array(1) { [0]=> object(stdClass)#13013 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 190

5 جهات مركزية للقطاع الصناعي في السعودية والمدن الصناعية نجحت في توطين 13 هدفًا للتنمية

الأربعاء، 27 أيلول/سبتمبر 2023

تتناول هذه المقالة دور المدن و المناطق الصناعية في تحقيق التنمية المستدامة في دول مجلس التعاون الخليجي : السعودية نموذج، حيث تناقش أهمية دور المدن الصناعية في دول  مجلس التعاون الخليجي عامة و في السعودية خاصة في تطوير الصناعة و النهوض بها، و تحقيق أهداف خطط التنمية المستدامة و رؤية 2030، و ما هي الصناعات القابلة للنمو في هذه المدن على المديين المتوسط و البعيد على ضوء المزايا المطلقة والنسبية والتنافسية  لدول مجلس التعاون و إمتلاكها لمقومات الصناعة الحديثة، و ذلك في ضوء الدور المرتقب لهذه المدن في توفير احتياجاتها المحلية، و التصدير و تشغيل الأيدي العاملة الوطنية.  

في إطار التحول لتبني نموذجًا أكثر إعتماداً على الابتكار وتحقيق التنمية المستدامة ورؤية 2030 في دول مجلس التعاون الخليجي، توفر الثورة الرقمية فرصاً استثنائية لتمكين الدول والمدن من الوصول إلى مصادر جديدة للنمو القائم على الابتكار، وفي الإطار ذاته، اكتسبت أعمال البحث والتطوير الناجمة عن انتشار جائحة كوفيد-19، زخماً إضافياً باعتبارها إحدى أهم العناصر المساهمة في تعزيز القدرة على مواجهة التحديات الحقيقية وتحقيق الازدهار على المدى الطويل.   

واستطاعت دول مجلس التعاون الخليجي تحقيق إنجازات اقتصادية استثنائية خلال العقود القليلة الماضية، إلا أنها ما زالت في طور نامٍ يدفعها لمواجهة مجموعة من التحديات المتنوعة للحفاظ على المستوى المتطور من الأداء، وضمان استمرارية النمو على المدى الطويل. ومما لا شك فيه أن الأزمة المالية العالمية وانتشار جائحة كوفيد-19 تسببا بانخفاض حاد في مستويات نمو الإنتاجية، ما أدى إلى تنامي الحاجة لتطوير أنماط جديدة من الإنتاجية وأساليب خلق القيمة على نحو متسارع، وتعتبر القضايا ذات الصلة بالتوترات الجيوسياسية، والأجندات المهتمة بالتغيرات المناخية، والتحولات التي تشهدها التجارة العالمية وتزايد الاعتماد على التقنيات الناشئة، من أهم التحديات التي تواجهها محركات النمو الرئيسية على مستوى المنطقة.

ومن الأهمية بمكان أن تتطلع دول مجلس التعاون الخليجي لتبني نماذج نمو أكثر اعتماداً على الابتكار في الصناعة، للحفاظ على أعلى مستويات الأداء الاقتصادي، والجدير بالذكر، أن الاقتصادات الرئيسية في المنطقة تمتلك مستوى عال من الوعي، يدفعها للارتكاز على هذه الرؤية للانطلاق في مسيرتها التنموية عبر وضع خطط جريئة لدفع أجندة الابتكار عبر مجموعة من المجالات، ومنها: وضع أهداف طموحة والالتزام بنهج الاستثمار وتطوير حوكمة مخصصة تركز على الابتكار، بالإضافة إلى تفعيل الخطط التفصيلية عبر القطاعات ذات الأولوية.

