسلح الجديدة وتأثيرها على الاستراتيجيات والعقائد العسكرية والقتالية:

تقع معظم تلك الأسلحة في المجال فوق التقليدي، الذي يتوسط المجالين التقليدي لنظم التسلح الذي أصدرته الأمم المتحدة في بدايات تسعينيات القرن الماضي بمسمى (جدول الأسلحة التقليدية) من جهة، والمجال النووي من جهة أخرى، وما عداهما فهو فوق تقليدي وهو مجال قابل للتوسع لما يستجد، فهو يحتوي الآن على (المسيرات بأنواعها – الصواريخ الباليستية و مضاداتها – الصواريخ والذخائر الذكية – الأقمار الصناعية العسكرية – الأسلحة الكيميائية والبيولوجية مع تصنيفها ضمن أسلحة الدمار الشامل – وما يستجد).

مع أسلحة ومعدات قيد الاستخدام الأوًلي سوف تؤثر بشكل كبير على ميدان القتال من حيث التكتيكات والاستراتيجيات والعقائد العسكرية والقتالية مثل (المسيرات غير المأهولة تحت الماء – ومراكز القيادة الاستراتيجية الطائرة القادرة على البقاء في الجو لعدة أسابيع – والصواريخ فوق /فرط الصوتية والتي استخدمتها روسيا جزئيًا – وما استجد).

1 -التأثير على بناء الاستراتيجيات العسكرية:

وسيتم ذلك من حيث تحديد الهدف والمحددات والمرتكزات وأسلوب وسياسة التنفيذ والاستخدام مرتبطة بمديات زمنية محددة ومتراكمة بدءًا بما هوعاجل، مع أهمية حساب التكلفة في مقابل العائد في مسرح الحرب من سرعة ودقة وتأثير على القوات المضادة في ميدان القتال.

2 -التأثير على العقائد العسكرية:  

ترتبط العقيدة العسكرية)  Military Doctrine) للجيوش أو القوات المسلحة، المنوطة بالاستخدام القتالي لتحقيق الغاية والأهداف القومية للدولة، حيث أن الجيوش هي الوسائل الخشنة لتحقيق الأهداف الحيوية للدولة، فيما لم تحققه السياسة، وذلك ارتباطًا بإمكانيات وقدرات قواتها المسلحة.

ويحضرنا مثال كاشف لإعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن العقيدة العسكرية الجديدة للقوات البحرية الروسية من سانبطرس بورج في 31 أغسطس 2022م، وجاء أهم ما فيها كالآتي:

- العودة لأعالي البحار، أي المجال العالمي: نظرًا لأنها مقيدة بالعبور من خلال بحار داخلية كالأسود والبلطيق، كما أن بحر قزوين بحر مغلق، مما يستتبعه من التوجه إلى بناء حاملات الطائرات (كمطار عائم) (لدى روسيا حاملتين فقط إحداهما حاملة مروحيات -في مقابل 20 لدى الولايات المتحدة منهم 9 حاملة مروحيات).

- البحث عن نقاط ارتكاز حول العالم: لتعويض الافتقار إلى حاملات طائرات لحين بنائها.

- أهمية الاستيلاء على غرب بحر آزوف وتأمينه: وهذا يخص الحرب على أوكرانيا، حيث الساحل الغربي هو ساحل إقليم دونباس (حوض نهر الدون) وكذلك ميناء ميروبول الهام.

(مع رمزية اختيار المكان والتاريخ حيث عاصمة روسيا القيصرية وتاريخ بناء القوات البحرية)

3 -العقيدة القتالية:

وترتبط بنظم تسلح وتكتيكات قواتنا، وبالمقابل مع مثيلتيهما لدى القوات المعادية، وارتباط كلتيهما بطبيعة مسرح الحرب، فالمسرح الصحراوي يتناسب مع استخدام القوات المدرعة والميكانيكية، عكس المسرح الجبلي أو الغابي حيث العوائق الطبيعية والصناعية، وكذلك المسرح الزراعي حيث الموانع المائية والطرق المحدودة وكثرة المناطق المبنية، والأخير يشبه المسرح الأوكراني إلى حد كبير .. بالإضافة إلى عامل الطقس من حيث الحرارة والبرودة والجليد والرياح والرطوبة والرؤية.

