array(1) { [0]=> object(stdClass)#12963 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 184

السعودية تتبنى صناعات ناشئة بمليارات الدولارات تعتمد على "الاقتصاد الدائري"

الأربعاء، 29 آذار/مارس 2023

صدر عن مؤتمر المنتدى الاقتصادي العالمي بدافوس لعام 2023م، تقريراً هاماً بعنوان " تقرير المخاطر الاقتصادية العالمية 2023م"، والذي يأتي في ظل انقسام جيوسياسي عالمي ناجم عن الأزمات التي مر بها الاقتصاد العالمي ابتداءً بتداعيات جائحة كوفيد -19 وانتهاءً بتداعيات الحرب الروسية ـ الأوكرانية والتي أسهمت مُجتمعة في خلق عدة أزمات تجسدت في أزمة حادة في مستويات المعيشة في الدول النامية وارتفاع معدلات التضخم والبطالة وتزايد في احتمالات وقوع الاقتصاد العالمي بالركود.

    وقد أوضح التقرير وقوع عشرة مخاطر تتمثل بمخاطر الركود الاقتصادي، ومخاطر تآكل التماسك الاجتماعي، وتآكل الطبقة الوسطى في كثير من المجتمعات، وزيادة الديون العالمية، وزيادة معدلات التضخم، وظاهرة الهجرة غير الشرعية، والاتجار غير المشروع بالمخدرات، علاوة على أزمة الطاقة والتحول إلى الطاقة النظيفة، وقضايا الأمن الغذائي ونقص الغذاء والمياه العذبة وزيادة معدلات الفقر ، تلك المخاطر التي تُلقي بظلالها على العالم في المديين القريب والمتوسط نتيجة للأزمات الاقتصادية والسياسية والحروب التي تضرب مناطق من العالم.

   في هذا المقال سنتناول تأثير هذه المخاطر على دول مجلس التعاون الخليجي، وكيف يمكن لهذه الدول مواجهتها وتلافي تداعياتها لاسيما تلك التي تختص بمنطقة الخليج كالتغيرات المناخية ومتغيرات أسواق الطاقة والتحول نحو الطاقة النظيفة ونقص الموارد الطبيعية ومنها المياه والغذاء، وسوف نستعرض السبل الكفيلة لمواجهة تداعيات المخاطر على دول المجلس وفقاً لما جاء بالتقرير.

أولاً-خلفية عامة عن تقرير المخاطر الاقتصادية العالمية 2023

   توصل التقرير إلى أن الصراعات والتوترات الجيوستراتيجية أنتجت مخاطر جديدة ومتداخلة، وأكد أن هذه المخاطر تجمع بين مخاطر آنية كأزمتي التزود بالطاقة والغذاء، وغلاء المعيشة، يضاف إلى ذلك المخاطر الطويلة الأمد كتلك المرتبطة بالتغير المناخي والتنوع البيولوجي والاستثمار في رأس المال البشري.

     وغني عن البيان، فإن تقرير المخاطر العالمية 2030م، يعتمد على منهجية استطلاعات الرأي المعتمدة على التصور وذلك على ثلاثة آماد زمنية، الأول هو القصير، مدته سنتان. والثاني الطويل، عشر سنوات. أما الثالث فينظر إلى الأمد المتوسط، خمس إلى سبع سنوات، مع اعتبار المخاطر في كل من الأمدين السابقين محاولة للوصول إلى تصور بحلول عام 2030م.

شكل (1) المخاطر التي تواجه الاقتصاد العالمي في الأمدين القصير والطويل

1) المخاطر على الأمد القصير(سنتان):

  جعلت التغيرات الأخيرة خلال عام 2022م، ترتيب المخاطر على المدى القصير تختلف كثيراً؛ حيث جاء ارتفاع تكاليف المعيشة بالمرتبة الأولى، يليه الكوارث الطبيعية والتقلبات المناخية الحادة، ثم المواجهات الجيواقتصادية، فالفشل في التقليل من الآثار الناجمة عن تغير المناخ، ثم تآكل التماسك الاجتماعي وزيادة الاستقطاب المجتمعي بالمرتبة الخامسة، يلى ذلك الأضرار البيئية الناجمة عن الحوادث الكبرى، ثم الفشل في التكيف مع التغيرات المناخية، فانتشار الهجمات والجرائم السيبرانية، ثم أزمات نقص الموارد الطبيعية ، ويأتي انتشار الهجرة غير الشرعية على نطاق واسع بالمرتبة العاشرة.

