شكل الغاز الطبيعي الذي بدأ استغلاله تجاريًا أحد أهم عناصر القوى الناعمة لدولة قطر، إذ تمتلك قطر اليوم ثالث أكبر احتياطي من الغاز الطبيعي في العالم بعد روسيا وإيران، حيث تمتلك نحو (24.5) تريليون متر مكعب من الغاز تمثل نحو (14.5%) من إجمالي الاحتياطي العالمي من الغاز الطبيعي. كما وتُعد دولة قطر اليوم أحد أهم المنتجين الرئيسيين للغاز الطبيعي المسال في العالم حيث تأتي بالمرتبة الخامسة عالمياً بعد كل من الولايات المتحدة وروسيا وإيران والصين، إلى جانب تبوئها مكانة الصدارة في تصدير الغاز المسال على الصعيد العالمي ، حيث استحوذت على قرابة (29%) من الصادرات العالمية للغاز المسال للعام 2022م، متخطية كل من الولايات المتحدة وأستراليا، ومن المتوقع أن يبقى الدور المحوري لدولة قطر في صناعة وتصدير الغاز المسال بعد توقيعها للعديد من الاتفاقيات مع دول العالم سواء فيما يتعلق باستثمار حقول الغاز أو بتصدير الغاز المسال وفقاً لعقود توريد طويلة الأجل.
سنتناول في مقالنا بيان أهمية قطاع الغاز في دولة قطر، وكميات المخزون الاستراتيجي منه، وكميات الإنتاج الحالية ونسبتها إلى الإنتاج العالمي، من ثم دوره في علاقات دولة قطر التجارية مع الدول المستهلكة للغاز، والنظرة إلى مستقبل هذه السلعة الاستراتيجية في إطار منظومة القوة الناعمة القطرية، علاوة على بيان الكيفية التي تعظم من خلالها مردود هذه السلعة لخدمة الاقتصاد القطري والمبادلات التجارية، وخدمة قضايا المنطقة.
أولاً- احتياطي قطر من الغاز الطبيعي وإنتاجه:
تعود عملية اكتشاف الغاز الطبيعي بقطر إلى بواكير عقد السبعينات من القرن الماضي، عندما تم اكتشاف الغاز في حقل الشمال عام1971م، وهو يُعد أكبر حقول الغاز الطبيعي غير المصاحب باحتياطيات قدرت عام 2009 م، بحوالي (900) تريليون قدم مكعب، أي حوالي (14.5%) من الاحتياطي العالمي المؤكد من الغاز الطبيعي المُقدر بحوالي (188.1) تريليون متر مكعب في نهاية عام 2020م. وصنفت دولة قطر ضمن الخمس الكبار في احتياطي الغاز الطبيعي، حيث جاءت قطر بالمركز الثالث عالمياً بعد روسيا الذي شكل احتياطيها من الغاز الطبيعي قرابة (20%) وإيران بنسبة (17.1%).
شكل (1) العشر الكبار في احتياطي الغاز الطبيعي بالعالم لعام 2023 (تريليون متر مكعب)
أما فيما يتعلق بإنتاج الغاز الطبيعي بدولة قطر، فقد شهد تطوراً ملحوظاً خلال العقود الثلاثة الماضية، وتضعف بأكثر من (23) ضعفاً، حيث ارتفع من حوالي (7.6) مليار متر مكعب عام 1991م، إلى (177) مليار متر مكعب عام 2022م، أي بنسبة زيادة تقدر بحوالي (2229%) وهو رقم مرشح للارتفاع خلال السنوات القادمة نتيجة للتوسع في الطاقات الإنتاجية في حقل الشمال الشرقي والجنوبي، بعد التوقيع على اتفاقيات جديدة تستهدف زيادة إنتاج الغاز الطبيعي.
