استضافت اَلْمَمْلَكَة اَلْعَرَبِيَّةِ اَلسُّعُودِيَّةِ في العشرين من أكتوبر الماضي، اجتماع القمة الأول من نوعه بين دول مجلس التعاون الخليجي ودول رابطة جنوب شرق آسيا للتعاون الإقليمي (الآسيان). في وقت بالغ الأهمية ليس فقط بالنسبة للطرفين، ولكن فيما يتعلق بالتطورات الإقليمية وارتباطاتها الدولية في كل من الشرق الأوسط وجنوب شرقي آسيا. بحيث انعكست الظروف الإقليمية والدولية، وكذلك الأهمية الاقتصادية والجيو استراتيجية للطرفين على كلمة الأمير مُحَمَّدْ بْنْ سَلْمَانْ، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء بالمملكة العربية السُّعُوديَّة، وكذلك البيانات الختامية الصادرة عن القمة.
ففي كلمة سموه بالجلسة الافتتاحية للقمة ركز الأمير مُحَمَّدْ بْنْ سَلْمَانْ، على شقين. فإضافة إلى الرسائل العديدة التي تضمنتها الكلمة فيما يتعلق بتطوير العلاقات المتبادلة بين الجانبين في المجالات الاقتصادية وتنسيق المواقف في المحافل الدولية وارتباط ذلك برؤية اَلْمَمْلَكَة 2030، فإن الجانب السياسي الأهم في الكلمة، والذي حضر في القمة بشكل عام، هو المتعلق بالأزمة الراهنة في قطاع غزة في ضوء الحرب الإسرائيلية الشرسة غير المسبوقة على القطاع، مما دفع بالمشاركين لإصدار بيان مستقل بشأن تطورات الأوضاع في غزة، هذا بالإضافة إلى البيان الصادر عن القمة. ويُشكل صدور هذا البيان نجاحًا مهمًا لرئاسة القمة فيما يتعلق بالقدرة على حشد الدول للحصول على دعم وتأييد للرؤية السُّعُوديَّة فيما يتعلق بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
الأزمة في قطاع غزة إنسانيًا وسياسيًا:
عكست كلمة سمو الأمير مُحَمَّدْ بْنْ سَلْمَانْ، رؤية اَلْمَمْلَكَة بشأن الأزمة في قطاع غزة، والتي حرصت على توضيحها للجميع، ليس فقط القادة المشاركين في القمة، ولكن حرصت الرياض على التأكيد عليها من اليوم الأول للأزمة؛ من خلال التأكيد على الرفض القاطع لاستهداف المدنيين بأي شكل من الأشكال وتحت أي مبرر، مع التأكيد على أهمية احترام القانون الدولي الإنساني ووقف العمليات العسكرية ضد المدنيين والبنية التحتية، وفيما يتعلق بحل القضية الفلسطينية فقد أكد الأمير مُحَمَّدْ بْنْ سَلْمَانْ في كلمته على أهمية تهيئة الظروف الملائمة للتوصل لحل عادل للقضية الفلسطينية من خلال إقامة دولة فلسطينية على حدود 67.
وبذلك فقد تبنت القيادة السُّعُوديَّة اقترابًا شاملًا فيما يخص الأزمة، من خلال المزج بين بعدي الأمن الإنساني والسياسي. وبالتركيز على الشق الأول فقد كان هناك تأكيد على رفض أي شكل لتهديد الأمن الإنساني للأفراد بكافة أبعاده.
وقد انعكس هذا النهج الإنساني على البيان المستقل المتعلق بتطورات الأوضاع في غزة، والذي كان شديد الوضوح والحزم، إذ جاء البيان في خمسة مواد تعلقت الثلاث الأولى منها باحترام ضمان حماية الأمن الإنساني من حيث التأكيد على إدانة كافة الهجمات ضد المدنيين، وضمان وصول المساعدات الإنسانية للمدنيين، مع التأكيد على دعوة الأطراف كافة إلى حماية المدنيين والامتناع عن استهدافهم مع التأكيد على ضرورة الالتزام بمبادئ اتفاقية جنيف بشأن حماية المدنيين أوقات الحروب، وكذلك الإفراج الفوري عن كافة الرهائن من المدنيين. وبذلك فقد تم التأكيد من خلال البيان على أسبقية الأمن الإنساني بشقيه السياسي والاقتصادي "التحرر من الحاجة والتحرر من الخوف".
