array(1) { [0]=> object(stdClass)#13013 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 187

قمة جدة أكدت دور السعودية المحوري ووعيها بمتطلبات المرحلة المقبلة

الخميس، 22 حزيران/يونيو 2023

أثبتت المملكة العربية السعودية مرة تلو الأخرى عبر دبلوماسيتها وسياستها الخارجية الهادئة والحكيمة دورها الفاعل والهام كمحرك رئيسي لبوصلة السياسات العربية الإقليمية، حيث فطنت المملكة أنها إذا ما أرادت أن تتجه صوب النمو والازدهار الاقتصادي بما يعود على المملكة وعلى جيرانها الإقليميين بالاستقرار والتطور والنفع، فلابد لها أن تعمل على طي صفحات الخلافات والمضي قدماً صوب اتخاذ خطوات مدروسة لحلحلة الأزمات والصراعات العربية، وإرساء أسسًا جديدة في المنطقة قائمة على تعزيز أواصر الوحدة والاستقرار. 

لفتت التحركات والقفزات السريعة للدبلوماسية السعودية تجاه مختلف الأزمات والصراعات الإقليمية في المحيط العربي في الآونة الأخيرة أنظار العالم، حيث فاجأت السعودية الساحة الدولية بقرارات ومواءمات سياسية من شأنها أن تغير الخريطة الأمنية الجيوسياسية في الشرق الأوسط التي ستنعكس إيجاباً على الساحة الإقليمية وتهدئ من روع الأزمات في المنطقة.

فنجد في 10 مارس 2023م، الإعلان عن مصالحة سعودية – إيرانية برعاية صينية، مع الاتفاق على إعادة العلاقات الدبلوماسية من خلال استئناف عمل السفارة السعودية والمكاتب القنصلية في غضون شهرين من الإعلان، ومع الاتفاق على إحياء الاتفاقية الأمنية بين البلدين الموقعة في عام 2001م، وكذلك اتفاقيات التعاون الاقتصادي والاستثماري والثقافي والرياضي والشبابي والتكنولوجي التي تم التوصل إليها في عام 1998م، وهي الخطوة التي أذهلت العالم نظراً لمدلولاتها والظروف المحيطة بها التي تنم عن رؤية سعودية متأنية وفطنة لما يحيط بها من أحداث، فنجد أنه:

أولاً: لا شك أن السعودية بما أضحى لديها من دور رائد في العالم باتت تعي جيدًا وتدرك أهمية تنوع قاعدة حلفائها الاستراتيجيين في علاقاتها الدولية، وهو ما يتجلى بوضوح في التقارب الكبير السعودي -الصيني خلال الآونة الأخيرة والذي برز إبان استضافة السعودية القمة العربية الصينية الأولى في العاصمة الرياض والذي بات لا يقتصر على الجوانب الاقتصادية للجانبين بل تخطاها ليشمل المجالات السياسية لكلا البلدين.

ومن الأهمية بمكان في هذا الصدد التأكيد على أن هذا التقارب لا يعني تباعداً في العلاقات مع أي حليف استراتيجي قديم للسعودية ولكنه يعكس وعي الحكومة الرشيدة في المملكة إلى اتباع سياسات تعاون منفتحة على كافة الدول الكبرى بالشكل الذي يخدم مصالحها في المقام الأول، بما يعكس تحقيق المساعي الهادفة للأمن والاستقرار.

ثانياً: تأتي هذه المصالحة برعاية الصين وهي الدولة التي تشترك مع السعودية في ركائز أساسية فيما يتعلق بمسارات السياسة الخارجية والتي يتمثل أهمها في مبادئ حسن الجوار واعتماد أساليب الدبلوماسية الناعمة في حل النزاعات، وهو ما يعكس أهمية الشراكة الاستراتيجية للسعودية مع الصين وهو ما يمكن حصره في جملة النقاط التالية:

  • تمتع الصين بالنفوذ الكافي لضمان احترام إيران لالتزاماتها.
  • الصين دولة مقبولة لطرفي النزاع وخاصة للسعودية التي تثق بأن الصين تعي الدوافع الكامنة لها فيما يتعلق بموقفها السابق من إيران خاصة فيما يتعلق بسياساتها المزعزعة لأمن واستقرار المنطقة، فضلاً عن تواجدها في اليمن التي تعتبر الساحة الخلفية للسعودية بما يمثل تهديدًا مباشرًا للأمن القومي السعودي.