شكل (2) تطور إنتاج الغاز الطبيعي بدولة قطر (1991-2022) مليار متر مكعب
المصدر: من إعداد الباحث بالاعتماد على جهاز التخطيط والإحصاء، المجموعة الإحصائية السنوية، سنوات مختلفة
وتجدر الإشارة إلى أن دولة قطر احتلت المرتبة الخامسة عالمياً في إنتاج الغاز الطبيعي في العالم لعام 2022م، بعد الولايات المتحدة (934) مليار متر مكعب، وروسيا (701.3) متر مكعب، وإيران (256.7) مليار متر مكعب، والصين الشعبية (209.2) مليار متر مكعب.
شكل (3) العشر الكبار في إنتاج الغاز الطبيعي في العالم لعام 2022 (مليار متر مكعب)
وغني عن البيان، فقد أطلقت شركة قطر للطاقة قرارها الاستثماري النهائي في مشروع توسعة حقل الشمال، شمالي البلاد الأكثر تنافسية عالمياً، والمكون من الجزء الشرقي والجزء الجنوبي، ويُعد هذا المشروع الأكبر في تاريخ صناعة الغاز الطبيعي المسال، حيث تم اختيار شركتي (توتال إنيرجي) الفرنسية و(شل) الهولندية شريكين في توسعة حقل الشمال الجنوبي، وذلك بعد إعلانها عن قائمة الشركات المعنية بتوسيع الجزء الشرقي والتي شملت إلى جانب هاتين الشركتين كلاً من (إكسون موبيل) و(كونوكو فيليبس) الأمريكيتين و(إيني) الإيطالية. وستقود هذه التوسعات إلى رفع الطاقة الإنتاجية إلى 110 ملايين طن سنوياً بدءاً من عام 2025م، بزيادة سنوية تقدر بنحو 43%، ومن ثم سيصل الإنتاج بعد استكمال جميع التوسعات إلى 126 مليون طن سنوياً، أي بزيادة قدرها (48) مليون طن عن مستوى الإنتاج الحالي، وهذا سيُمكن دولة قطر من لعب دور حاسم في تلبية الطلب العالمي المتزايد على الغاز الطبيعي المسال، واحتلال الريادة في الإمدادات الآمنة والمستقرة، خصوصاً لقارتي آسيا وأوروبا اللَّتين تفتقران إلى موارد الطاقة النظيفة.
ثانياً- المكانة القطرية في أسواق الغاز العالمية:
تمتاز دولة قطر بميزة نسبية فيما يتعلق بتكلفة إنتاج الغاز الطبيعي المسال في الأمد البعيد، مما مكنها من أن تلعب دوراً ريادياً في أسواق الغاز العالمية، حيث تُعد التكلفة للأجل الطويل للغاز المسال القطري لكل مليون وحدة حرارية بريطانية هي الأقل على الصعيد العالمي، حيث بلغت (1.2) دولار مقارنة بـــ (3.5) دولار في روسيا و(3.7) دولار في إندونيسيا و(4.2) دولار في استراليا.
شكل (4) التكلفة للأجل الطويل للغاز المسال في مناطق مختلفة بالدولار الأمريكي
لكل مليون وحدة حرارية بريطانية
المصدر: نوزاد عبد الرحمن الهيتي، محاضرات في دبلوماسية الطاقة والتعاون الدولي، معهد الدوحة للدراسات العليا، فصل الخريف 2022
وقد مكنت ميزة التكلفة الأقل للغاز الطبيعي المسال القطري من تبوؤ شركة قطر للطاقة مكانة الصدارة في تصدير الغاز الطبيعي المسال في أنحاء العالم كافة من خلال السعة التخزينية التي بلغت نحو (56.2) مليون طن متري لعام 2022 م، متخطية الشركات التالية: شنيري الأمريكية ورويال داتش الهولندية وبتروناس الماليزية وسنتراك الجزائرية وأكسون موبيل الأمريكية وتوتال الفرنسية وشيفرون الأمريكية وبريتش بتروليوم ومؤسسة النفط الوطنية النيجيرية.
