array(1) { [0]=> object(stdClass)#13013 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 189

منظمة شنغهاي ترى في السعودية النموذج الناجح للتعاون في العالمين العربي والإسلامي

الثلاثاء، 29 آب/أغسطس 2023

لدى المملكة العربية السعودية ومنظمة شنغهاي للتعاون مصلحة مشتركة في مكافحة الإرهاب والتطرف الديني، حيث تواجه المملكة تحديات خطيرة محدقة بأمنها، لاسيما وأنها سبق وأن اختبرت تهديدات وهجمات إرهابية شنتها مجموعات إرهابية محلية، كان أبرزها حادثة الحرم المكي عام 1979م، وهو أهم المقدسات الإسلامية والدينية على مستوى العالم، إلى جانب اختطافهم عددًا من الحجاج كرهائن من أجل مساومة الحكومة السعودية. في الوقت ذاته، هناك داخل المملكة قلة ممن تأثروا بالفكر والأيديولوجيات الإرهابية المتطرفة التي تدعوهم للانتقال والسفر لبلدان أخرى للمشاركة في "الجهاد"، وهو ما يشكل تهديدًا للأمن القومي لهذه الدول أو لأمن المملكة نفسها. من ثم، تولي الرياض اهتمامًا بالغًا بقضية مكافحة الإرهاب والتطرف والسيطرة عليهما سواء داخل البلاد أو خارجها.

 تعتبر قضايا التطرف والإرهاب من بين القوى الدافعة أيضًا وراء تأسيس وتطوير منظمة شنغهاي للتعاون. وبالعودة إلى تسعينيات القرن الماضي، -حينما أبصرت منظمة شنغهاي النور للمرة الأولى -كانت الدول المُؤسسة للمنظمة تعاني من تحديات خطيرة تُهدد أمنها القومي على المناطق الحدودية وشكلت " قوى الشر الثلاث" -التطرف، والإرهاب، والحركات الانفصالية" تهديدًا مشتركًا لكل من الصين، وروسيا، وجمهوريات آسيا الوسطى الناشئة حديثًا في ذلك الوقت. حيث لم تكن هناك رقابة وسيطرة كافية على المناطق الحدودية، بما خول العديد من العناصر الإرهابية إمكانية عبور الحدود بسلاسة وأريحية نسبية، مكنتهم من شن هجمات مسلحة ضد الدول المستهدفة أو التواصل مع الفصائل والمنظمات داخل تلك البلدان لتنسيق الأنشطة "الجهادية". تسبب ذلك في سقوط عدد كبير من الأرواح والإصابات بين صفوف المدنيين. ورغم تضاعف عدد أعضاء منظمة شنغهاي وتغيُر الأوضاع بمنطقة آسيا الوسطى، بما جعله من الصعب بمكان أن تواصل تلك المنظمات الإرهابية والمتطرفة تنفيذ هجماتها، ظلت الصين، وروسيا، وجمهوريات آسيا الوسطى في مواجهة ضغوط أكبر متعلقة بمجال مكافحة الإرهاب. لاسيما، عقب الانسحاب الأمريكي من أفغانستان في عام 2011م، وعودة نشاط المنظمات الإرهابية مرة أخرى داخل الأراضي الأفغانية، في ظل عدم قدرة حركة طالبان الأفغانية على إحكام سيطرتها على المنظمات الإرهابية الناشطة داخل أراضيها. حتى باكستان، لم تسلم من التهديدات الأمنية الخطيرة. حيث اتخذ عدد من العناصر المتطرفة التي تشن هجمات ضد أفراد الجيش الباكستاني وأهداف سياسية، منطقة الجنوب الأفغاني معسكرًا تدريبيًا وقاعدة لهم من أجل التخطيط والتجهيز لأنشطتهم الإرهابية. بالتالي، أصبح تعزيز التعاون الأمني المتواصل خاصة في مجال مكافحة الإرهاب والتطرف الديني محور اهتمام دول منظمة شنغهاي.