وتعد السعودية مثالاً بارزاً على هذا الواقع، حيث أطلقت في الفترة الأخيرة برنامجاً جديداً في مجال البحث والتطوير والابتكار، لزيادة حجم الناتج الناتج المحلي الإجمالي بحلول العام 2040م، ومن المتوقع أن توفر هذه المبادرة مجموعة من الوظائف ذات القيمة العالية في قطاعات العلوم والتكنولوجيا، بالإضافة إلى تعزيز مكانة السعودية كإحدى أكبر اقتصادات العالم العربي في مجالات الصناعة والصحة والاستدامة البيئية وتوريد الاحتياجات الأساسية والريادة على مستوى الطاقة والصناعة واقتصادات المستقبل. ومن المتوقع أن يساهم هذا الواقع في الارتقاء بالقدرات التنافسية للسعودية، بالإضافة إلى تعزيز ريادتها على المستوى العالمي وتأكيد مكانتها كأكبر اقتصاد في الشرق الأوسط، بما يتماشى مع توجهات رؤية السعودية 2030

تمثل الصناعة في السعودية أحد الخيارات المتاحة لاستثمار إيرادات النفط في قطاعات اقتصادية منتجة تحافظ على قيمة الإيرادات، وعلى توسيع القاعدة الإنتاجية، مما يقلل من اعتماد الاقتصاد السعودي على الاستيراد الخارجي ويقلل بالتالي من مخاطر الاعتماد الاقتصادي الخارجي في مرحلة مابعد النفط ، حيث أن تنمية قطاع الصناعة من شأنه المساعدة الفاعلة على نمو قطاعات الاقتصاد الوطني الأخرى نظرًا لما للتصنيع من أهمية في مستقبل الاقتصاد حيث تنقسم الصناعات التحويلية في السعودية إلى قسمين، صناعات ذات استخدام مكثف لرأس المال والتقنية الصناعية المتقدمة وهي الصناعات الكيماوية الأساسية، و صناعة تحويلية خفيفة كصناعات المواد الغذائية والمشروبات، وصناعة مواد البناء والخزف والزجاج، وصناعة المنتجات البلاستيكية وصناعة المنسوجات والملابس والصناعات الجلدية ومنتجاتها وصناعة الورق ومنتجاته، وصناعة الأثاث والخشب ومنتجاته وصناعة منتجات المعادن اللافلزية وغيرها.

و قد حدد الاقتصاديون مصادر النمو، إذ تعود إلى خمسة متغيرات هي التوسع في الطلب الاستهلاكي والطلب الاستثماري والتوسع في الصادرات و زيادة إحلال الواردات ومن ثم التقدم التكنولوجي من خلال الابتكار والإبداع والبحث العلمي ،إذ أن هذه المتغيرات تلعب دورًا مهمًا في الاقتصاد السعودي، فقد أكدت خطط التنمية الخمسية التي بدأ العمل بها منذ عام 1970م، أهمية توسيع القاعدة الصناعية لتصبح مصدرًا أساسيًا للدخل، اذ تعد الصناعة مصدرًا أساسيًا للنمو إذا كانت نصيبها في الناتج المحلي الإجمالي لا يقل عن 25 %، لكن البيانات تبين، أن مساهمة الصناعة التحويلية في الإنتاج المحلي الإجمالي بلغت حوالي 14.7 % في السعودية، عام 2022م، استنادًا إلى بيانات التقرير الاقتصادي العربي الموحد 2023م، ومقارنة بالدول حديثة العهد بالتصنيع مثل البرازيل وتايوان وماليزيا ، إنها منخفضة بالمقارنة مع هذه الدول، حيث بلغت في ماليزيا حوالي 23.9 % استنادًا إلى بيانات صندوق النقد الدولي 2022م، بينما بلغت مساهمة الصناعات الاستخراجية للسعودية بحدود 33.1 % استناداً إلى بيانات التقرير الاقتصادي العربي .
إن ضعف الاستثمار الصناعي هو أهم أسباب كون نمو الصناعة التحويلية دون الطموحات، والسبب الأول بطبيعة الحال ضعف العائد، إذ أن المستثمر يبحث عن العائد الأسرع والأعلى، ومن الجدير بالإشارة ،إن من خصائص الاقتصادات النامية هو أن مشكلاتها الاقتصادية تتركز في جانب الإنتاج وليس في جانب الاستهلاك، وذلك بسبب ضعف مزمن في قدراتها الإنتاجية و المنافسة الخارجية، اذ يحتاج القطاع الصناعي في السعودية إلى قدرات فنية وتقنية ويد عاملة مدربة ومهارات عالية واستثمارات كبيرة وتتطلب بعض الوقت قبل أن تؤتي أكلها ،إذ أن هناك فرصة ذهبية حالية لتطوير السياسات الصناعية لإيجاد طفرة صناعية، وخلاف سياسات التمويل، كما أن بيد الحكومة أدوات كثيرة للمساعدة على تحفيز الاستثمار الصناعي، بجانب التحفيز المتاح.
في ظل التطورات الاقتصادية الدولية المعاصرة وحسابات المستقبل، أطلقت السعودية الاستراتيجية الوطنية للصناعة، الهادفة للوصول إلى اقتصاد صناعي جاذب للاستثمار يسهم في تحقيق التنوع الاقتصادي، وتنمية الناتج المحلي والصادرات غير النفطية، بما يتماشى مع مستهدفات رؤية السعودية 2030، اذ تتوفر في السعودية جميع الممكنات للوصول إلى اقتصاد صناعي تنافسي ومستدام، من مواهب شابة طموحة، وموقع جغرافي متميز، وموارد طبيعية غنية، وشركات صناعية وطنية رائدة، وبالشراكة مع القطاع الخاص ستصبح السعودية  قوة صناعية رائدة تسهم في تأمين سلاسل الإمداد العالمية، وتصدر المنتجات ذات المحتوى التكنولوجي العالي .