وبالإضافة إلى الجوانب الإنسانية أكد البيان على أن حل القضية سيكون على أساس حل الدولتين وفقًا لحدود 67. وكذلك دعم مبادرة اَلْمَمْلَكَة اَلْعَرَبِيَّةِ اَلسُّعُودِيَّةِ والاتحاد الأوروبي والجامعة العربية والرامية إلى حل النزاع الفلسطيني وفقًا للقانون الدولي وجميع قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة.
كلمة الأمير مُحَمَّدْ بْنْ سَلْمَانْ، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، وكذلك الحرص على صدور بيان مستقل يوضح نجاح القيادة السُّعُوديَّة في توضيح عدد من الرسائل بخصوص الأزمة في قطاع غزة، رغم أن القمة كان موضوعها الأساسي تطوير العلاقات بين الجانبين. أحد أهم الرسائل هي النجاح في تحقيق حشد دولي وخلق توافق، رغم اختلاف التوجهات بين الدول المشاركة، بشأن مجموعة من المبادئ بشأن الحرب في غزة، وهي المبادئ التي تتوافق بصورة كلية مع الرؤية السُّعُوديَّة التي عبرت عنها كلمة الأمير مُحَمَّدْ بْنْ سَلْمَانْ، خاصة أن القمة شارك فيها كافة دول جنوب شرقي آسيا العشر. وفي هذا السياق فقد أكد الرئيس جوكو ويدودو، رئيس جمهورية إندونيسياـ عن قلقه العميق من تطورات الموقف في غزة، مؤكدًا على أن "الإنسانية هي الأولى في هذه اللحظة".
رسالة أخرى تمثلت في التأكيد على الموقف الواضح تجاه الأزمة والحرص على التأكيد أمام العالم ـ الموقف السُّعُوديَّ من القضية الفلسطينية ـ خاصة أن البيان المستقل بشأن التطورات في قطاع غزة جاء امتدادًا للبيان الختامي للقمة والذي أكد على بعض الثوابت؛ حيث أكدت المادة الأولى على تضافر الجهود لتحقيق السلام والأمن والاستقرار والازدهار، مع التأكيد على أهمية الالتزام بالقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، وكذلك الامتناع عن استخدام القوة أو التهديد باستخدامها، مع أهمية تسوية الخلافات بالطرق السلمية.
وإجمالًا، فقد جاءت نتائج القمة متوافقة مع الموقف السُّعُوديَّ الثابت بشأن القضية الفلسطينية وخاصة "المبادرة العربية للسلام" والتي طرحتها اَلْمَمْلَكَة اَلْعَرَبِيَّةِ اَلسُّعُودِيَّةِ عام 2002م، والتي دعت إلى إنشاء دولة فلسطينية على حدود العام 1967م، وعاصمتها القدس الشرقية، بناء على قرار مجلس الأمن رقم 181.
قمة الخليج-الآسيان وتعزيز الشراكات:
تاريخ انعقاد قمة الآسيان-الخليج الأولى كان محددًا قبل اندلاع الأزمة في قطاع غزة، وذلك في إطار الحرص على تعزيز الشراكات مع التجمعات الإقليمية الفاعلة، خاصة في ظل الأهمية الاقتصادية والجيو استراتيجية لكل من منطقة الخليج وجنوب شرقي آسيا؛ حيث تأتي القمة في ظل الزخم الذي اكتسبته علاقات الجانبين خاصة في ظل توقيع دول مجلس التعاون الخليجي على وثيقة الانضمام لمعاهدة الصداقة والتعاون في جنوب شرق آسيا مع الآسيان.
وفي كلمته فيما يتعلق بالعلاقات بين الجانبين حرص الأمير مُحَمَّدْ بْنْ سَلْمَانْ، على الربط بين التعاون في تحقيق التنمية وترسيخ الأمن والاستقرار. والتي تعكس الرؤية السُّعُوديَّة في إطار علاقاتها الدولية بحيث لا يمكن فصل التنمية الاقتصادية عن تحقيق الأمن والاستقرار للشعوب والدول المختلفة. فتحقيق التنمية وتطوير العلاقات والشراكات الاقتصادية لا يمكن أن يتحقق دون مراعاة لأمن الشعوب والمجتمعات.
