حول دور محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية في الدفاع عن القضية الفلسطينية وأزمة غزة وما يمكن أن تؤدي إليه دعوى جنوب إفريقيا الحالية وإلقاء الضوء على جرائم إسرائيل ضد غزة وخاصة ضد الأراضي الفلسطينية يأتي هذا المقال لتوضيح عدد من النقاط، فمن نافلة القول إن نكبة الشعب الفلسطيني كارثة مستمرة منذ وعد بلفور والاحتلال البريطاني لفلسطين وانتزاعها وتسليمها للصهاينة، ومنذ ذلك الوقت تتنقل فلسطين من التمزق إلى التشرد والضياع إلى الذل والإبادة ومخيمات اللاجئين حيث البؤس والشقاء والضياع، وتزايد عدد الهائمين على وجوههم في المخيمات التي كانت للفرجة.
نعم تمزق الوطن وأهله، إلا أن الفلسطيني الذي عانى مر المعاناة التي تنوء عن حملها الجبال في المنافي والغربة. إلا أنه ظل مثابراً لتحقيق أَحلامه، وظل الشعب الفلسطيني عربي حتى النخاع يعمل بكل حيوية وبالعلم الذي أصبح وطنه المعنوي. وتوحد الشعب العربي الفلسطيني رغم أن بلاده لا زالت تحت الاحتلال وفرض الأمر الواقع بالاستيطان الاستعماري ومصادرة الأراضي والتطهير العرقي والفصل العنصري وهدم البيوت ونسفها والاغتيالات والحصار والإغلاق والحواجز العسكرية وقنص الأطفال، ما تطلب من القيادة الفلسطينية الشرعية التحرك وبدعم من الدول العربية والدول المناصرة للحق بالتوجه نحو الشرعية الدولية لإبقاء القضية الفلسطينية حية وعلى رأس جدول أعمال المؤتمرات واللقاءات الدولية محافظة على الثوابت الفلسطينية والصمود الأسطوري للشعب الفلسطيني بالصبر والثبات والمواجهة برفض التهجير القسري والطوعي والإصرار على التمسك بثوابت القضية الفلسطينية وهي قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية التي تنص على قيام دولة فلسطين المستقلة وعاصمتها القدس الشريف عبر الموقف السعودي والمصري، والأردني الصلب بالرغم من الرفض الإسرائيلي بدعم كامل من الإدارات الأمريكية المتعاقبة وبذل كل المحاولات لمحو فلسطين من الخارطة وما أظهره القاتل نتنياهو بخارطة أسماها خارطة السلام في الأمم المتحدة ولا يوجد عليها اسم فلسطين. مائة عام ويزيد ودم الشهداء يتدفق وعلى نحو مفجع مع كل ما سبق من معاناة وهذا غيض من فيض يدفع بدولة فلسطين وقيادتها التقدم للمرجعيات الدولية للمرافعة الاخلاقية في باحة محكمة العدل ومحكمة الجنايات الدوليتين وبطلب ودعم دولة جنوب إفريقيا ومن تقدم معها من الدول المحبة للعدل والسلام.
فلسطين الغد هي الحرية والتحرر والعدل إننا نتوق للسلام وأن تكون بلادنا فلسطين نقيض العرقية والأنانية القومية والتعصب، سوف تكون بلادنا بلاد العرب، فلسطين آرض البناء والسلام أرض المستقبل لا قاعدة المفاهيم المنقرضة.
بالرغم من رفض دولة الاحتلال كافة القرارات الدولية نحو السلام باعتبارها دولة فوق القانون الدولي والشرعية الدولية وبدعم كامل من الذي يسمى العالم الحر مدعي حقوق الإنسان والطفل والمرأة والديمقراطية، بل مسانداً ومشاركاً في العدوان والإبادة الجماعية وشرعنه الاحتلال والتطهير العرقي وهذا الذي يقوله ويكتبه الكاتب اليهودي "إيلان بابيه" وكذلك كُتاب كُثر من اليهود أصحاب الضمير وهو مؤلف كتاب (أكبر سجن على وجه الأرض) والذي ترجم حديثاً.
