array(1) { [0]=> object(stdClass)#13013 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 189

انضمام السعودية لـ "بريكس" يعزز مكانة الشرق الأوسط والانفتاح على شركاء جدد

الثلاثاء، 29 آب/أغسطس 2023

سعى مجلس التعاون الخليجي على مدار عقود لرسم مسار خاص في إدارة علاقاته الدولية، بما يحقق الحصول على أكبر قدر من المكاسب على مسرح العمليات السياسية وبما يعزز شراكاته الدولية مع التكتلات والدول الكبرى، خاصة فى إقليم يتسم باتساع رقعة النزاعات والصراعات، فكانت تحركات مجلس التعاون حساسة للمستجدات الدولية ومراعية للتغيرات الدقيقة فى سلم القوى الدولية، خاصة مع تطورات الحرب الأوكرانية، مستهدفة بذلك تقديم نفسها كطرف فاعل على الساحة الدولية، وتعظيم شراكاتها الاقتصادية، وتوفير بيئة آمنة تجذب مزيد من الاستثمار الأجنبى وتفتح آفاق جديدة فيما يخص قوتها الناعمة.

موقع الخليج على الساحة الدولية:

كانت الحرب الأوكرانية بمثابة إشارة واضحة لجميع دول العالم، بأن النظام الدولي دخل مرحلة جديدة، وهو ما يحتم على الدول مراجعة حساباتها الاقتصادية وتحالفاتها السياسية، وبالنسبة لدول الخليج العربي، ستكون عمليات المراجعة غير سهلة، فى ضوء الثقل السياسي والاقتصادي التى باتت تتمتع به بشكل متزايد، وعلى هذا، تظل طبيعة ومسار هذا التنويع قضية ملحة تحتاج إلى أن تُدار بكفاءة، بالنظر إلى طبيعة علاقة الخليج مع الولايات المتحدة، حتى لا تمضي دول الخليج في عقد شراكات استراتيجية مع الصين وروسيا وقوى أخرى صاعدة، بشكل يتسبب في إلحاق الضرر بعلاقاتها مع واشنطن.

وليس هناك أدل على سعي دول الخليج لقيادة دفة العلاقات الدولية بشكل متوازن، من حرص المملكة السعودية على تأكيد الشراكة مع الولايات المتحدة، من خلال عقد صفقتين مع شركة بوينغ الأمريكية لتصنيع ما يصل إلى 121 طائرة من طراز بوينغ 787 دريملاينر، بقيمة 37 مليار دولار، وقال البيت الأبيض إن الصفقات تدعم أكثر من 140 ألف وظيفة أمريكية، وذلك بعد أن أعلنت السعودية عن ناقل وطني جديد هو "طيران الرياض"، ومن المعروف أن "دبلوماسية الخطوط الجوية"، هو مسار جديد هدفه تعميق العلاقات وتوطيدها، وفى ذات الوقت، توسطت به الصين بين السعودية وإيران لإعادة العلاقات وهو ما يمثل "غنيمة دبلوماسية" تمهد لدور صينى أكبر فى الشرق الأوسط، الذى تنفرد فيه بشكل كبير الولايات المتحدة بالنفوذ.

شراكات مجلس التعاون الخليجى:

ينشط مجلس التعاون الخليجي بقيادة أكبر دوله، السعودية، في حوارات وشراكات استراتيجية عدة مع دول ومجموعات تكتلات مختلفة، تبلغ نحو 15 وجهة من بينها روسيا وأمريكا والاتحاد الأوروبي وأمريكا اللاتينية، ويستهدف منها تنويع خياراته السياسية وإغناء علاقاته الدولية، خصوصاً في مرحلة يشهد فيها العالم تحولات جيوسياسية وأزمات اقتصادية متلاحقة.

  • الصين:

على مدار العقد الماضى، توسّعًت العلاقات الإيجابية بين الصين ودول مجلس التعاون، ويمثل مشروع الحزام والطريق العنوان الأبرز فى العلاقات الثنائية، على أن الشراكة تمتد لأبعد من ذلك، خاصة بعد المؤتمر الأخير للحزب الشيوعي الصيني في أكتوبر 2022م، فالتعاون الاقتصادي والتكنولوجي بشكل أشمل والدخول فى شراكات مؤسسية ودعم القضايا السياسية لكلا الجانبين، أصبحت تشغل حيز كبير فى فضاء الشراكة بين الطرفين.

