array(1) { [0]=> object(stdClass)#13013 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 188

القوى الناعمة منحت الخليج قدرات في التعاطي مع التحديات الإقليمية والدولية

الأحد، 30 تموز/يوليو 2023

تعد دول مجلس التعاون الخليجي نموذجًا " للاستجابة " لكل " التحديات " التي واجهت العالم منذ جائحة كورونا وتداعيات الحرب الروسية الأوكرانية ، وجاء هذا النجاح الخليجي اعتمادًا على سلسلة من الأدوات والمحددات كان أبرزها قدرة الدول الخليجية على تطوير " قوتها الناعمة " التي باتت من أبرز " عناصر القوة الشاملة " الخليجية ، وهو الأمر الذي أثمر في النهاية في تعزيز " المناعة والحصانة " السياسية للدول الخليجية للحفاظ على مقدرتها الوطنية من ناحية ، وتعظيم قدرتها على التجاوب مع التحديات التي فرضتها المتغيرات الدولية والإقليمية ، ورغم شروع الدول الخليجية وفي المقدمة منها المملكة العربية السعودية في تعزيز قوتها الناعمة منذ سنوات، إلا أن العامين الأخيرين شهدا توظيفاً هائلاً لكل عناصر القوة الناعمة التي زخرت بها  رؤية 2030 ، وهو ما شكل نبوغاً سعودياً وخليجياً في توظيف " القوة الناعمة " لمجابهة كل الضغوط،  وبناء مسار سياسي واقتصادي وأمني جديد بات يشهد له الجميع في الشرق والغرب ، و أصبح هذا المسار يمثل أيضاً " نموذجًا وحالة جديدة"  تعزز من أمن وسلامة واستقرار الدول الخليجية ، وفي نفس الوقت يجعل السعودية وأشقائها الخليجيين قادرين على تطوير أدوات الاستجابة لكل التحديات في عالم يرفض فكرة " الحياد"  والمسافة الواحدة،  ويرفع شعار " من ليس معنا فهو علينا "

 هنا كان للقوة الناعمة السعودية والخليجية دور في " بلورة مواقف"  و" صياغة سياسات " أثبتت نجاحها وتفردها وقدرتها على التعاطي والتجاوب مع كل الأنواء التي تعصف بالعالم خاصة في ظل تمسك الدول الخليجية بمبادىء رئيسية تقوم على ترسيخ السلام والإزدهار ، ودعم الأهداف الدولية والتنموية مع الاحترام الكامل للقانون الدولي ، فكيف صاغت الدول الخليجية " رؤية خاصة " حول مفهوم ومعنى " القوة الناعمة " ؟ وكيف نجحت في توظيف هذه القدرة الفريدة للسعودية والدول الخليجية في مواجهة كل أنواع التحديات " الراهنة والمتوقعة والطارئة خاصة تلك التي تتعلق بتطورات عالم ما بعد جائحة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية؟

 القوة الذكية

تحليل الخطاب السياسي السعودي والخليجي يكشف القدرة الهائلة لدول مجلس التعاون الخليجي في خططها المستقبلية على مواجهة كافة أشكال وأنواع التحديات خاصة أنها تملك كل عناصر " القوة الذكية " التي تجمع بين " القوة الخشنة " المتمثلة في قدراتها الدفاعية والأمنية ، بالإضافة إلى " القوة الناعمة " التي أصبحت عنوانًا للنجاح الخليجي ، وبالتالي تعظيم القوة الخليجية الشاملة في مواجهة كافة أنواع التحديات ، وويمكن رؤية هذا النجاح السعودي والخليجي في بناء قوة ناعمة لمواجهة التحديات في الساحتين الإقليمية والدولية عبر سلسلة من المشاهد وهي :  