هذا الاقتراب يظهر بوضوح في علاقات اَلْمَمْلَكَة الدولية. وقد أوضح الأمير مُحَمَّدْ بْنْ سَلْمَانْ، ذلك بشكل أكبر من خلال استعراض التطور في العلاقات الاقتصادية بين الجانبين سواء فيما يتعلق بالعلاقات التجارية أو الاستثمارات المتبادلة، مع التأكيد على التطلع للمزيد من التطوير في مجالات العلاقات المختلفة، مع ربط ذلك بالتنسيق في المواقف في المحافل الدولية بما يعكس الحرص على تعزيز المصالح المشتركة.
وقد تم خلال القمة تدشين خطة عمل مشتركة لمدة خمس سنوات (2024-2028م)، والتي أكد سمو الأمير مُحَمَّدْ بْنْ سَلْمَانْ، على أنها ترسم خريطة طريق واضحة لما تسعى اَلْمَمْلَكَة اَلْعَرَبِيَّةِ اَلسُّعُودِيَّةِ للوصول إليه من تعزيز التعاون والشراكة في مختلف المجالات وبما يخدم مصالح مختلف الأطراف. بما يؤكد الحرص على الشمولية في تحقيق مصالح كافة الأطراف في إطار التعاون المستقبلي بين الطرفين. وهو ما يفتح آفاقًا جديدة للتعاون بين الجانبين، فرغم أن التعاون بين الجانبين قديم، فقد انطلق الحوار الاستراتيجي بين دول الخليج ودول آسيان في مايو 2009م، إلا أن القمة الأخيرة تُشكل بداية مرحلة جديدة في تعاون الجانبين. حيث يُشكل الناتج المحلي الإجمالي للجانبين أكثر من 5 تريليون دولار، كما يتجاوز عدد السكان نحو 700 مليون نسمة. وقد شهدت القمة اقتراح رئيس وزراء ماليزيا أنور إبراهيم إبرام اتفاقية تجارة حرة بين الجانبين، ليكون هذا الاتفاق هو الأول من نوعه بين الجانبين. مؤكدًا على أهمية هذا التعاون في ظل حالة الغموض السياسي الذي تشهده المنطقة. وبذلك يهدف الجانبان إلى تعزيز التقدم الاقتصادي وتسريع النمو الاقتصادي وتوطيد الشراكات الاستثمارية الدولية وتعزيز السلام والاستقرار الدوليين. وفي ظل الحرص من قبل القادة المشاركين في القمة على تعميق المصالح المشتركة وتنسيق المواقف فقد تم الاتفاق على دورية انعقاد القمة بحيث تُعقد مرة كل عامين.
تأكيد كلمة صاحب السمو الملكي الأمير مُحَمَّدْ بْنْ سَلْمَانْ ولي العهد رئيس مجلس الوزراء بالمملكة، على ضمان أمن واستقرار الشعوب يأتي في وقت يزداد فيه التنافس الإقليمي والدولي في المنطقتين في ضوء الأهمية الجيو استراتيجية لكل من منطقة الخليج وجنوب شرقي آسيا. خاصة أن الحرب الروسية / الأوكرانية والتنافس الصيني / الأمريكي أعادت التأكيد على أهمية جنوب شرقي آسيا في إطار صراعات القوى الكبرى، بما يعكس الحرص على ضمان الأمن والاستقرار في منطقة المحيط الهادئ والشرق الأوسط، في ظل وجود ترابط بين الأمن في المنطقتين، نظرًا للمصالح المشتركة بين الجانبين. وبذلك يصبح تعزيز وحماية هذه المصالح أكثر إلحاحًا في ظل حالة الغموض وعدم اليقين على المستوى الدولي.
كما أولت الكلمة اهتمامًا بأهمية التعاون بين الجانبين في المجال الاقتصادي والشراكة في التنمية، إذ تًعدّ كل من منطقة الخليج وجنوب شرقي آسيا من المنطقة المهمة اقتصاديًا. فقد بلغ معدل النمو الاقتصادي لدول مجلس التعاون الخليجي العام الماضي 7.5%، كما بلغ معدل النمو الاقتصادي لدول آسيان العشر 5.3%. وهو أعلى من متوسط النمو على المستوى العالمي. وخلال الفترة من يناير 2016م، وحتى سبتمبر 2021م، بلغت استثمارات دول الخليج في دول جنوب شرق آسيا العشر نحو 13.4 مليار دولار.