2) المخاطر على الأمد البعيد (عشر سنوات):

   يشير التقرير إلى أن ترتيب المخاطر على الأمد البعيد، يبدأ بفشل جهود التخفيف من حدة تغير المناخ، يليه الفشل في التكيف مع التغيرات المناخية، ثم الكوارث الطبيعية والتقلبات المناخية الحادة، ففقدان التنوع البيولوجي وانهيار النظام البيئي، ثم انتشار الهجرة غير الشرعية على نطاق واسع في المرتبة الخامسة، فأزمات نقص الموارد الطبيعية، ثم تآكل التماسك الاجتماعي وزيادة الاستقطاب المجتمعي، يليه انتشار الهجمات والجرائم السيبرانية، ثم المواجهات الجيواقتصادية، وأخيراً  تأتي المخاطر المرتبطة بالأضرار البيئية الناجمة عن الحوادث الكبرى في المرتبة العاشرة.

   ويحذر التقرير من وقوع عاصفة اقتصادية تدفع الدول الناشئة إلى المزيد من المعاناة، في ظل أزمات ديون خانقة وعدم قدرة الحكومات على توفير التمويل والاستثمارات المطلوبة للنمو ووقوعها تحت طائلة المديونية الخارجية، مما يحد من قدرتها على توفير الثقة لدى المستهلكين، والحد من اضطرابات الأسواق، مما ينذر بوقوع انفجارات سياسية، ويمكن إيجاز هذه المخاطر بما يلي:

أ-تضخم وركود وسعر الفائدة

قد تواجه الحكومات والبنوك المركزية ضغوطاً تضخمية عنيدة على مدار العامين المقبلين، على الأقل بالنظر إلى احتمالية نشوب حرب طويلة الأمد بأوكرانيا، والحرب الاقتصادية التي تفاقم أزمة سلسلة التوريد، كما تلوح في الأفق مخاطر سلبية على التوقعات الاقتصادية. وسيؤدي سوء التقدير بين السياسات النقدية والمالية إلى زيادة احتمالية حدوث صدمات بالسيولة، ما يشير لاستمرار الانكماش الاقتصادي وضيق الديون على نطاق عالمي. ويمكن أن يؤدي استمرار التضخم المدفوع بالعرض إلى تضخم مصحوب بركود ذي عواقب اجتماعية واقتصادية وخيمة.

2-تغير المناخ والتكيف معه

   تُعد المخاطر المناخية والبيئية محوراً أساسياً لتصورات المخاطر العالمية خلال العقد المقبل، وهي المخاطر التي يرى المنتدى أنها الأقل استعداداً لمواجهتها من قبل العالم. وكشف الافتقار إلى تقدم عميق ومنسق بشأن الأهداف المناخية عن الاختلاف بين ما هو ضروري علمياً لتحقيق صافي صفر من الانبعاثات، وبين ما هو ممكن سياسياً. وستؤدي الطلبات المتزايدة على الموارد، من الأزمات الأخرى إلى تقليل سرعة جهود التخفيف على مدى العامين المقبلين، إلى جانب عدم كفاية التقدم نحو دعم التكيف المطلوب لتلك المجتمعات والبلدان التي تتأثر بشكل متزايد بآثار تغير المناخ. ففقدان الطبيعة وتغيّر المناخ مرتبطان ارتباطاً وثيقاً، وأي فشل في أحد المجالين سوف ينتقل إلى الآخر. ومن دون تغيير أو استثمار كبير في السياسة، سيؤدي التفاعل بين تأثيرات تغير المناخ وفقدان التنوع البيولوجي والأمن الغذائي واستهلاك الموارد الطبيعية إلى تسريع انهيار النظام البيئي، وتهديد الإمدادات الغذائية وسبل العيش في الاقتصادات المُعرضة للمناخ المتطرف.

