array(1) { [0]=> object(stdClass)#13018 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 182

الاتحاد الأوروبي يعي اتجاه النظام الدولي وضرورة التعاون مع شركاء من القوى الصاعدة

الإثنين، 30 كانون2/يناير 2023

يتجه الاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون الخليجي إلى تأسيس شراكة استراتيجية بينهما. هذا هو ما أعلنه الاتحاد الأوروبي في مايو 2022م، في وثيقة مشتركة لمفوضية الاتحاد الأوروبي والممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للسياسة الخارجية والأمن، وهو الإعلان الذي رحب به مجلس التعاون الخليجي، بما يبشر بانتقال العلاقة بين أوروبا والخليج إلى مستوى أرقى من التعاون. الاتحاد الأوروبي والخليج لاعبان دوليان رئيسيان في الاقتصاد العالمي، فهما معًا يمثلان 20% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، 17.5% من التجارة الدولية، وأكثر من نصف الاستثمار الأجنبي المباشر، بالإضافة إلى الأهمية القصوى للخليج كمصدر للطاقة، وكلها عوامل تعزز أهمية التعاون بين الطرفين.

الخبرة التاريخية والسياق السياسي الراهن

القرب الجغرافي بين أوروبا والشرق الأوسط والخليج يرفع من حساسية أوروبا للتطورات في المنطقة بسبب سهولة انتقال آثار ونتائج الاضطرابات في المنطقة إلى أوروبا. تختلف أوروبا في هذا عن الولايات المتحدة، فالبعد الجغرافي يوفر عازلاً يحد من انتقال آثار الاضطرابات في الشرق الأوسط والخليج إلى الولايات المتحدة. لقد ظهر هذا بوضوح في العقد الأخير بعد أن أدى الاضطراب السياسي في المشرق العربي إلى تدفق الهجرة إلى أوروبا، بما تسبب في أزمات عدة في الاتحاد الأوروبي، بما في ذلك أزمة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، والذي كانت الرغبة في الحد من تدفق اللاجئين أحد دوافعه.

للخليج والاتحاد الأوروبي تاريخ حافل بالعلاقات الثنائية بين الدول الأوروبية والخليجية، وبمحاولات تأسيس علاقات متعددة الأطراف بين المنظمتين الإقليميتين. هناك بداية قديمة سبقت تأسيس مجلس التعاون الخليجي، وسبقت كذلك وصول تجربة التكامل الأوروبي إلى طور النضوج، وانتقالها من تجمع اقتصادي إلى اتحاد. تمثل ذلك فيما عرف بالحوار العربي ـ الأوروبي، الذي بدأ عام 1973م، بين الجماعة الاقتصادية الأوروبية والجامعة العربية. لقد تم إطلاق هذا الحوار في أعقاب الحرب العربية ـ الإسرائيلية في أكتوبر 1973م، والتي رافقتها أول أزمة كبرى للطاقة تواجه أوروبا، بعد أن تم حظر تصدير النفط العربي للدول الأوروبية المؤيدة لإسرائيل، وبعد أن ارتفع سعر النفط كأحد تداعيات الأزمة السياسية والحرب في الشرق الأوسط، بما يشير إلى أن الطاقة كانت حاضرة في قلب علاقات الجانبين منذ مرحلة مبكرة.

المحطة التالية في العلاقات بين الجانبين تمثلت في اتفاق التعاون الموقع بين الجماعة الاقتصادية الأوروبية ومجلس التعاون الخليجي عام 1989م، في هذا الوقت كان الحوار العربي الأوروبي قد توقف قبل عدة سنوات بعد الانقسام الذي حدث في العالم العربي عندما عقدت مصر اتفاقًا للسلام مع إسرائيل، وتعذر على أوروبا مواصلة الحوار السياسي مع الجامعة العربية التي رفضت اتفاقات السلام التي أيدتها الجماعة الأوروبية. توقف الحوار العربي – الأوروبي، وتراجعت الأسباب التي تدعو إلى مواصلته مع تزايد التفكك في العالم العربي، في حين كانت أهمية الخليج تتزايد بسبب عوامل متعددة، أهمها زيادة الدور الاقتصادي للخليج، وأيضًا بسبب تحول الخليج إلى البؤرة الأكثر خطورة لعدم الاستقرار الأمني في الشرق الأوسط منذ الثورة الإيرانية، والحرب التي تبعتها بين إيران والعراق. في نفس الوقت فإن تأسيس مجلس التعاون الخليجي في عام 1981م، قد أتاح شريكًا خليجيًا للحوار المباشر مع الطرف الأوروبي.

