array(1) { [0]=> object(stdClass)#13009 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 195

مخطط ليكون البحر الأحمر بحيرة أمريكية / أوروبية وتحويل الملاحة لرأس الرجاء الصالح والضغط لتهجير الفلسطينيين

الخميس، 29 شباط/فبراير 2024

لما كان الأمن بمدلوله المطلق هو مطلب أساسي لأي كائن حي، فإن الدول وما تضمه من شعوب هي الأولى قبل غيرها بتحقيق هذا المدلول لكي تضمن العيش والأمن والنمو، ويقصد بالعيش المحافظة على أسباب الوجود، وعناصرها في كل دولة ثلاثة عناصر هي الأرض، والشعب، والسلطة. لو نقصت إحداها ما كانت  هناك دولة، وما كان هناك حاجة لأمن أو نمو لكائن غير مكتمل الوجود.

وفي حالة تواجد هذا الكائن متوافر العناصر (الدولة) فإن بقاءها مرهون بالمحافظة عليه وحمايته من المخاطر المتمثلة في ثلاث أشكال (تهديد وإعتداء وتحدي) من مصادرها المختلفة في الداخل والخارج. وبتحقيق الأمن والحماية من المخاطر تكتمل حركة الحياة بالنمو والإزدهار من أجل توفير مستقبل أفضل للأجيال المقبلة.

ولما كان العالم قد تحول إلى قرية صغيرة في تأثيرها وتأثرها فإن الأمن المعاصر لم يعد محدوداً بنطاقات محلية أو إقليمية أو عالمية بل تعدى كل الحدود ليشمل دول الجوار الجغرافي المباشر ويمتد إلى الإطار الإقليمي والعالمي كما تأثرت أساليب التعامل الممكنة والمتاحة بالعديد من المتغيرات الخارجية التي يصعب تجاهلها، وأصبحت السياسات الأمنية لأي دولة أو إقليم تتصدى لكل مصادر التهديد والعدوان والتحدي من جميع مصادرها.

وبتطبيق هذا المفهوم الأمني على أمن أمتنا العربية وهو أمنها القومي ولبناته المكونة من الأمن الوطني لدوله المختلفة، نجد أن الوطن العربي موزع جغرافيا بين قارتي آسيا وإفريقيا، وأنه يتأثر بما تشهده كلتا القارتين من أحداث بل بما يشهده العالم من مشرقه إلى مغربه، نظرًا لكونه يربط بينهما ويتحقق لهما من خلاله الاتصال، ولقد زاد من أهمية هذا الموقع الفريد للوطن العربي احتواؤه على ممرات مائية تربط قارات العالم ومحيطاتها وبحارها لتنساب فيها الأساطيل التجارية والعسكرية حاملة أسباب الحياة وفناءها في وقت واحد لشعوب العالم كافة.

ويمثل البحر الأحمر المثال الأهم والأخطر لكل تلك العوامل نظرًا لوقوعه في منتصف الدول العربية والإسلامية واحتفاظه بأهمية جيوستراتيجية لتلك الدول الواقعة على شواطئه وأهمية جيوبولتيكية للدول الأخرى التي ترتبط مصالحها به وتعتبره جزءًا من مجالها الحيوي الذي تحرص على الحفاظ على أمنه. ولا تقبل التفريط فيه، وقد زادت هذه الأهمية باكتشاف النفط والغاز في منطقة الخليج العربي وحاجة معظم دول العالم لها من جهة وتهافت القوى الكبرى للسيطرة على تلك المنطقة عسكريًا وأمنيًا في مواجهة بعضها البعض.

ويستمد البحر الأحمر أهميته من كونه الممر الذي يختصر المسافات والوقت والتكلفة المالية، ومن خلاله يمر نفط الخليج العربي وغازه من الدول العربية وإيران إلى أوروبا التي تحصل على 60% من احتياجاتها من مصادر الطاقة من خلاله وأيضًا الولايات المتحدة الأمريكية التي تحصل على 25% من احتياجاتها من خلاله.

