array(1) { [0]=> object(stdClass)#12962 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 192

الممرات الاقتصادية بعيدة عن أولويات الكويت للتركيز على قضايا محلية لا تنموية

الخميس، 30 تشرين2/نوفمبر 2023

بسبب أن دول الإقليم الأوسع تبحث جادة عن التنمية المستدامة والاستقرار  لشعوبها، وهو إقليم يمتد من شرق آسيا مرروًا بالهند والخليج و من ثم الشرق الأدنى وأوروبا، فقد بدا التفكير في الممرات الاستراتيجية التي تربط هذه الدول  منذ فترة، مع توسع التجارة العالمية و تطور الصناعات من أجل تبادل أفضل واسرع للبضائع والخدمات، ربما كانت الصين سباقة في طرح فكرة الممرات في مبادرتها المعروفة طريق الحرير والحزام، إلا أن الفكرة من جديد أحييت في مؤتمر دول العشرين الذي عقد في نيودلهي - الهند في سبتمبر 2023م، وعلى الرغم من الأهمية الاقتصادية القصوى لهذا المشروع و غير المنازع عليها، إلا أن أحداث 7 أكتوبر 2023م، بين غزة و إسرائيل ( أحد المواقع المقترحة للممر) قد أحدثت ( هزة) في المشروع، و مدى إمكانية تحقيقه على الأقل في المدى المنظور ، خاصة مروره بإسرائيل، وهو هدف ليس إسرائيلي ولكن أمريكي أيضًا، لذلك فإن الوقت قد يتأخر قبل تحقيق ذلك المشروع الطموح، ومن جهة أخرى فإن الخلاف الكويتي / العراقي الذي تفجر في الأشهر الأخيرة حول ( خور عبد الله) والذي وقعت اتفاقية نافذة حوله عام 2013م، بين الطرفين ومن ثم ابطلته المحكمة الاتحادية العراقية في 14 سبتمبر 2023م، رغم استناده على  اتفاقية 2013م، وعلى قرارات مجلس الأمن و مصادقة الحكومة العراقية وقتها على ذلك الاتفاق، مما ينشئ عقبة أخرى في التقدم في المشروع إلى الأمام، هذا إذا أخذنا بعين الاعتبار أن المشروع الأخير ابتعد عن إيران، مما أثار حفيظة الدولة الإيرانية وهناك من المراقبين من يرى أن ( حرب غزة) كان أحد أهدافها تعطيل المشروع !!  .

المشروع وأهميته:

في قمّة العشرين تلك، التي انعقدت في نيودلهي عاصمة الهند، تم الإعلان عن إنشاء ممر اقتصادي يربط بين منطقة الخليج والهند وأوروبا. وبحسب ما جاء في بيان القمة المنشور، يهدف هذا الممر الجديد والحيوي إلى ربط منطقة الخليج عبر محورين، أحدهما بالهند والآخر بأوروبا جنوبًا وشمالًا ويكون ربطاً شاملاً لاقتصاديات هذه الدول، بحيث يتضمن خطوط سكك حديدية، وربطاً بحرياً عبر الموانئ عن طريق البواخر، وربطاً عبر ألياف وكابلات بحرية للمواصلات والاتصالات، ومد خطوط إمدادات الطاقة ونقل الغاز والنفط بين المنتج والمستهلك ممن يعزز الأمن الاقليمي. ومن أبرز الدول الموقعة على مذكرة التفاهم الخاصة بالممر: المملكة العربية السعودية، والولايات المتحدة، والهند، وألمانيا، وإيطاليا، وفرنسا، ودولة الإمارات، واهتمام الولايات المتحدة بهذه المشروع ربما ناشئ من التنافس التجاري / السياسي بينها وبين الصين، كما أن حرب أوكرانيا قد يكون لها عامل دفع في الفكرة، حيث توفر لأوروبا مصدرًا آمنًا للطاقة وسوقًا خصبًا لمنتجاتها.

وبطبيعة الحال، كان لابد أن يثير الإعلان عن الممر الجديد حالة من الجدل الواسع، بشأن أهدافه الحقيقية، وجدواه الاقتصادية، وإمكانية تنفيذه، وانعكاساته السلبية، خاصة على مبادرة الحزام والطريق الصينية، وممر قناة السويس، وإمكانية التطبيع السياسي بين المملكة العربية السعودية وإسرائيل، وهو جدل خف كثيرًا بعد اشتعال الحرب في فلسطين والتي ربما قد تخلط الأوراق لفترة زمنية قادمة في هذا الملف الاقتصادي الهام.