3-أزمة تكلفة المعيشة:

   تُعد أزمة تكلفة المعيشة أكبر تهديد للاستقرار الاقتصادي على المدى القصيرة. وتشير أزمة تكاليف المعيشة إلى زيادة النفقات المرتبطة بالاحتياجات الأساسية مثل الإسكان والرعاية الصحية والتعليم، ويمكن أن تجعل من الصعب على الأفراد والأسر تغطية نفقاتهم. وتشمل العوامل التي تسهم في الأزمة، ارتفاع تكاليف الإسكان وضعف الأجور والتخفيضات في برامج الرعاية الاجتماعية

ثانيًا-تداعيات المخاطر العالمية على اقتصادات دول مجلس التعاون:

1) التغيرات المناخية

     تشمل آثار تغير المناخ التي تؤثر بالفعل بشكل سلبي على دول المجلس بالتصحر، وفقدان التنوع البيولوجي، وندرة المياه، وارتفاع مستوى سطح البحر، والمزيد من العواصف وتتسبب هذه العوامل في تدهور خطير بالتربة، بالإضافة إلى تسرب الأملاح إلى طبقات المياه الجوفية، وتعريض الأمن الغذائي للخطر، بسبب تغير المناخ والزيادة الناتجة عن شدة ومدة الظواهر المناخية المتطرفة، فإن الضغط على البيئة أصبح ملحوظاً بالنظم الإيكولوجية الهشّة والأراضي الجافة ذات الموارد الطبيعية المحدودة في منطقة الخليج، هذا من جانب. ومن جانب آخر أدى النمو السكاني والاستهلاك المرتفع للفرد الخليجي إلى زيادة الطلب على الموارد البيئية لاسيما المياه. وهو ما قاد لاستنزاف الموارد البيئية وتدهورها مع زيادة الضغط على الموارد المتجددة. وتُظهر التوقعات الحالية أنه بحلول عام 2025م، ستكون إمدادات المياه بالمنطقة العربية والخليجية عند (15%) فقط مما كانت عليه في عام 1960م.

   وتتوقع دراسات مناخية أخرى صدرت في عام 2022م، أن درجات الحرارة في الشرق الأوسط قد ترتفع بمقدار 5 درجات مئوية بحلول نهاية القرن؛ مما يعني أن السكان المحليين، بما في ذلك في دول مجلس التعاون الخليجي، سيواجهون تحديات صحية ومعيشة كبيرة.

   من المتوقع أن تكون عواقب تغير المناخ على دول مجلس التعاون الخليجي سلبية. أولاً، الدول المستهلكة للهيدروكربونات التي تصدرها دول مجلس التعاون، ستشتري كميات أقل من النفط والغاز كجزء من جهودها للتحول إلى الطاقة البديلة. وهذا بالتالي سيقلل من الإيرادات المتاحة لحكومات دول مجلس التعاون الخليجي. وتتوقع أوبك أن ينخفض الطلب على النفط بنسبة 9% في عام 2045م، (مقارنة بعام 2019)، وفي ذات الوقت تتوقع أن ترى زيادة في الطلب على الغاز بنسبة 36%.

2) متغيرات أسواق الطاقة والتحول نحو الطاقة النظيفة

   يشكل التحول نحو الطاقات المتجددة أحد الآليات لتحقيق أمن الطاقة وضمان تنمية مستدامة، لذلك قامت الولايات المتحدة وأوروبا بحزم من الإنفاق الهائل الكافي لتسريع انتقال الطاقة بمقدار خمس إلى عشر سنوات. وسوف تقود زيادة الاستثمار والأهداف الأكثر إحكاماً إلى إنشاء قدر هائل من قدرة التوليد المتجددة، حيث تتوقع وكالة الطاقة الدولية أن ترتفع قدرة الطاقة المتجددة العالمية بمقدار (2400) ميغاواط بين 2022 و2027م، وهو ما يعادل إجمالي قدرة الطاقة المركبة في الصين اليوم. ومن المقرر أن تمثل مصادر الطاقة المتجددة (90%) من الزيادة في قدرة التوليد العالمية خلال هذه الفترة.