ويزيد من أهمية هذا البحر امتلاك دول القرن الإفريقي الواقع معظمها عليه العديد من المعادن الهامة اللازمة للصناعات الثقيلة والصناعات النووية مثل الكوبلت واليورانيوم بخلاف الذهب والمعادن النفيسة. بل أن قاعه يكتنز ثروات معدنية كبيرة وثروات بحرية عديدة تقع في نطاق المناطق الاقتصادية الخالصة للدول المطلة عليه ومن حقها السيادة الكاملة على تلك الموارد وإمتلاكها.

ويتميز البحر الأحمر بمواصفات جغرافية، إذ يبلغ الطول الإجمالي لسواحله بما فيها خليجي السويس والعقبة حوالي ( 4900 كم) ويصل طوله من السويس حتى باب المندب إلى (1900كم)، وأقصى اتساع له حوالي (204كم)عند مصوع على الساحل الإرتري الإفريقي وجيزان على الساحل الشرقي السعودي الآسيوي وأقل اتساع (66كم) عندعصب على الساحل الغربي الآسيوي ويتحكم في مدخله الجنوبي باب المندب الذي لا يزيد عرضه عن (20كم) تقسمه جزيرة (بريم) إلى شطرين أحدهما بالغ الضيق وهو الممر الشرقي بعرض أقل من واحد كيلو متر والآخر في الغرب بعرض (19 كم) تنتشر فيها الجزر والشعاب المرجانية  التي تزيد من صعوبة الملاحة.

أما في الشمال فيتحكم مضيق تيران في مدخل خليج العقبة ومضيق جوبال في مدخل خليج السويس المنتهى بقناة السويس المصرية وتتقاسم الدول المطلة عليه الأطوال الشاطئية فيبلغ طول الشاطئ السعودي 1890كم بنسبة 33.9%، ومصر 1425 كم بنسبة 25.5%، وإرتيريا 1012كم بنسبة 18.2%، والسودان 717كم بنسبة 12.8%، واليمن 414كم بنسبة 8.1%، وجيبوتي 40كم بنسبة 7%، وإسرائيل 11كم بنسبة 0.2%، والأردن 17كم بنسبة 0.23%.

وللبحر الأحمر أهميته الجيواستراتيجية والجيوبولوتيكية على مر العصور، ولقد شهدت هاتين الأهميتين تغييرات متعددة مع تعاقب الإمبراطوريات والحضارات بدءًا بالمصريين القدماء مرورًا بالإغرايق والرومان والأحباش إلى أن تأكدت عروبته بعد ظهور الإسلام في القرن السادس الميلادي وإرتبطت أهميته الجيواستراتيجية بأمن وسلامة البلاد الإسلامية التي تمددت شرقًا وغربًا وشمالًا وجنوبًا وكان فتح جزيرة دهلك وميناء مصوع في عهد الخليفة "عمر بن الخطاب" تأكيدًا لتلك الأهمية الجيواستراتيجية والمسؤولية الإقليمية في الحفاظ على أمن هذا الممر الهام.

وباكتشاف طريق رأس الرجاء الصالح تقلصت تلك الأهمية عالميًا -مؤقتًا-ولكنها لم تتأثر إقليميًا لكونه أصبح بحيرة إسلامية وعربية، واستطاعت مصر أن تفرض سيادتها على الساحل الإفريقي حتى بربرة جنوبًا وضمت إليها السودان وإريتريا عام 1865م، لتأمين الاتجاه الجنوبي في وجه بريطانيا التي احتلت جزيرة سوقطرة عام 1835م، وعدن عام 1839م، وجزيرة بريم عام 1847م.