نقلت كتابات عن محطة البي بي س العربية على موقعها بعد الإعلان مباشرة عن المشروع أن جدلًا في وسائل التواصل الاجتماعي في كل من مصر ولبنان ودول أخرى حول جدوى المشروع والمعايير التي تم اختيار الدول التي سوف يمر بها المشروع، وأيضًا على الجانب المصري ظهرت مخاوف عن تأثير ذلك اقتصاديًا على الممر المائي الحيوي في مصر وهو قناة السويس، اما الاعتراضات في لبنان فقد جاءت أساسًا من الزاوية السياسية وهي تضمين إسرائيل في المشروع وإبعاد كل من سوريا وإيران! وربما كان ذلك بإيعاز من طهران التي لم تكن قد ضمت في هذا المشروع رغم قربها الجغرافي. 

سيساهم الممر الجديد، إن تم بحسب تصريحات الدول الموقعة عليه، ولم يتعطل بسبب الاضطرابات الشاخصة في الشرق الأوسط، سوف يساهم في تحقيق إحداث طفرة تجارية واقتصادية هائلة على طول الممر الجغرافي المذكور، كما سيضع منطقة الخليج على الخريطة العالمية كمنطقة شديدة الحيوية، لاسيما على المستوى البحري. بالإضافة إلى مزايا استراتيجية أخرى، من بينها تسهيل حركة نقل الطاقة التقليدية والمتجددة كالهيدروجين الأخضر، وإحداث تطوير هائل لنقل البيانات والاتصال الرقمي عبر الكابلات والألياف البحرية المتطورة وكذا نقل المنتجات المختلفة للدول بكلفة أقل، وتنشيط غير مسبوق للنقل الجوي.

لكن بالرغم من هذه المزايا الاقتصادية والتنموية الطموحة المتوخاة من الممر، فإن الأمر لا يخلو من بعض الجوانب الجيوسياسية لدى بعض أعضاء الممر، ونعني تحديداً المبادرين والمروجين الرئيسيين للممر، وهما الولايات المتحدة والهند، كما تنظر كل من إسرائيل والولايات المتحدة إلى المشروع من الجانب السياسي، وأساسه إدماج الأولى في اقتصاديات الشرق الأوسط، وهو أمر بعد أحداث 7 أكتوبر في غزة قد يكون أبعد زمنيًا مما تصور المخططون للمشروع.

يضاف هذا الممر إلى قائمة المبادرات التي لم تتوانَ إدارة بايدن، منذ مكوثها في البيت الأبيض، عن طرحها، كمبادرة بناء عالم أفضل التي طرحها في قمة مجموعة السبع عام 2021م، لتقويض مبادرة الحزام والطريق الصينية، التي تعدها واشنطن أحد أكبر التهديدات التي تواجهها الهيمنة الأمريكية على النظام الدولي. إذ نعتقد أن مبتغى واشنطن الرئيسي، بالرغم من استفادتها من الممر الجديد، لاسيما على مستوى ملف الطاقة، هو في المقام الأول ضرب مبادرة الحزام والطريق في مقتل وتعويق التقدم الصيني والذي بدى أخيرًا أنه يعاني من مشكلات اقتصادية في الداخل، مع طموح معلن للعب دور استراتيجي في المنطقة.

وتشارك الهند الولايات المتحدة في هذا المسعى الذي يبتغي تعويق الصين، بسبب الخلاف الحدودي التاريخي بين البلدين، والذي قاد في وقت ما إلى أكثر من حرب محدودة، لكنّ للهند منطلقات أخرى مختلفة تماماً. إذ تعد مبادرة الصين «الحزام والطريق»، أكبر تهديد لها على النفوذ في منطقة المحيط الهندي وبحر العرب والخليج، وكذلك إزاء طموحاتها السياسية والاقتصادية في منطقة الخليج العربي الذي يُشغل عمالة هندية يقدرها البعض بعشرة ملايين يد عاملة فنية وشبه فنية. كما أنها سوق ترويجي هام للبضائع الهندية.

وبالرغم من الطموح الواسع للمبادرة حال تنفيذها، فإن من الصعب أن تكون منافساً قوياً لمبادرة الحزام والطريق، أو بالأحرى من الصعب أن تقوضها تماماً. وذلك لاعتبارات رئيسية عدة، على رأسها حجم المبادرة والتمويل المرصود لها من الدولة الصينية، والمقدر بنحو 3 تريليونات دولار أمريكي بحلول عام 2050م، وتغلغل المبادرة بمشاريعها في البنية التحتية في العالم، وخاصة في إفريقيا ومنطقة الخليج بشكل واسع، وأخيراً اضطلاع الصين وحدها بتمويل المبادرة دون عبئ على الشركاء.