وتُبدي دول الآسيان اهتمامًا كبيرًا بمنطقة الخليج في ظل القدرات الاقتصادية والمقدرات المهمة من مصادر الطاقة لدول الخليج. مما يمكن أن يساعد في تحقيق أمن الطاقة في دول الآسيان. كما تقدر دول الخليج الأهمية الجيوسياسية لمنطقة جنوب شرق آسيا.
هذا التعاون في المجالات المختلفة يزداد أهمية في ظل الديناميكية الشديدة لكل من منطقة الخليج ومنطقة جنوب شرق آسيا في ظل تزايد التنافس وأجواء الاستقطاب الدولي وتأثر كلتا المنطقتين بهذا التنافس. ومن ثم فمن شأن التنسيق بين الجانبين المزيد من توحيد المواقف في ظل أجواء التنافس والاستقطاب الدولي. خاصة أن هذا التنافس الدولي من شأنه فرض المزيد من التهديدات التي تتطلب قدرًا أكبر من التعاون. ففي ضوء التطورات والتغييرات التي تشهدها البيئة الدولية فمن شأن تلك التحركات مع التكتلات المهمة على مستويات إقليمية عدة تبني مواقف متقاربة فيما يتعلق بالموقف من تلك التطورات والتحولات الدولية، بما يُسهم في حماية مصالح تلك الدول بعيدًا عن التنافسات والصراعات بين القوى الكبرى.
قمة الخليج-الآسيان ورؤية اَلْمَمْلَكَة 2030:
الحرص على تعزيز الشراكات في المجالات التنموية المختلفة مع التجمعات الإقليمية والدولية لا يمكن فصله عن رؤية "اَلْمَمْلَكَة 2030"، والتي تقوم على تنويع الاقتصاد مع تقليل الاعتماد على مصادر الطاقة، وتطوير الشراكات في المجالات المختلفة، وتوطين الصناعات الدفاعية، وغير ذلك. حيث اتخذت اَلْمَمْلَكَة خطوات فيما يتعلق بتنويع شبكة تحالفاتها الدولية، مع التركيز على بناء وتطوير الشراكات الاستراتيجية القائمة.
ومع انتهاء نصف المدة الزمنية منذ طرح الرؤية فقد أسهمت التحركات السُّعُوديَّة في تحقيق العديد من الأهداف والتي انعكست على تعزيز مكانة اَلْمَمْلَكَة إقليميًا ودوليًا، وزيادة التأثير فيما يتعلق بالعديد من الأزمات الإقليمية والدولية.
وفي هذا السياق فقد جاءت قمة الآسيان-الخليج الأولى بعد ثلاثة أشهر من استضافة اَلْمَمْلَكَة لقمة شبيهة، مع الجمهوريات الإسلامية في آسيا الوسطى. وفي مايو الماضي استضافت اَلْمَمْلَكَة القمة العربية والتي شكلت نقطة تحول مهمة فيما يتعلق بمشاركة الرئيس السوري بشار الأسد بما شكل عودة سوريا للنظام الإقليمي العربي، وكذلك مشاركة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، كما تلا ذلك استضافة اَلْمَمْلَكَة اَلْعَرَبِيَّةِ اَلسُّعُودِيَّةِ لمباحثات جدة بشأن الأزمة الأوكرانية والتي شكلت منعطفًا مهمًا في الدور الدبلوماسي ونفوذ اَلْمَمْلَكَة؛ فقد كان لاستضافة اَلْمَمْلَكَة للاجتماع دلالات مهمة لم تقتصر على مستوى الأزمة الأوكرانية أو حتى المستوى الإقليمي، ولكن الدلالات الأهم ارتبطت بتأثيرها على المستوى الدولي. خاصة في ظل النجاح المهم للقمة فيما يتعلق بمشاركة مُمثل الصين وكذلك عدد الدول التي شاركت؛ وخاصة من دول الجنوب. كما شهدت الفترة الأخيرة دورًا سُّعُوديَّا مهمًا في العديد من الأزمات الإقليمية والدولية من خلال التوسط بين الأطراف المختلفة.