شكل (5) الشركات الرائدة في تصدير الغاز الطبيعي المسال في جميع أنحاء العالم من خلال السعة التخزينية مليون طن متري بالسنة للعام 2022
أما فيما يتعلق بصادرات الغاز الطبيعي المسال على الصعيد العالمي، فقد تبوأت دولة قطر المرتبة الأولى عالمياً، حيث بلغ حجم صادراتها نحو (114.3) مليار متر مكعب شكلت ما نسبته (28.8%) من إجمالي الصادرات العالمية من الغاز الطبيعي المسال البالغة (396.4) مليار متر مكعب، تليها استراليا بنحو (112.3) مليار متر مكعب وبنسبة (28.3%)، ثم الولايات المتحدة ثالثة بنحو (104.3) مليار متر مكعب وبنسبة (26.3%)، فروسيا رابعاً بــــــــ (40.2) مليار متر مكعب وبنسبة (10.1%)، وماليزيا خامساً بحوالي (37.4) وبنسبة (9.4%).
شكل (6) العشر الكبار في صادرات الغاز الطبيعي المسال للعام 2022 مليار متر مكعب
وغني عن البيان، فإن دولة قطر تتنافس بالوقت الحاضر مع أستراليا والولايات المتحدة على صدارة سوق الغاز المسال، غير أن الكفة تميل لصالح قطر، من ناحية تكاليف الاستخراج والإنتاج والتسويق، وهي الأقل من جميع المنتجين والمنافسين، حيث يبلغ سعر التعادل، وهو متوسط التكلفة التي تحقق التوازن بين الإيرادات والمصروفات، للغاز الطبيعي المسال القطري، حوالي (5.6) دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية بضمنها تكلفة النقل لأسواق آسيا، وهو مستوى أقل بنحو (34%) من سعر تعادل الغاز الأمريكي الذي يتأرجح بين (7.5 و9.1) دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية.
ويشير مشهد التوزيع الجغرافي لصادرات قطر من الغاز الطبيعي المسال لعام 2022م، إلى أن الدول الآسيوية كانت الجهة المفضلة للصادرات القطرية، حيث استحوذ السوق الآسيوي على حوالي (51.5) مليون طن من الغاز المسال أي بنسبة (63.4%) من إجمالي الغاز القطري المصدر لدول العالم ضمن 8 وجهات رئيسية وهي (الصين، الهند، كوريا الجنوبية، باكستان، وبنغلاديش، واليابان، وتايلاند، وسنغافورة). واستحوذ السوق الأوروبي على (23.4%) من الصادرات القطرية ضمن 8 وجهات وهي (المملكة المتحدة، وإيطاليا، وبلجيكا، وبولندا، وفرنسا، وهولندا، وتركيا، وكرواتيا). بالمقابل نجد أن منطقة الشرق الأوسط استحوذت على (4.7%) من الصادرات القطرية التي اتجهت إلى كل من الكويت والإمارات. بينما تقلص الوجهات القطرية نحو أمريكا الجنوبية إلى الأرجنتين فقط خلال العام 2022م.
وطبقاً لبيانات "بلومبيرغ" للعام 2022م، استوردت حوالي 22 وجهة الغاز المسال من دولة قطر، على رأسها الصين (15.6) مليون طن تليها الهند (10.6) مليون طن، وكوريا الجنوبية (9.3) مليون طن، وباكستان (6.2) مليون طن، والمملكة المتحدة، (5.6) مليون طن.
شكل (7) الدول الخمس الأكثر استيراداً للغاز الطبيعي المسال القطري لعام 2022 “مليون طن"
المصدر: من إعداد الباحث بالاعتماد على: جهاز التخطيط والإحصاء، نشرة التجارة الخارجية السلعية لعام 2022
وتجدر الإشارة إلى أن دولة قطر ستواصل ريادتها في سوق الغاز الطبيعي المسال خلال عامي 2023 و2024م، مدفوعة بخطط توسعة حقل الشمال الذي سيرفع طاقة قطر الإنتاجية إلى 126 مليون طن سنويًا من الغاز الطبيعي المسال بحلول 2027م.