 أولاً: صورة نمطية زاهية

ساهمت"  القوة الناعمة "لدول مجلس التعاون الخليجي في صياغة " صورة نمطية " زاهية وإيجابية في الخارج عن سياساتها وشعوبها بطريقة باتت حديث العالم ، فما يجري في مجال الألعاب الرياضية، وخاصة كرة القدم التي أصبحت خير شاهد على الطفرة الكبيرة في السعودية وأشقائها الخليجيين ،فنجوم هذه اللعبة نقلوا للعالم بطريقة غير مباشرة كيف تطورت وتغيرت السعودية  عبر نشر تفاصيل حياتهم في المملكة العربية السعودية  ،و أعطى كل هذا المجتمع الدولي،  ومن لا يعرف حقيقة ما جرى في السعودية" صورة جديدة"  عن الخليج وبلاد الحرمين الشريفين، وهو ما جعل الكثيرين في الغرب يقولون أن " حلم " الأمير محمد بن سلمان ولي العهد  ورئيس مجلس الوزراء ،  بأن يكون " الشرق الأوسط " مثل الدول الأوروبية،  بات حلمًا مشروعًا وطبيعيًا،  ويمكن تحقيقه في ظل تهافت شباب العالم للحياة والعمل في دول مجلس التعاون الخليجي ، وهذا الأمر كشف أيضاً عن " السمو السياسي " للقيادة السعودية فهي لا تريد الخير والرخاء والسعادة للسعوديين أو الخلجيين فقط،  بل لكل سكان وبلدان الشرق الأوسط بل والعالم أجمع ، وهذا يعزز من الحضور والقوة السعودية في المجال الدولي ، ويزيد من قدرة الدول الخليجية على طرح رؤيتها لنفسها ومنطقتها والعالم ، وهي تدرك وتعلم أن هناك بيئة دولية إيجابية تجاه كل هذه الأطروحات والمشروعات  

كما أن"  الصورة النمطية " للمجتمع الخليجي المنضبط في العمل والإبداع والوصول لأعلى معايير الحوكمة والكفاءة رسمت " صورة جديدة"  تختلف تماماً عن كل ما كان يقال عن منطقة الخليج في عقود ماضية ،وما يقوم به الإعلام السعودي والخليجي بكافة أشكاله الكلاسيكية والجديدة رسخ في ذهن العالم أن السعودية والدول الخليجية باتت " الرقم الصعب " في نشر التنمية والتنمية المستدامة، والحفاظ على الكوكب من الاحترار المناخي ، فالسعودية وهي من أكبر الدول في إنتاج وتصدير النفط باتت " وجهة العالم " في الاقتصاد الأخضر وتنقية الكربون والطاقة الجديدة والمتجددة، وهو ما جعل الشركات العملاقة في مجال التحول نحو تصنيع الهيدروجين الأخضر والأمونيا الخضراء يتجهون للسعودية والدول الخليجية، لأنها من أكثر دول العالم التي لديها " إرادة سياسية " كاملة وواضحة للالتزام بكل أهداف اتفاقية باريس للمناخ التي تسعى لتقليل درجة حرارة الأرض 1.5 درجة مئوية عام 2030 ، وهنا تقدم السعودية والدول الخليجية الخمس الأخرى نموذجًا في " الإيجابية الدولية "  بعيداً عن كل أنماط " الأنانية السياسية " التي رافقت مواقف وسياسات دول أخرى في العالم ،وهو ما ساهم في رسم صورة نمطية جديدة جعل العالم ينظر لمنطقة الخليج باعتبارها شريك قوي وفاعل في الأهداف الدولية ،كما أن الناظر للمدن السعودية الجديدة يكتشف أنها  تتوافق بالكامل مع المجتمعات الخضراء والصديقة للأرض، ومن هذا المنطلق ليس مستغرب أن يوافق العالم على استضافة دولة الإمارات العربية لمؤتمر الأمم المتحدة للمناخ " كوب 28 " في نوفمبر القادم ، كما أن مدينة الرياض باتت أكثر المدن المرشحة للفوز  باستضافة " إكسبو 2030 بعد أن استضافت شقيقتها " دبي " إكسبو 2020 الذي تأجل إلى  2021 بسبب جائحة كورونا

ويتوافق مع كل ذلك التطور الكبير الذي لحق بالمجتمع السعودي في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز ، وولي عهده الأمين صاحب السمو الأمير محمد بن سلمان  ، فصورة المرأة والشباب السعودي في العالم أكدت للجميع أن " جيل محمد بن سلمان " جاهز لكل التحولات الدولية في الاقتصاد الرقمي والذكاء الاصطناعي والوصول للفضاء ، فالعالم لم يكن يتابع فقط رواد الفضاء السعوديين " ريانة برناوي وعلى القرني " في رحلتهما لمحطة الفضاء الدولية ، بل كان يشاهد الطفرة غير المسبوقة في حياة السعوديين والخليجيين ، وكيف أصبحوا جنبًا إلى جنب وكتفاً بكتف مع كل الجهود العالمية لاستكشاف الفضاء وإسعاد سكان الأرض، وكلها عوامل تجعل النظر للسعودية ودول الخليج باعتبارها " نموذج تنموي " متكامل يهتم بالبشر قبل الحجر ، ويعلى من القيم الإنسانية النبيلة، وهي شهادة جاءت أيضاً من الملايين الذين أدوا فريضة الحج في السعودية،  فالجميع بلا استثناء أشادوا بجهد وعمل القيادة السعودية في خدمة حجاج الرحمن ، وكلها محاور وأعمال رسمت صورة نمطية غاية في"  الأناقة السياسية  " لدول وشعوب منطقة الخليج 