على عكس الممر الجديد، نجده في المقابل بأن تمويله سيكون مشتركاً بتريليونات الدولارات بين الدول الموقعة بما فيها دول الخليج، مما يحول دون تنفيذه بالصورة المرجوة، كمثل  مبادرة بناء عالم أفضل التي طرحتها الولايات المتحدة، والتي لم تتحرك خطوة واحدة نحو التنفيذ، فضلاً عن أن تمويل الممر الجديد لن يضاهي مطلقاً تمويل مبادرة الحزام والطريق وقد رصد للأخير ميزانية ضخمة كما سلف، وليس فقط بسبب ضخامة التمويل، لكن أيضاً بسبب ما يعانيه أعضاء الممر المقترح من أزمات مالية طاحنة، كما في الهند والولايات المتحدة على السواء . والأهم من ذلك، أن أعضاء الممر، كالسعودية وإيطاليا، هم أعضاء رئيسيون أيضاً في الحزام والطريق، ويصعب فك ارتباطهم مع الحزام والطريق، بسبب تغلغل مشاريع المبادرة في خططهم للتنمية والتطوير في بلادهم.

من جانب أخر يرى البعض أن الممر الاقتصادي الجديد إن تم سوف يساهم في زيادة المنافسة الإيجابية مع مبادرة الحزام والطريق، وليس تقويضها تاما لها، وهذا يصب في مصلحة جميع الأطراف، خاصة دول الخليج التي سوف تحصل على هامش أسع للمناورة في القضايا الحيوية التي تخصها. وأخيراً، سيعزز من التجارة في منطقة البحر الأحمر والخليج العربي، مما يساهم في زيادة نشاط قناة السويس، وهي مهمة للاقتصاد المصري الذي يحتاج إلى دعم في مرحلة حرجة من خططه التنموية، ولن يجعل السويس ممراً تاريخياً يمكن الاستغناء عنه عالميًا كما يجادل البعض.

في قمة مجموعة العشرين المشار إليها سلفًا، وقّعت السعودية مذكرة تفاهم مع الولايات المتحدة لإنشاء ذلك الممر الاقتصادي الذي يربط بين الهند وأوروبا. شارك في توقيع مذكرة التفاهم كل من الهند، والاتحاد الأوروبي، ودولة الإمارات، وفرنسا، وألمانيا، وإيطاليا. وقد وُصف هذا الحدث بأنه محوري وتحول هام وتاريخي في الخريطة اللوجستية العالمية. هذه المذكرة كان انطلاق فكرتها من خلال قمة جدة يوليو عام 2022م، والتي حضرها الرئيس الأمريكي مع قادة مجلس التعاون ومصر والأردن والعراق، واستكملت الفكرة بعدها للعمل لصياغة اتفاق موسع بما يواءم مع احتياجات وطموحات الدول المشاركة ودول الإقليم.

ما هي الممرات الاقتصادية؟ وما هي الفائدة التي ترجوها الدول المشاركة من استحداث الممر الاقتصادي بين الهند وأوروبا؟

تهدف الممرات الاقتصادية إلى توفير روابط لوجستية آمنة بين الدول المشاركة فيها لتحقيق التكامل الاقتصادي، مما يسهم في الارتقاء بالبنى التحتية لهذه الدول من خلال بناء شبكات طرق وسكك حديدية وتطوير الموانئ لزيادة تدفق السلع بين الدول وتعزيز التبادل التجاري فيما بينها بهدف إشاعة الامن الإقليمي من خلال التعاون الاقتصادي. تصاحب ذلك زيادة في الوظائف المتوفرة في كل بلد وزيادة فرص الاستثمار وإنشاء شراكات متعددة الجنسية بين الجهات الحكومية والقطاع الخاص، أي أن هذا الممر يخلق حراكاً اقتصادياً من بداية إنشائه حتى تشغيله في المستقبل. ولا يمكن إغفال الجانب الاستراتيجي، فالممرات الاقتصادية الفعّالة يجب أن تكون بين دول مستقرة سياسياً وصديقة، وعلى وفاق بعضها مع بعض في معظم الملفات العالمية، ويلاحظ أن روسيا في الآونة الأخيرة عمدت إلى تفعيل (ممر النقل بين الجنوب والشمال) مع دول أوراسيا لزيادة تدفق السلع بين هذه الدول، وتقليل الاعتماد على التبادل التجاري مع الغرب بعد أن بينت حرب أوكرانيا مدى هشاشة الوفاق الروسي / الأوروبي وتعطل المصالح بين دوله.