ثالثاً: انطلاقاً من حقيقة مفادها أن الحوار هو الوسيلة الأمثل لمجابهة كافة النقاط الشائكة مع الجانب الإيراني، حرصت حكومة خادم الحرمين الشريفين على تنوع أساليبها الدبلوماسية مع الجانب الإيراني مستخدمة أسلوب الحوار والتقارب في مسعى محمود منها يهدف إلى التوصل لصيغة تفاهمية تعمل على احتواء إيران يمكن من خلالها تحقيق جملة النقاط التالية:

  • نزع فتيل التوترات السياسية في المنطقة العربية نظراً لتغلغل إيران في نسيج بعض هذه الدول وتـأثيرها على توجهاتها وقراراتها الأمنية والعسكرية بما يخدم المصالح الإيرانية ويزعزع أمن واستقرار المنطقة.
  • الدفع بمزيد من التفاهمات في العديد من الملفات والأزمات في المنطقة مثل وضع حد للصراع الدائر في اليمن وتأثيراته على الحدود السعودية، بوصفه واحداً من أبرز النقاط الشائكة في العلاقة السعودية الإيرانية، فضلاً عن ملف الأزمة السورية الذي تتداخل فيه إيران بشكل كبير.

مما لا شك فيه أن المملكة العربية السعودية تحتل مكانة كبيرة كونها لاعب اقتصادي وسياسي عالمي، وهو ما برز جلياً من خلال استخدامها الدبلوماسية الناعمة التي مكنتها في الآونة الأخيرة من تحقيق انتصارات في عدد من الأزمات العربية والدولية على السواء عبر سلسلة من المساعي الحميدة إقليمياً ودولياً جعلتها محط أنظار العالم كمحور استراتيجي هام في الوساطة وصنع عمليات السلام.

على الصعيد الإقليمي، وضعت المملكة نصب أعينها ملف استقرار المنطقة العربية حيث سعت بطرق مختلفة من أجل تنقية الأجواء العربية – العربية، وتصفير الصراعات، وغلق ملفات الأزمات، والتأسيس لمرحلة جديدة في المنطقة العربية بزعامة سعودية يقودها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز ـ حفظه الله ورعاه ـ ، وسمو ولي عهده ورئيس مجلس الوزراء سمو الأمير محمد بن سلمان  ـ حفظه الله ـ الذي أشار صراحة في كلمته خلال أعمال الدورة 32 للقمة العربية بأنه "لن يسمح" بأن تتحول المنطقة العربية إلى ميادين للصراعات، بوصفها قد عانت ما يكفي من الصراعات التي أثرت على مسيرة التنمية فيها.

فقبيل انعقاد القمة العربية في دورتها العادية الـ 32 التي استضافتها وترأستها المملكة العربية السعودية، نجد مزيدًا من تسارع الخطى نحو حلحلة عدد من أصعب الملفات كاليمن وسوريا والسودان، وكأن القمة في توقيت انعقادها جاءت لتكلل هذه المساعي بالنجاح، وتوجه رسالة للقاصي والداني بأن الدول العربية قادرة إذا أرادت أن تطوي صفحة الماضي، وأن مزيدًا من التنسيق المشترك فيما بينها يمكنها من التعامل مع تحديات الأمن والاستقرار بالشكل الذي يجعلها تمضي قدماً بما يحقق مصالح وطموحات وآمال شعوبها.

ويمكن إبراز ما توصلت إليه الدبلوماسية السعودية مما قد يؤدي إلى تحول إقليمي في جملة من الأمور:

  • في اليمن، أجرى وفد المملكة العربية السعودية برئاسة محمد آل جابر، سفير المملكة العربية السعودية لدى الحكومة اليمنية ووفد من سلطنة عمان محادثات مع جماعة الحوثي في أول مفاوضات علنية منذ 2015م، ولكن نجد أن هذه الجولة من الوساطة تختلف عن سابقاتها، فبنظرة متفحصة نجد أن هذه المساعي محاطة بأجواء إيجابية عبر عنها بيان لوزارة الخارجية السعودية وكذلك فيما تم تناقله من الجانب الحوثي عن رغبته في المضي قدماً في المباحثات. وفضلاً عن أهمية هذه المباحثات لإحلال السلام في اليمن، إلا أنها تأتي كذلك كاختبار لصدق إيران تجاه المملكة العربية السعودية وإثباتها لحسن النوايا وارادتها الحقيقية لفض النزاعات من خلال استخدام نفوذها ضد الحوثيين باتجاه حل دائم للحرب يرضي جميع الأطراف اليمينة، ويؤمن حدود المملكة التي تم استهدافها مراراً من قبل جماعة الحوثي، خاصة أن هذه الزيارة إلى صنعاء هي أول زيارة من نوعها لمسؤولين سعوديين.
  • فيما يتعلق بسوريا، مضت السعودية قدماَ في مباحثاتها مع النظام السوري بهدف إعادة الهدوء إلى المنطقة برؤية مستقلة، وذلك على الرغم من إعلان الولايات المتحدة موقفها الثابت الرافض للنظام السوري وهو ما يدلل على المسؤولية الكبرى التي تقع على عاتق السعودية تجاه أمن المنطقة بحكم مركزية مكانتها. فسبقت عودة سوريا إلى محيطها العربي العديد من المؤشرات الدالة على تحول الموقف السعودي صوب ملف الأزمة السورية، سواء من خلال تعبير مسؤولين رسميين سعوديين عن الرغبة السعودية في فتح قناة للتواصل مع النظام السوري في مختلف المناسبات الدولية، أو من خلال الدعم السعودي الكبير لسوريا في أعقاب كارثة الزلزال التي ضربت البلاد في فبراير من هذا العام، حيث قدمت السعودية مساعدات إلى مختلف المناطق السورية والتي كان منها أجزاء يسيطر عليها النظام السوري، ثم نجد الإعلان الرسمي من كلا البلدين عن إجراء محادثات رسمية لاستئناف العلاقات القنصلية، ثم عودة سوريا إلى مقعدها في الجامعة العربية بإجماع عربي قادته السعودية بحرفية ودبلوماسية بما يبرز الدور السعودي المحوري والقيادي في المنطقة.
  • وفي السودان، وفي أعقاب اندلاع الأزمة، فطنت السعودية انطلاقاً من دورها القيادي بأهمية التوسط بمشاركة الولايات المتحدة الأمريكية في احتواء الأزمة في السودان تلاشياً لتصاعد حدة أزمة جديدة في الإقليم ومنعاً لتفاقم كارثة إنسانية أخرى في المنطقة، فعلى الرغم من تعثر المحادثات بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع طرفي النزاع في السودان للوصول إلى اتفاق هدنة والتخفيف من وطأة الاشتباكات في مناطق مختلفة في السودان، إلا أن السعودية من المتوقع أن تستمر في رعاية تلك المحادثات وصولاً إلى التهدئة لعدد من الأسباب:

أولاً: التأكيد على أن الدور السعودي لا يقتصر على الأهمية الاقتصادية فقط بل أن السعودية تمثل لاعبًا استراتيجيًا وجيوستراتيجيًا هامًا في المنطقة، خاصة وأن الأطراف السودانية المتنازعة وافقت على الاجتماع في جدة وهو ما يدلل على الوثوق في السعودية في لعب دور الوسيط الذي منذ اندلاع الأزمة في السودان من خلال دورها المشهود في إجلاء رعايا ٨٠ دولة فضلاً عن نحو ٨٠٠٠ من السودانيين مستفيدة من موقعها الجغرافي القريب للسودان.

ثانياً: أن المنطقة العربية بغنى عن أزمة جديدة تهدد الأمن والاستقرار في المنطقة، ومن الممكن أن تؤدي إلى أزمة لاجئين وتخلق فرصاً جديدة للجماعات المسلحة.

ثالثاً: تعي السعودية المكانة التي تحتلها السودان للمنطقة خاصة فيما يتعلق باستراتيجيات الأمن الغذائي التي باتت تشكل تحديًا عالميًا في أعقاب الحرب الروسية الأوكرانية، وإذا ما لم يتم التوسط لحل الأزمة السودانية فقد يزداد هذا العبء حيث أن السودان دولة زراعية من المقام الأول وتعد سلة غذاء لإفريقيا والعالم.

