array(1) { [0]=> object(stdClass)#13490 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 184

14 تحديًا للأمن المائي العربي ومن الحلول التعاون مع الدول الغنية مائيًا

الأربعاء، 29 آذار/مارس 2023

تقع الدول العربية في أشد مناطق العالم جفافاً حيث النطاقات الجافة وشبه الجافة والتي تقل فيها الأمطار، وترتفع درجة الحرارة وتزيد معدلات البخر، ومنذ أكثر من 75 عاماً فقد العالم العربي جزءًا هاماً من مياهه نتيجة الاحتلال الإسرائيلي لبعض الأراضي العربية بما فيها من مصادر للمياه العذبة مثل مرتفعات الجولان (سوريا) ونهر الأردن (الأردن) وعلى جزء آخر من المياه الجوفية بالضفة الغربية وغزة (فلسطين)، وانفصال جنوب السودان في يوليو 2011م، والذي يسقط عليه حوالي 800 مليار متر مكعب سنوياً.   

يتناقص نصيب الفرد في العالم العربي من الموارد المائية لأسباب عدة يأتي في مقدمتها النمو السكاني وما يتبعه من زيادة في مساحة الأراضي الزراعية، والنمو العمراني من إنشاء مدن جديدة، وتطوير المدن القديمة، والتوسع في النشاط الصناعي، وتقدم مستوى معيشة ورفاهية المواطن العربي، وزيادة تلوث المياه، واستنزاف خزانات المياه الجوفية غير المتجددة، بالإضافة إلى بعض العوامل الطبيعية والتغيرات المناخية من ارتفاع في درجة حرارة سطح الأرض (الاحتباس الحراري) بمقدار درجة واحدة مئوية خلال القرن الماضي.

تشكل مياه الأنهار التي تنبع من خارج الدول العربية حوالي 54% من جملة المياه العربية المتجددة سنوياً، وما يتبعها من تهديدات خارجية، مثل المنابع الاستوائية والإثيوبية لنهر النيل التي تشكل 85% من إيراد نهر النيل، والمنابع التركية لنهري دجلة والفرات التي تشكل 52، 90% من الإيراد السنوي للنهرين، على الترتيب. وتكمن التهديدات الخارجية من دول مثل إثيوبيا وإيران وتركيا، وإسرائيل والسنغال بإنشاء مشروعات مائية من شأنها خفض حصص المياه التي تصل إلى بعض الدول العربية مثل ومصر والسودان والصومال وموريتانيا وسوريا والعراق وفلسطين والأردن.

الطلب المتزايد على المياه، وارتفاع درجات الحرارة، وتوتر العلاقات بين دول منابع النيل ودولتي المصب مصر والسودان، وبناء تركيا السدود في مشروع جنوب الأناضول (GAP) على منابع نهرى دجلة والفرات، والسيطرة الإسرائيلية على بعض المياه العربية، كل ذلك أدى إلى تهديد الأمن المائي العربي، وتهدف هذه المقالة إلي إلقاء الضوء على الموارد المائية العربية، وأهم المشاكل والتحديات التي تعترض تحقيق الأمن المائي سواء كانت طبيعية أو بشرية، وتأثير نقص المياه على الأمن الغذائي، والمستقبل المائي للدول العربية، وأهم الحلول للتغلب على مشكلة نقص المياه والغذاء.

 

الموارد المائية في العالم العربي:

تبلغ كمية المياه العذبة السطحية والمتجددة في العالم العربي حوالي 300 مليار متر مكعب سنوياً، وهي تشكل حوالي 067% من إجمالي الموارد المائية العذبة السطحية المتجددة في العالم والتي تقدر بحوالي 44,8 مليار متر مكعب، وهذه المياه عبارة عن مياه سطحية خارجية واردة من الدول المجاورة.

المياه السطحية ممثلة في الأنهار التي لا يتجاوز عددها في العالم العربي خمسين نهرًا أهمها نهر النيل والفرات ودجلة والعاصي ونهر الأردن ونهر السنغال، وهى غير متجانسة التوزيع مكانياً وزمانياً، فهناك ثلاث دول عربية هي العراق والسودان ومصر يتحصلون على ثلثي هذه المياه (حوالى 200 مليار متر مكعب)، معظمها من ثلاثة أنهار هي النيل ودجلة والفرات، إذ يبلغ الإيراد السنوي لنهر النيل 84 مليار متر مكعب عند أسوان، ونهر دجلة الذي ينبع من مرتفعات جنوبي شرق تركيا، ويقدر إيراده السنوي عند دخوله الأراضي العراقية حوالي 42 مليار متر مكعب، ويقدر إيراد نهر الفرات عند دخول سوريا حوالي 3,14 مليار متر مكعب، بالإضافة إلى أكثر من 45 نهرًا صغيراً دائمي الجريان.