ما يضاف إلى الممر الاقتصادي بين الهند وأوروبا، أنه يتعدى خطوط النقل إلى مشاريع الطاقة المتجددة، وشبكات الإنترنت وغيرها من الابتكارات الحديثة. أي أنه صُمم ليكون شراكة استراتيجية ومتطورة لجميع الدول المشاركة فيه يربط بين آسيا وأوروبا. ويبني على شبكة التعاون بين دول الخليج كما هو معروف في التعاون المتميز بين مواني الإمارات وبين ميناء جدة الإسلامي، كما تفكر الإمارات في إنشاء ممر يربطها بالكويت والبصرة ومن ثم تركيا، وقد بدأت النقاش حوله منذ أشهر.

وعلى الرغم من أن الممر الاقتصادي بين الهند وأوروبا صُمم ليخدم جميع الدول المشاركة فيه بشكل متساوٍ، فإن كل دولة لها منفعة إضافية من إنشائه. ابتداء من الهند، التي تطمح إلى أن يزيد هذا الممر من تبادلها التجاري مع أوروبا بنسبة 40 في المائة، ويزيد من تدفق العمالة الهندية إلى دول الخليج الطامحة لتطوير بنيتها التحتية وبسرعة قياسية، إما من خلال تصدير ما تمتلكه من فائض في سعتها الإنتاجية، أو من خلال نقل صناعات وتقنية من الاتحاد الأوروبي إليها. وستمتلك أيضاً ميزة تنافسية على الصين التي تراها منافساً اقتصادياً لها على المستوى العالمي. أما الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة فقد سعيا لفترة طويلة إلى إيجاد مشروع منافس لمبادرة الحزام والطريق الصينية، التي يرون فيها زيادة للنفوذ الصيني وهيمنة المنتجات الصينية الرخيصة على الأسواق. وقد كان ناقوس الخطر لهذه الدول حين انضمت إيطاليا إلى المبادرة الصينية في 2019م، وقد تعلن انسحابها نهاية العام 2023م، ولذلك، فقد استحدثت عام 2020م، مبادرة أسمتها «إعادة بناء عالم أفضل» (Build Back Better World)، قبل أن تعيد تسميتها العام الماضي إلى «الشراكة العالمية للبنية التحتية»، وهي تهدف إلى بناء ممرات اقتصادية لتسهيل تدفق السلع بين الدول، ولا سيما الدول النامية. والدول الغربية التي لا تخفي رغبتها في توسيع تصدير منتجاتها إلى الأسواق الناشئة وفيرة الدخل.

ولا يمكن إنشاء ممر اقتصادي يهدف للربط بين الشرق والغرب دون مشاركة دول الخليج، فهي في قلب الخريطة اللوجستية، ولذلك فإن الممر الاقتصادي قُسّم إلى قسمين منفصلين. الأول ممر الشرق، الذي يربط الهند بالخليج العربي، والثاني ممر الشمال، الذي يربط دول الخليج مع أوروبا. ويتوافق هذا الممر مع توجه المملكة العربية السعودية لتكون مركزاً عالمياً للخدمات اللوجستية العالمية كما تخطط رويتها 2030م، وقد أطلقت المملكة مبادرتها لسلاسل الإمداد العالمية العام الماضي 2022م، وتهدف من خلالها إلى الاستفادة من موقعها الجغرافي المميز، من خلال تطوير الخدمات اللوجستية (الموانئ والمطارات)، والبنية التحتية الرقمية، وإيجاد بدائل تتناسب مع التطورات العالمية في هذا القطاع. والمتابع لرؤية المملكة 2030 يدرك أن المملكة وضعت عينها على هذا الهدف منذ إطلاق الرؤية، وما يحدث اليوم هو السبيل لتحقيق هذه الرؤية الطموحة، التي دعمت هذا المستهدف بسلسلة من المبادرات في قطاعات متعددة.

إن الممر الاقتصادي يقع في قلب المشاريع اللوجستية للسعودية، وهي من أكثر الدول التي لديها القدرة على الإيفاء بالتزاماته ومراحله، بما تملك من خطط لوجستية حالية. كما أنها صرحت بالفعل عن التزامها بـ20 مليار دولار لهذا المشروع. ويمكن القول إن المملكة كانت هي الجزء الذي كان يحتاجه هذا المشروع ليكتمل، فهي مستقرة سياسياً، ولديها القدرة للاستثمار في البنية التحتية، وتملك طموحاً للارتقاء بمكانتها اللوجستية في العالم، والأهم من ذلك كله أنها متوازنة سياسياً وتعمل لمصلحتها ولمصلحة المنطقة، دون الإضرار بمكانة أو اقتصاد أي دولة أخرى.