ثالثاً- مستقبل الغاز في إطار منظومة القوة الناعمة القطرية
بنت دولة قطر شبكة علاقات قوية مع زبائنها المستوردين للغاز القطري المسال، الأمر الذي عزز وسوف يعزز مصادر القوى الناعمة القطرية لاسيما مع توقيعها للعديد من الاتفاقيات الخاصة بتوريد الغاز، حيث وقعت قطر في 20 يونيو 2023م، اتفاقية مع مؤسسة البترول الوطنية الصينية لتزويدها بالغاز الطبيعي وبموجب الاتفاق "ستورد قطر أربعة ملايين طن سنويًا من الغاز الطبيعي من مشروع توسعة حقل الشمال الشرقي إلى الصين على مدى 27 عامًا". وهذه الاتفاقية ستصبح ثاني اتفاقية بيع وشراء للغاز الطبيعي المسال إلى الصين ضمن مشروع توسعة حقل الشمال الشرقي، حيث وقّعت في نوفمبر 2022م، مع شركة النفط الصينية العملاقة "سينوبك"، اتفاقية مماثلة لتزويدها بأربعة ملايين طن سنويًا من الغاز الطبيعي لمدة 27 عامًا. واعتُبر العقد آنذاك "الأطول في تاريخ صناعة الغاز المسال. وفي أبريل 2023م، أصبحت "سينوبك" أول مجموعة آسيوية تحصل على حصة 5% في مشروع قطر لتوسعة حقل الشمال الشرقي. ويتوقع أن تسهم التوسعات في حقل الشمال، في زيادة إنتاج قطر من الغاز الطبيعي المسال بأكثر من 60 % ليصل إلى 126 مليون طن بحلول العام 2027م.
ووقعت قطر مع باكستان اتفاقية طويلة الأجل في 26 فبراير 2021 م، لتزويد باكستان بنحو (3) ملايين طن سنوياً من الغاز المسال تستمر حتى نهاية عام 2031 ووقعت كذلك اتفاقية في يوليو 2021 لتوريد مليون طن سنوياً من الغاز الطبيعي المسال إلى جمهورية كوريا اعتبارًا من يناير 2025 م، ولمدة عشرين عاماً، وأبرمت قطر مع تايوان في يوليو 2021م، اتفاقية لتوريد حوالي (1.25) مليون طن من الغاز الطبيعي المسال لمدة (15) عامًا تستمر نهاية عام 2036م،
كما وقعت دولة قطر في نوفمبر 2022م، أولى صفقاتها الكبرى لتوريد الغاز الطبيعي المسال إلى جمهورية ألمانيا، حيث سيتم تزويد ألمانيا بمليونَي طن من الغاز الطبيعي المسال سنويًا على مدى 15 عامًا على الأقل، بدءًا من يناير 2026م، ووقعت قطر اتفاقية مع بنغلاديش في مطلع يونيو 2023 م، لتزويدها بنحو (1.5) مليون طن من الغاز المسال قابلة للزيادة إلى (1.8) مليون طن لمدة 15 عامًا اعتباراً من يناير 2026م.
وتجدر الإشارة إلى أنه بالإضافة إلى العقود التي وقعتها دولة قطر مع كل من جمهورية الصين وكوريا وألمانيا وباكستان وبنغلاديش وتايوان لتزويدها بالغاز الطبيعي المسال القطري، يوجد توجه لدى مؤسسة قطر للطاقة لتغذية السوق الأوروبي بالغاز الطبيعي المسال وذلك بعد تخلي الاتحاد الأوروبي عن الغاز الروسي نتيجة لغزو روسيا لأوكرانيا، وسيتم ذلك من خلال التوقيع على العديد من الاتفاقيات لتوريد الغاز المسال للدول الأوروبية، لاسيما في ظل وجود كميات كبيرة من الطاقات الإنتاجية للغاز المسال للبيع خلال العقد الحالي والعقد القادم نتيجة للتوسعات الحاصلة في حقل الشمال الذي يُعد أكبر حقول الغاز الطبيعي على الصعيد العالمي، والشكل التالي يُبين ذلك.