  ويمكن القول إنه بالرغم من أن الطلب على الوقود الأحفوري الذي يُشكل تصديره عصب اقتصادات دول المجلس بالوقت الحاضر نتيجة لتحول بعض الدول نحو الطاقات المتجددة لاسيما الطاقة الشمسية وطاقة الريح، لكن الريبة الجوهرية في أوروبا حيال الطاقة الروسية، من المتوقع أن تستمر لفترة طويلة. وهذا عامل إيجابي بالنسبة لدول مجلس التعاون لاسيما وأن لديها قدرات إنتاج فائض من النفط، وبصورة رئيسية في السعودية والإمارات، وسيدفع قطر بتعزيز وزيادة حجم استثماراتها في مجال الغاز لاسيما بعد توقيع قطر للطاقة وكونوكو فيليبس الألمانية اتفاقيتي بيع وشراء يستمر بموجبها تصدير الغاز القطري لألمانيا لمدة 15 عاماً.

3) نقص الموارد الطبيعية ومنها المياه والغذاء

     تواجه دول مجلس التعاون الخليجي نقصاً في الموارد الطبيعية لاسيما الموارد المائية ووفقًا لدراسة للبنك الدولي، أنه بحلول عام 2025م، سيتعرض 80-100 مليون شخص في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، بما في ذلك منطقة الخليج، إلى مستوى من الإجهاد المائي.

   وُتصنف دول مجلس التعاون الخليجي جميعها بكونها دول تعاني من إجهاد مائي حرج والتي كانت فيها نسبة سحب المياه العذبة كنسبة من موارد المياه العذبة أكبر من 100 درجة، والدول بحسب درجة الخطورة كالاتي: الكويت، الإمارات، السعودية، قطر، البحرين، وعُمان.

جدول (1) سحب المياه العذبة كنسبة من موارد المياه العذبة في البلدان العربية" الإجهاد المائي" 

الدولة

الإجهاد المائي

السنة

الترتيب عربيًا

التصنيف

الكويت

3850.5

2018

1

حرج (أكبر من 100)

الإمارات

1667.3

2018

2

حرج (أكبر من 100)

السعودية

992.8

2018

3

حرج (أكبر من 100)

قطر

431.0

2018

4

حرج (أكبر من 100)

البحرين

133.7

2018

7

حرج (أكبر من 100)

عُمان

116.7

2018

11

حرج (أكبر من 100)

 

    وتجدر الإشارة إلى أن متغيرات الاحتباس الحراري قد سرعت من وتيرة توقع نضوبها. الأمر الذي يجعل قيمة المياه العذبة مستقبلاً أغلى بكثير من الطاقة الأحفورية، وقد تتضخم أسعارها بشكل كبير. أما على صعيد الموارد الغذائية، فإن دول مجلس التعاون تعتمد بشكل كبير على الاستيراد لسد الفجوة الغذائية واستطاعت أن تحقق الأمن الغذائي بفضل انخفاض التعريفات الجمركية على الواردات الزراعية ووجود شبكات حكومية لسلامة الغذاء، وتتفاوت دول المجلس في قدرتها على تحقيق الأم الغذائي.

 