 ثانياً: هندسة جديدة للإقليم

ساهمت القوة الناعمة للسعودية ودول الخليج في تحقيق الأهداف السعودية في بناء " حزام من السلام " وتعزيز الاستقرار والازدهار ليس فقط في غرب آسيا، والإقليم العربي، والشرق الأوسط،  بل في العالم أجمع،  وساعدت " القوة الناعمة " التي تتمتع بها السعودية من خلال امتلاكها لكل عناصر " القوة الشاملة "  في صياغة رؤية واستراتيجية جديدة تحقق المصالح الوطنية للمملكة العربية السعودية وكل دول الخليج عبر " إعادة هندسة " العلاقات الخليجية مع دول الشرق الأوسط "، والعلاقات الخليجية مع دول العالم

فعلى مستوى الشرق الأوسط ساهمت القوة الناعمة للسعودية والخليج في إنجاز وتحقيق " استدارة شاملة " في المنطقة في العلاقات الخليجية الإيرانية عبر رؤية تقوم على " تهدئة التوترات " و" تبريد الصراعات " والبحث عن " المساحات المشتركة “، والقبول " بالوساطة الصينية " بعد أن كانت التفاعلات السياسية في المنطقة العربية والشرق أوسطية " حصرية " على الولايات المتحدة والدول الغربية

هذه " الهندسة الجديدة" للمنطقة هي من بنات أفكار الدول الخليجية نتيجة لتراكم كبير في الخبرات وتقديرات المواقف الصحيحة، وهو ما سيشكل " عصرًا جديدًا " في حياة شعوب المنطقة والعالم، وخير نموذج على المكاسب الكبيرة التي ترافق " الهندسة الجديدة " للإقليم ما نراه من ثمار سياسية واقتصادية لجولة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في منطقة الخليج بعد أن زار المملكة العربية السعودية والإمارات وقطر

 وإذا كانت السعودية ودول الخليج، نجحت في ظل الحسابات المعقدة إقليمياً في الماضي والتكيف معهاوتحقيق أعلى معدلات التنمية والازدهار في المنطقة، فإن " الهندسة الجديدة" لإقليم الشرق الأوسط سوف تفتح مجالات أوسع وأرحب للتنمية والمنافسة مع العالم، فاستقرار الشرق الأوسط وفق " الهندسة الجديدة " للمنطقة  سوف يضاعف من معدلات النمو والاستقرار والازدهار ، بل سوف يعطى الخليج " حصانة ومناعة" سياسية  ضد كل التداعيات السلبية التي عصفت بالمنطقة طوال العقود الماضية

ثانياً: المقبولية الخليجية

أبرز ثمار " القوة الناعمة " التي تتمتع بها السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي هي " المقبولية الخليجية " ، فالوجه الخليجي بات مقبولاً ومرحبًا به أكثر وأكثر في كل المحافل الدولية، وفي كل المجالات الاقتصادية والسياسية والعسكرية والأمنية، فعلى سبيل المثال بات " جواز السفر " الخليجي من أقوى جوازات السفر في العالم ، وباتت كل  دول العالم تنظر للمواطن الخليجي على أنه مرحب به في كل وقت وفي كل مكان ، وعلى المستوى الدولي بات التعاون مع الدول الخليجية "أولوية"  لدى كافة الدول والمنظمات الإقليمية والدولية مثل دول الاتحادين الإفريقي والأوروبي والدول الآسيوية بكافة تكتلاتها، ناهيك عن الترحيب الخاص من مجموعة البريكس برغبة الدول الخليجية في الانضمام للبريكس التي سوف تبحث توسيع عضويتها عندما تجتمع هذا الشهر في أغسطس في جنوب إفريقيا ، وهناك تصريحات كثيرة تؤكد رغبة دول البريكس في رؤية الدول الخليجية ضمن أعضاء ومؤسسات البريكس مثل بنك التنمية الجديد أو صندوق الطوارئ ، وغيرها ، كما أن علاقات دول الخليج بأمريكا الجنوبية باتت نموذجًا للتعاون بين أمريكا اللاتينية والعالم العربي بأكمله ، ويؤكد التحليل الكمي لعدد الزيارات والوفود من كافة أصقاع الأرض لدول الخليج ، ودعوة قيادات ودول الخليج للمشاركة في كافة الاجتماعات الإقليمية والدولية يؤكد على ما تتمتع به " الدول الخليجية " من مقبولية على الساحتين العربية والدولية