 

وبصفتها دولة رائدة في العالمين الإسلامي والعربي، في إمكان المملكة العربية السعودية الاضطلاع بدور كبير في هذا الشأن. بما لديها من نفوذ كبير وتأثير عظيم على صعيد تفسير التعاليم الإسلامية ونشرها. من ثم يمكنها مساعدة الدول الأخرى، وبالأخص دول منظمة شنغهاي لتقديم الدعم المتخصص والمساعدة في الدعاية المناهضة للإرهاب والتعليم المناهض للفكر المتطرف خاصة في ظل رغبة الجانبين في بناء شبكة عالمية للتعاون ضد الإرهاب والتطرف. يأتي ذلك في وقت استطاعت بعض المنظمات الإرهابية بذكاء تعريف نفسها على أنها "منظمات حرة وطنية مستقلة" مثل حركة "شرق تركستان الإسلامية". ورغم إدراك الولايات المتحدة والقوى الغربية لحقيقة أن هذه المنظمات لا تزال تخطط وتقوم بأنشطة إرهابية، إلا أنها اختارت حماية وإيواء مثل هذه المنظمات بدافع الحفاظ على مصالحها الخاصة وتصرفت على نحو أناني، دفعها إلى تعطيل التعاون والتوافق الدولي في مجال مكافحة الإرهاب، حيث أعلنت واشنطن في 2023م، أنها لم تعد تنوي إدراج حركة شرق إيران" ضمن قوائم الإرهاب. وفي ضوء هذه الخلفية، يتسنى لمنظمة شنغهاي للتعاون والمملكة العربية السعودية العمل سويًا لاستكشاف شبكات جديدة من التعاون الاقتصادي ضد الإرهاب والتطرف ومناهضة " المركزية-الغربية" في مجال التعاون الدولي لمكافحة الإرهاب.

 

منظمة "شنغهاي " والتعاون الدولي في المجال السياسي

 

تشكل قضايا الأمن والقضايا الإقليمية والعالمية الكبرى فرصة للتعاون بين منظمة شنغهاي والمملكة العربية السعودية للتعاون. لاسيما وأن المشهد العالمي الراهن يخضع لتحولات جذرية، بعد أن جددت الحرب الروسية على أوكرانيا المنافسة بين الغرب والمصادر التقليدية للتحديات الأمنية مثل روسيا. كما أعادت ترسيخ الصدع التاريخي بين الشرق والغرب بعد أن أصبحت كل من الصين وروسيا تدريجيًا "تهديدات" وتحديات" بحسب توصيفات القاموس الغربي (الولايات المتحدة ودول حلف ناتو). كما أضحى الحصار المفروض على البلدين واضحًا. ورغم أن الصراع بين كل من الصين، وروسيا، والغرب لم يعد يخفى على أحد، لا توجد رغبة لدى أي من القوى الثلاثة لأن يتحول هذا الصراع إلى حرب شاملة.

 

بشكل عام، تعتبر كلا من الولايات المتحدة والصين قوتين عظيمتين لذلك، فإن نشوب صراع بينهما، سيُلقي بظلال وخيمة لن يقتصر مداها على المنطقة المحيطة فحسب، بل ستمتد لتشمل العالم بأسره. وتسعى بكين، من جانبها، للاحتفاظ بتعاونها الاقتصادي والتجاري مع الولايات المتحدة والغرب، نظرًا إلى أن جزءًا كبيرًا من التنمية الاقتصادية السريعة و المعجزة الاقتصادية التي حققها المارد الصيني يعود فضله إلى سياسة الإصلاح والانفتاح التي انتهجتها البلاد منذ عام 1978م، و انضمامها إلى منظمة التجارة العالمية في 2002م، فضلاً عن مشاركتها في المساعي العالمية للتحرر الاقتصادي .ورغم تعويل  الحكومة الصينية على مساعي التحرر الاقتصادي من أجل تسريع معدلات النمو الاقتصادي، إلا أن اقتصاد البلاد عانى من ارتفاع نسب البطالة وشهدت وتيرة التنمية الاقتصادية تراجعًا، بجانب الركود في  قطاع الاستهلاك المحلي في أعقاب فك قيود مكافحة جائحة كورونا أواخر 2022م، وعليه، لم تستطع الحكومة الصينية أن تُعيد منحنى التراجع الاقتصادي إلى النمو رغم تبنيها عددًا من سياسات التحفيز النقدي المهمة على مدار الأشهر القليلة الماضية. وترجع أسباب تزايد الضغوط على الاقتصاد الصيني في غالبها من التوترات القائمة بين الصين والغرب، والتي أدت إلى فك الارتباط الغربي عن السوق الصينية وعدم القدرة على توريد كميات كبيرة من السلع المصنعة في الصين إلى الدول الغربية. وهو ما ترتب عليه تنامي الضغوط الواقعة على الاقتصاد الصيني، وتزايد التوترات الداخلية التي أثرت على الرأي العام الصيني خلال الأشهر الماضية.