ويعد القطاع الصناعي أحد مرتكزات رؤية 2030، ويحظى باهتمام كبير، إذ أُطلق برنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجيستية وأُنشئت وزارة مستقلة للاهتمام بالصناعة، وعدد من البرامج والكيانات الأخرى، ما نتج عنه مضاعفة عدد المنشآت الصناعية ، بعد انطلاق الرؤية وستعمل الاستراتيجية الوطنية للصناعة على دفع عجلة النمو في القطاع اذ تركز على 12 قطاعاً فرعياً لتنويع الاقتصاد الصناعي، وتتطلع السعودية من خلال الاستراتيجية، إلى تمكين القطاع الخاص، وزيادة مرونة وتنافسية القطاع الصناعي، إضافة إلى المرونة الصناعية، التي تضمن استمرارية الوصول إلى السلع المهمة واستمرارية النشاط الاقتصادي، وقيادة التكامل الإقليمي الصناعي لسلاسل القيمة .
ويأتي إطلاق الاستراتيجية متوائماً مع التوجهات العالمية في القطاع، مثل الثورة الصناعية الرابعة، ومستهدفات السعودية والمزايا التنافسية التي تتمتع بها، المتمثلة في الموقع الجغرافي، ووفرة الموارد الطبيعية ومصادر الطاقة، والقدرات البشرية، والقوة الشرائية، والسياسات النقدية المستقرة ، علمًا ارتكزت الاستراتيجية، في سبيل تحقيق أهدافها من خلال بناء اقتصاد صناعي مرن وجاذب للاستثمار وتكوين مركز اقليمي صناعي متكامل لتلبية الطلب العالمي وتحقيق ريادة في صناعة وتصدير منتجات ذات المحتوى التكنولوجي العالي تسهم من خلالها تامين سلاسل الامداد العالمية بجانب الوصول إلى اقتصاد صناعي جاذب للاستثمار يسهم في تحقيق التنوع الاقتصادي ، وتنمية الناتج المحلي الإجمالي والصادرات غير النفطية بما يتماشى مع مستهدفات رؤية السعودية 2030.

إن اللاعبين الرئيسيين في القطاع الصناعي في السعودية، هي خمس جهات مركزية، أولها، صندوق التنمية الصناعية كمؤسسة مالية حكومية لتحقيق أهداف وسياسات وبرامج التنمية الصناعية في السعودية، بهدف دعم القطاع الخاص في مختلف المجالات الصناعية وتمويل القطاع الصناعي وتطويره بالتنسيق مع الجهات الحكومية ، كخطوة في سعيه نحو تحقيق أهداف رؤية 2030، و هي من أهم الخدمات التي يقدمها الصندوق للقروض المتوسطة والطويلة الأجل للقطاع الصناعي الخاص، ويدعم البرنامج الوطني للتنمية الصناعية نمو الصناعة والتعدين والطاقة غير النفطية والخدمات اللوجستية و إلى خلق وظائف في القطاع الخاص، وزيادة مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي والصادرات، وتعزيز المحتوى المحلي .