شكل (8) عقود الغاز الطبيعي المسال القطرية
وغني عن البيان، فإن الاتفاقيات التي وقعتها دولة قطر لتوريد الغاز خلال الفترة القصيرة المنصرمة والمزمع التوقيع عليها في المستقبل القريب تؤكد التزام دولة قطر المستمر بضمان أمن الطاقة لعملائها حول العالم، وتقديم الطاقة الموثوقة التي يحتاجون إليها لتحقيق أهداف التنمية، كما أن "الطلب القوي والطويل الأمد" من طرف البلدان الآسيوية على الغاز الطبيعي القطري المسال، "قد يحفّز المشترين الأوروبيين على المضي قدمًا بالمفاوضات لضمان أمن الإمدادات.
إن الخبرة الكبيرة التي اكتسبتها قطر للطاقة في قطاع الغاز سواء على صعيد الإنتاج أو التوريد مكنتها من الدخول في شراكات مع كبريات الشركات العالمية لاستثمار الغاز في مناطق عديدة بالعالم، حيث وافقت "قطر للطاقة" على تملك حصة تبلغ 25% في مشروع نمو الغاز بالعراق باستثمار مبدئي بحوالي 10 مليارات دولار لتصميم وإنشاء مرافق لاستعادة كميات كبيرة من الغاز الذي كان يُحرق سابقاً بمنطقة البصرة وتزويد محطات توليد الطاقة به في العراق بالتعاون مع شركة توتال الفرنسية وشركة نفط البصرة. وكذلك دخلت قطر باتفاقية مع لبنان لاستخراج الغاز الطبيعي في لبنان بالشراكة من توتال الفرنسية وإيني الإيطالية.
وتجدر الإشارة إلى أن تصاعد دور قطر في أسواق الغاز الطبيعي المسال بالعالم خلال العام 2022 م، وارتفاع الوزن النسبي لها في تجارة الغاز المسال هو الذي دعا وكالة "فيتش" للتصنيف الائتماني العالمية، خلال إبريل 2023م، إلى رفع النظرة المستقبلية لشركة قطر للطاقة، إلى "إيجابية"، وثبتت التصنيف الائتماني للشركة عند (-AA) وتعني جدارة ائتمانية عالية. وتوقعت الوكالة الدولية أن تتأرجح أرباح "قطر للطاقة" القابلة للتوزيع بين 55 ملياراً و125 مليار ريال سنوياً خلال الفترة بين 2023 و2026م، وقد حققت الشركة أرباحاً صافية بلغت 25.2 مليار دولار عام 2021.
رابعاً- دور الغاز في خدمة الاقتصاد القطري والمبادلات التجارية:
تبنت دولة قطر سياسة اقتصادية رشيدة في الاستغلال الأمثل للعوائد المالية المتأتية من بيع الغاز الطبيعي المسال، حيث قامت بتأسيس جهاز قطر للاستثمار الذي يمثل الصندوق السيادي للدولة في عام 2005م، وذلك بهدف تنمية الأصول المالية للدولة وتنويع الاقتصاد بما يتماشى مع رؤية قطر الوطنية 2030م، وتنتشر أصول جهاز قطر للاستثمار في أكثر من (80) بلداً حول العالم، بمختلف القطاعات كالطاقة والتكنولوجيا والعقارات وأسواق المال والبنوك والرياضة والضيافة عبر أذرع استثمارية مختلفة.
استطاع جهاز قطر للاستثمار خلال الفترة (2006-2023م) بفعل الفوائض المالية من تصدير الغاز المسال من بناء محفظة أصول قوية في قطاعات باتت اليوم تمثل مستقبل الاقتصاد العالمي، وذلك طريق اتباع استراتيجية بناءة ومرنة تستهدف الأصول التي لها أثر إيجابي في الاقتصاد منذ عمليات التشغيلية الفعلية في 2006م، وحتى اليوم أصبح جهاز قطر للاستثمار ضمن أقوى عشرة صناديق بالعالم، مستفيداً من فوائض الدولة من تصدير النفط والغاز، حيث وصلت قيمة أصوله (475) مليار دولار.