 

تأمل بكين وغيرها من أعضاء منظمة شنغهاي للتعاون في الابتعاد عن فكر المواجهة وتطوير نمط جديد من التعاون الدولي القائم على المنفعة المتبادلة.  وباعتبارها منصة مهمة متعددة الأطراف، تُركز التجربة الناجحة لمنظمة شنغهاي للتعاون على روح المنظمة القائمة على الثقة المتبادلة، والمنفعة المتبادلة، وتطبيق المساواة، والمشورة، إلى جانب احترام تنوع الحضارات، والسعي وراء تحقيق التنمية المشتركة.

في 15 من يونيو 2001م، وقعت الدول الست المؤسسة لمنظمة شنغهاي للتعاون، على إعلان تأسيس المنظمة، والذي طرح للمرة الأولى "روح شنغهاي" كركيزة للعلاقات المتبادلة بين الدول الأعضاء والذي تزامن مع لحظة انتقالية حرجة بين النظامين العالميين القديم والحديث عقب انتهاء حقبة الحرب الباردة.  ونجحت "روح شنغهاي" في تجاوز العقلية السائدة خلال حقبة الحرب الباردة بشأن المعادلات الصفرية، وصراع الحضارات، وخلقت نموذجًا جديدًا للعلاقات بين الدول يعتمد على مبادئ "الشراكة لا التحالف"، "التعاون لا المواجهة". كما قدمت مفهومًا ومقترحًا جديدًا لاستكشاف خارطة طريق للتعاون الإقليمي تتماشى مع الواقع الذي تحياه الدول الأعضاء والمنطقة، وأصبح ذلك المفهوم الأساسي لمنظمة شنغهاي ومبادئها التوجيهية. وتحت راية " روح شنغهاي" أيضًا، نجحت المنظمة على مدار العقدين الماضيين في الصمود أمام الصدمات، واحتواء الخلافات الشاسعة في الأنظمة السياسية والتنمية الاقتصادية والأعراف الثقافية بين دولها، إلى جانب التغيرات المعقدة الطارئة على النظام العالمي، فضلاً عن تحقيق التعايش والازدهار بين الدول الأعضاء في منطقة متنوعة الأطياف وبالغة التعقيد.

 

أولًا، على مدار العشرين عامًا الماضية، طرحت منظمة شنغهاي ونفذت العديد من الأفكار والمقترحات التي تجسد “روح شنغهاي" وكان لها إسهامات كبيرة في إثراء ورفع مستوى منظومة القيم والمبادئ التي تقوم عليها. أولا، تبنت المنظمة نمطًا جديدًا من المفهوم الأمني، داعية إلى التخلي عن عقلية الحرب الباردة، والمواجهة بين التكتلات، ونبذ الممارسات التي تسمح بالتضحية بأمن الدول الأخرى في سبيل تحقيق الأمن المطلق، وذلك من أجل ضمان الحفاظ الأمن العالمي. وقد دعا وزراء خارجية منظمة شنغهاي للتعاون خلال اجتماعهم المنعقد أوائل 2002م، إلى اعتماد مفهوم جديد للأمن يقوم على مبدأ الثقة، والمنفعة المتبادلة، والتعاون.