جدول (2) ترتيب دول مجلس التعاون الخليجي في مؤشر الأمن الغذائي العالمي 2022

الدولة

الترتيب

الرصيد (0-100) نقطة

الإمارات

23

75.2

قطر

30

72.4

عُمان

35

71.2

البحرين

38

70.3

السعودية

41

69.9

الكويت

50

65.2

Source: The Economist Group, Global Food Security Index2022, P.27 

    أن التحديات التي تواجه الأمن الغذائي والمائي الخليجي ذات طبيعة مزدوجة، فمن جانب تواجه دول المجلس العديد من التحديات من أهمها ندرة الموارد المائية المتجددة وكيفية الحفاظ على المتبقي منها واستخدامها بشكل رشيد، علاوة على أن الموارد الطبيعية المتاحة، كالتربة الصالحة للزراعة والمراعي والظروف المناخية وغيرها، وهي محدودة بدورها لا تشجع على زيادة الإنتاجية الزراعية. وهناك عوامل أخرى ترتبط باستيراد الغذاء، فمثلًا حتى لو كانت دول المجلس تمتلك المال، فقد لا تتمكن من شراء المواد الغذائية من الخارج لأسباب ترتبط بالدول المنتجة ذاتها، مثل ما حدث في أوكرانيا قبل سنة نتيجة للغزو الروسي جعلها غير قادرة على تصدير الحبوب. ومن جانب آخر، تعاني دول المجلس من فجوة غذائية كبيرة، فكل دول المجلس مستوردة صافية للغذاء. وقد أسفرت الزيادة في حجم السكان، وما واكبها من ارتفاع في مستويات الدخول والظروف الطبيعية الصعبة التي تحول دون زيادة الإنتاج المحلي من الغذاء عن زيادة كبيرة في واردات دول المجلس من الغذاء، كما حدث تغير في نمط الاستهلاك الغذائي خلال العقود القليلة المنصرمة، لجهة الإفراط الاستهلاكي ما أدى بدوره إلى زيادة الواردات.

جدول (3) الصادرات والواردات الزراعية لدول مجلس التعاون الخليجي 2010و2020 مليون دولار

الدولة

الصادرات الزراعية

معدل النمو السنوي

2010-2020

الواردات الزراعية

معدل النمو السنوي

2010-2020

2010

2020

2010

2020

الإمارات

4076

4502

1.0%

8280

11501

3.3%

البحرين

293

460

4.6%

586

596

0.2%

السعودية

2995

4367

3.8%

17148

21781

2.4%

عُمان

757

1217

4.9%

944

1009

0.7%

قطر

19

41

8.0%

1555

2840

6.2%

الكويت

122

512

15.4%

1920

2729

3.6%

المصدر: صندوق النقد العربي وآخرون، التقرير الاقتصادي العربي الموحد 2022، ص 362

   أن التداعيـات الكبيرة للحرب الروســــيـة ــ الأوكرانية على الأسواق العـالميـة للحبوب وعلى مدخلات الإنتاج وعلى الأمن الغذائي تســــتوجـب مزيـداً من الجهود المتصــــاعـدة لتحقيق مســــتويـات مقبولـة من حيـث الاكتفاء الـذاتي الغـذائي وتقليص الفجوة الغـذائيـة ً للـدول الخليجية، إلى جـانـب دعم وتحـديـث برامج البحوث ونقـل التقـنيـة بهـدف رفع كفـاءة هـذه النظم، وتعزيز التنســــيق والتكـامـل بين البرامج الوطنية وأجهزة الإرشاد، وتوفير التسهيلات والحوافز للعاملين في المجال التقني، وكذلك تشـجيع الاستثمار الخاص .

ثالثاً-سبل مواجهة المخاطر الاقتصادية العالمية

     عملت دول مجلس التعاون على إصلاحات عميقة وهيكلية، وذلك من خلال انفتاح اقتصاداتها إلى أكثر مما يتجاوز قطاع الطاقة. وقد أعطت دول المجلس نموذجاً لبلدان المنطقة في كيفية تطوير الاقتصاد من خلال الخروج من النمط الاقتصادي القديم، والدخول في نظام ونمط اقتصادي جديد يعطي نتائج أكثر من إيجابية، فيما يتعلق بالتحول إلى اقتصاد تنافسي يرتكز على التنويع الاقتصادي.

   وتجدر الإشارة أن الإصلاحات الاقتصادية وتنامي الأنشطة غير النفطية وكفاءة الإنفاق قد ساهمت في تسارع نمو الاقتصاد السعودي، حيث سجل مستويات لافتة عام 2022م، من خلال تحقيق الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للمملكة نمواً بنسبة 8.7% قياساً بـ 2021م، مما جعله الأسرع نمواً على مستوى العالم، في حين يتوقع أن تسجل الإمارات نمواً خلال العام الجاري في حدود (1.4%) خلال عام 2023م.كما وستسهم استثمارات الصناديق السيادية الخليجية التي تخطت 3 تريليون دولار في تعزيز التنويع الاقتصادي وبما يخدم رفع تنافسية الاقتصادات الخليجية

    وفيما يتعلق بمواجهة التحديات والمخاطر التي تواجه دول المجلس لتحقيق الأمن المائي والغذائي يتطلب القيام بجملة من المهام التالية:

  • التعاون بين دول الخليج في مجالات بحوث المياه وخصوصاً فيما يتعلق بتنمية وحسن استغلال الموارد المائية من مصادرها الطبيعية (السطحية والجوفية) ومصادرها غير التقليدية (معالجة المياه العادمة وتحلية المياه المالحة).
  • تحديث الخطط الاستراتيجية المائية الوطنية، وإعداد المخطّطات المائيّة العامة أو الرئيسية، شاملة الخطط متوسطة وبعيدة الأجل، والتأكيد على اتباع منهج متكامل في تنمية الموارد المائية وحمايتها وتنظيمها.
  • تطوير استخدام الموارد المائية في المجال الزراعي وبصفة خاصة تطوير نظم الإدارة والتحكم في ظاهرة ارتفاع المياه الأرضية في المناطق الزراعية وتقويم الفواقد المائية الناتجة عن استخدام طرق الري التقليدية من خلال تطوير الري الحقلي وأيضاً تقويم وتشغيل المنشآت المائية.
  • استحداث صندوق مشترك للأمن المائي مهمته تمويل وإعداد وتنفيذ مخططات الأمن المائي للخليج، وركناً أساسياً من أركان الأمن القومي لدول الخليج.
  • وضــــع البرامج الملائمة لإدخال التقــانــات الزراعيــة والرقميــة على نطــاق واســــع في الزراعة الخليجية. وضع البرامج والخطط للعمل المشترك لتحقيق تكامل الموارد بهدف تحقيق الأمن الغذائي والأمن المائي في دول مجلس التعاون. توجيـه التجـارة لتكون قـاعـدة أســــاســــيـة للأمن الغذائي الخليجي

 وتنظر بعض دول الخليج، كالإمارات والسعودية وقطر، إلى العمل المناخي العالمي على أنه فرصة لإيجاد حلول عملية، وبالتالي فهي تقدم بشكل متزايد سياسات بيئية مستدامة قادرة على إبطاء أو وقف تدهور المناخ، مثل تقليل انبعاثات الكربون بمقدار الثلث بحلول 2030م، فلا يزال لدى دول مجلس التعاون الخليجي الوقت، والأهم من ذلك، الاحتياطيات المالية للاستعداد للتغير المناخي. ويجب أن تشمل الاحتياطات الرئيسية الآتي:

  •  تخزين المواد الغذائية في حالة النقص العالمي.
  •  حماية البنية التحتية الساحلية الحالية بوضع دفاعات أقوى ضد الفيضانات.
  •  تحديد مواقع للبنية التحتية الجديدة بعيدة عن البحر، مما يسمح بارتفاع مستوى سطح البحر.
  •  التأكد من قدرة مصارف المياه على التعامل مع هطول الأمطار الغزيرة.
  •  تطوير أنظمة مشتركة لإعطاء إنذار مبكر مع الظواهر المناخية الشديدة.
  •  التأكد من وجود أنظمة دعم قوية لتوليد الطاقة وتوزيعها حتى لا يفشل التيار أثناء موجات الحر.
  •  تجديد المدن سريعة البناء لجعلها أقل تأثراً بموجات الحرارة ومستوى سطح البحر وما إلى ذلك.
  • إعادة تأسيس البنى التحتية لمواجهة الأمطار والفيضانات، إذ إن البنية التحتية الحالية قائمة على أسس قديمة.
  • العمل الجدي مع القطاع الخاص لجذب الاستثمارات اللازمة ودعم التقنيات المبتكرة للتخفيف من حدة تداعيات التغير المناخي.

   وصفوة القول، فإن دول مجلس التعاون لاسيما السعودية لا تقوم بزيادة الإنتاج النفطي فقط، وإنما بدأت تلعب أيضًا دورًا رئيسيًا في تبني صناعات ناشئة تبلغ كلفتها مليارات الدولارات يُعتمد بعضها على تقنية "الاقتصاد الدائري للكربون" وتوصف بأنها وسيلة للحصول على هواء أنظف، والتقليل من معدلات التلوث.

، كما تم إطلاق حقبة جديدة من التعاون في أجل مستقبل يركز على الازدهار عن طريق السياسات المناخية والاستثمار والابتكار والنمو الاقتصادي المستدام.

مقالات لنفس الكاتب