وفى سياق أوسع، وخلال افتتاح القمة العربية ـ الصينية، أكد وزير الخارجية السعودي على الرغبة المتبادلة بين الدول العربية والصين لتطوير الشراكة والتعاون، مؤكدًا أن مؤتمر رجال الأعمال العرب والصينيين يعد فرصة للعمل على تعزيز الصداقة العربية – الصينية، بجانب أن الصين الشريك التجاري الأكبر للدول العربية بـ 430 مليار دولار، وتمتد أهمية الزيارة لتشمل رمزية استضافة المملكة "القمة العربية – الصينية" ما يشير لمبادرة الصين لفتح باب أوسع على المنطقة على أن تكون السعودية بما تملكه من إمكانات هى بوابة تلك المنطقة.

وبالتركيز على السعودية، تشمل مستهدفاتها العمل مع الصين وهونغ كونغ في العديد من أوجه التعاون، بما فيها التكنولوجيا المالية وريادة الأعمال والعلوم الصحية والتكنولوجيا الحيوية والبيئة والحوسبة السحابية والذكاء الاصطناعي والمدن الذكية، على أن يتضمن ذلك جذب التمويل من أصحاب رؤوس الأموال الاستثمارية، إذ تناولت زيارة وزير الاتصالات السعودي "عبد الله بن عامر السواحه" إلى هونج كونج والصين فى يوليو الماضى، تلك الموضوعات لاستكمال الخطط والخطوات والحفاظ على زخم تلك العلاقات المتطورة، خاصة في أعقاب مؤتمر الأعمال العربي ـ الصيني في الرياض في يونيو الماضى، الذى هدف لاستكشاف فرص الاستثمار المشتركة في مختلف المجالات.

  • روسيا:

بات "توطيد العلاقات الثنائية" هدفا مشتركا للجانبين، وتعاظم الحرص على تحقيق ذلك الهدف، بناء على وجود تفاهمات فى قضايا إقليمية ودولية، ليس أقلها أنهما يشتركان فى مسؤولية الحفاظ على توازن سوق النفط من خلال ضبط أسعار النفط وحجم المعروض منه من خلال أوبك بلس، وتعد إحدى أبرز محطات تطوير العلاقات الخليجية مع روسيا، هى عقد الاجتماع السادس للحوار الاستراتيجي بين دول مجلس التعاون الخليجي وروسيا بموسكو يوليو الماضى.

وتعكس العلاقات الثنائية، التوافق حول ضرورة استئناف عملية السلام للتوصل إلى حل عادل للقضية الفلسطينية على أساس حل الدولتين، ودعم "محادثات جدة" من أجل تهدئة الوضع في السودان، ويأتى الحفاظ على الأمن البحري والتصدي للتهديدات التي تواجه "المنشآت النفطية" في دول مجلس التعاون كهدف حيوى يلتزم الطرفان تحقيقه، كما يعمل الجانبان على "تهيئة بيئة ملائمة" لزيادة التبادل التجاري والاستثمار وصناعة الهيدروجين الأخضر، وتقنيات الاقتصاد الدائري الكربوني، بهدف تقليل الانبعاثات، وتطوير سلاسل توريد موارد الطاقة والتعاون في مجال الاستخدامات السلمية للطاقة النووية.

  • الولايات المتحدة:

تتميز تلك الشراكة بوجود إطار مؤسسي تنتظم خلاله الشراكة مثل مبادرة حوار أمن الخليج العربي، وتستهدف التشاور حول ستة مجالات أمنية ودفاعية، بالإضافة إلى تعدد جوانب تلك الشراكة والتي لا تختزل في الأبعاد العسكرية والأمنية، بل تتجاوزها إلى الجوانب الاقتصادية والتي تعد ضمن الركائز الأساسية لتلك الشراكة، بجانب القدرة على حسم الأزمات، وهو ما تؤكده إشارة بلينكن في مستهلّ الاجتماع حول الشراكة الاستراتيجية بين الخليج وواشنطن في يونيو الماضي، إلى أن مجلس التعاون هو جوهر رؤية الولايات المتحدة لشرق أوسط أكثر استقرارًا وأمانًا وازدهارًا.