الأراضي العربية هي أكثر مناطق العالم جفافاً حيث يتراوح متوسط سقوط الأمطار بين صفر و1800 مليمتر/سنة، ومتوسط البخر حوالي 2000 مليمتر/سنة. ويقدر متوسط ​​هطول الأمطار حوالي 2288 مليار متر مكعب سنوياً، قبل انفصال جنوب السودان الذي يبلغ كمية الأمطار السنوية به حوالي 800 مليار متر مكعب، مما يعني أن الدول العربية فقدت أكثر من ثلث مياه الأمطار بمقدار حوالي 1488 مليار متر مكعب سنويًا.

طبقا لموقع (Global Economy, 2023) لمتوسط سقوط الأمطار بالمليمتر/سنة خلال الفترة من 1962 إلى 2018، تحتل 10 دول عربية المراكز الأولى في ندرة الأمطار، وهي على الترتيب: مصر (18)، ليبيا (56)، السعودية (59)، قطر (74)، الإمارات (78)، البحرين (83)، الجزائر (89)، موريتانيا (92)، الأردن (111)، الكويت (121).

 

تنقسم المياه الجوفية في العالم العربي إلى مياه متجددة وأخرى غير متجددة، وتقدر المياه الجوفية المتجددة سنوياً بحوالي 42 مليار متر مكعب، بينما يقدر متوسط حجم الموارد المائية الجوفية غير المتجددة إلى 1500 مليار متر.

يوجد في معظم الدول العربية مصادر مائية أخرى غير تقليدية عن طريق إزالة الملوحة من مياه البحر والمياه الجوفية المالحة، والمياه المعالجة من مياه الصرف الزراعي والصحي. وتعد عملية تحلية مياه البحر الأكثر انتشاراً في شبه الجزيرة العربية، ويقتصر إعادة استخدام مياه الصرف الزراعي المعالج في مصر إذ يبلغ حجم مياه الصرف الزراعي المعالج أكثر من 5 مليارات متر مكعب سنوياً من خلال محطات معالجة عملاقة مثل محطة بحر البقر بسيناء بطاقة حوالي 6 مليون متر مكعب يومياً، ويبلغ جملة ما تنتجه الدول العربية من مياه غير تقليدية أكثر من 12 مليار متر مكعب في 2022م.

 

المصادر غير التقليدية للمياه

تشير موارد المياه غير التقليدية في المقام الأول إلى المياه المعاد تدويرها والمحلاة، يمكن استخدام المياه أكثر من مرة بعد معالجتها بجودة تتيح استخدامها لأغراض مختلفة خاصة المجال الزراعي.

يتجه كثير من الدول العربية بشكل متزايد إلى موارد المياه غير التقليدية مثل تحلية مياه البحر ومعالجة مياه الصرف الزراعي والصناعي والصحي لإعادة استخدامها أكثر من مرة بسبب ندرة موارد المياه السطحية والجوفية في بعض المناطق نتيجة الزيادة المطردة في عدد السكان، وإنشاء المجتمعات العمرانية الجديدة، وزيادة النشاط الصناعي، بالإضافة إلى الاختلافات المناخية، حيث يتم تحلية جزء من مياه البحر للمساعدة في تلبية الاحتياجات المائية لبعض الدول العربية مثل السعودية والإمارات والكويت ومصر وليبيا والمغرب، وتونس.

تمثل هذه الموارد مصدراً مكملاً لتلبية الاحتياجات المائية في بعض المناطق العربية مثل مصر التي تعيد استخدام حوالى 25 مليار متر مكعب من الصرف الزراعي السطحي ومن المياه الجوفية المتجددة في وادى النيل والدلتا نتيجة الزراعة بالغمر، حيث يتم استخراج حوالى 8 مليارات متر مكعب سنوياً، كما  تم إنشاء أكبر محطات المعالجة مثل محطة بحر البقر في سيناء 2021م، لمعالجة 6 مليون متر مكعب/يوم، وجارى إنشاء محطة الحمام لمعالجة 7 مليون متر مكعب /يوم، كل ذلك لسد العجز المائي الذى تعانى منه مصر والذى يصل إلى حوالى 45 مليار متر مكعب سنويًا، ويتبقى 20 مليار يتم استيرادهم من الخارج على هيئة محاصيل وأغذية ومنتجات صناعية.