اتسعت اتفاقية التعاون الخليجية – الأوروبية 1989م، لتشمل مجالات اقتصادية واجتماعية وثقافية وتكنولوجية وبيئية، وإن جاء تناول هذه القضايا بصياغات عمومية، بما جعلها أقرب إلى مذكرة تفاهم أو إعلان للمبادئ. أما الجوانب الأكثر تحديدا التي وردت في الاتفاقية فنجدها تتعلق بقضايا الطاقة، فالمادتان 16، 17 من الاتفاقية تنصان على تبادل المعلومات ومناقشة الأمور التي قد تكون مربكة للأسواق، كما تنص المادة 19 على عدم التمييز بين الدول أعضاء الاتحاد الأوروبي، وهي نصوص تستلهم خبرة حظر تصدير النفط الذي فرضه منتجين خليجيين للنفط عام 1973م، على دول أوروبية مختارة مؤيدة لإسرائيل.

دوافع أوروبية

احتلت الطاقة إذن موقعًا مركزيًا بين العوامل التي دفعت الجانب الأوروبي للشروع في الحوار مع العرب في السبعينيات، ولتوقيع اتفاقية التعاون مع مجلس التعاون الخليجي عام 1989. مركزية الطاقة في العلاقات بين أوروبا والمنطقة مازالت قائمة، رغم تغير ظروف كثيرة، أهمها تطور الشخصية الخليجية المستقلة سياسيًا ومؤسسيًا، وبروز دور الخليج، كدول منفردة وإطار مؤسسي في سياسات الشرق الأوسط، في الوقت الذي تراجع فيه دور دول ومؤسسات عربية. في نفس الوقت فقد أصبحت العلاقات بين أوروبا والخليج أكثر تعقيدًا مما كانت عليه قبل ثلاثين عامًا. فقد تعمقت المصالح الخليجية الأوروبية في مجالات التجارة والاستثمار والتكنولوجيا، ولم يعد ينظر للخليج كمجرد مصدر للطاقة الأحفورية، في نفس الوقت الذي أصبح فيه الاتحاد الأوروبي أكبر من سوق اقتصادية مشتركة، وأصبحت أوروبا تتصدر المشهد العالمي في قضايا حيوية أهمها التغير المناخي وتحولات الطاقة، فيما يكتسب الاتحاد الأوروبي بشكل متزايد شخصية سياسية وعسكرية.