طُرد الفلسطيني في زمن ما وإنكار وجوده هو فلسفة الاحتلال، وسبق أن قالت جولدا مائير في ستينات القرن الماضي إن أخطر ما في الأمر أن الكيان الصهيوني والعديد من القوى السياسية الدولية الفاعلة في الصراع العربي / الإسرائيلي تتحرك بمنطق تعدد البدائل وطرح الحلول الجزئية أو المبتورة لما يسمي باستراتيجية البحث عن السلام في المنطقة بعيدا عن الشرعية الدولية وكل ما أقرته الأمم المتحدة وبعيدًا عن مبادرة السلام العربية والتي تم إقرارها من كافة المؤسسات العربية والدولية. بيت القصيد أن هذا العالم الحر لا يريد الاستقرار للمنطقة لأسبابه، ودولة الاحتلال هي الأداة لذلك منذ مائة عام وما أكثر المشاريع التي طرحت لتسوية القضية الفلسطينية وكلها لخدمة دولة الاحتلال ولتذويب القضية الفلسطينية بوهم الازدهار وجودة الحياة، وهم يريدون من الفلسطيني أن يكون كائنًا اقتصاديًا بلا هوية بلا وطن ولا وطنية ولكنهم عبثًا يحاولون. العربي الفلسطيني بقيمه وبتكوين ثقافته ورسوخ الانتماء وأنه لا يعوض الوطن إلا الوطن ولا للتوطن والتوطين ولا للوطن البديل ولا للدمج ولا للتهجير القسري والطوعي بالرغم من كل هذه المجازر التي تفوق الإدراك العقلي وكم من المجازر مورست على الشعب الفلسطيني وكم عُلق على المشانق منذ الاحتلال البريطاني لفلسطين، ومن ثم سلمت فلسطين للصهاينة.
أتوجه لكل عربي حر ولكل مسلم ولكل حر في هذا العالم أن يطلع على رسالة الملك عبد العزيز آل سعود ـ طيب الله ثراه ـ الموجهة إلى الرئيس روزفلت بتاريخ ١٠ مارس ١٩٤٥م، إنها ملكّه الزعيم القائد الملك عبد العزيز آل سعود طيب الله ثراه وحسن توقعه لما يحدث الآن في المنطقة فكأننا نقرأ في كتاب مفتوح واستشراف ما سيحدث، مؤكدًا ـ يرحمه الله ـ " حق الشعب الفلسطيني الطبيعي في وطنه منذ آلاف السنين والخطر في دولة الاحتلال التي تشكل الخطر على العرب والمنطقة وتثير الفتن".
مائة عام ويزيد على النكبة صنيعة الغرب الاستعماري الذي ضرب بها فلسطين أرضاً وشعباً وهوية وحياة لاتزال تنزف دمًا ودموعًا، لكن فلسطين بنضال وتضحيات أبنائها والأمة العربية تجاوزت جائحة المحو وما زال أبناؤها في دروب النضال الوطني. وها هو الضمير الإنساني لم يعدُ يحتمل هذا العدوان المُفجع ودم الأطفال والشيوخ والنساء والكبار.
الضمير الإنساني يصدح بهتاف الحرية لفلسطين في شوارع العالم مطالباً بالحرية والاستقلال لفلسطين وشعبها هذا ما يحدث في جامعات أمريكا وأوروبا. في العام بعد أن انطلقت شعلة الثورة عام،١٩٦٥عام لتنير دروب النضال نحو الانعتاق والحرية والعودة والاستقلال في ومواجهة التزوير والشطب، وتثبت الأحداث أن فلسطين العصية على الكسر لن تتلاشى ولن تندثر.
ويأتي قرار محكمة العدل الدولية أعلى هيئة قضائية دولية منجز تاريخي وانتصار للعدالة ما كان له أن يتحقق لولا السياسة الحكيمة للقيادة الفلسطينية ومن خلال إطارها الشرعي منظمة التحرير الفلسطينية والدعم العربي وأحرار العالم وتتويج لنضال ومسيرة طويلة من العطاء والتضحيات الجسام وقد رحبت الرئاسة بقرار محكمة العدل الدولية واعتبرته قراراً تاريخيًا وطالبت بإلزام (إسرائيل) بتنفيذه. وهذا القرار رفض للاحتلال ولقرار الكنيست الأخير والسياسات الأمريكية التي تدعم إسرائيل في احتلالها والرافضة لإقامة الدولة الفلسطينية.