 

ثانيا، تبنت المنظمة ومارست مفهومًا جديدًا للتعاون يرتكز على تطبيق المساواة والمشورة مع كافة الدول كبيرة كانت أو صغيرة، والوصول إلى توافق فيما بينها. فضلاً عن، إعلاء السلام والتنمية عبر التعاون المشترك، وحماية المصالح الأساسية للدول الأعضاء، وتدعيم التعاون الإقليمي على قدم مساواة، وتحقيق تعاون مربح لجميع الأطراف. وتجلى ذلك واضحًا خلال ما ورد في نص ميثاق منظمة شنغهاي للتعاون لعام 2002م، وهو كالآتي: “إعمالا لمبدأ الشراكة المتساوية، وتحت مظلة العمل المشترك، سنعمل على تعزيز التنمية الشاملة، والمتوازنة لاقتصاد المنطقة، ومجتمعاتها، وثقافتها، كما سنحرص على تطبيق مبدأ المساواة بين كافة الدول الأعضاء، مثلما سنعمل على خلق توافق بين الآراء يقوم على أساس التفاهم والاحترام المتبادل لكافة الأعضاء دون استثناء".

 

ثالثًا، دعوة المنظمة إلى تبني فهم ومنظور جديد للحضارة يدعم التعددية والتسامح، ويحترم تنوع وتباين الحضارات والخيارات المستقلة لكل دولة. إلى جانب ترسيخ مبدأ التوافق مع السعي دومًا لإيجاد أرضية مشتركة وتعزيز التبادلات وسبل الحوار بين الحضارات المختلفة. وقد نص إعلان القمة الثالثة لرؤساء دول منظمة شنغهاي المنعقد في عام 2003م، على:" أهمية احترام تنوع واختلاف الحضارات الإنسانية والاعتزاز بهذا التنوع. وأن تسعى كافة الحضارات إلى إيجاد أرضية مشتركة تراعى الفوارق وتحقق في الوقت ذاته التكامل فيما بينها حتى تمضي في مسيرة التطور سويا". كما دعا إعلان القمة الثانية عشرة لمنظمة شنغهاي المُنعقد خلال عام 2012م، تحت عنوان "التعاون لبناء منطقة سلام دائم ورخاء مشترك"-المجتمع الدولي إلى تحقيق التعايش السلمي والحوار بين الحضارات، والسعي إلى التوافق، والحفاظ على التنمية المستدامة، واحترام التقاليد والقيم الثقافية لكافة الدول، إلى جانب تدعيم العلاقات بين الدول على أساس القواعد والأعراف الدولية المعترف بها عالميًا".

 

رابعًا، تم الإعلان للمرة الأولى عن مبادرة بناء نموذج جديد من العلاقات الدولية و"مجتمع المصير المشترك للبشرية" خلال إعلان أستانا الصادر عن قمة منظمة شنغهاي المُنعقدة عام 2017. وجاء إعلان موسكو الصادر عن المنظمة في عام 2020م، ليعيد التأكيد على الأهمية العملية الكبيرة للمبادرة التي تدعم بناء نموذج جديد من العلاقات الدولية يقوم على أساس الاحترام المتبادل، والمساواة، والعدل والتعاون المربح للجانبين، وصياغة مفهوم موحد بشأن بناء "مجتمع المصير المشترك للبشرية".