جدول (1) ترتيب صناديق الثروة السيادية في العالم (2023) مليار دولار
الأهمية النسبية من الإجمالي |
قيمة الأصول المستثمرة" |
تاريخ التأسيس |
اسم الصندوق السيادي |
|
19.72% |
1350.9 |
2007 |
هيئة الاستثمار الصينية |
1 |
17.21% |
1259.6 |
1990 |
صندوق التقاعد النرويجي |
2 |
10.39% |
790.0 |
1976 |
جهاز أبو ظبي للاستثمار |
3 |
9.82% |
750.0 |
1953 |
الهيئة العامة للاستثمارات الكويتية |
4 |
8.24% |
690.0 |
1981 |
مؤسسة الاستثمار الحكومي بسنغافورة |
5 |
8.16% |
607.4 |
1971 |
صندوق الاستثمارات العامة بالسعودية |
6 |
8.14% |
514.2 |
1978 |
هيئة النقد والاستثمار في هونك كونك |
7 |
6.82% |
496.6 |
1974 |
تمسيك القابضة- سنغافورة |
8 |
6.33% |
475.0 |
2005 |
جهاز قطر للاستثمار |
9 |
6.30% |
473.8 |
2000 |
صندوق المجلس الوطني للضمان الاجتماعي - الصين |
10 |
شهدت الاستثمارات القطرية التي يقوم بها جهاز قطر للاستثمار بالخارج نمواً متصاعداً مع زيادة الفائض المالي الناجم عن تصدير الغاز المسال خلال الفترة (2010-2023م، حيث ارتفعت قيمة الأصول التي يمتلكها الصندوق السيادي القطري من نحو (86) مليار دولار عام 2010 إلى (475) مليار دولار عام 2023، محققاً نسبة زيادة تقدر بنحو (452.3%).
شكل (9) تطور قيم أصول جهاز قطر للاستثمار (2010-2023) مليار دولار
وتقوم استراتيجية الصندوق السيادي القطري على تنويع استثماراته جغرافياً وقطاعياً، وذلك للتقليل من المخاطر الاستثمارية التي قد تحصل نتيجة للأزمات المالية أو أي عارض آخر، لذلك نجد هذه الاستثمارات تتنوع ما بين القطاع المالي والمصرفي والسياحي والصناعي وقطاع التجزئة، والطاقة والتكنولوجيا والإعلام والصحة والبنية التحتية وغيرها من الأنشطة.
ويمتلك جهاز قطر للاستثمار أصولاً ذات قيمة حول العالم كناطحة السحاب شارد في العاصمة البريطانية، وحصص في شركة رويال داتش شل للطاقة، وشركة سنسبري لمتاجر التجزئة، وفندق "سافوي" في لندن وكذلك فندق إنتركنينتيال ومتاجر "هارود" وفي بنوك عالمية مثل باركليز ودويتشة والبنك الزراعي الصيني وبنك أوف أمريكا وفي مجال السلع الأولية وتجارة التجزئة، وفي بورصة لندن، وفي مجال الرياضة يمتلك نادي باريس سان جيرمان، ويمتلك حصة من شركة فولكسفاغن الألمانية للسيارات، وفي مجال الأزياء استحوذ على بيت الأزياء الإيطالي الشهير "فالنتينو" وكذلك شركة "لويس فويتون" الفرنسية. وفي شركة تيفاني أند كومباني الأمريكية.
وعلاوة على استثمار العوائد المالية المتأتية من بيع الغاز المسال في الاستثمار المباشر وغير المباشرة الهادف على توسيع قاعدة التنويع الاقتصادي، فقد استفادت قطر من هذه العوائد في تنمية علاقاتها التجارية مع دول العالم وتخطت تجارتها الخارجية لعام 2022 مع أكثر من (160) دولة من مختلف قارات العالم الــــ (164) مليار دولار، وهذا أكسبها المزيد من القوة الناعمة التي استخدمتها بشكل ناجح لتعزيز حضورها على الصعيدين الإقليمي والعالمي.