وبحفر قناة السويس عام 1859م، واتصال البحر الأحمر بالبحر المتوسط ومنه إلى محيطات العالم، زادت الأهمية الاستراتيجية للبحر الأحمر واتسعت قيمته الجيواستراتيجية والجيوبولوتيكية إقليميًا وعالميًا وأصبح لا غنى عنه كممر ملاحي للأساطيل التجارية والعسكرية بين قارات العالم المختلفة من شرقها إلى غربها ومن شمالها إلى جنوبها وبالعكس وخاصة بعد تدفق البترول والغاز في منطقة الخليج العربي.

ومن الحرب العالمية الأولى والثانية إلى حرب السويس عام 1956م، إلى حرب أكتوبر عام 1973م،  بين العرب وإسرائيل إلى حرب الخليج الأولى 1980م، والثانية 1990م، ثم انفراد الولايات المتحدة الأمريكية بقمة القوة العالمية بعد سقوط الاتحاد السوفيتي عام 1991م، وظهور المنافسة المحمومة بينها وبين الصين المنطلقة اقتصاديًا لتتبوأ مكانتها العالمية بين الأمم وعودة روسيا الاتحادية وريثة الاتحاد السوفيتي لاستعادة ما فقد، وتكالب قوى أخرى عالمية وإقليمية للبحث عن دور جيوبولوتيكي في منطقة الشرق الأوسط والنفوذ إلى مناطق الثروة.

واعتبارًا من نهاية العام 2014م، وسيطرة جماعة أنصار الله الحوثية على العاصمة اليمنية صنعاء، لم تر تلك المنطقة من جنوب البحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن هدوءًا ولا سلامًا سواء من العمليات الإرهابية أو القرصنة أو القصفات الصاروخية والمدفعية والطائرات المسيرة،

وقد شنت ميلشيات الحوثي العديد من الهجمات والقصف العشوائي بالأسلحة الثقيلة والمتوسطة على بعض المدن الواقعة على خليج عدن ولم تتوقف تلك الهجمات التي امتدت لتهدد حركة الملاحة البحرية والتجارية الدولية في المنطقة، وقد رصد منها حتى عام 2022م، فقط ما لا يقل عن 43 عملية بحرية إرهابية بالصواريخ والزوارق المفخخة والألغام منها عمليات ضد 22 سفينة لجنسيات مختلفة (سعودية وإماراتية وتركية ويونانية ...إلخ) ونفذت منها أيضًا عمليتي اختطاف لعدد 4 سفينة تجارية في البحر الأحمر وكذا هجمات إرهابية أخرى على موانئ تجارية سعودية ويمنية باستخدام أسلحة متطورة مثل الصواريخ البالستية والألغام البحرية والزوارق المسيرة المفخخة وتنوعت أساليب هجومها إلى عمليات قرصنة مباشرة، وسطو على السفن التجارية وإقتيادها إلى السواحل اليمنية الواقعة تحت سيطرتها على البحر الأحمر.

ولم تسلم مستشفى ميداني سعودي من القرصنة أثناء مرورها في البحر الأحمر عام 2023م، كما استهدف الميلشيات الحوثية سفينة مدنية إماراتية (سويفت) في باب المندب، وأيضًا ثلاث سفن أمريكية بالصواريخ أرض ـ أرض في البحر الأحمر ولكنها فشلت في إصابتها،

وتكررت الأعمال الإرهابية ضد ناقلات النفط والسفن التجارية بزوارق بحرية مفخخة وصواريخ موجهة، وقد أحبطت قوات التحالف العربي محاولات استهداف سفن تجارية وتعاملت مع الحوثيين المعتدين طوال تلك الفترة التي لم تخلو من تصريحات قادة الميليشيات الحوثية بالتهديد والوعيد للأهداف البحرية بأنها لن تكون في مأمن من نيرانها.

