تعد المملكة العربية السعودية واحدة من أقوى الدول العربية التي لديها صناعة نشر متطورة ولديها قدرات تنافسية عالية، يساعدها على ذلك العديد من العوامل، أبرزها دور الدولة الداعم، ثم عدد السكان الذي يصل إلى 34.8 مليون نسمة مع قدرات شرائية عالية، فضلًا عن توفر شبكة مكتبات جامعية وعامة جيدة، حيث يبلغ عدد الجامعات السعودية الحكومية 29 جامعة والخاصة والأهلية 14 جامعة، فضلًا عن المعاهد العليا التي يزيد عددها عن 21 معهد.
صدر في السعودية 16500 كتاب خلال عامي 2020/2021م، وكانت السعودية قد أصدرت عدد 8121 كتاب في عام 2019م، هذا ما يؤشر أن حركة النشر في السعودية لم تتأثر بكورونا من حيث متوسط إصدارات الكتب سنويًا، لكن أيضًا لم يشهد النمو الذي كان متوقعًا لها، خاصة أن معدلات نمو عدد الإصدارات كان في تصاعد مستمر منذ عام 2018م، حيث صدر في السعودية 4220 كتاب في هذا العام، يبلغ عدد دور النشر في السعودية 572 ، الحكومية منها 35 دار نشر.
تماسك صناعة النشر في السعودية انعكس على متوسط عدد النسخ المطبوعة من كل كتاب إذ يتراوح بين 1000 إلى 5000 نسخة، في حين لجأت دور النشر في عدد كبير من الدول العربية إلى خفض عدد النسخ المطبوعة ليتراوح بين 50 إلى 100 نسخة بالطباعة تحت الطلب، وعدد النسخ في الطباعة الأكثر انتشارًا من 500 إلى ألف نسخة.
إن تزايد الإنتاج المعرفي في المملكة العربية السعودية يعود إلى وضوح حقوق المؤلف، وتتنوع طرق حصول المؤلف على حقوقه ما بين نسبة من سعر الغلاف تتراوح بين 10% إلى 30% والأخيرة هي الأعلى عربيًا، فضلًا عن الشراء القطعي لحقوق الكتاب مرة واحدة وهي تقدر بــ 60 ريالًا إلى 120 ريالًا للصفحة طبقًا لشهرة المؤلف وقيمة منتجه ... إلخ، هذا ما جعل الإنتاج المعرفي في السعودية يتصاعد وخاصة مع ازدهار الأدب بأشكاله خاصة الرواية وأدب الرحلات ثم الكتب المترجمة في السعودية.
شهد شهر فبراير 2020م، إطلاق هيئة الأدب والنشر والترجمة لتضطلع بمهام إدارة قطاعات الأدب والنشر والمساهمة في تحقيق تطلعات رؤية السعودية 2030 وستقوم الهيئة بتنظيم قطاعات: الأدب، النشر، الترجمة، وحددت الهيئة أهدافها الاستراتيجية لقطاع النشر على النحو التالي:
- دعم انتشار الكتاب السعودي محليًا وعالميًا.
- تطوير معارض الكتاب السعودية والارتقاء بها.
- تطوير قدرات دور النشر السعودية ورفع تنافسيتها إقليميًا وعالميًا.
- زيادة حجم الاستثمار في سوق النشر السعودي.
- تنظيم سوق النشر المحلي وتحسين بيئة الأعمال.
هذا يعني أن هناك إدراك من الهيئة أن صناعة النشر تقوم على جناحين هما: النشر الخاص، والنشر الحكومي "جامعات ومؤسسات" مما يعني أن رؤية الهيئة تقوم على برامج تحفيزية للنشر، لذا سرعان ما أطلقت عددًا من البرامج التحفيزية وقد تم إطلاق ما يلي:
مسار رقمنة الكتب: يعني هذا البرنامج بتقديم منح لدور النشر السعودية لتغطية تكاليف تحويل الكتب الورقية إلى كتب رقمية بصيغ تتلاءم مع المنصات الرقمية الأكثر انتشارًا ومع أجهزة القراءة الرقمية، صمم المشروع لينفذ على عدة مراحل انطلقت أولى مراحله في عام 2022م، وستمتد إلى عام 2025م، هذه المرحلة مخصصة للكتب النصية مثل الكتب الأدبية والروايات التي لا تحتوي على صور ورسومات، سيؤدي هذا البرنامج إلى تنافسية سعودية متميزة في مجال النشر الرقمي، فضلًا عن تعزيز تنافسية السعودية في المحتوى الرقمي فضلًا عن دعم الناشر السعودي في بيئات التحول الرقمي.