وبلا شك أن الإنجازات الفلسطينية وعلى كل الصُعد وتحديداً الإقليمي والدولي تأتي بدعم المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز ـ يحفظه الله ـ وولي العهد رئيس مجلس الوزراء سمو الأمير محمد بن سلمان ـ يحفظه الله ـ لدورهما الصلب منذ بدء العدوان على غزة، ودعم المملكة في القمة العربية ـ الإسلامية المشتركة التي انبثق عنها لجنة مشتركة لوزراء الخارجية برئاسة سمو الأمير فيصل بن فرحان وعضوية عدد من وزراء الخارجية منها فلسطين ومصر والأردن ومنظمة التعاون الإسلامي جابت العالم من أجل وقف العدوان والإبادة الجماعية ولشرح الموقف العربي الإسلامي وتقديم كلمة سمو الأمير محمد بن سلمان لمساندة فلسطين وشعبها ، إنها عالم من مواقف المملكة تجاه فلسطين منذ عهد الملك المؤسس عبد العزيز آل سعود والأبناء الملوك البررة متوجين بالملك سلمان وولي العهد محمد بن سلمان مواقف ذات قيم ونُبل والتزام وكل له مآثره تجاه فلسطين والقدس.
مواقف المملكة بقيادتها الحكيمة والمتميزة على كل الصعد والوفاء يقتضي أن نذكر ونتذكر مجاهدي المملكة العربية السعودية في فلسطين شهداء وجرحى وأسرى، أبطال سيرتهم سيرة التضحية والعطاء مع أبناء أمتنا العربية. وصدور الأمر السامي الكريم لإطلاق الحملة الشعبية لإغاثة الشعب الفلسطيني في قطاع غزة وتقدم عبر مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية المواد الغذائية والإيوائية والأدوية والمستلزمات الطبية وسيارات الإسعاف عبر تسيير للجسر الجوي ٥٤ طائرة مدنية وعسكرية وتسيير الجسر البحري ٨ بواخر وتحمل كميات من المساعدات وكذلك الآليات الثقيلة وكل ما تم إرساله ذات جودة عالية.
وكذلك التواصل الدائم لسمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان مع الدول المؤثرة للاعتراف بدولة فلسطين بعضوية كاملة في الأمم المتحدة وكان من ثمرة ذلك اعتراف إسبانيا وأيرلندا والنرويج وهناك دول على الطريق وكذلك اعتراف ١٤٧ دولة بدعم الدولة الفلسطينية. وتؤكد دائمًا قيادة القيادة وباستمرار أن ثقة الفلسطينيين بالملك سلمان وبولي العهد محمد بن سلمان ثقة كبيرة وعالية وغالية.
يظل القول، إن السجون الإسرائيلية تمثل بؤراً للتعذيب الجسدي والنفسي والعاطفي لا يسلم منه الأطفال والمسنون والنساء وكافة الفئات. ممارسة أبشع الجرائم في حق السجناء؛ إنه المسلخ البشرى.
إن الجرائم التي تنفذها دولة الإجرام إسرائيل في غزة والضفة الغربية والقدس وأهلنا على امتداد الوطن فلسطين. تمثل مشاهد متوحشة، إنها محرقة مفتوحة على مدار الوقت ومسبح الدم يتسع في غزة والضفة الغربية والقدس باستخدام السلاح والقنابل ذات الألفين رطل، إن ٩٠٪ من نساء وأطفال غزة مصابون بصدمات نفسية عميقة. كما سُجلت ما يزيد عن ٥٠٠٠ حالة جنون أغلبها لأمهات فقدن أبنائهن. وسجل أحد الطيارين شهادته أمام منظمة إسرائيلية أنه رفض قصف برج سكني في تل الهوى كان يتواجد به ٤٨ طفلاً رصدتها طائرات الرصد الحرارية إلا أن طيار آخر نفذ القصف بعد ١٧ دقيقة وقتل كل ما في المبني وعددهم ١٤٨ مدنيًا.