تبين المقارنة بين الشراكة المستحدثة واتفاقية التعاون الموقعة 1989م، بين مجلس التعاون الخليجي والجماعة الاقتصادية الأوروبية، التغيرات الكبيرة التي حدثت خلال العقود الثلاثة الفاصلة بين الحدثين. لقد تغير العالم، فانتهت الحرب الباردة، وها هي حقبة الأحادية القطبية التي أعقبت الحرب الباردة توشك على الانتهاء. لقد تحول الاتحاد الأوروبي إلى طرف رئيسي في النظام الدولي، فقد توسعت عضويته، وأصبح يمثل بأعضائه السبعة وعشرون ثالث أكبر قوة اقتصادية في العالم، وتغيرت طبيعته المؤسسية، وأصبح اتحادًا بعد أن كان تجمعاً اقتصاديًا، وأصبحت له طموحات وأدوار سياسية وأمنية لم تكن له قبل ثلاثين عاما، وظهرت فيه أطر ووظائف ومناصب دائمة ذات طبيعة سياسية متصلة بقضايا السياسة الخارجية والأمن. على الجانب الآخر فقد تغير مجلس التعاون الخليجي كثيرا. لم تطرأ تغيرات مؤسسية على المجلس، ومازال كما كان عليه قبل ثلاثة عقود، لكن دول المجلس أصبحت أكثر نموا وثروة، وأصبحت لها خبرة أعمق بالمؤسسات الحديثة الاقتصادية والإدارية والأمنية، وأصبحت دول المجلس لاعب رئيسي في سياسات الشرق الأوسط، واللاعب الأهم في سياسات العالم العربي، في حين تراجع دور مؤسسات أخرى كانت أكثر فعالية في ذلك الوقت (الجامعة العربية نموذجا). فقبل ثلاثة عقود كان علاقات مجلس التعاون الخليجي بالاتحاد الأوروبي تمثل أحد مسارات العلاقات بين أوروبا والشرق الأوسط، وكانت العلاقة مع الخليج لها أولوية أقل من علاقة أوروبا مع دول جنوب المتوسط، والتي احتلت الشراكة معها صدارة المشهد لعدة سنوات، تبلورت في توقيع إعلان الشراكة الأوروبية المتوسطية، المعروف بإعلان برشلونة عام 1995م. لقد فقدت سفن الشراكة مع جنوب المتوسط الكثير من قوة الدفع والحماس الذي كان يحركها، في حين اكتسبت دول الخليج موارد وخبرات ثمينة، فتصدرت المشهد، ويمكن القول إنها أصبحت العنوان الرئيسي عند التحدث إلى العالم العربي، وأحد العناوين الرئيسية في الشرق الأوسط الأوسع.

وكما ارتبطت تجربة الحوار العربي – الأوروبي بحرب وأزمة طاقة، فإن التطور الراهن في العلاقات الخليجية ـ الأوروبية هو أيضًا يرتبط بحرب وأزمة طاقة. فقد أطلقت الهيئات الأوروبية وثيقة الشراكة الاستراتيجية مع مجلس التعاون الخليجي في غضون ثلاثة شهور من بدء الحرب الروسية في أوكرانيا، وما تبعها من قيود أوروبية على واردات الطاقة القادمة من روسيا، الأمر الذي عزز من حاجة أوروبا لتأمين مصادر بديلة للطاقة.

غير أنه فيما وراء قضية الطاقة، فإن الاتحاد الأوروبي يعي اتجاه النظام الدولي نحو تعدد الأقطاب، بحيث أصبح من الضروري توسيع إمكانيات التعاون مع شركاء من القوى الصاعدة في سبيل تحقيق الأهداف المرجوة. لقد ضم المشروع التصور الأوروبي لأوجه التعاون مع مجلس التعاون الخليجي قائمة شديدة الاتساع من مجالات التعاون، شملت تقريبًا كل شيء يتعلق بالصناعة والاستثمار والتجارة والزراعة وإنتاج الغذاء والتعليم والثقافة والبحث العلمي والبيئة والطاقة المتجددة وحقوق الإنسان، وهي قائمة طموحة تعكس النوايا الأوروبية، وإن كان من غير العملي توقع إنجازات مهمة في كل هذه المجالات.

التحديات

الاتحاد الأوروبي هو منظمة متعددة الأطراف تتكون من عدة دول، يحتفظ كل منها بسيادته وحقه في نقض القرارات الصادرة عن الاتحاد، بما يجعل السياسات التي يطبقها الاتحاد عادة تعبيرًا عن المشترك الأدنى بين دول الاتحاد، وبما يحد فاعلية الأداء السياسي للاتحاد الأوروبي، خاصة في المجال الخارجي، بما قد يعوق تطبيق سياسة فعالة لتطوير التعاون بين الاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون الخليجي. لقد أصبح الاتحاد الأوروبي كيان أقل انسجاما بسبب موجات التوسيع المتتالية، خاصة بعد ضم اثني عشر دولة من دول الاتحاد السوفيتي وحلف وارسو السابق، فبعض هذه الدول له خبرة تاريخية وثقافة مختلفة عما هو سائد في مجموعة دول غرب أوروبا؛ وبالتبعية فقد أصبحت عملية صنع السياسات في الاتحاد الأوروبي عملية أكثر صعوبة.