و من اللاعبين الأساسيين أيضاً في القطاع الصناعي هو محور مدن، إذ تدرك الحكومة أن المستثمرين الذين يفكرون في فتح مصانع ومستودعات جديدة في السعودية يطلبون أنواعًا مختلفة من المواقع لتلبية احتياجاتهم، من المجمعات الصناعية مع مصادر الطاقة والمياه والاتصالات، إلى مواقع الحقول الخضراء التي يمكن تطويرها لخدمة القطاع الخاص، إذ أن متطلبات الشركات الكبرى، هي الجهة المسؤولة عن هذه الخدمة وهي الهيئة السعودية للمدن الصناعية ومناطق التقنية (مدن)، و اللاعب الثالث يمثل  وزارة الصناعة والثروة المعدنية وهي مسؤولة عن الإشراف على قطاعي الصناعة والتعدين، وتشجيع المستثمرين فيهما، واكتشاف الموارد المعدنية في السعودية واستغلالها، إذ تهدف الوزارة إلى جذب الاستثمارات المحلية والدولية إلى قطاعي الصناعة والتعدين من أجل المنافسة في العصر الجديد من الصناعة 4.0 مع بناء العديد من المنصات التي تؤكد على دور المملكة كمركز عالمي للخدمات اللوجستية. كما يهدف إلى النهوض بقطاعي الصناعة والتعدين مع المساهمة في التنمية الاقتصادية المستدامة.

و تقوم الهيئة الملكية للجبيل وينبع كمحور رابع، إلى إدارة أنشطة المصب حول إنتاج النفط والشحن على الساحل الشرقي والغربي، على التوالي، بجوار حقول النفط في المنطقة الشرقية من السعودية، إذ يعد ميناء الجبيل حاليًا موطنًا لكثير من المؤسسات الصناعية، بما في ذلك المصافي والمفرقعات ومصانع تصنيع المواد الكيميائية، مع وجود مشاريع جديدة قيد التنفيذ طوال الوقت، إضافة إلى، وضع خطط لعدد من المدن الاقتصادية الجديدة كمحور خامس للقطاع الصناعي، إذ تم تشكيل هيئة حكومية تعرف باسم هيئة المدن الاقتصادية، وهناك أيضاً سابك (الشركة السعودية للصناعات الأساسية) إذ هي شركة عالمية رائدة في مجال الكيماويات ورابع أكبر شركة بتروكيماويات في العالم، و من مهامها، جعل السيارات والطائرات أكثر كفاءة في استهلاك الوقود و المساعدة في الحفاظ على إمدادات المياه في العالم وتمكين حافظات الهواتف الذكية الملونة، كما تدعم سابك عملاءها، من خلال تحديد وتطوير الفرص في الأسواق النهائية الرئيسية مثل الكهرباء والإلكترونيات، والنقل، والأجهزة الطبية، والبناء، والتعبئة، والمغذيات الزراعية، والطاقة النظيفة.

تمثل المجمعات الصناعية ركيزة التنمية المستدامة في السعودية، إذ تمثل المدن الصناعية المتخصصة .. نقلة نوعية على طريق التنمية، إذ هي  مجموعة من أبرز المدن الصناعية المتخصصة الرائدة ، وما تتيحه من إمكانات لدفع مسار التنمية الصناعية، و بيان مدى أهمية الدور الذى تلعبه المدن الصناعية المتخصصة فى إحداث تحول نوعى بعملية التصنيع، وتعزيز القدرة التنافسية لاقتصادات الدول، وتحسين بيئة الأعمال، فضلاً عن جذب الاستثمارات المحلية والأجنبية، وما يرتبط بذلك من تعظيم فرص نقل التكنولوجيا، وتشجيع الابتكار، ومن ثمّ دفع جهود التنمية على الصعيدين المحلى والإقليمي، إذ أنه فى ضوء مساعى السعودية  للارتقاء بالاقتصاد الوطنى وتحقيق أهداف البعد الاقتصادى فى رؤية السعودية  2030، لا سيَّما ما يتعلق بمحور التنمية الاقتصادية والذى يستهدف تحقيق نمو شامل مستدام يتسم بالتنافسية والتنوع ولديه القدرة على لعب دور فاعل فى الاقتصاد العالمى والصمود فى وجه الأزمات والتكيف مع المتغيرات العالمية، إذ ركزت جهودها على النهوض بالصناعة انطلاقًا من دورها فى تحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة، وفى التصميم من ذلك إنشاء المدن والمجمعات الصناعية المتخصصة.