فوق كل تلك المخاطر لم تسلم المنطقة من التنافس بين القوى الكبرى في السيطرة والهيمنة عليها لتحقيق أكبر قدر من المكاسب والمصالح وفرض صيغ أمنية جديدة تحقق مصالحها ولا تتناسب مع مصالح وثقل الدول العربية صاحبة المجال الحيوي والمعنية بأمن المنطقة وسلامتها،

ولم تترك إسرائيل فرصتها في استغلال تلك الأحداث في زيادة دعاويها لتدويل (باب المندب) والجزر العربية المسيطرة عليه والعمل على زيادة تواجدها في المنطقة. وزادت كثافة التواجد العسكري البحري والجوي والبري الأجنبي في المنطقة من الولايات المتحدة الأمريكية إلى روسيا والصين وفرنسا وإيران حتى إسرائيل ركزت جهودها عليها بإعتبارها مطلب رئيس لأمنها في إطار الرؤية الأمريكية التي لا تكتفي بأسطولها الخامس صاحب المسؤولية في المنطقة ومركز قيادته في المنامة عاصمة مملكة البحرين، بل شكلت أربع مجموعات عمل بحرية مشتركة من 34 دولة (الولايات المتحدة الأمريكية – البحرين – استراليا – بلجيكا – البرازيل – كندا – مصر – الدنمارك – فرنسا – ألمانيا -  العراق – إيطاليا – اليابان – السعودية – سيشل – سنغافورة – اسبانيا – تايلاند – تركيا – الإمارات – بريطانيا – اليمن – الأردن – كوريا الجنوبية – الكويت – ماليزيا – هولندا – نيوزلندا – النرويج – باكستان – الفلبين – البرتغال – قطر) وتتولى هذه المجموعات مسؤوليتها كالآتي :

  • القوة البحرية المشتركة (CMT150) وتختص بأعمال الأمن البحري خارج الخليج العربي.
  • القوة البحرية المشتركة (CMT151) وتختص بمكافحة القرصنة.
  • القوة البحرية المشتركة (CMT152) عمليات الأمن داخل الخليج العربي.
  • القوات البحرية المشتركة (CMT153) الأمن البحري للبحر الأحمر.

جدير بالذكر أن مشاركة الدول المذكورة في هذه القوات البحرية المشتركة (CMT) تتم حسب قدرتها في المساهمة بالأصول والقوات في وقت معين، أو نشر السفن الحربية أو طائرات الإستطلاع البحري كما يمكن استدعاء سفن حربية غير مخصصة للقوات صراحة لتقديم أو تحقيق مهمة ثم تعود مرة أخرى لتنفيذ مهامها الوطنية، جميع القوات المشتركة من الدول (34) التي تشكل القوات البحرية المشتركة غير ملزمة بأي تفويض سياسي أو عسكري.

واستمر هذا الحال في منطقة البحر الأحمر إلى أن جاء يوم السابع من أكتوبر 2023م، ونفذت المقاومة الفلسطينية في غزة عملية طوفان الأقصى ضد قوات الاحتلال الإسرائيلي، وأعلنت الحكومة الإسرائيلية الحرب على الفلسطينين وأعملت آلاتها الحربية في إبادة الشعب الفلسطيني وساندتها الولايات المتحدة الأمريكية سياسيًا وعسكريًا واقتصاديًا.

أعلنت جماعة أنصار الله الحوثية استعدادها لدخول الحرب باستخدام الصواريخ والطائرات المسيرة ضد الأهداف الإسرائيلية ما لم توقف إسرائيل عملياتها ضد الفلسطينين في قطاع غزة. وكذا اتخاذ خيارات عسكرية أخرى حال تدخل الولايات المتحدة الأمريكية بشكل مباشر إلى جانب إسرائيل في الحرب، واعتبارًا من يوم 19 أكتوبر 2023م، أخذت جماعة الحوثيين إطلاق الصواريخ البالستية والكروز والطائرات المسيرة وكان يتم اعتراضها بواسطة الدفاعات الجوية الأمريكية والفرنسية من مدمراتها المتواجدة في البحر الأحمر، وفي 19 نوفمبر احتجزت القوات البحرية اليمنية التابعة للحوثيين سفينة (غلاكس ليدر) وعلى متنها 25 فردًا كما قامت بالاستيلاء على سفينة أخرى ترفع العلم الليبيري ويمتلكها أحد الإسرائيليين، واستمر استهداف السفن التابعة لإسرائيل بهدف الضغط على إسرائيل لإيقاف حربها ضد الفلسطينيين في غزة وأعلنت على لسان قائدها عبدالملك الحوثي أن هجماتها سوف تتوقف فور إيقاف إسرائيل لحربها على قطاع غزة.