ثالثاً " المبادرة وليس الانتظار

من أكثر الثمار السياسية والاقتصادية التي تجنيها الدول الخليجية بعد امتلاكها لكل عناصر " القوة الناعمة " هو تحول الدول الخليجية إلى " المبادأة والمبادرة " وليس إنتظار " الوصفات الجاهزة " من الخارج ، وهو ما يؤكد " استقلال القرار الوطني"  الخليجي الذي يبدأ وينتهي عند مصالح الدول الخليجية،  والحفاظ على أمنها ومقدراتها الوطنية، لكن أكثر ما منحته القوة الناعمة للدول الخليجية هو قدرتها على طرح رؤيتها للتعامل مع مختلف الملفات والقضايا ، وهو ما جعل الدول الخليجية هي صاحبة " الحلول الحصرية " للكثير من القضايا والملفات ، فعلى سبيل المثال هناك اختلاف بين رؤية الدول الخليجية وبعض الدول الكبرى حول مدى الاستثمار في الاكتشافات النفطية، وكانت وجهة النظر الخليجية تقول أن " التحول الأمني " نحو الطاقة الجديدة والمتجددة يحتاج للاستمرار لبعض الوقت في استثمارات تطوير حقوق النفط واكتشاف المزيد منها ، وحذرت الدول الخليجية بشكل واضح وكامل من خطورة التوقف في الاستثمار في حقول النفط ، وثبت في النهاية أن وجهة النظر الخليجية صحيحة ، ولم تكترث الدول الخليجية للاتهامات الغربية وقتها، لكن في النهاية اعترف الجميع بصحة وصوابية الموقف الخليجي، وهو ما تكرر عندما رفضت الدول الخليجية وفي مقدمتها السعودية العضو في منظمة " أوبك " و" أبك بلس"، رفضت  زيادة إنتاج النفط استجابة لمواقف هذه الدولة أو تلك، وتمسكت بموقفها وبمبادرتها لتخفيض إنتاج النفط للحفاظ على استقرار  السوق، لأن الدول الخليجية تقدم نفسها للعالم باعتبارها " دول مسؤولة " عن استقرار سوق الطاقة، وهي مسؤولية نجحت فيها الدول الخليجية طوال أكثر من 6 عقود ، لأن رؤيتها تقول بأن زيادة الإنتاج وانهيار سعر النفط سوف يؤدي لتراجع الاستثمارات في هذا القطاع، وهو ما يمكن أن يؤدي لتوقف الاستثمارات في النفط ، وبالتالي يمكن أن يقود هذا لنقص كبير في الطاقة ، وقد يرى البعض أن هذا الموقف هو تحدي للدول التي كانت تريد زيادة إنتاج النفط، لكن في الحقيقة أن الدول الخليجية امتلكت من القدرة على الإقناع والتأثير وعدم الرضوخ للضغوط نتيجة لاستحواذها على " قدرات ناعمة " فاعلة وحازمة بعد أن أثبتت الدول الخليجية أنها لا تبحث عن مصالح خاصة أو مكاسب " أنية " ضيقة،  بل هدفها الحفاظ على أمن الطاقة دون حدوث أي ارتدادات سلبية على المستهلكين والمنتجين معاً، كل هذا جعل الدول الخليجية لا تعير أي اهتمام لتهديدات بعض أعضاء اللجنة القضائية في مجلس الشيوخ الأمريكي الذين هددوا بتطبيق ما يسمى " بقانون نوبيك " الذي يدعي فرض عقوبات على الدول والشركات التي ترفض زيادة إنتاج النفط ، وفي النهاية نجحت السعودية وأشقاؤها الخليجيون في أوبك في المرور بسلام من هذا التحدي