مخرجات القمة العربية في دورتها العادية الــ32 برئاسة المملكة العربية السعودية:

 أولاً: أبرز ما يمكن قراءته من القمة أنها جاءت لتؤكد على الدور المحوري للسعودية في الأخذ بزمام المبادرات التي من شأنها أن تحل السلام في المنطقة، وتثبت أقدامها كمحرك ولاعب رئيسي وواعٍ لما تستدعيه متطلبات المرحلة المقبلة للمنطقة التي لابد أن تلتفت إلى ما هو أهم من الصراعات وهو تثبيت الأمن والسلم في المنطقة والاستفادة من مواردها العظيمة في نموها الاقتصادي بما يحقق مصلحة الشعوب العربية.

ثانياً: جاء "إعلان جدة" ليؤكد على الثوابت العربية خاصة فيما يتعلق بأهم القضايا المركزية وهي القضية الفلسطينية، وجاء كذلك ليؤكد على أهمية تأسيس مستقبل عربي يطمح إلى تجاوز صفحة الخلافات والصراعات في مختلف الملفات سواء سوريا، أو اليمن، أو لبنان، أو السودان، أو ليبيا ويدعو إلى وحدة الصف العربي، بما يخدم المصالح العربية في الأوساط الدولية ككتلة واحدة، مع أهمية وقف التدخلات الأجنبية في الشؤون الداخلية للدول العربية وهو ما تم دعمه في كلمات القادة إلى وحدة الصف العربي.

ثالثاً: شكلت مشاركة رئيس النظام السوري بشار الأسد بعد انقطاع دام 13 عاماً، دلالة على التحول الإقليمي في المنطقة، ودلالة على إدراك حكومة المملكة العربية السعودية إلى أنه لا سبيل لحل الأزمة السورية دون حوار مع النظام السوري، وأنه لا سبيل لحل أزمة اللاجئين السوريين والتبعات الأمنية والسياسية للأزمة التي انعكست أصداؤها على دول الجوار العربية أكثر من غيرها دون الحوار مع سوريا بشكل مباشر، وذلك مع تبني مقاربة  "الخطوة مقابل الخطوة" وهي المقاربة الأكثر واقعية كون الأزمة معقدة تنقسم فيها سوريا إلى مناطق نفوذ يسيطر عليها عدد من اللاعبين الدوليين، وبالتالي سيكون من الصعب تحديد فترة زمنية وفق جدول زمني محدد لانتهائها كما يطالب البعض. وهنا ظهر الوعي العربي في التدرج في حل الأزمة، واتخاذ خطوات عربية مقابل اتخاذ سوريا لخطوات مقابلة فعالة في حل الأزمة التي تشمل تطبيق القرارات الأممية ذات الصلة وفى مقدمتها القرار الأممي 2254، بما ينعكس بالإيجاب على كلا الطرفين.  فمن جهة تخرج سوريا من عزلتها عن محيطها العربي بما يؤهل مستقبلاً بتحسين الوضع الاقتصادي فيها بدعم عربي بعد التدهور الذي شهده الاقتصاد السوري نتيجة فرض العقوبات الدولية على النظام، ومن جهة أخرى سيساهم احتواء سوريا في التخفيف من حالة التوتر الإقليمي، فضلاً عن كبح تجارة حبوب "الكبتاغون" المخدرة التي تهرب عبر الحدود إلى الدول العربية.

رابعاً: تحمل دعوة الحكومة السعودية للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي للمشاركة في أعمال قمة جدة دلالات يمكن إجمالها فيما يلي:

  • إيصال رسالة للمجتمع الدولي أن السعودية ليست مع طرف ضد طرف فيما يتعلق بالأزمة الروسية الأوكرانية، وأن المملكة العربية السعودية والدول العربية منفتحة على جميع الأطراف، وتفرد المساحة وتتيح المنابر لجميع الأطراف للحديث، وفي ذلك مزيد من التفنيد لمزاعم القوى الغربية وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية بأن السعودية تدعم روسيا على حساب أوكرانيا وذلك على خلفية قرار مجموعة أوبك بخفض إنتاج النفط العام المنصرم، فضلاً عن تعهدها بتقديم 400 مليون دولار كمساعدات لأوكرانيا، وتصويتها لصالح قرارات الأمم المتحدة التي تطالب روسيا بإنهاء غزوها والامتناع عن ضم الأراضي الأوكرانية.
  • أن المملكة العربية السعودية ليست لاعبًا إقليميًا فحسب، بل لاعبًا عالميًا هامًا يحمل من الثقل الاقتصادي والسياسي ما يؤهله بأن يكون جسراً للتواصل بين مختلف الأطراف، خاصة وأن الحكومة السعودية عرضت التوسط بين روسيا وأوكرانيا، وسبق وأن نجحت مبادرة لسمو ولي العهد في التوسط في إطلاق سراح أسرى من عشر دول في إطار عملية تبادل أسرى بين روسيا وأوكرانيا.

وختاماً، تدرك المملكة العربية السعودية أهمية مشروعها الوطني الهادف إلى التنمية الاقتصادية المتمثل في رؤية ٢٠٣٠، وهي الرؤية التي باتت محركاً هاماً لتوجهات السياسة السعودية الخارجية ذلك لوعيها أن استقرار المنطقة وازدهارها واكتشاف الفرص الكامنة بها يعود بالنفع على المنطقة بأكملها، وبالتالي برزت الجهود السعودية الساعية صوب التهدئة وعدم الانجرار خلف الأزمات. وعلى الرغم من أن التحركات الدبلوماسية تجاه إيران وسوريا وغيرها من الملفات حظيت بالاهتمام العالمي الأكبر على خلفية التوترات التي شهدتها العلاقات بين السعودية وتلك الدول منذ سنوات، إلا أن هذه الجهود لا تعد وليدة اللحظة بل هي نتاج فترات من التحركات الدبلوماسية الرامية إلى استعادة الاستقرار في المنطقة وكانت بادرتها في "اتفاق العلا" الهادف إلى إنهاء الأزمة الدبلوماسية مع قطر عام ٢٠٢١م،  ثم أعقبتها بالمصالحة السعودية التركية في ٢٠٢٢م،  ثم المصالحة السعودية ـ  الإيرانية برعاية الصين، والتي ارتأت السعودية أن الجلوس على طاولة واحدة للتفاوض مع إيران ربما يمهد الطريق نحو احتواء الأزمة في اليمن وسوريا إذا ما صدقت إيران في نواياها، وما أعقبها من تصعيد المساعي للسلام في اليمن وعودة سوريا للجامعة العربية.

كل ما سبق يدلل على الدور القيادي للمملكة العربية السعودية لا تفرضه على أحد من الدول الشقيقة ولكن استحقته بجدارة نظراً لنظرتها المستقبلية الواعدة للمنطقة التي تبدأ بانتهاء الاستقطاب وحل المنازعات العربية داخل البيت العربي والتطلع إلى تعزيز وتنمية الاستثمار والالتفات إلى التحديات الآنية وفي مقدمتها التحديات الاقتصادية العربية، وهو الجهد الذي لا تستطيع السعودية القيام به بشكل فردي بل يتطلب إرادة عربية وعمل جماعي عربي سواء بشكل ثنائي أو تحت مظلة جامعة الدول العربية أو كليهما. فالمملكة العربية السعودية قطعت المسافة الأكبر في طريق نبذ العنف وإنهاء الخلافات، وعلى الدول العربية أن تستفاد من هذا المناخ الجديد وأن تتبع مسارات تصب في مصلحة هذا المسعى وتعزيز العمل المشترك بشكل حقيقي من خلال تبني مبادرات لدعم السلام ونبذ العنف والالتفات إلى آثار وانعكاسات التحديات العالمية المتسارعة التي كان لها بالغ الأثر على الأنظمة الاقتصادية عالمياً وعلى عالمنا العربي، والانشغال الحقيقي بتبني مبادرات فوق وطنية داعمة للاقتصادات العربية ومجابهة التحديات والمتطلبات الجديدة التي فرضها العالم نتيجة الحروب وفي مقدمتها أزمة الأمن الغذائي، والبحث عن سبل عديدة ومختلفة لمجابهة مختلف التحديات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية، التي فرضت نفسها كأولويات تستلزم وضع خطط عربية مشتركة للتصدي لتبعاتها الحالية والمستقبلية.

مقالات لنفس الكاتب