أنشأت ليبيا النهر الصناعي العظيم عام 1984م، بخط أنابيب طوله أكثر من 4.000 كم، يعتمد على المياه الجوفية من خزان الحجر الرملي النوبي غير المتجدد في منطقة الكفرة والسرير في الجنوب الشرقي، ومن آبار حوض فزان وجبل الحساونة في الجنوب الغربي، حتى يصل جميع المدن في الشمال الليبي، بلغت تكاليف المشروع حوالي 35 مليار دولار.

ودول الخليج التي تقوم بتحلية مياه البحر بهدف تأمين مياه الشرب وتمثل مياه البحر المحلاة أكثر من 75% من المياه المستخدمة في دول الخليج العربي وبخاصة الكويت التي تعتمد على مياه البحر بنسبة 95%.

تعد منطقة الخليج العربي أهم مناطق العالم في استخدام تكنولوجيا تحلية مياه البحر باستخدام مصادر الطاقة التقليدية (البترول والغاز الطبيعي)، وتشكل الطاقة حوالي 50% من إجمالي تكلفة تحلية المياه، تستحوذ الدول العربية على حوالي 63% من مياه التحلية العالمية، معظمها في دول الخليج العربي الذي ينتج أكثر من 5 مليار متر مكعب سنوياً. أنفقت دول الخليج العربي مجتمعة حوالي 35 مليار دولار لإنشاء 550 محطة تحلية خلال العقدين الأخيرين، وتمثل مياه البحر المحلاة أكثر من 75% من المياه المستخدمة في دول الخليج العربي وبخاصة الكويت التي تعتمد على مياه البحر بنسبة 95%، ويظل استخدام المياه المحلاة عالمياً بصفة أساسية للأغراض المنزلية بنسبة 62%، والصناعة 23%، وتوليد الكهرباء 6%،و 2% لأغراض زراعية محدودة معظمها في الفنادق، 1% للأغراض العسكرية، 1% للسياحة.   

 

استعمالات المياه في العالم العربي :

تتنوع استعمالات المياه في الوطن العربي على ثلاثة مجالات رئيسية هي الزراعة والأغراض المنزلية والصناعة. رغم أن الأراضي الزراعية أو الصالحة للزراعة في المنطقة العربية لا تشكل أكثر من 11% من إجمالي المساحة، إلا أنها تستهلك 81% من المياه في الأغراض الزراعية، وتستهلك الأغراض المنزلية 13% والصناعة 7% من المياه المتاحة سنوياً. وتقدم الدول العربية دعمًا مالياً كبيرًا لقطاع المياه، وتنفق الدول العربية الخليجية مبالغ كبيرة على تحلية مياه البحر رغم الارتفاع النسبي لتكلفة تحلية المتر المكعب من المياه المالحة الذي يتراوح بين 1-2 دولار أمريكي.

 

تحديات الأمن المائي العربي:

  • زيادة عدد السكان في العالم العربي بمعدل 2% سنويًا، حيث بلغ في عام 2000م، حوالي 294 مليون نسمة، ازداد إلى 458 مليون نسمة في منتصف عام 2022م، PRB, 2023)، ومن المتوقع أن يصل سكان العالم العربي إلى حوالي 700 مليون نسمة عام 2050م، لا يقابل الزيادة السنوية للسكان العرب زيادة في الموارد المائية.

بالرغم من أن عدد سكان الدول العربية يصل إلى حوالى 458 مليون نسمة عام 2022م، والذى يشكل حوالى 5,74% من سكان العالم (8 مليار نسمة)، ويقطنون 13,61 مليون كم2 (10,2% من مساحة اليابس للكرة الأرضية)، إلا أن نصيب الفرد العربي من المياه المتجددة يصل إلى أقل من المستويات العالمية حيث بلغ 652 م3/سنة عام 2022م، بعدما كان 3300 م3 سنوياً في عام 1960م، في الوقت الذي يصل فيه متوسط نصيب الفرد عالمياً عام 2022 إلى 5526 م3، وإفريقيا إلى 2854 م3/سنة، أي أن نصيب الإنسان العربي أقل من الحد الأدنى لحاجة الفرد أو الاستقرار المائي في السنة البالغ  1000 م3 طبقًا للأمم المتحدة، ومن المتوقع أن يتجه متوسط نصيب الإنسان العربي من المياه المتجددة إلى الانخفاض حتى يصل إلى 441 م3 /عام 2050 (شكل 1).