لذا تتجه الشراكة اليوم إلى الالتزام بالتعاون المشترك لتعزيز جهود الانتعاش الاقتصادي العالمي ومعالجة التداعيات الاقتصادية الناتجة عن الوباء والحرب في أوكرانيا وضمان مرونة سلاسل التوريد وأمن إمدادات الغذاء والطاقة وتطوير مصادر الطاقة النظيفة والتكنولوجيات ومساعدة البلدان المحتاجة من خلال المساعدة في تلبية احتياجاتها الإنسانية والإغاثية.

وتتعاون مع المملكة العربية السعودية للمضي قدماً بأجندتها الطموحة للتنويع بعيداً عن مجال النفط وخلق فرص للشباب السعودي، وكان قد نما الاقتصاد السعودي بنسبة 8.7% في سنة 2022م، وهو الأمر الذي وفر فرصاً كثيرة للشركات الأمريكية للمشاركة في العديد من القطاعات، ومن الطاقة إلى الرعاية الصحية والترفيه، كما فتحت رؤية 2030 مجالاً أرحب للشراكة بين البلدين، من خلال الفرص الواعدة التي أتاحتها للشركات الأمريكية في عدد من القطاعات الاستراتيجية، كحضور شركات الطاقة والبتروكيماويات الأمريكية في قطاع الطاقة السعودي، كذلك أعلنت الشركات الأمريكية في مؤتمر التكنولوجيا الأخير في الرياض عن استثمارات جديدة تزيد على 3.5 مليار دولار.

  • الاتحاد الأوروبى:

ليس مستغربًا أن الحرب الأوكرانية قد ألقت بتأثيراتها على العلاقات الخليجية الأوروبية، كاشفة أوجه القصور ودافعة لمعالجة ذلك ومؤكدة على الحاجة لمزيد من التعاون، فحقيقة أن الخليج أهم فاعل فى خريطة الطاقة الدولية، دفعت أوروبا لإعادة التفكير فى توسيع التكامل الاقتصادى مع دول مجلس التعاون الخليجى، خاصة بعد أزمة الطاقة العالمية، لذا تعد وثيقة "العلاقات الاستراتيجية" الأوروبية مع دول الخليج، بداية جديدة للتعاون بين الجانبين منذ يونيو 2022م، حيث شهدت العلاقات الاستراتيجية الخليجية - الأوروبية تحسناً كبيراً في العديد من الملفات، لا سيما الأمن والطاقة والتحول الأخضر وتغير المناخ، بالإضافة إلى التجارة والتنويع الاقتصادي والاستقرار الإقليمي والأمن العالمي، وذلك من خلال التأكيد على ضرورة تعزيز التنسيق بين الجانبين عبر الحوارات السياسية المستمرة والعميقة، وتخصيص مزيد من الموارد لتطبيق الطموحات الكبيرة.

كانت قد شابت العلاقات الثنائية مجموعة تحديات، من أهمها: ترجمة التطلعات للعمل المشترك على المستويات التنفيذية، وتفضيل العلاقات الثنائية على العلاقات المؤسسية بين المنظمتين، بجانب العمل مع الحكومات والجهات الرسمية على حساب مزيد من الانخراط العام مع القطاعات الأخرى من المجتمع المدني، والأعمال، وأصحاب المصلحة من الشباب والمرأة، وهو ما أبطأ الحركة نحو مزيد من التعاون المستدام، غير أن التطبيق الفعال لـ"وثيقة العلاقات الاستراتيجية" سيقود لمزيد من النفع على الشعوب في كلا المنطقتين، حيث سيؤدي التعاون الوثيق بين الثقافات، وإتاحة فرص التنقل للشباب والطلاب، والتعاون والتبادل في مجال التعليم العالي إلى تحسين التفاهم والثقة المتبادلة، وكذلك مواجهة التحديات الإنسانية والإنمائية.

كما تحدث مسؤولون أوروبيون عن ضرورة استئناف مفاوضات التجارة الحرة بين الجانبين، لتساعد في تعميق الشراكة الاقتصادية، وتحفيز مناخ الأعمال للشركات الصغيرة والمتوسطة داخل أسواق دول مجلس التعاون، خاصة أنه لا يوجد تنافس بين غالبية قطاعات الأسواق في المنطقتين، الذي قد يتسبب في تعقيد إجراء إعفاءات جمركية.