وفي يوم 19 ديسمبر 2023م، أعلن وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن تشكيل تحالف حماية الإزدهار (متعدد الجنسيات) لشن عمليات عسكرية للرد على الهجمات التي يقوم بها الحوثيون ضد السفن المتجه إلى إسرائيل أو المرتبطة بها في البحر الأحمر وخليج عدن، وانضم إلى هذا التحالف أكثر من عشرين دولة بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية. فضلت ثماني دول منها عدم الإفصاح عن إسمها ورفضت الدول العربية الانضمام لهذا التحالف.

واعتبارًا من 12 يناير 2024م، أخذت القوات الأمريكية والبريطانية في شن هجماتها ضد جماعة أنصار الله الحوثية على الأراضي اليمنية في محافظات صنعاء والحديدة وحجة وزمار وتعز وصعدة بكثافات بلغت 73 غارة في يوم واحد تبعتها غارات أخرى ضد أهداف يمنية.

ومع استمرار القصفات الأمريكية والبريطانية يزداد عناد الحوثيين ويعلنون إصرارهم على استهداف كل السفن الأمريكية والإنجليزية واستمرارهم في استهداف الأهداف الإسرائيلية حتى توقف إطلاق النار في غزة، وفي 31 يناير يعلن صندوق النقد الدولى انخفاض حركة نقل الحاويات في البحر الأحمر خلال عام واحد بنسبة 30% بسبب الهجمات المنطلقة من اليمن على السفن المرتبطة بإسرائيل في البحر الأحمر ويعلن الاتحاد الأوروبي يوم 6 فبراير عن قرب إطلاق مهمة بحرية لحماية السفن التجارية.

وهكذا بعد أن تخلت أو أجبرت دول الإقليم المشاطئة للبحر الأحمر عن دورها السيادي في المحافظة على أمن الإقليم الذي يعتبر مجالها الحيوي تمددت عليه قوى عالمية أكثر قدرة على التوسع وفرض السيادة، محققة نظرية فريدرك راتزل الجيوبوليتيكية (نظرية الدولة العالمية والقوة الواحدة)، والتي تقضي بحق كل دولة في التوسع تبعًا لمعدلات نموها حتى يصير العالم دولة واحدة، وخلاصتها أن من لا يتوسع على الآخرين يتم التوسع عليه.

فهل كانت محض صدفة أن تتابع وتتسلسل الأحداث من الأقصى إلى غزة لتدفع الولايات المتحدة الأمريكية بأكبر حاملتي طائرات لديها إلى منطقة شرق المتوسط وترافقها أكبر مدمرات الأسطول البريطاني لتوفير الحماية اللازمة للجيش الإسرائيلي للعمل بحرية تامة في قطاع غزة وشعبه الأعزل في أكبر عملية إبادة جماعية شهدها التاريخ ضد شعوب الأرض. وبغريزة الصياد وبعد تأمين الشمال الإسرائيلي ضد أي تدخل لأذرع المقاومة أو أي طرف آخر قد تأخذه الحمية ويؤدي لتعطيل إسرائيل أو شغلها على تحقيق مهمتها.