وقد ثّمن سمو الأمير مُحَمَّدْ بْنْ سَلْمَانْ، في كلمته الدعم الذي قدمته دول جنوب شرقي آسيا فيما يتعلق بالطلب السُّعُوديَّ لاستضافة "أكسبو 2030 " والذي يُعدّ أحد المنصات العالمية الأكثر تأثيرًا، ومن المتوقع أن يُعقد خلال الفترة من بداية أكتوبر 2030م، وحتى نهاية مارس 2031م، بما يتزامن مع توقيت انتهاء رؤية اَلْمَمْلَكَة 2030. حيث تُشكل الفاعلية فرصة مهمة لعرض أحدث الإنجازات والتقنيات، مع الترويج للتعاون في مجالات التنمية الاقتصادية وغيرها. وتخصص تلك النسخة من الفاعلية لثلاثة موضوعات فرعية هي: غد أفضل، العمل المناخي، والازدهار للجميع.
وختامًا، تعكس كلمة الأمير مُحَمَّدْ بْنْ سَلْمَانْ، ولي العهد السُّعُوديَّ، خلال القمة الأولى من نوعها بين دول مجلس التعاون الخليجي ودول رابطة الآسيان، رؤية اَلْمَمْلَكَة فيما يتعلق بالمصالح والتحديات المشتركة والآفاق المستقبلية للتعاون. وفي ظل ما شهده اجتماع القمة من تدشين اتفاق الشراكة بين الجانبين كإطار للتعاون لمدة خمس سنوات مقبلة تُشكل القمة فرصة لتعزيز التعاون المشترك لتعظيم الاستفادة من الخبرات المختلفة بين الجانبين، فخطة العمل المشتركة للسنوات الخمس المقبلة من شأنها الارتقاء بعلاقات الجانبين واستكشاف الفرص الجديدة للتعاون في كافة المجالات؛ فعلى سبيل المثال شهدت منطقة جنوب آسيا أزمات مالية تمكنت من التعافي منها وفي ظل تكرار الأزمات الاقتصادية والصحية يمكن لتبادل الخبرات بين الجانبين تحقيق استفادة مهمة. خاصة أن كلًا من اَلْمَمْلَكَة اَلْعَرَبِيَّةِ اَلسُّعُودِيَّةِ وإندونيسيا من ضمن الدول الأعضاء في مجموعة العشرين. كما توجد العديد من مجالات التعاون المشتركة خاصة في ظل الروابط المهمة بين الجانبين، ومن ذلك فإن أكثر من 40% من سكان جنوب شرقي آسيا من المسلمين.
كما تعكس نتائج القمة إدراكًا لطبيعة التهديدات الاقتصادية والجيو استراتيجية التي يواجهها الجانبان، وكذلك وجود رؤية بشأن المصالح التي يمكن تحقيقها من خلال التعاون المشترك وضرورة تحقيق ذلك في ظل تزايد المنافسة الدولية وانعكاساتها على مصالح الجانبين، والأهم هو توحيد المواقف في المحافل الدولية وتبني مواقف داعمة لكل طرف وهو ما اتضح فيما يتعلق بالبيان الخاص بالأزمة في قطاع غزة.
وفي ظل التزايد في درجة الغموض بشأن العديد من الأزمات الدولية، وكذلك التزايد في التحديات التي تواجهها كل من منطقة الخليج وجنوب شرقي آسيا في المجالات المختلفة والتي تتطلب درجة أكبر من التنسيق الدولي بشأنها تصبح الحاجة أكثر إلحاحًا لتعميق الشراكات الإقليمية وبما يُسهم في المزيد من التنسيق الدولي في مواجهة العديد من التحديات.
وبما يتوافق مع أهداف رؤية اَلْمَمْلَكَة 2030، تعكس استضافة اَلْمَمْلَكَة لهذه القمة وما توصلت إليه من نتائج حرص القيادة السُّعُوديَّة على الالتزام بمستهدفات القمة فيما يتعلق بتنويع الشراكات والتحالفات وتنويع مصادر الدخل القومي للبلاد، وهو ما يصب في تعزيز مكانة اَلْمَمْلَكَة على المستويات المختلفة.