 

 

 

شكل (1) نصيب الفرد العربي من المياه المتجددة عام 2022 والمتوقع عام 2050.

مصادر البيانات: AQUASAT, 2011 and BRB, 2023

 

  • تواضع كمية الأمطار في الربوع العربية حيث أنها تصل إلى حوالي 1488 مليار م3، بعد انفصال جنوب السودان الذي يستحوذ بمفرده على أكثر من ثلثي مياه الأمطار (أكثر من 800 مليار م3) التي تسقط على جميع الأقطار العربية مجتمعة.
  • التوزيع غير المتجانس لمياه الأمطار القليلة سواء المكاني أو الزمني، حيث يتلقى حوالي 65٪ من الدول العربية أمطاراً أقل من 100 مليمتر/سنوياً، وحوالي 25% أقل من 250 مليمتر/سنوياً، والباقي معظمه أقل من 500 مليمتر/سنة (مناخ البحر المتوسط شبه الرطب)، والقليل أكثر من 500 مليمتر/سنة، وتتركز الأمطار في موسم قصير خلال فصل الشتاء، كما أنها أيضاً متذبذبة من عام إلى آخر.
  • التوزيع غير المتجانس أيضًا للمياه السطحية، حيث تحتوي 14 دولة عربية على 6,17% فقط من الموارد المائية المتجددة سنويًا على الأراضي العربية، وثلاث دول على أكثر من 65%، حيث أن العراق بمفرده يمتلك 25% من هذه المياه، يليه السودان (21,5%)، ثم مصر (19,1%).
  • زيادة البخر الذي يسود المنطقة العربية حيث يصل إلى أكثر من 80% نتيجة ارتفاع متوسط درجات حرارة الهواء وانخفاض الرطوبة النسبية وزيادة ساعات السطوع الشمسي.
  • الطبيعة الجيولوجية وندرة الأمطار ساعدا على انتشار المناطق الصحراوية والكثبان الرملية خاصة في شمال إفريقيا والجزيرة العربية، والسلاسل الجبلية الجرداء على امتداد جانبي البحر الأحمر وسيناء.
  • تهديد التغيرات المناخية: تتعرض المنطقة العربية مثل الكثير من دول العالم، لآثار التقلبات المناخية المتوقعة خلال العقود المقبلة، سواء بالسلب أو بالإيجاب، وهذه التغيرات تشمل جفاف في مناطق، يقابلها زيادة الأمطار في مناطق أخرى. وانقسمت الرؤى والسيناريوهات إلى ما يؤيد نقص الموارد المائية في المستقبل مسترشدين بموجات الجفاف التي تجتاح بعض المناطق العالمية، مثلما حدث في بحيرة تشاد والتي تراجعت بنسبة 95% منذ ستينات القرن الماضي نتيجة قلة الأمطار وزيادة عدد السكان والاستخدام الجائر للمياه، إلا أن مياه الأمطار قد ازدادت في بعض المناطق مثل منابع نهر النيل الإثيوبية في نهاية القرن الماضي (1998-2000 م)، والتي زاد فيها إيراد النهر إلى أكثر من 30%، ومن المتوقع انخفاض مياه الأمطار في حوض النيل خلال العام الجاري، حيث سجلت محطات الأرصاد الجوية انخفاض الأمطار أقل من المتوسط خلال الموسم الماضي وحاليًا على الهضبة الاستوائية وبحيرة فيكتوريا.
  • الاستخدام الجائر للمياه في العالم العربي خاصة في مجال الزراعة الذي يستهلك أكثر من 80% من المياه المتاحة، فمازالت طرق الري التقليدية (الري السطحي أو الري بالغمر) هي السائدة في معظم الدول العربية. فعلى سبيل المثال في مصر معظم الأراضي القديمة في الوادي والدلتا، تروى بنظام الري السطحي، وجارى تطويرها، ولكن جميع المشروعات القومية منذ نهاية التسعينات تستخدم طرق الري الحديثة، فالمساحة المزروعة حاليًا من الأراضي القديمة والجديدة حوالي 10 مليون فدان، منها حوالي 5,5 مليون فدان تزرع بنظام الري السطحي.
  • استخدام المياه في الممارسات الزراعية الخاطئة مثل زراعة المحاصيل الشرهة للمياه في الأراضي الصحراوية التي تعد استنزافاً للموارد المائية، كما يحدث في زراعة الأرز (كيلو جرام أرز يحتاج أكثر من 4 م3 مياه)، وكذلك قصب السكر في وادي النيل في مصر والسودان، وبالتالي تدني إنتاجية وحدة المياه بسبب عدم كفاءة استخدامها.
  • تلوث الموارد المائية: تلوث بعض المجاري المائية (الأنهار وقنوات الري)، والمياه الجوفية القريبة من السطح، نتيجة إعادة مياه الصرف الزراعي الملوثة بالأملاح والمبيدات الزراعية، أو استخدام مياه الصرف الصحي غير المعالجة بطريقة غير سليمة في أغراض الزراعة.
  • تدهور جودة المياه الجوفية غير المتجددة عن طريق السحب الجائر الذي يؤدى زيادة الملوحة، وانخفاض منسوب الماء الجوفي واختلاطها بالمياه المالحة كما هو الحال في منطقة وادي النطرون (غرب دلتا النيل) والساحل الشمالي لدلتا النيل في مصر.
  • غياب الوعي البيئي لدى المواطن العربي وبعض متخذي القرار أدى إلى تلوث المياه وتدهور نوعيتها، وأيضًا عند المواطن العربي بصفة عامة في التعامل مع المياه، وعدم اتباع مبدأ ترشيد الاستهلاك اليومي أو السنوي العام.
  • التحديدات الخارجية للأمن المائي العربي وهي تتمثل في عدة مناطق عربية مع دول المنابع:

 أولاً: التحديات التي تواجه مصر والسودان مع دول منابع النيل وعلى رأسهم إثيوبيا.

ثانياً: التحديات التي تواجه مصر وشمال السودان مع الدولة الوليدة جنوب السودان والتي تعتبر المصدر الرئيسي لزيادة المياه العربية لمصر والسودان لتوفير حوالي 20 مليار م3 من منطقتي السدود ومشار، وذلك عن طريق بعض المشروعات المائية في جنوب السودان مثل قناة جونجلي التي يمكن أن توفر في مرحلتها الأولي 4,5 مليار متر مكعب.

ثالثاً: التحديات التي تواجه الأمن المائي السوري والعراقي والتي تتمثل في خفض حصص المياه لكل من سوريا والعراق بسبب سلسلة من السدود المعروفة باسم "مشروع جنوب-شرق الأناضول "جاب" GAP لحجز كميات من المياه للري والزراعة وإنتاج الكهرباء. وتتضمن الخطة إقامة 13 سداً للري وتوليد الكهرباء، وذلك بإنشاء 17 سداً على نهر الفرات، وأربعة سدود على نهر دجلة، و17 محطة لتوليد الطاقة الكهرومائية على النهرين وروافدهما وذلك لري حوالي 4.5 مليون فدان (Moqatel, 2011). تنفيذ المشروعات التركية أدى إلى وقوع الضرر على كل من سوريا والعراق، وتم عقد حوالي 10 اتفاقيات بين دول حوض دجلة والفرات لتنظيم تدفق المياه إلى سوريا والعراق، بدءًا من معاهدة لوزان عام 1920م إلى اتفاق سوريا والعراق عام 1990م، (Salama, 2001).

رابعاً: الأطماع المائية الإسرائيلية في مياه جنوب لبنان والجولان والضفة الغربية وغزة.

خامساً: النزاع الكامن بين موريتانيا والسنغال على مياه نهر السنغال المجرى الدائم الوحيد في موريتانيا، ولأسباب أخرى عديدة منها ما هو اجتماعي واقتصادي وتاريخي، ولقد عقدت عدة اتفاقيات بينهما لاستثمار مياه نهر السنغال منها التي أبرمت عام 1974م، بالاشتراك مع مالي والتي سميت بـــ OMVS (Moqatel, 2011).  

سادسًا: التحديات التي تواجه الصومال نتيجة إنشاء إثيوبيا لبعض السدود على نهري شبيلي وجوبا

 

  • ندرة المياه وأزمة الغذاء:

يتعرض العالم العربي مثل كثير من دول العالم مؤخراً إلى فجوة غذائية متزايدة نتيجة نقص نصيب الفرد من المياه، يعتمد العالم العربي في غذائه على الاستيراد من خارج الدول العربية، وقد أدى الفقر المائي في كثير من الدول العربية لاستيراد أكثر من نصف غذائها من الخارج، بكل ما يمثله من أعباء مالية خاصة بعد ارتفاع أسعار الغذاء عالمياً بعد الحرب الروسية – الأوكرانية التي بدأت في فبراير 2022م.