*سادسًا: الحرب الأوكرانية ونظم التسلح ومدى استفادة دول مجلس التعاون الخليجي:

تصنف تلك الحرب المحدودة ورغم ذلك تعتبر من الحروب الكبيرة لتعدد أطرافها غير المباشرة، كما تصنف كحرب ممتدة، مضى عليها قرابة العام وينتظر أن تمتد خلال أجزاء من عام 2023م، واستخدمت فيها العديد من نظم التسلح المعروفة ويمتلكها الطرفان، أو نظم جديدة أو مطورة فاجأ بها أحد الأطراف الطرف الآخر، وانطبق الجديد على روسيا في الغالب بينما انطبق تطوير القديم على أوكرانيا كمثال الصواريخ (ارض-سطح) التي أغرقت سفينة قيادة الأسطول الروسي في البحر الأسود (الطراد موسكافا).

وعلى مستوى التسلح التقليدي الذي يمكن أن تستفيد منه جيوش دول مجلس التعاون الخليجي، فلدينا ما هو موجود بالفعل ومثيل لدعم حلف الأطلنطي لأوكرانيا وتم اختباره بالفعل، أو ليس موجودًا ويمكن حيازته خليجيًا بعد أن يثبت فعاليته وجدارته، كالآتي:

1 – أسلحة غربية لدى الخليج وتم استخدامها بالفعل:

- الأسلحة الخفيفة الأمريكية المضادة للدبابات مثل (جافلين-ولاو ضد الأهداف خلف سلتر).

- الأسلحة الخفيفة الأمريكية المضادة للطائرات مثل (ستنجر) التي تطلق من البر والسفن.

- أسلحة أمريكية تصدق على إرسالها ولم تصل إلى أوكرانيا بعد مثل (صواريخ الباتريوت المضادة للطائرات).

2 – أسلحة غربية ليست لدى الخليج ويفضل امتلاكها:

- المسيرات (الدرونز، وخاصة بليد) الجوية المتطورة.

- المسيرات الأمريكية البحرية التي تعمل تحت سطح الماء، لمواجهة الغواصات الإيرانية            المتعددة، في مقابل عدم امتلاك خليجي، اعتمادًا على الأسطول الخامس الأمريكي في البحرين.

- صواريخ الميدان الأمريكية الخفيفة والدقيقة ( هيمارس) إن لم تكن موجودة بالفعل.

- الخليج يمتلك القدرات السيبرانية، ولكن يجب السعي لامتلاك القدرات السيبرانية المضادة.

- أهمية امتلاك والتدريب لـ (بُوصَل) الملاحة التقليدية حال توقف نظام (GPS).

  نخلص إلى:

تنتمي الحرب الروسية الأوكرانية إلى الحروب الكبيرة، رغم أنها بين طرفين مباشران، فروسيا القوة الثانية عالميًا، كما تصنف الحرب بأنها حرب ممتدة وعابرة للحدود ومتعددة الأطراف، وجامعة بين الحرب المباشرة بين طرفيها وأطراف أخرى سواء بالاشتراك غير المباشر، كبيلاروسيا لدعم روسيا باستخدام أراضيها ضد أوكرانيا، أو كحرب بالوكالة ليس لمستوى مليشيات مسلحة بل لمستوى الدولة الأوكرانية ذاتها وكيلاً عن حلف الأطلنطي، بهدف إضعاف روسيا كما أعلن وزير الدفاع الأمريكي من كييف.

كما أثبتت أن الاستخدام الجيد للمدافع لمسرح الحرب، يمكن أن يحسٍن من ميزان القوى الذي في صالح المهاجم، ولم تقتصر المفاجأة على سلاح جديد فقط، بل شملت تطوير سلاح قائم، والأهم هو مفاجأة تسلسل بدء الحرب التقليدية التي حققت السرعة والدقة ورخص التكلفة.

كما كانت الحرب مجال رحب للاختبار القتالي لأسلحة جديدة لم تختبر قتاليًا قبلاً أو مستحدثة، سوف تؤثر على الحروب المستقبلية، وتدعم التوجه إلى الجيوش الذكية قليلة العدد، كبيرة التأثير والفعالية، وهو ما ينطبق على معظم جيوش الدول الخليجية وما يشابهها مستقبلًا.

مقالات لنفس الكاتب