كما تستعد الهيئة لإطلاق برامج أخرى منها كتب الأطفال واليافعين لتمكين 10 شركات ناشئة تعني بتنمية وتطوير قدرات الأطفال واليافعين في كتابة ورسم ورواية القصص ومختلف المهارات الأدبية، بتطبيق أفضل الممارسات العالية من خلال التوجيه والتدريب، فضلًا عن تقديم المنح المالية للمساهمة في تنمية وتطوير الشركات في هذا المجال.
إن المسح لدور النشر السعودية يظهر قدرات متفاوتة في التعامل مع جائحة كورونا، لكن هناك دور نشر لديها ميزات نسبية "جرير/ العبيكان" بسبب عملها في إطار مؤسسي، فالعبيكان بالرغم من تراجع عدد الكتب المنشورة لديها:
الكتب المنشورة في العبيكان
السنة |
عدد الكتب |
2019 |
43 |
2020 |
31 |
2021 |
39 |
إلا أن إطلاق الدار منصة كتب رقمية خاصة بها فضلًا عن تعاملها مع عدد من المنصات مثل: نون، أمازون، رواق الكتب، النيل والفرات، فورديل، ديبوسترى، فضلًا عن بناء خطط التسليم السريع لطلبات الكتب عبر الإنترنت، ومما ساعد على فاعلية الدار قدرتها على الطباعة تحت الطلب للكتب النافذة، هذا كله قاد الدار إلى تحقيق زيادة قدرها 5% في عام 2020م، في توزيع الكتاب الورقي لتقفز إلى 26% في 2021م.
وعلى جانب آخر تمثل جرير للنشر والتوزيع واحدة من أهم دور النشر السعودية، نشرت جرير منذ إطلاق نشاطها كناشر أكثر من 5000 عنوان، بمعدل سنوي يقرب من 300 عنوان وذلك منذ عام 1974م، ولجرير سلسلة من المكتبات تعطيها ميزة نسبية، وهي تعد من أفضل سلاسل توزيع الكتب العربية من حيث الكفاءة والنشاط، وتتركز في السعودية وعدد من الدول العربية خاصة منطقة الخليج العربي.
تتنوع إصدارات جرير بين الكتب الأدبية وكتب الأطفال والترجمة التي تميزت بها، خاصة ترجمة الكتب السياسية والسير.
ويدخل فضاء النشر في السعودية دور نشر جديدة تجدد الدماء في حركة النشر، فالدار الرائدية بدأت إصدار كتبها عام 2017م، ومن الملاحظ زيادة عدد إصداراتها طبقًا للجدول التالي:
السنة |
عدد الكتب |
2019 |
50 |
2020 |
110 |
2021 |
77 |
أطلقت الدار متجرًا رقميًا أثناء جائحة كورونا عززت خدمات التوصيل عبر حملة "التوصيل للمنزل لجميع أنحاء المملكة" وهو ما ساعدها على زيادة قدرتها التنافسية، فضلًا عن عروض الخصومات التي تعزز هذه القدرة.
إن أهم قرار صدر في عام 2021م، في المملكة العربية السعودية هو القرار الذي أصدره دكتور ماجد القصبي وزير الإعلام السعودي المكلف ، رئيس الهيئة العامة للإعلام المرئي والمسموع سابقًا، إجراء تعديلات جوهرية على اللائحة التنفيذية لنظام المطبوعات والنشر، وتنص تلك التعديلات على إطلاق خدمة الفسح الفوري المباشر للمطبوعات الخارجية الإلكترونية، وإتاحتها للقطاع العام والخاص، واعتمد إضافة مادة جديدة على اللائحة التنفيذية لنظام المطبوعات والنشر بعنوان "ضوابط إجازة الكتب غير الورقية المنشورة خارجيًا" تحت فصل المطبوعات الخارجية.
