array(1) { [0]=> object(stdClass)#12962 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 183

الإدراك المتأخر بالخطر الإيراني

الإثنين، 27 شباط/فبراير 2023

خطورة النظام الإيراني الحاكم أن له أكثر من وجه ولديه أكثر من سياسة والقدرة على الترويج لمعتقداته وأطماعه بعدة وسائل متناقضة ،يستطيع استخدامها في وقت واحد، فرغم مرور حوالي 44 عامًا على تولي هذا النظام مقاليد الحكم في طهران منذ الإطاحة بالشاه محمد رضا بهلوي ، وتولي الملالي الحكم تحت ما عُرف بالثورة الإسلامية، ظلت حقيقة هذا النظام غائبة عن كثير من دول العالم خاصة في أوروبا واستمر ذلك لسنوات طويلة تحت غطاء من الدبلوماسية الملتوية والمتلونة، وآلة إعلامية جبارة تنطلق منها مباشرة أو من الأذرع الإعلامية الخارجية التي تمولها وتصنعها إيران، وظلت الولايات المتحدة ودول الناتو تعتقد أن إيران الإسلامية تمثل حائط صد أمام نفوذ الاتحاد السوفيتي لسنوات طويلة سواء قبل انهيار الاتحاد السوفيتي أو حتى بعد انهياره، وتحت هذا الساتر الوهمي استطاعت إيران اختراق الإدارة الأمريكية وإسرائيل خلال حربها مع العراق في ثمانينات القرن الماضي بالحصول على أسلحة أمريكية متطورة عبر إسرائيل لاستخدامها ضد العراق في فضيحة عُرفت باسم (إيران كونترا) حيث تم الاتفاق في حينه على بيع  أمريكا لإيران 3000 صاروخ "تاو" المضادة للدروع وصواريخ و طائرات مقابل إطلاق خمسة أمريكيين كانوا محتجزين في لبنان. 

وظلت أمريكا في سياسة غض الطرف عن قمع النظام الإيراني لشعبه وكذلك تجاهل تدخله في شؤون دول الجوار ، وتشكيل الميليشيات المسلحة وتغلغلها في العراق وسوريا ولبنان واليمن ومحاولاته زعزعة أمن الممر الملاحي الدولي في مضيق هرمز، واحتضان وتمويل جماعات الإسلام السياسي في المنطقة العربية لوصم دول هذه المنطقة بالإرهاب ونشر نظرية (الإسلام فوبيا) وتخويف الغرب من الإسلام السني، وساعدها على ذلك أن هذه الجماعات لم تتعامل مع دهاء ومكر إيران بذكاء ، فقبلت أن تكون أداة في يد نظام طهران وتنفيذ سياساته، واستمرت إيران على هذا النهج لسنوات طويلة ولم يكتشف الغرب أساليب إيران إلا مؤخرًا عندما شعرت أوروبا بالتهديد المباشر بعد أن تحولت طهران لمستودع أسلحة لروسيا فهي المورد الرئيسي للطائرات بدون طيار التي تستخدمها موسكو في قصف أوكرانيا، بل تجاوز الأمر إلى قيام إيران بتدشين مصنعًا للطائرات بدون طيار في روسيا، كما اكتشف الغرب أن إيران دخلت في اتفاقيات عسكرية واقتصادية مع روسيا والصين ، وإلى تجمعات إقليمية مثل منظمة شنغهاي للتعاون التي تضم الصين، وروسيا ،وكازاخستان، وقيرغزستان، واوزباكستان، وطاجيكستان، والهند، وباكستان ، وأخيرًا إيران التي انضمت إليها  في 17 سبتمبر 2021م، وأيضًا مجموعة الدول المطلة على بحر قزوين، وذلك في إطار سعي طهران للاستقواء بالانضمام  للتكتلات الإقليمية الكبرى المناهضة للغرب، ثم جاء قمع نظام طهران للاحتجاجات على إثر مقتل الفتاة الإيرانية مهسا أميني بزعم أنها لا ترتدي الحجاب المناسب، وعلى ضوء هذه التطورات خاصة الموجهة من إيران ضد الغرب بشكل حاد، اعترفت أوروبا وبعد طول انتظار بخطر إيران على الأمن الإقليمي والدولي حيث قالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين في حوار المنامة في شهر نوفمبر الماضي "لقد تأخرت أوروبا  في فهم طبيعة التهديدات الإيرانية، وأن أمن الخليج مهم لأوروبا، وأمامنا فرصة تاريخية لبناء روابط جديدة مشتركة بين المنطقتين"، وحتى مع هذا الاعتراف الأوروبي المتأخر بفهم التهديدات الإيرانية، فشلت دول الاتحاد الأوروبي مؤخرًا في إدراج الحرس الثوري الإيراني على قوائم الإرهاب كما فعلت الولايات المتحدة من قبل، وأيضًا  هذا الاعتراف المتأخر يكشف مدى تساهل الغرب مع إيران عن عمد أو بسبب سياستها المزدوجة وأوجهها المتعددة، أو لأن الغرب لم يهتم بحقيقة النظام الإيراني إلا عندما اقتربت التهديدات الإيرانية من الأمن الأوروبي مباشرة عبر روسيا.

لذلك من الضروري أن تستفيد دول المنطقة في هذه المرحلة بالكشف عن حقيقة السياسات الإيرانية وما تؤدي إليه من مخاطر عبر مخاطبة العالم بصفة عامة والغرب خصوصًا بلغته وبأساليب إقناع مدروسة لكشف حقيقة الوجوه الأخرى لهذا النظام ، والتي تأخرت كثيرًا في كشفها للغرب ولاسيما أن النظام الإيراني نجح كثيرًا في اختراق مؤسسات صناعة القرار في أوروبا، والمؤسسات الإعلامية والبحثية، وذلك بغرض تجييش العالم ضد التغول الإيراني خاصة مع اقترابه من صناعة القنبلة النووية كما تقول منظمة الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

وعلى مستوى المنطقة العربية، لابد من توحيد الجهود لمواجهة الخطر الإيراني الذي يستهدف كل المنطقة لتحقيق مشروع الإمبراطورية الفارسية.

مقالات لنفس الكاتب