و في إطار توطين أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة بالمدن الصناعية في السعودية ، كشفت الهيئة السعودية للمدن الصناعية ومناطق التقنية مدن ، عن نجاحها في توطين 13 هدفاً من أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة البالغ عددها 17 هدفاً بالشراكة مع القطاعين العام والخاص، إذ إن مدن وانطلاقاً من دورها المحوري لتحقيق مستهدفات خطة التنمية المستدامة و رؤية السعودية 2030 والمبادرات الموكلة إليها في برنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية ندلب، تسهم في دعم انفتاحها على العالم باعتبارها عضواً فاعلاً في مجموعة العشرين (G20) وطرفاً مؤثراً في صُنع السياسات الاقتصادية العالمية، بجانب تصدرُها قائمة الاقتصادات الأكبر على مستوى منطقة الشرق الأوسط.
إن مدن  تمكّنت من تحقيق 13 هدفاً مباشراً على صلةٍ بأنشطتها التنموية والاستثمارية من أصل 17 هدفاً للتنمية المستدامة تم اعتمادها عالمياً خلال العام 2015م، ليبدأ تنفيذها رسمياً في 20 نوفمبر 2020م، لتشمل: القضاء على الفقر، القضاء التام على الجوع، تحقيق الصحة الجيدة والرفاه، التعليم الجيد، المساواة بين الجنسين، المياه النظيفة والنظافة الصحية، طاقة نظيفة وبأسعار معقولة، العمل اللائق ونمو الاقتصاد، الصناعة والابتكار والهياكل الأساسية، الحد من أوجه عدم المساواة، مدن ومجتمعات محلية مستدامة، الاستهلاك والإنتاج المسؤولان، العمل المناخي، الحياة تحت الماء، الحياة في البر، السلام والعدل والمؤسسات القوية، وعقد الشراكات لتحقيق الأهداف.

إذ أن العمل اللائق ونمو الاقتصاد، وأيضاً عقد الشراكات لتحقيق الأهداف، يشكّلان محاور رئيسة ضمن إستراتيجية مدن  لتمكين الصناعة والإسهام في زيادة المحتوى المحلي تماشياً مع الرؤية 2030، ومبادراتها في برنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية ندلب، حيث تعمل على تعزيز الشراكات مع القطاعين العام والخاص للإسهام في جذب وتوطين الاستثمارات المحلية والعالمية ذات القيمة المضافة العالية لتنويع الاقتصاد الوطني بالاعتماد على الصناعة كخيار استراتيجي، وصولاً إلى إرساء دعائم التنمية المستدامة، بجانب توفير الفرص الوظيفية ودعم مشروعات روّاد ورائدات الأعمال والمنشآت الصغيرة والمتوسطة بالمدن الصناعية.

و من الجدير بالإشارة، إن مدن تعمل على تنمية المدن الواعدة واستغلال المزايا الاستثمارية بمختلف المناطق للإسهام في تأسيس مدن ومجتمعات محلية مستدامة، ومن ذلك استقطاب مصنع الجمعية التعاونية متعددة الأغراض لإنشاء مصنع لتعبئة وتغليف المنتجات الزراعية المحلية في المدينة الصناعية بعسير، وهو يندرج ضمن برنامج التنمية الريفية الزراعية المستدامة بالسعودية 2018- 2025م، فيما تعمل كذلك على توفير بنية تحتية ومرافق وخدمات ومنتجات مبتكرة لتحقيق الاستثمار الآمن لشركائها.

وحول هدف المياه النظيفة والنظافة الصحية، أكد أن المدن الصناعية تشهد كفاءةً متزايدة في الاستخدام الأمثل للمياه، وتطوراً كبيراً بمنظومة خدمات الصرف الصحي ، حيث يتم معالجة جميع مياه الصرف الصناعي الناتجة من الأنشطة الصناعية ليتم الاستفادة منها في مشاريع الري الزراعي وكمصدر مياه للمصانع ، حيث يتم استخدام 48 %  من إجمالي المياه المعالجة حتى الآن وفق معايير الاستخدام الأمثل لها، والمستهدف رفع النسبة إلى 70 % بحلول العام 2030.