الممر الجديد

الممر الاقتصادي الجديد سيتم إنشاؤه بتكاليف عالية، ممكن أن تصل إلى 20 مليار دولار. بعدها يفترض أن يختصر زمن نقل البضائع 40%، بين محطاته، لأن النقل براً عن طريق القطارات أسرع بكثير من النقل البحري، وبتكاليف ممكن أن تكون أقل نظراً لاختصار المسافة وتقليل تكلفة التأمين، وعدم الحاجة إلى دفع رسوم قناة السويس التي تتحكم فيها وترفعها السلطات المصرية حسب الحاجة (زادت رسوم قناة السويس 15 % منذ بداية 2023م).

بالرغم من كون النقل البحري وسيلة النقل الأكثر جدوى اقتصادياً منذ عشرات السنين، نظراً لإمكانية السفينة نقل كميات كبيرة من الحاويات 20 و40 قدماً (معدل 15 ألف حاوية للسفينة)، فإن هناك إمكانية لتحقيق نمو اقتصادي باستخدام القطارات، مثل قطار الصين وأوروبا  China Railway Express، الذي يمر عبر روسيا ودول أخرى حتى غرب أوروبا، وأثبت جدوى اقتصادية عندما ارتفعت أسعار النقل البحري.

حرب تجارية

الممر الاقتصادي الجديد إحدى محاولات الغرب لتقليل اعتماده على الصين وتعزيز دور الهند كبديل، وهو نموذج صارخ على استفحال الحرب التجارية بين الغرب والصين، كما أنه قد يدعم سيطرة الغرب على ممر تجاري مهم منافس لقناة السويس. كما يوجّه رسالة بأن التنمية الاقتصادية على رأس الأولويات للسعودية والإمارات والأردن بغض النظر عن الاعتبارات الأخرى.

في المقابل، بالنسبة للكويت فإن التنمية الاقتصادية بعيدة تماماً عن أولويات واهتمامات الحكومة والنواب والمواطنين. فلم يضغط المواطنون والنواب على الحكومة لإنفاق المليارات لتطوير ميناء الشويخ مثلاً أو بناء ميناء جديد منافس لموانئ دبي، بدلاً من التركيز على قضايا غريبة، مثل إسقاط القروض وغيرها، أي الشأن المحلي، كما تعاني الكويت من (كسل في الاهتمام بالتطور الاقتصادي) من حيث الكم والكيف، وكان مشروع ميناء مبارك في الشمال عندما أطلق منذ سنوات يمثل وعدًا بالاهتمام بالاقتصاد أو مشروع تنمية الجزر، كل ذلك اصطدم بتقاعس سياسي وجدل داخلي يبدو أنه سيكون في الأغلب هو المسيطر على الساحة السياسية للسنوات القليلة القادمة.

مطالب كويتية غائبة  

يتساءل كثيرون في الكويت لماذا لا يكون تطوير موانئ الكويت مطالب لها أولوية  في المشروع الاقتصادي الكويتي، حتى لو تم عن طريق  الاستدانة المؤقتة، ولماذا لا يسأل ولا يهتم المواطن، وهو  المفروض أن يكون المسؤول والرقيب على ممثليه  في مجلس الأمة المنتخب،  عن سبب عدم اهتمام السلطة بتطوير موانئ الكويت، بدلاً من الاستمرار بالتحسّر على التقدم الذي يحدث في  دول الخليج،  ذلك هو القصور في التجربة الكويتية، والتي تظهر في تدني الخدمات وتراجع التعليم و ضعف البنية التحتية، فالأوليات الكبرى مغيبة بسبب التشاحن العبثي السياسي التي تعاني منه الكويت في السنوات الأخيرة   .

الخلاصة:

على الرغم من أهمية الممر الهندي/ الخليجي/الأوروبي، إلا أن ضبابية تسود تقدمه و ضعف في الاهتمام به من بعض دول الممر و ضخامة التمويل وما يعتري الشرق الأوسط اليوم من عواصف سياسة تجعل من الطبيعي تراجع في الأوليات الاقتصادية، فهذا الممر سيوضع على قائمة (الاحتمالات) على الأقل في السنوات القليلة المقبلة، هذا لا يعني أن تشرع دول الخليج على الأقل بتهيئة البنية التحتية المطلوبة لها، من خلال توسيع الموانئ و تحديثها والمطارات و بناء السكة الحديد التي طال الحديث عنها منذ زمن ولكن لم نجد حتى الآن عملًا جادًا في بدئها.

مقالات لنفس الكاتب