واشترطت التعديلات الجديدة لإجازة أي كتاب في المملكة سبق نشره خارجها الالتزام بتقديم نسخة إلكترونية لإجازته للوزارة عبر منصتها الإلكترونية، وأقرت التعديلات الجديدة على اللائحة التنفيذية للنظام قيام الجهة المعنية في الوزارة بتطبيق مبدأ الرقابة اللاحقة على جميع المطبوعات الخارجية، هذا القرار يتواكب مع العصر وتطوراته، بل له دور في إنعاش الكتاب العربي، حيث تعتبر السعودية أهم وأكبر سوق للكتاب العربي وهذه التعديلات سيكون لها نتائج إيجابية على النحو التالي:
- تسهيل إجراءات الفسح على المؤلفين والناشرين وموزعي الكتب.
- تنمية قطاع تجارة الكتب الإلكترونية وإثراء منافذ التوزيع السعودية بالمحتوى المتميز فور صدوره.
- الدعم المباشر لدور النشر السعودية.
- تطبيق الفسح الفوري يهم في الحد من القرصنة والتحايل وتسرب المستخدمين إلى المتاجر العالمية.
الكتب المنشورة في بعض دور النشر السعودية خلال السنوات من 2019 إلى 2021
دار النشر |
2019 |
2020 |
2021 |
ملاحظات |
دار الرائدية |
50 |
110 |
77 |
بدأت النشر في آخر 2016م |
العبيكان |
43 |
31 |
39 |
|
- مركز الترجمة "جامعة الملك سعود"
يعد مركز الترجمة في جامعة الملك سعود من مراكز الترجمة العربية المتميزة، وبالرغم من إنتاجه المنشور ذا المستوى الجيد من حيث الترجمة، إلا أن انتشار مطبوعاته ليس بالدرجة التي توازي جودة المطبوعات من حيث الموضوعات المتنوعة والترجمة، ويعود هذا إلى كونه يخضع لقواعد الجامعة، ولذا فإن أول خطوة يجب أن تؤخذ من قبل الجامعة هو تحويله لدار نشر على غرار دور النشر في الجامعات الكبرى، إن نظرة على أرقام الكتب المترجمة من قبل المركز تكشف عن حجم الكتب المترجمة من قبل المركز:
السنة |
عدد الكتب |
2015 |
49 |
2016 |
67 |
2017 |
70 |
2018 |
80 |
2018 |
50 |
2019 |
50 |
2020 |
50 |
2021 |
|
من الواضح أن المركز تراجع عدد الكتب المترجمة من قبله نسبيًا بسبب جائحة كورونا من 80 كتاب عام 2018م، إلى 50 كتاب عام 2020م، وإن كان نشر 50 كتاب عام 2019م، ولكن قيمة ما ينشر من حيث الموضوعات هو الأهم إذ أن المركز تصدى لترجمة كتب في مجالات أكاديمية صعبة تحتاج إلى تعريب للمصطلحات مثل: أساسيات الفيزياء للكيميائيين، مقياس الضغط، البوليمرات، النانوية وغيرها في مجالات الطب وطب الأسنان، كما أن ترجماته في مجالات العلوم الإنسانية تميزت بالتطرق لموضوعات مهمة وأساسية للباحثين مثل: المفاهيم الأساسية في السياسة، كتابة التاريخ وغيرها.