لقد ضمت قائمة مجالات التعاون المقترحة بين أوروبا والخليج قائمة شديدة الاتساع، جعلتها أقرب إلى قائمة الرغبات، أكثر منها برنامج عمل محدد، وبما يمكن اعتباره تشتتا وغياب تركيز. لهذا التشتت صلة بطبيعة تركيب الاتحاد الأوروبي كمنظمة متعددة الأطراف تحتاج إلى مراعاة مصالح أكبر عدد من الدول الأعضاء. بالإضافة إلى ذلك فإنه في داخل التعددية الوطنية داخل الاتحاد الأوروبي، توجد أيضًا تعددية إيديولوجية وسياسية، تتمثل في التكتلات الموجودة داخل مؤسسة البرلمان الأوروبي التي يجري انتخابها مباشرة منذ عام 1979م، لقد طرأ على تركيب البرلمان الأوروبي تغيرات كثيرة، فقد عكست التغيرات الإيديولوجية الحادثة في المجتمعات الأوروبية نفسها في البرلمان الأوروبي، ففقدت أحزاب يمين ويسار الوسط مكانتها المتفوقة تقليديًا، وزاد تمثيل أحزاب راديكالية إلى اليسار وإلى اليمين، بما في ذلك أحزاب الخضر والقوميين الشعبويين، فانعكس الاستقطاب الإيديولوجي المتزايد في المجتمعات الأوروبية في تمثيل التيارات المختلفة داخل البرلمان الأوروبي؛ وتمثل مراعاة تفضيلات هذه الخليط الكبير من المصالح القومية والإيديولوجية تحدياً كبيراً لفاعلية المؤسسات الأوروبية، ولقدرة الاتحاد الأوروبي على التصرف بسرعة وحسم تناسب عظم التحديات.

وفي مرات كثيرة يكون من الصعب على الاتحاد الأوروبي تطوير سياسة محددة قابلة للتطبيق الفعال، وهو القصور الذي يجري تعويضه عن طريق إصدار الإعلانات declaration ، وهو أداة سياسية، يستخدمها الاتحاد الأوروبي بكثرة لتخفيف التناقضات بين مكونات الاتحاد من الدول والتيارات الإيديولوجية، وكطريق طويل وغير مباشر للوصول إلى الهدف، عوضًا عن العمل المباشر واتباع أقصر الطرق لأداء الدولة الوطنية صاحبة السيادة. وبالتالي فإنه عوضا عن الفعالية المادية في قضايا سياسية وأمنية، فإن الإعلانات تعوض نقص الفعالية الأوروبية، بحيث يبدو إعلان موقف يعكس المبادئ الأوروبية كما لو كان سياسة أوروبية تجاه القضية المعنية.

نتائج منتظرة

بشكل أساسي ومن الناحية العملية فإن الاتحاد الأوروبي ليس بديلاً عن الدول المكونة له، ولكنه يمثل إطارًا تتفاوض من خلاله الدول الأعضاء للتوصل لاتفاقات تحدد الأهداف والوسائل والمعايير والقيم التي يلتزم بها أعضاء الاتحاد في سياساتهم. لهذا فإن تطوير علاقات الاتحاد الأوروبي بمجلس التعاون الخليجي سيوفر شروطًا أفضل للتعاون الثنائي بين الدول الأعضاء في المنظمتين.

على مستوى آخر، فإنه رغم الصعوبات التي تواجه عملية صنع القرار في الاتحاد الأوروبي بسبب طبيعته التعددية، فإن الحرب في أوكرانيا قد بثت شحنة فعالية إضافية في شرايين الاتحاد. لقد تسبب العدوان الروسي ضد أوكرانيا في أطلاق شعور عميق بالتهديد بين قطاعات واسعة من الأوروبيين، فالتف الأوروبيون بدرجة أكبر حول مؤسسات الاتحاد الأوروبي، الأمر الذي انعكس في تعزيز قدرة الاتحاد الأوروبي على صنع السياسات والقرارات. أيضًا فقد تسببت الحرب في أوكرانيا في تولي الاتحاد الأوروبي مسؤوليات إضافية في مجالات الدفاع والطاقة، بما في ذلك تولي المفوضية الأوروبية من خلال منصة الطاقة التي تم إنشاؤها حديثًا شراء الغاز المسال والهيدروجين بشكل جماعي لصالح الدول الأعضاء.