رابعاً: تنويع الخيارات

ربما أكثر المكاسب التي يمكن رؤيتها بوضوح نتيجة لامتلاك الدول الخليجية " لقوة ناعمة " فاعلة ومؤثرة لدى كل دول وشعوب العالم هو قدرة الدول الخليجية على " تنويع الخيارات " ، فلم تعد علاقات ومصالح الدول الخليجية " حصرية " لدى دولة أو مجموعة دول ، بل باتت العلاقات والمصالح الخليجية تغطى كل أقاليم العالم ، وأصبح لها " علاقات وشراكات استراتيجية كاملة" مع مختلف القوى العالمية في الشرق والغرب على السواء ، فالصين باتت هي الشريك التجاري الأول لدول مجلس التعاون الخليجي منذ عام 2019 ، كما أن التنسيق الخليجي مع روسيا حول أسعار الطاقة يعرفه الجميع ، ولم تكن دول الخليج مضطرة لاتخاذ جانب طرف دون آخر في الحرب الروسية الأوكرانية ، لكن لعبت السعودية ومعها الإمارات أدوارًا كبيرة ومؤثرة في مساعي وقف تلك الحرب ، ونجحت السعودية والإمارات أكثر من مرة في التوسط لإطلاق سراح بعض الأسرى من الجانبين ، كما أن الدول الخليجية استطاعت أن تصيغ " معادلتها الخاصة " للتعامل مع تلك الأزمة عبر الوقوف على مسافة واحدة من الطرفين،  والعمل من أجل وقف تلك الحرب ، وهو ما يؤهل الدول الخليجية في المستقبل ليس فقط في طرح أفكار وأطروحات لحل المشاكل القريبة من المنطقة، أي في الخليج والمنطقة العربية والشرق الأوسط،  بل والمشاركة بفاعليه في حل المشاكل الدولية، فعلى سبيل المثال تتمتع الدول الخليجية بعلاقات طيبة للغاية مع الهند وباكستان ، ويمكن أن تكون جسرًا لحل المشكلات التاريخية بين البلدين ،  كما أن دول الخليج تحتفظ بعلاقات ممتازة مع الهند والصين، ولهذا يمكن رؤية مبادرات وحلول خليجية للخلاف الحدودي الصيني الهندي في منطقة " لاداخ " ، وحتى التنافس والصراع الأمريكي الصيني يمكن لدول الخليج أن تكون المكان الذي تحل فيه بيكين وواشنطن خلافاتهما، ويحظى الخليج وحده بعلاقات استثنائية مع كل من الصين وروسيا والولايات المتحدة ، كل هذا التنوع والعلاقات مع مختلف القوى الدولية والإقليمية أعطى الدول الخليجية مرونة كبيرة واستقلالية غير مسبوقة وتعدد هائل في الخيارات والمسارات

 

خامساً " الشراكة في القيم "

 

حتى سنوات قليلة ماضية كانت الكثير من دول العالم تنظر للمنطقة العربية والخليجية على أنها مناطق وأقاليم بعيدة عن القيم الدولية ،لكن ما جرى ويجري في السعودية وأشقائها الخليجيين أثبت للجميع أن السعودية ودول الخليج هم شركاء حقيقون في القيم الإنسانية الدولية ، وأن دول الخليج من أكثر الدول التي لديها إرادة سياسية ورغبة حقيقية في مشاركة العالم القيم المشتركة ،  ومن هذه القيم الدور الكبير الذي تلعبه الدول الخليجية في تحقيق السلام والاستقرار في العالم ، فالدول الخليجية من أكثر الدول التي لديها رؤية واضحة لمكافحة الإرهاب في مساراته الثلاثة التي تبدأ "بالفكر الخاطىء"  وتمر "بالتمويل"  وتصل إلى " التنفيذ" ، وكل حكومات العالم شاهدة على أن التعاون المعلوماتي والاستخباراتي مع الدول الخليجية أنقذ العشرات وربما المئات من الضحايا الأوروبيين والغربيين ، كما أن الدول الخليجية تتقاسم قيم الإنسانية وقبول الآخر والتعايش الإنساني مع كل دول وشعوب العالم ، ولعل الدول الخليجية هي من أكثر دول العالم التي تستجيب لنداءات الأمم المتحدة العاجلة عندما يتعلق الأمر بتمويل النداءات الإنسانية حول الحروب والكوراث واللاجئيين في أي مكان ومع أي شعب ، ولعل موقف الدول الخليجية من الحرائق التي إندلعت في تركيا قبل عودة العلاقات عام 2020 قبل عودة العلاقات بين الطرفين خير شاهد على هذا الأمر.

المؤكد أن تمتع الدول الخليجية بكل عناصر " القوة الناعمة “، أتاح لها قدرة هائلة على التعاطي والتفاعل بقوة مع التحديات الإقليمية والدولية، بل أثمر في التحول الخليجي نحو طرح " المبادرات الجديدة" التي تعيد رسم" مكان ومكانة" الدول الخليجية في الخريطة الإقليمية والدولية.

مقالات لنفس الكاتب