إن من المتوقع خلال السنوات القادمة نمو حركة الترجمة في المملكة العربية السعودية، لقد برزت العديد من دور النشر السعودية في مجال الترجمة وكانت هي إلى سنوات تحمل شعلة الترجمة في المملكة خاصة العبيكان وجرير، ويأتي الحافز المضاف من إطلاق هيئة الأدب والنشر والترجمة مبادرة ترجم، تستهدف "منح الترجمة" التي تقدمها الهيئة لدور النشر السعودية وفق آلية تضمن تنفيذ مواد مترجمة عالية الجودة يتم من خلالها دعم المؤلف والمترجم والناشر السعودي، وتم إصدار 222 كتاب إلى نهاية 2021م، في إطار هذه المنح، الكتب تميزت بتنوع الموضوعات واللغات المترجم منها، فضلًا عن الترجمة من العربية إلى الإنجليزية.
لكن الأهم في مشروع الترجمة لهيئة الأدب والنشر والترجمة السعودية مشروع ترجمة الدوريات الأكاديمية الذي أتاح إلى نهاية 2021م، ترجمة عدد 42 دورية أكاديمية رفيعة المستوى إلى اللغة العربية، وهي بهذا تقدم خدمة غير مسبوقة في حركة الترجمة إلى العربية وهذه الدوريات هي:
- مجلة مكتبات الكليات والبحوث.
- مجلة دراسات في القصص المصورة.
- مجلة دراسات المسرح التطبيقي.
- مجلة العلاج بالدراما.
- مجلة التقدم في الدراسات اللغوية والأدبية.
- المجلة الدولية للحوسبة المعمارية.
- مجلة إدارة التراث الثقافي.
- مجلة الدراسات التجريبية للفنون.
- مجلة دراسات اللغة.
- مجلة الأغذية العرقية.
- مجلة الاتصال اللغوي.
- مجلة دراسات الأفلام القصيرة.
- مجلة المسرح الهندي.
- مجلة الكتابة في الممارسة الإبداعية.
- مجلة معلمي الموسيقى.
- مجلة الدراسات البحثية في التعليم الموسيقي.
- مجلة الاتحاد الدولي لجمعيات ومؤسسات المكتبات.
- مجلة اللغة واللغويات والأدب.
- مجلة أبحاث البرمجيات المفتوحة.
- المجلة الدولية لأبحاث الثقافة والسياحة والضيافة.
- أوربت: مجلة الأدب الأمريكي.
- مجلة تقنية المعلومات والمكتبات.
- رؤى: مجلة مجموعة الدوريات البريطانية.
- مجلة آفاق المكتبة الرقمية.
- مجلة أنثروبولوجيا الغذاء.
- مجلة علم الجمال والثقافة.
- مجلة علم التصميم.
- مجلة الموضة والمنسوجات.
- المجلة الدولية لأبحاث الترجمة والترجمة الفورية.
- المجلة البريطانية للتعليم الموسيقي.
- مجلة مكتبات الفنون.
- مجلة التحليل المالي والكمي.
- مجلة التاريخ الاقتصادي.
- المراجعة السنوية للغويات التطبيقية.
- المجلة التاريخية.
- المجلة الأوروبية لتنظيم المخاطر.
- العصور القديمة.
- المنظمة الدولية.
- التحليل السياسي.
- مجلة السياسات الاجتماعية.
- السياسات العالمية.
ترجم في المملكة العربية السعودية 450 كتابًا طبقًا لأرقام الإيداع في مكتبة الملك فهد الوطنية، لكن من المرجح أن عدد الكتب المترجمة يزيد عن ذلك، ويرجح أنها تصل إلى 500 عنوان لكثافة برامج الترجمة في السعودية، فتصاريح الترجمة الصادرة خلال 2020/2021م تصل إلى 500 تصريح، إذا أضفنا أعمال مترجمة لا تحصل على أرقام إيداع يصبح رقم 500 منطقيًا، ولا يدخل في هذا الرقم الكتب المترجمة من العربية للغات الأخرى والتي يبلغ عددها 350، والمجلات المترجمة من الإنجليزية إلى العربية على سبيل المثال.
تتعدد اللغات التي يجري الترجمة منها إلى العربية فتتركز بصورة أساسية على الإنجليزية، ثم الفرنسية التي ترجم منها 31 كتابًا، ثم ترجم من الألمانية 19 كتابًا، ثم أعداد قليلة من الروسية والإيطالية والصينية ثم اليابانية ثم الإسبانية.