 

التعاون الاقتصادي لمنظمة شنغهاي

 

لدى المملكة العربية السعودية ومنظمة "شنغهاي" فرصة لاستكشاف آفاق جديدة للتعاون في مجالات الاقتصاد، والتجارة، والتعاون المالي. وقبل كل شيء، تحرص المنظمة بصفة مستمرة على العمل في سبيل تدعيم الأسس القانونية للتعاون الاقتصادي الإقليمي. وخلال سبتمبر 2001م، تم التوقيع على مذكرة تفاهم بين حكومات دول منظمة شنغهاي بشأن الأهداف الأساسية ومسارات التعاون الاقتصادي الإقليمي والتي كانت الأولى من نوعها في هذا المجال. واكب ذلك أيضًا تدشين عملية تسهيل سبل التعاون التجاري والاستثمار الإقليمي. ومنذ ذلك الحين، واصلت منظمة شنغهاي العمل على تعزيز الأسس القانونية لتعاون اقتصادي إقليمي، من خلال اعتماد سلسلة من الوثائق القانونية التي تشمل: خطة التعاون الاقتصادي التجاري متعدد الأطراف بين أعضاء المنظمة عام (2003)، وأخرى تم التوقيع عليها عام (2004) تشمل منظومة من التدابير المتخذة من أجل تدعيم خطة التعاون الاقتصادي والتجاري متعدد الأطراف.

 

في السياق ذاته، تم تدشين "المبادرة المشتركة لدول شنغهاي للتعاون سويًا من أجل تدعيم الخطة الاقتصادية متعددة الأطراف، استجابة للأزمة المالية العالمية وضمان التنمية الاقتصادية المستدامة" عام (2009. فيما تم إطلاق الخطة الاستراتيجية للتنمية على المدى المتوسط (2012)، واستراتيجية تطوير منظمة شنغهاي على مدار 10 أعوام مقبلة، بدءًا من تاريخ التوقيع عليها في عام 2015 وحتى عام 2025م.

 

وفي عام 2016م، تم اعتماد قائمة من التدابير من أجل تعزيز التعاون في مجال المشروعات خلال الفترة ما بين عامي 2017 إلى عام 2021م. أعقبها التوقيع على نسخة مُستحدثة من برنامج التعاون الاقتصادي والتجاري متعدد الأطراف لدول منظمة شنغهاي خلال عام (2019)، وتدعيمها فيما بعد (2020) بوضع خطة عمل خاصة بتطبيق البرنامج يمتد مداها أربعة أعوام بدءًا من عام 2021 حتى عام 2025م. وتوالى بعد ذلك التوقيع على عدد من اتفاقيات التعاون التي تغطي مجالات الجمارك، والتعاون المالي، والتجارة الإلكترونية، والنقل، والطاقة، والسياحة، والزراعة، والحماية البيئية، وغيرها من العديد من المجالات بما يسهم في بناء أرضية وأسس قانونية صلبة تضمن تحقيق منفعة متبادلة وتعاون اقتصادي مُربح لجميع الأطراف.

 

ثانيًا، يتم العمل بشكل متواصل على تطوير وتحسين آلية التعاون فيما بين حكومات الدول الأعضاء بالمنظمة.  ويعد مجلس رؤساء الحكومات أي (رؤساء وزراء) دول منظمة شنغهاي للتعاون أهم آليات التعاون الحكومي الدولي، والتي تركز على دراسة الاستراتيجيات وتحديد أولويات التعاون متعدد الأطراف ضمن إطار عمل المُنظمة، كما تُعنى بحل القضايا المبدئية والمُلحة في مجال التعاون الاقتصادي واعتماد الميزانية السنوية للمنظمة. واعتبارًا من عام 2020م، واصلت منظمة شنغهاي للتعاون تعزيز التنمية المتعمقة للتعاون الاقتصادي الإقليمي من خلال تدشين عدد من آليات التنسيق على المستوى الوزاري تغطي مجالات: التجارة، والاقتصاد، والنقل، والزراعة، والعلوم والتكنولوجيا، والتمويل، والبنك المركزي. إلى جانب تشكيل لجنة من كبار المسؤولين حول التجارة والاقتصاد، وتكوين سبع مجموعات عمل متخصصة في قطاعات الجمارك، وفحص الجودة، والتجارة الإلكترونية، وتشجيع الاستثمار، وتطوير إمكانات العبور، والطاقة، والمعلومات، والاتصالات السلكية واللاسلكية، والتي يناط بها العمل على النهوض بالتعاون في المجالات ذات الصلة. علاوة على ذلك، تم إنشاء عدد من آليات التعاون غير الحكومية، مثل "الرابطة المصرفية"، و"مجلس الأعمال"، و"تحالف الفكر الاقتصادي"، وكذلك مؤسسة مالية متعددة الأطراف من أجل توفير ضمانات مؤسسية قوية للتعاون بين الدول الأعضاء في منظمة شنغهاي للتعاون.