  • آسيان:

تتشابه رابطة "آسيان" ومجلس التعاون الخليجي، في كونهما محط أنظار القوى الكبرى، حيث يمتلكان أهمية جغرافية واستراتيجية واقتصادية كبيرة، واستطاعتا أن تحافظا على موقف محايد في عدد من القضايا الدولية، والدخول فى شراكات مع عديد من الدول والمنظمات الدولية، ويرجع التواصل الأول بينهما إلى عام 1990م، كما وقع الجانبان مذكرة تفاهم في 2009م، في البحرين، التي تعد أساس التعاون والعلاقات بين الكتلتين.

وتنامت العلاقات السياسية بين دول مجلس التعاون الخليجي و"آسيان" في الآونة الأخيرة خصوصاً مع الرياض، إذ يرى مراقبون أن السعودية اتخذت أخيراً خطوات واسعة في التقارب مع دول "آسيان"، مما قد يجعلها بوابة الخليج العربي إلى تكتل الشرق الآسيوي، الذي ينظر له كصوت رائد في التجارة الدولية والقضايا الأمنية.

يمكن لدول "آسيان" أن توفر السلع والمنتجات الغذائية والزراعية لدول الخليج، مما قد يجنب الأخيرة ارتفاع الأسعار المفاجئ وقت الأزمات، ويضمن لها مصادر متعددة في هذا المجال، ومن شأن ذلك أن يحقق مزيدًا من التقارب بين الكتلتين خلال الفترة المقبلة، بخاصة مع عمل رابطة "آسيان" ومجلس التعاون الخليجي على الابتعاد عن الصراعات بين القوى الكبرى والتزام الحياد والاهتمام بمصالح شعوبهم وتحقيق النمو الاقتصادي.

على جانب آخر، ترجع بعض التقارير الاقتصادية زيادة الاستثمارات الخليجية في "آسيان" خلال الفترة الأخيرة إلى عدة أسباب، منها الاختلالات الاقتصادية التي تشهدها أوروبا والولايات المتحدة مؤخرًا، مقابل قدرة دول جنوب شرقي آسيا على التأقلم مع انكماشات الاقتصاد العالمي، والتعافي السريع من جراء الأزمات الاقتصادية، مما يكسب المستثمرين ثقة في هذه المنطقة ويجعل جنوب شرقي آسيا أرضاً صالحة للاستثمارات الخليجية.

ويدعم تلك النقاط الإيجابية، توقيع وزير الخارجية السعودي وثيقة انضمام المملكة السعودية لمعاهدة الصداقة والتعاون في جنوب شرق آسيا يوليو الماضى، وذلك بدعوة من وزيرة خارجية جمهورية إندونيسيا، ما يسهم في تحقيق التطلعات لتحقيق أهداف التنمية المستدامة وتعزيز العمل المشترك، وخلق فرصة تنموية واقتصادية جديدة للجميع.

شراكات جديدة:

  • بريكس:

تهدف دول مجموعة "بريكس" إلى إقامة نظام عالمي "متعدد الأقطاب"، وتأتى رغبة الرياض بالانضمام إلى "بريكس" لتؤكد الاستقلال المتزايد لدبلوماسيتها تجاه واشنطن، فهى تعمل على تحويل العلاقات من علاقة تقوم على الأمن مقابل النفط، الى علاقة شراكة وتعاون، ومن المنتظر أن يكون إنضمام السعودية إلى بريكس بمثابة تعزيز لمكانة الشرق الأوسط وتقوية علاقات دول المنطقة مع المجموعة، والانفتاح بشكل أوثق على شركاء جدد.

انضمام السعودية إلى بريكس سيترك تأثيرًا على الاقتصاد العالمي، وذلك لمكانة السعودية وثقلها الاقتصادي والاستراتيجي، إقليمياً ودولياً، حيث تمتلك السعودية اقتصادًا ضخمًا، فوفقاً لبيانات البنك الدولي، بلغ إجمالي الناتج المحلي للمملكة نحو 833.5 مليار دولار في عام 2021م، كما تعتبر السعودية لاعباً رئيسياً في أسواق الطاقة العالمية، كما تمتلك احتياطات مالية ضخمة تجعلها تمثل لاعباً مهماً في أسواق الاستثمارات العالمية، حيث ارتفعت الأصول الاحتياطية لها في الخارج لتصل إلى 465 مليار دولار في نهاية سبتمبر 2021م، بالإضافة إلى ذلك، المكانة الروحية والدينية للمملكة في العالم الإسلامي.

