array(1) { [0]=> object(stdClass)#13490 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 187

الاقتصاد بوصلة العلاقات العربية ـ العالمية

الخميس، 22 حزيران/يونيو 2023

بعد أن اجتاحت العالم الأزمات مؤخرًا، وساءت الأوضاع الاقتصادية جراء جائحة كورونا، ثم تداعيات الحرب الروسية ـ الأوكرانية، أعادت دول العالم توجيه بوصلتها الاقتصادية والسياسية بحثًا عن توفير احتياجاتها، وعليه توجه العالم نحو منطقة الخليج التي تمتلك الكثير من المقومات والمزايا التي جعلتها في بؤرة اهتمام جميع الدول الصناعية والكبرى بدون استثناء، ولقد جاء العالم بشرقه وغربه  ، وشماله وجنوبه قاصدًا منطقة الخليج للبحث عن الفرص والشراكات الاستراتيجية لسد احتياجاتها من الطاقة والاستثمارات، والدعم السياسي الذي أدت إليه الحرب الروسية ـ الأوكرانية ،وانقسام القوى الكبرى حول هذه الحرب، وبناء على ذلك أعادت دول الغرب تصحيح توجهاتها ، ومن ثم توضيح الصورة الحقيقية لدول المنطقة التي ظلت لسنوات مشوهة عمدًا ،وكرست صورة ذهنية سلبية  عن دول مجلس التعاون كان قد رسمها الغرب لدول المنطقة التي كانت دومًا محط سهام النقد  تحت مزاعم  واهية عن حقوق الإنسان، وحقوق المرأة، وتضييق الحريات، والإرهاب؛ وغير ذلك من اتهامات باطلة كان الغرض منها ابتزاز دول المنطقة، لكن تغيرت هذه الصورة السلبية، وتأكد العالم، بل والدول الغربية نفسها أن ما كان يروج له الإعلام المغرض وما كان يسمى بجماعات المجتمع المدني في الغرب ما هي إلا أكاذيب ملفقة تقف خلفها جماعات ضغط مشبوهة ذات أجندات خاصة بها لخدمة أغراض دول معينة.

وساعدت عدة عوامل على تغيير هذه الصورة وجعلت دول العالم تقصد دول المنطقة وتخطب ودها، ومن بين هذه العوامل:

**خطت دول مجلس التعاون خطوات واسعة في الإصلاح والتحديث والتطوير، وتعاملت القيادات الخليجية الشابة بانتهاج سياسات عصرية، وتبنت خططًا واستراتيجيات طويلة وقصيرة المدى لهذا التطوير، وفتحت الباب للكفاءات الشابة وأدخلت ثقافة الانفتاح الإيجابي وجعلت شعوبها تنعم بحياة عصرية بها كل سبل التطور ،وفتحت الأبواب للشباب من الجنسين في كل مراحل التعليم والعمل  والمشاركة في الوظائف القيادية بكل مستوياتها ومجالس الشورى والمجالس البلدية والمحلية، والمساهمة في المشروعات العملاقة سواء الإنتاجية، أو الدبلوماسية، أو العقارية ،أو الثقافية والترفيهية ، ما جعل دول الخليج تعيش أزهى عصورها وتتفوق في نمط الحياة على العديد من دول العالم الأخرى بما فيها الدول التي تُوصف بالمتقدمة.

**توسعت دول مجلس التعاون الخليجي في عقد شراكات مع جميع دول العالم خاصة الصناعية والمتقدمة، وانفتحت في جميع الاتجاهات، ما جعل الصين في مقدمة الدول التي تربطها شراكات وعلاقات اقتصادية ومشروعات مشتركة واستثمارات وتبادل تجاري، واستضافت المملكة العربية السعودية قمة صينية، ومؤخرًا في الشهر الماضي استضافت الرياض أيضًا مؤتمر رجال الأعمال العرب والصينيين العاشر ،وما نتج عنه من مكاسب كبيرة جدًا للطرفين على الصعيد الاقتصادي، وتقود المملكة العربية السعودية 3 مسارات للتعاون الصناعي العربي ـ الصيني وتتمحور حول السياسات والتشريعات، وسلاسل القيمة، والتصنيع والإنتاج المتقدم وبناء مصانع المستقبل، وكذلك  استضافت المملكة الاجتماع الوزاري الثاني للدول العربية ودول الباسفيك، وفي ذلك تأكيد على أن المنطقة ليست حكرًا على أي طرف دولي مهما كانت قوته، وأن هذه الدول تستطيع التعامل مع من يحقق مصالحها، وأن قراراتها ذاتية تنبع من داخلها فقط.

** ما كاد ينتهي مؤتمر رجال الأعمال العرب والصينيين، حتى استضافت فرنسا برعاية الرئيس إيمانويل ماكرون منتدى (رؤية الخليج)، وكذلك استضافت باريس في 19 يونيو الماضي (منتدى الاستثمار السعودي ـ الفرنسي) ، وقبل ذلك كان البرلمان الأوروبي ومجلس وزراء دول الاتحاد الأوروبي قد وافقا في يونيو من العام الماضي على وثيقة الشراكة الاستراتيجية بين دول الاتحاد الأوروبي ودول مجلس التعاون الخليجي والتي جاءت في 33 صفحة وأكدت على أهمية هذه الشراكة ومجالاتها وأهدافها، وأوضحت المزايا النسبية لدول مجلس التعاون الخليجي.

وفي النهاية، تقود المملكة العربية السعودية في المرحلة الحالية المنطقة الخليجية والعربية نحو مستقبل جديد وبتعامل مختلف مع جميع الدول الكبرى، تعامل قائم على إعادة اكتشاف مقومات وأدوات وتأثير المنطقة، والبحث عن فرص حقيقية للتنمية تساهم في تقدم المنطقة وتخفيف المعاناة عن شعوبها عبر شراكات إيجابية تحقق توطين الصناعات الحديثة واقتصادات المعرفة والتوسع في الصناعات المتطورة التي توفر فرص العمل وتقدم منتجات تستطيع المنافسة في ظل المتغيرات العالمية والتحول إلى نظام دولي جديد حتى تكون الدول العربية مشاركة في هذا النظام لا مجرد متفرجة فقط، وهذه الطموحات الكبرى تتطلب التعاون وتضافر الجهود من جميع الدول العربية لتحقيق الحلم الأكبر لنهضة المنطقة وإصلاح جامعة الدول العربية وتفعيل حل المشكلات العربية بأيدي العرب أنفسهم، وأن ينتج العرب غذاءهم ويحققون الاكتفاء الذاتي من احتياجاتهم.

مقالات لنفس الكاتب