 

أخيرًا، تُسهم آليات التعاون الاقتصادي المحلي في فتح آفاق جديدة للتعاون بشكل عام. وقد طرح أول مُقترح رسمي بشأن إنشاء آلية للتعاون المحلي بين أعضاء منظمة شنغهاي خلال انعقاد المنتدى الاقتصادي الأوراسي الأول في عام 2005م.  ومن أجل تدعيم هذا الهدف، تم إنشاء عدد من المراكز والكيانات واحد تلو الآخر على رأسهم: مركز "هورغوس" للتعاون الحدودي الدولي بين الصين وكازاخستان، وقاعدة "يانغ لينغ " النموذجية في مقاطعة شانشي، الصين -كما تم إنشاء المجمع الصيني-الهندي للصناعات الدوائية في مقاطعة" قوانغشي"، بمدينة "فانغ تشين غانغ"، والمنطقة النموذجية المحلية للتعاون الاقتصادي والتجاري بين الصين ومنظمة "شنغهاي" في "غينغا دو ". إلى جانب ذلك، يجري العمل بصفة مستمرة على استكشاف مسارات جديدة للتعاون الاقتصادي والتجاري على الصعيد المحلي. وفي 29 أكتوبر 2020، عُقد المنتدى الأول للقادة المحليين للدول الأعضاء في منظمة شنغهاي للتعاون بواسطة الفيديو، لتمثل انطلاقة رسمية لآلية التعاون المحلي. ويجرى العمل حاليًا على استكمال بناء المركز الروسي داخل المنطقة النموذجية بين الصين ومنظمة شنغهاي للتعاون الاقتصادي والتعاون التجاري المحلي، وهو كيان مُخصص لإتاحة منصة جديدة وبناء جسر للتعاون المحلي بين الصين وروسيا.

 

 على الجانب السعودي، تعتبر المملكة العربية السعودية دولة رائدة في العالم العربي، لا تنعم فقط بموارد الطاقة الغنية بل تمتلك إمكانات سوقية كبيرة. وتحت توجيه "رؤية 2030" التنموية، حققت التنمية الاقتصادية والاجتماعية داخل البلاد تقدمًا كبيرًا، وحظيت إنجازات المملكة في مختلف المجالات بإشادة دولية واسعة. وفي ظل التغيرات الطارئة على المشهد الدولي والوضع في الشرق الأوسط، تعززت رغبة الدول العربية في التأكيد على استقلاليتهم الاستراتيجية وهو من بين أهداف منظمة شنغهاي للتعاون التي لطالما مارست التعددية بمفهومها الحقيقي، وعارضت بشكل واضح كافة أشكال الترهيب، وفرض الرأي بالقوة، والاستحواذ على السلطة، كما أنها لم تنخرط قط في دائرة مُغلقة أو دائرة حصرية على أطراف بعينها. عوضًا عن ذلك، دعت منظمة شنغهاي للاسترشاد بأهداف ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة، والالتزام بمبدأ البناء والمشاركة، وتوفير منصة وسبيل جديد للتعاون المتعدد الأطراف من أجل تحسين الحوكمة العالمية. ولهذا السبب تحديدًا يحمل مستقبل التعاون بين المملكة العربية السعودية ومنظمة شنغهاي آفاقًا أرحب ونطاقاً أوسع.


 

مقالات لنفس الكاتب