 

حلول نقص المياه من خلال تجارة المياه الافتراضية: 

يستهلك الإنسان المياه مباشرة في الشرب والغذاء والغسيل، ولكنه يستهلك أكثر من ذلك بكثير في إنتاج السلع مثل المواد الغذائية والورق والملابس القطنية والمنتجات الصناعية وغيرها. يشار إلى كمية المياه المستخدمة في عمليات إنتاج السلع خلال دورة حياتها بأكملها على أنها المياه الافتراضية الموجودة داخلها.

يمكن أن تؤدى تجارة المياه الافتراضية إلى تخفيف الضغط على موارد المياه الداخلية في الدول العربية شحيحة المياه مما يساعد في تحقيق الأمن المائي والغذائي العربي، ومن هنا تكون تجارة المياه الافتراضية أداة في حل المشاكل وتخفيف التوتر والصراع على المياه. كما أن هناك أهداف اقتصادية رئيسية وراء تجارة المياه الافتراضية وهى أنه وفقًا لنظرية التجارة الدولية، يجب على الدول تصدير المنتجات التي تمتلك فيها ميزة نسبية تنافسية في الإنتاج، في حين يجب عليهم استيراد المنتجات التي ليس لديهم فيها ميزة نسبية، ويمكن أن يؤدى هذا إلى زيادة كفاءة استخدام المياه المحلية وبالتالي يمكن لتجارة المياه الافتراضية أن تكون أداة لزيادة كفاءة الاستخدام العالمي للمياه على كوكب الأرض، وبخاصة بين دول الخليج والدول الإفريقية ذات الوفرة المائية مثل دول منابع النيل والكونغو الديمقراطية ودول غرب إفريقيا. تطور التكنولوجيا واستخدامها في الزراعة والري يمكن أن يكون وسيلة لزيادة كفاءة استخدام المياه المحلية وزيادة الإنتاج الغذائي للتغلب على الفقر في الدول الإفريقية وتقليل التضخم العالمي وسد الفجوة الغذائية على المستوى العربي والإفريقي.

 

التعاون مع الدول الغنية مائيًا:

تعاون الدول العربية مع الدول الغنية مائيًا هو السبيل الرئيسي للتغلب على الفقر المائي في العالم العربي، حيث أن كثيرًا من الدول الغنية مائيًا هي الأكثر فقراً وبالتالي لا تستطيع الاستفادة من مواردها المائية وتتركها تذهب هباءً إلى البحار والمحيطات، ومن أهم هذه الدول الكونغو الديمقراطية والتي تملك حوالى ثلث المياه الإفريقية بمفردها، وتتدفق مياه نهر الكونغو بالكامل في المحيط الأطلنطي دون استفادة حقيقية، وتقدر مياهه بحوالي 1300 مليار متر مكعب سنويًا، ويمكن الاستفادة من المياه في الإنتاج الزراعي وتوليد الكهرباء، وكذلك الحال في حوض نهر النيجر ودول منابع نهر النيل مثل إثيوبيا وكينيا.

 

الخلاصة:

تستطيع الدول العربية التغلب على الشح المائي والغذائي بالتعاون مع الدول الغنية مائيًا من خلال الاستثمار الزراعي فيها، وعن طريق إعادة استخدام المياه أكثر من مرة، والحفاظ على المياه من التلوث، وزيادة كفاءة استخدام الوحدة المائية للحصول على أعلى عائد، وترشيد استخدام المياه، وزيادة الوعى لدى المواطن العربي، وزيادة النشاط الصناعي لما له من دخل كبير يساعد في التبادل التجاري مع الدول الزراعية، وزيادة استخدام أحدث التكنولوجيا في الزراعة والري لزيادة الإنتاجية، وزراعة المحاصيل التي تجود في البيئة العربية وتتميز بالإنتاجية العالية وبالعائد المرتفع ويتم تصدير جزءًا منها واستيراد المحاصيل الرخيصة والشرهة للمياه من الدول المائية، وكذلك الاستفادة من الأمطار القليلة في العالم العربي من خلال بعض الزراعات عليها، والتوسع في مشروعات حصاد المياه خاصة من مياه السيول التي تجتاح بعض المناطق العربية مثل جبال البحر الأحمر.  

مقالات لنفس الكاتب