سلاح التجويع بقرار رسمي من (مجلس الحرب الصهيوني)
أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية تستخدم المكالمات الهاتفية للابتزاز وقد أجرت أكثر من ٣ ملايين مكالمة هاتفية مع سكان قطاع غزة وهددت بقصف البيوت وقتل العائلات إن لم تحصل منهم على معلومات ميدانية (تقرير أممي أُعد بشكل مشترك من ٥ منظمات دولية وازنة).
وها نحن نرى ان الكنيست الإسرائيلي يصنف الأونروا منظمة إرهابية الأونروا انبثقت بقرار من الأمم المتحدة كما اعترفت الأمم المتحدة بتلك الدولة التي تسمى إسرائيل – أي جنون هذا وأي هستيريا ان يصدر عن الكنيست باعتبار تلك المنظمة الدولية إرهابية وكل دورها أنها ترعي اللاجئين في المخيمات تعليماً وصحة الذين هم ضحايا قيام تلك الدولة ،الإفلات من العقاب يؤدي إلى هذه النتائج.
وقد أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي فرض حصار كامل على غزة وأعلن أيضًا أنها لن تعود إلى ما كانت عليه من قبل وسوف نمحو كل شيء في حين قطاع عزة كان محاصرًا أصلاً لمدة ١٦ عاماً، لقد بلغ عدد الضحايا ما يقترب من المائة وخمسة واربعون ألف بين شهيد وجريح ومفقود وسبعة عشر ألف طفل منفصلين عن ذويهم فقد أحد الوالدين، و ٩٢٣٠٠٠ حالة التهابات حادة في الجهاز التنفسي وانتشار الأمراض الجلدية وكذلك الأمراض النفسية أكثر من ٩٦٪ من النساء والرجال يعانون من سوء التغذية نظراً لُشح تنوع المصادر الغذائية أكثر من ٥٠،٠٠٠ طفل يعانون من سوء التغذية الحاد ٦٢٥،٠٠٠ طالب سُلبوا حقهم بالتعليم ٨٨٪ من المباني المدرسية تعرضت للقصف أو الضرر بشكل مباشر، و ٣٢٠ من أصل٥٦٣ من المدارس المستخدمة كملاجئ تعرضت للقصف أو الضرر بشكل كامل وكذلك عدد كبير من المستشفيات خرجت عن الخدمة ، النقص الحاد في الأدوية -إغلاق المعابر ومنع دخول أي مواد تساعد على استمرار الحياة، أكثر من ١،٧٠٠،٠٠٠ نازح داخلياً والغالبية إن لم يكن جميعهم بحاجة ماسة للإيواء، ٣٤٠،٠٠٠ طن من النفايات الصلبة المتراكمة.
عدم القدرة على الحصول على المياه النظيفة مما يضطرهم للشرب من المياه الملوثة وتدمير ١٩٠ منشأة تابعة للأونروا وتدمير ما يزيد عن عدد ١٣٠ سيارة إسعاف في الضفة الغربية والقدس ٥٧٣ شهيد -إصابات ٥،٣٥٠ –الاعتقالات ٩٦٥٥ منهم ٣٢٥ امرأة – ٦٧٠ طفلًا – ٨٨ صحفياً – ٧٥٠٠ معتقل إداري – ١٩٨٠ فلسطينياً هجروا من منازلهم – ٩٩٠ مبني هدمه الاحتلال، والمصادر تقارير البنك الدولي – منظمات الأمم المتحدة – المؤسسات الدولية المؤسسات الوطنية المحلية.
ستبقي المملكة العربية السعودية بقيادتها قلعة شامخة صامدة للعرب والمسلمين وللإنسانية عامة ولم تتوان يوماً لحماية الشعب الفلسطيني والقدس وشعبها، وستبقى المملكة وقيادتها سنداً لفلسطين وشعبها وللقدس، وستبقى مناصرة للسلام والشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية خير شاهد.