كما أقدمت مدن على توقيع اتفاقيات تعاون مع المؤسسات الأكاديمية والجامعات السعودية لتحفيز الابتكار في الصناعة منها، مع جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية ، لدعم وتنفيذ مشاريع بحثية تساعد في تهيئة اقتصاد قائم على المعرفة عبر البحث العلمي، وجامعة الملك عبدالعزيز للارتقاء بتنافسية قطاع الصناعة المحلي إلى المستويات العالمية، واتفاقية تعاون مع مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية لتنفيذ المشروعات البحثية والميدانية المتعلقة بتقنيات إنتاج الطاقة والتكييف ومعالجة المياه بالطاقة المتجددة، بالإضافة إلى التبادل المعرفي بين مدن  وباحثي المدينة في تنفيذ الدراسات والمشروعات المشتركة، والعمل على نشر النتائج البحثية لتتم الاستفادة منها من قبل أكبر فئة ممكنة.

كما أن مدن تدعم التوجهات العالمية للحفاظ على المناخ من خلال منظومتها للإدارة البيئية التي تحتوي على 8 برامج منها برامج لرصد جودة الهواء المحيط عبر 11 محطة جودة هواء موزعة في المدن الصناعية ، والتفتيش البيئي للمنشآت الصناعية بالتوافق مع نظام  ISO-14001 ، بالإضافة إلى برنامج أتمتة الأنظمة البيئية باستخدام قواعد بيانات متخصصة، وكذلك برامج لرصد مياه الصرف الصحي، وبرنامج الجودة والنوعية  QA/QC للمشروع بالشراكة مع شركة Ricardo-AEA البريطانية، وبرنامج تأهيلي لبناء الكفاءات الوطنية.

وفي إطار تكاملها مع القطاعين العام والخاص، تدعم مدن  الاستهلاك والإنتاج بجعل مدنها الصناعية أكثر ملاءمةً للعيش والعمل واستغلال الموارد المهدرة وإعادة تدويرها ومن ذلك استقطاب شركة ديتسلاوا العاملة في مجال الصناعات التحويلية للتمور في المدينة الصناعية بشقراء لاستغلال الفائض والمهدر من التمور وتقديم بدائل جديدة صحية ومناسبة للسوق المحلي ، بالإضافة إلى بدء مدن تطبيق مفاهيم الاقتصاد الدائري انطلاقاً من المدينة الصناعية الثانية بالدمام ، اتساقاً مع مبادرات السعودية خلال رئاستها قمة مجموعة العشرين في العام 2020م، حيث يتم اختيار عدد من المصانع وفق معايير فنية دقيقة لرسم خارطة طريق لتحقيق مبادئ الاقتصاد الدائري في أنشطتها الصناعية.

يعتبر قطاع التصنيع أحد الركائز المدرجة في خطة الرؤية السعودية 2030 التي تدعم أصحاب المصلحة لتحسين القدرة التنافسية للمنتجات المحلية للحفاظ على حصص السوق المحلية مع التركيز على زيادة الإنتاجية والجودة، إذ يهدف تطوير هذا القطاع وفق الرؤية بشكل أساسي إلى خلق اقتصاد تنافسي وتنمية مستدامة، وبناءً عليه، تهدف السعودية إلى تطوير صناعات واعدة في مجالات الأغذية والأدوية والمستلزمات الطبية، وكذلك الصناعات العسكرية والصناعات المتعلقة بالنفط والغاز والبتروكيماويات. والتعدين وكذلك الكيماويات.

وفقًا لصندوق التنمية الصناعية السعودي، أصبح مزيج الناتج المحلي الإجمالي الوطني لقطاع الصناعات التحويلية (باستثناء تكرير النفط) أكثر تنوعًا حيث احتل قطاع المنتجات الكيماوية موقع الصدارة في هذا المزيج من الصناعات التحويلية إلى جانب القطاعات الأخرى مثل الآلات والمعدات ، كما أظهرت منتجات مواد البناء والمنتجات الغذائية نموًا، و وفقا لخطة أخرى للرؤية هي برنامج التنمية الوطنية الذي يركز على تحويل السعودية إلى قوة صناعية ورائدة عالمية في الخدمات اللوجستية من خلال قيادة وتوجيه النمو في أربعة قطاعات رئيسية: الصناعة والتعدين والطاقة والخدمات اللوجستية، إذ يركز البرنامج أيضًا على ركيزتي التمكين المتمثلة في المحتوى المحلي والثورة الصناعية الرابعة ، نظرًا لأهميتها في تمكين القطاعات الرئيسية من تحقيق أهدافها الاستراتيجية المحددة مسبقًا.