وتبحث السعودية من خلال الانضمام عن تعزيز دور الريال السعودي كعملة احتياطي دولية،  فى ضوء فكرة زيادة الاعتماد على العملات المحلية في تسوية مدفوعات التجارة المشتركة وغيرها من المبادلات في المجالات الاقتصادية مثل السياحة والاستثمار والتمويل، إذا تسعى بريكس لإقامة منطقة نقدية جديدة مستقلة عن الدولار، مثلما فعلت دول منطقة اليورو، بجانب الانتقال من عصر التنمية التي يقودها النفط إلى عصر التنمية التي تقودها الصناعة والتكنولوجيا، وهذا يتطلب تنويع العلاقات الاقتصادية للسعودية حول العالم وعدم اقتصار ترتيبات التعاون الاقتصادي المتعدد الأطراف على وجودها في منظمة الدول المصدرة للبترول.

من ناحية أخرى، الصين تعلم جيدًا أن ضم السعودية ومصر ودول خليجية لهذا التكتل يضيف له قوة كبيرة، من حيث قوة التأثير في أسواق النفط والغاز العالمية، وقوة الموقع الاستراتيجي، فدخول الرياض في هذا التحالف من شأنه أن يقطع شوطًا كبيرًا في عملية التخطيط اللوجيستي والتأمين لمنتجات دول البريكس وتوزيعها على مستوى العالم، لا سيما في ظل التطور اللافت الذي أدخلته المملكة في قطاع الصناعة والنقل وإضافة الكثير من الموانئ، وتقدمها على مستوى مؤشر نظام الملاحة البحرية، كما تمثل السعودية ثلث دول الأوبك، وأكبر الدول المؤثرة في أسعار النفط العالمية ومصر دولة اتزان في المنطقة، وقطب من أقطاب الشرق الأوسط وتملك جيشًا قويًا، كما أنها منطقة جاذبة للاستثمار.

لكن وفق كثيرين، فإن هناك مخاطر من قرار الانضمام، قد يدفع ذلك لتوتر العلاقات مع الغرب، وبصفة خاصة أمريكا، وزيادة المنافسة الجيوسياسية بين الغرب وكتلة القوى الشرقية مع تزايد انقسام الاقتصاد العالمي، كما أن بريكس تواجه تحديات داخلية قد تؤثر على المكاسب المأمولة، فعدم التجانس بين دولها من حيث كيفية ارتباط الأعضاء ببعضهم من جهة، وبالغرب من جهة أخرى.

  • شنغهاي:

كانت قد تأسست منظمة شنغهاي في 2001م، كمنظمة سياسية واقتصادية وأمنية لآسيا الوسطى بمواجهة المؤسسات الغربية، لا سيما مع تزايد التعددية القطبية للنظام الجيوسياسي العالمي، إلا أن التصريحات التي صدرت ولا تزال تصدر عن القمم والمؤتمرات المختلفة لجماعة شنغهاي لا تعكس توجهاً عدائياً ذا طابع عسكري وإنما مد مزيد من الجسور للتعاون الاقتصادي.

وانضمت السعودية لمنظمة "شنغهاي" بقيادة الصين فى مارس الماضى، بصفة "شريك الحوار"، وهي خطوة جديدة تضيفها السعودية ضمن سياقات دبلوماسيتها العالمية، وفى ذات الوقت تعزز العلاقات مع الصين في سعيها وراء الفرص لتعميق اندماجها في آسيا التى تعد سوقًا مهمًا يجني منه السعوديون معظم أرباحهم خاصة مع توجه حصة كبيرة من صادراتهم النفطية شرقًا.

ويبدو أن الخطوة جاءت بعد تغيرات فى طبيعة وفلسفة الأمن الإقليمي الخليجي، خاصة بعد تراجع الولايات المتحدة عن تقديم أسلحة هجومية للسعودية فى خضم حرب اليمن والاكتفاء بأسلحة دفاعية، بجانب تراجع التوتر ثم إعادة العلاقات الدبلوماسية بين السعودية وإيران، ما قد يحمل معه تأثيرات سلبية على التحالف الاستراتيجى مع أمريكا، ومن المؤكد يمثل ذلك تحديًا خطيرًا، لعلاقات الجانبين "الأمريكى والخليجى".