يتلقف الصياد الأمريكي الأوروبي صواريخ المقاومة الحوثية أو الذراع الحوثي ضد الأهداف الإسرائيلية في البر والبحر وتطلق تحالفها المسمى بـ "حارس الإزدهار" بحجة تأمين الملاحة في البحر الأحمر ضد الأعمال التي تقوم بها جماعة أنصار الله الحوثية (الإرهابية) هكذا وصفتها الولايات المتحدة الأمريكية بالإرهابية لأنها هاجمت أهدافًا إسرائيلية وهي التي رفضت وصفها بالإرهاب طيلة السنوات التي أعملت في هجماتها ضد كل المستخدمين لمنطقة خليج عدن وجنوب البحر الأحمر وبينهما باب المندب، بما فيهم الولايات المتحدة نفسها، ويصبح البحر الأحمر بكامله بحيرة أمريكية / أوروبية وتضغط شركات التأمين على شركات الملاحة لتغيير خط سيرها خارج البحر الأحمر إلى رأس رجاء الصالح وينخفض دخل مصر من قناة السويس بنسبة 40% عن العام السابق، وتتحول الولايات المتحدة الأمريكية إلى أكبر مصدر للغاز المسال في العالم، ويتم الإعلان عن نجاح التشغيل التجريبي للطريق الهندي الخليجي الإسرائيلي إلى أوروبا عبر المتوسط كبديل لقناة السويس في حال تعطيلها أو تهديدها.

هل كان ضمن الأجندة الغربية خنق مصر اقتصاديًا للموافقة على المطلب الإسرائيلي بتهجير الشعب الفلسطيني في غزة إلى أرض سيناء، مقابل سخاء اقتصادي يتم جلبه إليها؟، إن آخر المقترحات الإسرائيلية التي نشرتها صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية يوم 20 أكتوبر عام 2022م، عن مخطط قدمه المستشرق الإسرائيلي يتسحاق عبادي، (المولود في دمشق عام 1934م، وهو الآن ضابط متقاعد سبق له الخدمة في جيش الدفاع الإسرائيلي كضابط استخبارات ثم قائدًا للواء الجولاني -مخصص للعمليات الخاصة-وشغل وظيفة حاكم قطاع غزة عام 1971م، ويعمل حاليًا في اللجنة العليا بوزارة التربية في إسرائيل، للغة العربية).

هو أن يكون حل الدولتين عبارة عن دولة إسرائيل تضم الشعب اليهودي على كامل أرض فلسطين التاريخية ومساحتها 27 ألف كيلو متر مربع، وأن يتم ترحيل جميع الفلسطينين إلى شبه جزيرة سيناء لإقامة دولتهم عليها بمساحة عشرين ألف كيلو متر مربع من أرض سيناء ملاصقة للدولة الإسرائيلية وطبقًا لما نشرته الصحيفة الإسرائيلية، تحصل مصر على ثمن هذه الأرض من الدول البترولية.

بعيدًا عن نظريات المؤامرة ألم تعلن ذلك إسرائيل في الكثير من أدبياتها أليس الأمس بقريب يوم كتب تيودور هرتزل في مذاكراته بعد انعقاد المؤتمر الصهيوني الأول في بازل في سويسرا عام 1897م، في التاسع والعشرين من أغسطس مقولته المشهورة:" لو سألني أحد الصحفيين ماذا فعلتم اليوم لقلت له: اليوم أنشأت دولة إسرائيل، ربما سخر مني ذلك الصحفي أو ضحك ولكن بعد خمسين سنة من اليوم ستكون إسرائيل حقيقة واقعة".

ألم يتحقق ما قاله الصحفي الإسرائيلي تيودور هرتزل عام 1897م؟ وقامت دولة إسرائيل عام 1948م، أي بعد خمسين سنة؟، فلماذا لا نأخذ ما يردده الكتاب والمفكرون الإسرائيليون اليوم محمل الجد، وخاصة أن كل ما يدور بيننا وحولنا يشير إلى ذلك، أرجو أن ننظر إلى الأمر على أنه تقدير موقف إستراتيجي وليس نظرية مؤامرة قبل أن يداهمنا الوقت ولا يدركنا الصباح.

مقالات لنفس الكاتب