من خلال 33 مبادرة لوجستية ، يسعى البرنامج الوطني لتنمية الصناعات التحويلية إلى تطوير الصناعات النوعية ، وزيادة الصادرات غير النفطية، وتقليل الواردات، ورفع مساهمة القطاعات المستهدفة في الناتج المحلي الإجمالي، وخلق فرص عمل رئيسية ، وتحسين الميزانيات التجارية للسعودية  ، وتعظيم المحتوى المحلي، وجذب الاستثمارات الأجنبية ، كما يسعى البرنامج إلى تحفيز استثمارات تزيد قيمتها عن 1.7 تريليون ريال سعودي، ورفع الصادرات غير النفطية إلى أكثر من تريليون ريال سعودي ، وتطوير سوق العمل من خلال خلق 1.6 مليون فرصة عمل جديدة.

 ويسعى البرنامج إلى تحقيق أهدافه من خلال تطوير بنية تحتية على مستوى عالمي لقطاعاته، وتصميم سياسات ولوائح جديدة لإطلاق القيمة، وزيادة القيمة من موارد السعودية وتحسين الاتصال العالمي والوصول إلى الأسواق بشكل كبير، كل ذلك بهدف تطوير ميزة نسبية مستدامة تضع السعودية في طليعة جاذبية الاستثمار، إذ يركز البرنامج أيضًا على ركيزتي التمكين للمحتوى المحلي والثورة الصناعية الرابعة، نظرًا لأهميتها في تمكين القطاعات الرئيسية من الوصول إلى أهدافها الاستراتيجية المحددة مسبقًا.

و من الجدير بالإشارة، وضع البرنامج استراتيجية لضمان النجاح المستقبلي للمناطق الاقتصادية الخاصة  و تحديد الخدمات اللوجستية والتعدين والطاقة والصناعة، كقطاعات يمكن أن تستفيد من هذه المناطق، كما يقوم البرنامج تطوير مجموعات تتماشى مع استراتيجية الصناعة الوطنية ، مثل تلك الخاصة بالسيارات والأدوية والآلات ومصادر الطاقة المتجددة وتجهيز الأغذية والبلاستيك ومواد البناء ، علاوة على ذلك ، يلاحظ البرنامج أن الخدمات الرقمية والمهنية وشركات السياحة والترفيه ، ستستفيد من مساحاتها الخاصة، و سيكون لمناطق التجارة الحرة الصناعية، و مناطق التجارة الحرة الخدمية ، مناطق الغرض الواحد، سيكون لها قانون تأسيس معياري معتمد مسبقًا، إذ سيكون لدى مجلس الإشراف الوطني للمناطق الاقتصادية الخاصة لجان استشارية لكل نموذج أصلي، ويقدم المشورة ويقود عملية الموافقة للكيانات التي ترغب في أن تصبح مناطق اقتصادية خاصة مرخصة .

في الختام إن الفرص في التجمعات الصناعية الكبرى، تمثل أحد الأهداف الرئيسية لاستراتيجية التنمية الوطنية لرؤية السعودية 2030 في إنشاء نظام صناعي مستدام وتنافسي ومتنوع مدفوع بنشاط القطاع الخاص، و يتم دعم تحقيق هذا الهدف من خلال الاستراتيجية الصناعية الوطنية، والتي تحدد برنامجًا لتعزيز التصنيع المحلي والصادرات و تشغيل الأيدي العاملة الوطنية و الابتكار و توفير الاحتياجات المحلية للمدن، من خلال تعزيز تنمية الصناعات الاستراتيجية، وأيضاً من خلال إنشاء مجموعات تصنيع متخصصة تتضمن العديد من الفرص الاستثمارية مثل الأدوية والتكنولوجيا الحيوية، مجموعة التعدين، الكتلة الكيميائية، السيارات وتجهيز الأغذية.


 

مقالات لنفس الكاتب