لقد تم طرح الشراكة الاستراتيجية بين الاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون الخليجي تاليًا بشكل مباشر لقيام الاتحاد الأوروبي باتخاذ خطوتين شديدي الأهمية تتعلقان باحتياجات الاتحاد الأوروبي من الطاقة، بما يشير إلى الترابط القوي بين سياسة الاتحاد الأوروبي في مجال الطاقة والشراكة مع الخليج. فقد أطلق الاتحاد الأوروبي منصة الطاقة الأوروبية لتوفير احتياجات الدول الأوروبية من الطاقة بشكل مشترك، كما تبنى خطة تقليل الاعتماد على الطاقة الأحفورية الروسية وتسريع التحول الأخضر. وسوف يركز الاتحاد الأوروبي على توظيف علاقته بالخليج لإنجاح سياسة الطاقة الأوروبية في مرحلة ما بعد الحرب الأوكرانية.

تتكون سياسة الطاقة الأوروبية الجديدة من مكونات ثلاث: الترشيد، وتنويع المصادر، وتسريع التحول الأخضر، وفي الفترة المقبلة سوف يتم تعزيز العلاقات الأوروبية في المجالات الثلاثة، خاصة فيما يتعلق بتنويع مصادر الطاقة. فمن وجهة النظر الأوروبية فإن الخليج مدعو لتحقيق الاستقرار في أسواق الطاقة أثناء فترة التحول الراهنة بعيدًا عن المصدر الروسي، ونحو مصادر الطاقة المتجددة.

خدمة المصالح الأوروبية هو الهدف الأول للاتحاد الأوروبي من هذه السياسة، ومع هذا فإنه من المهم ملاحظة أن الدور الذي يتصوره الاتحاد الأوروبي للخليج يمثل تحولا مهما في السياسة الأوروبية، إذ تتجه أوروبا نحو ما يمكن تسميته "واقعية الطاقة"، والتي تقضي بأهمية توثيق التعاون مع منتجي الطاقة الأحفورية أثناء عملية التحول نحو مصادر الطاقة البديلة، نظرًا لأن عملية التحول هذه ستستغرق وقتًا طويلاً، وأن مصادر الطاقة ليست قضية أخلاقية أو مبدئية ولكنها قضية علمية وعملية، اقتصادية وسياسية، وهو ما يعكس قدرًا من التحرر الأوروبي من الرؤى والقيم التي فرضتها أحزاب الخضر واليسار البيئي على السياسات الأوروبية في العقود الأخيرة.

المطلوب أوروبيًا هو الاعتماد على مصادر للطاقة تصاغ وفقًا لمبادئ تجارية وفنية احترافية، وغير مشروطة بأهداف سياسية. غير أن الطاقة قضية سياسية في كل الأحوال، ولا توجد سياسات طاقة معزولة عن الأهداف السياسية. على عكس روسيا، فإنه ليس للخليج أهداف جيوسياسية في أوروبا، بالعكس الخليج معني جدًا بضمان استقرار وأمن أوروبا. أما الأهداف السياسية الخليجية التي قد ترتبط وتوثر في سياسات الطاقة فتتعلق بسياسات الأطراف الأخرى تجاه أمن الخليج واستقراره. في هذا السياق تبرز قضية البرنامج النووي لإيران والتهديدات الإيرانية لأمن المنطقة. فوثيقة الشراكة بين الاتحاد الأوروبي والخليج تؤكد على عزم أوروبا مواصلة العمل لإحياء الاتفاق النووي مع إيران، ويمكن لدول الخليج الاستفادة من أهميتها المتزايدة في توفير الطاقة لأوروبا للتأثير في موقف الاتحاد الأوروبي تجاه إيران وبرنامجها النووي والأمن في الخليج.

مقالات لنفس الكاتب