  • تركيا:

مثلت زيارة الرئيس التركى الأخيرة إلى ثلاث دول خليجية، هى السعودية، والإمارات، وقطر، بعد إعادة انتخابه رئيساً للبلاد في مايو الماضى، بداية جديدة لعلاقات أقوى مع السعودية والخليج، فاتفقت السعودية وتركيا على توسيع نطاق التعاون بينهما، واعتبار مجلس التنسيق السعودي ــ التركي مسارًا مهمًا لذلك، حيث تقوم الشراكة على تعزيز وتنويع التجارة البينية من خلال تكثيف التواصل بين القطاع الخاص في البلدين وتطوير بيئة استثمارية خصبة ومحفزة للقطاع الخاص، وبحث فرص المشاريع المشتركة في كامل سلسلة قطاع البتروكيماويات بما فيها التحويلية والمتخصصة، وتبادل المعرفة والخبرات لتطبيق أفضل الممارسات فيما يتعلق بالهيدروجين النظيف، بجانب تعزيز التعاون في المجالات الدفاعية، والصناعات العسكرية، والتنسيق فى مجال مكافحة الجرائم بكافة أشكالها، والتعاون في مجال مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات والخبرات والتدريب، علاوة على التعاون الثنائي لمكافحة جرائم الفساد العابرة للحدود، والحرص على التواصل الفعال بين الأجهزة المعنية بمكافحة الفساد في البلدين.

  • آسيا الوسطى:

ولأن الرياض تلعب دوراً بارزاً في إيجاد صيغ التعاون الفعالة بين دول الإقليم، بغية الاستجابة للتحديات، في ضوء أزمات تتجدد فصولها الجيوسياسية والغذائية والأمنية، استقبلت مدينة جدة السعودية في 19 يوليو الماضي، القمة الخليجية مع دول آسيا الوسطى في ظل جهود حثيثة لتعزيز أفق التعاون بين الإقليمين، من أجل رسم خطة عمل واحدة بين دول الخليج العربي ودول آسيا الوسطى، يؤسس لمرحلة تنموية بين المنطقتين، والذى يحمل بالضرورة أبعاد جيوسياسية وجيواستراتيجية تمهد الطريق أمام تكتل اقتصادي يدعم القضايا السياسية المشتركة.

وينظر إلى آسيا الوسطى باعتبارها "كنز مدفون"، فلديها كثير من الثروات خصوصاً في بحر قزوين، تشمل احتياطات هائلة من الطاقة وغيرها من المعادن النفيسة، إضافة إلى التصنيع العسكري والزراعة، فالأمن الغذائي من الملفات المهمة على أجندة دول الخليج ويأتي الاستثمار في الدول ذات المزايا الزراعية مثل مجموعة آسيا الوسطى بما يخلق شراكة استثمارية زراعية، كأولوية تضمن تحقيق هدف الأمن الغذائي.

ومن الملاحظ، أن رؤية السعودية 2030 تحفز الكثير من الدول للانخراط في حركة التنمية الاقتصادية والاستثمارية، سواء في دول الجوار ودول ما بعد الجوار مثل بلدان وسط آسيا، كما أن العلاقات التاريخية بين هذه المنطقة وجزيرة العرب تشكل وصلاً ثقافياً، فضلاً عن أن منطقة وسط آسيا تشكل معبراً لطريق الحرير المشروع الصيني الطموح، وكل تلك العوامل تشكل ركيزة لتعميق العلاقات بين المجموعتين في المستقبل.

ختامًا، يبحث مجلس التعاون الخليجى بقيادة السعودية عن دور أكبر على المستوى الدولى، يحقق طموحاته ويعبر عن مصالحه ويؤكد أن للعرب دورًا لا غنى عنه فى تحقيق الاستقرار الإقليمى والدولى، وفى ذات الوقت يشير إلى الحاجة لإيجاد سبل جديدة للتعاون والتكامل الاقتصادى، بما يخدم مصالح العرب والشركاء.


 

مقالات لنفس الكاتب