فاقمت التوجهات الإقليمية في مجالي المياه والطاقة من إشكالية الأمن الغذائي في دول مجلس التعاون الخليجي والعالم العربي عمومًا، حيث تعتمد الدول العربية بنسبة كبيرة على الأسواق العالمية في تحقيق أمنها الغذائي، لذا فإن التأثير على أسعار الطاقة التي يعتمد إنتاج الغذاء عليها أو توفير السيولة المالية لشرائه والاستثمار الزراعي الخارجي أو التعرض لمخاطر عدم توفر مصادر المياه العذبة الكافية، يؤدي إلى آثار عميقة على الأمن الغذائي العربي بمحاوره المختلفة خاصة في ضوء السياسات المائية لدول الجوار الجغرافي كتركيا وإثيوبيا وإسرائيل، وتوقعات شح المياه نتيجة التغيرات المناخية.
وإذا كانت دول مجلس التعاون الخليجي وفقاً لمؤشر الأمن الغذائي العالمي تعد من بين الدول الأكثر أماناً للغذاء بالمقارنة بباقى الدول العربية الأخرى، وتعمل جاهدة على تأمينه، ومع ذلك، تظل معتمدة بشكل كبير في مصادرها الغذائية على الاستيراد، وبما يزيد من حدة أزمة الأمن الغذائي في حال حدوث اضطراب في سلاسل التوريد العالمية.
أولًا: السياق السياسي لقضايا المياه (جيوبولوتيكية المياه في العالم العربي).
- المؤشرات الدولية للموارد المائية في الدول العربية
في مؤتمر استوكهولم في عام 1982م، عن المياه ذكر أن المياه العذبة ستأخذ مكانها إلى جانب مصادر الطاقة الأخرى كقضية سياسية أساسية وأن منطقة الشرق الأوسط التي تضم الدول العربية تعد الأكثر حساسية في هذا الأمر، ومنذ عام 2012م، قد جرى تصنيف أزمات المياه ضمن المراكز الخمسة الأولى في قائمة المخاطر العالمية حسب تأثيرها، ومنها ما ورد في تقرير المخاطر العالمية الأخير، والصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي فقد عاد مثلث الغذاء والطاقة والأمن إلى واجهة المخاطر العالمية مرة أخرى.
ووفق مؤشرات الأمم المتحدة والتقرير الاقتصادي العربي الموحد لعام 2023م، إنه يفتقر ما يقرب من 50 مليون شخص في المنطقة العربية إلى مياه الشرب الأساسية ويعيش 390 مليون شخص في المنطقة، أي ما يقرب من 90 % من إجمالي عدد السكان في بلدان تعاني من ندرة المياه، ولا يتجاوز معدل حصة الفرد والذي يعد الأدني عالميًا من الماء 580 مترًا مكعبًا في السنة، وتمثل تحلية المياه في الوطن العربي حوالي 60 % من إجمالي تحلية المياه في العالم.
- الواقع الجيولولوتيكى للموارد المائية في العالم العربي
تتسم الأنهار في العالم العربي بأنها أنهار يمتلك مفاتيحها قوى إقليمية من خارجه وهى دول منابع تلك الأنهار، فتوجد ثماني دول مجاورة للدول العربية تتحكم بأكثر من 85 % من منابع المياه الداخلية التي أصبحت مهددة بسبب إنشاء مشروعات مائية تشكل تعديًا على الحقوق العربية في المياه المشتركة، خاصة أن القانون الدولي لم يكن قاطعًا في تحديد نصيب تلك الدول.
واقع العالم العربي ومنه منطقة الخليجي خاضع لمخاطر عدم توفر مصادر المياه العذبة الكافية التي تؤمن استقرار الأمن الغذائي، وعندما تندلع الخلافات بين الدول يكون الخلاف المائي ليس سوى واجهة لخلافات أخرى، وهو مدى التأثير الذى تحوز عليه الدولة صاحبة تلك السدود على دول المصب والتي تتأثر بطبيعة الحال بسياسات المنح والمنع التي باتت تملكها الدول التي تملك السدود.
وتعتمد معظم الدول التي تقوم باستغلال المورد المائي لتحقيق أهداف سياسية على نظرية السيادة المطلقة في تفسير طبيعة مجرى النهر الذي ينبع من أراضيها والمعروفة باسم “عقيدة هارمون” وتقضي تلك العقيدة بالسيادة المطلقة للدولة على الموارد المائية الواقعة داخل حدودها بغض النظر عن أي تأثيرات جانبية على الدول الأخرى، كما تُصر على استخدام عبارة “أنهار عابرة للحدود”، وأن الدولة لها الحق في السيادة المطلقة على مياه النهر الدولي الواقع ضمن إقليمها دون قيد أو شرط.
- حزام السدود على موارد المياه في المنطقة العربية
تعاني أنهار النيل ودجلة والفرات أكبر الأنهار التي تغذي المنطقة العربية من المستويات غير المسبوقة لبناء السدود واستخراج المياه من قبل الدول الواقعة على الأنهار الكبرى وتجعل دول المصب أكثر عطشًا بشكل متزايد، وهو ما يزيد من مخاطر نشوب الصراعات، وذلك كالتالي:
- الحالة التركية:
منحت الجغرافيا تركيا السيطرة على ما يربو على 90 % من مياه نهر الفرات و40 % من مياه نهر دجلة، وهما النهران اللذان يغذيان العراق بنحو 98% من مياهه السطحية، وتم تبني سياسات مائية أحادية وكان أكثرها تأثيرًا مشروع جنوب شرق الأناضول التركي مما شكل تحديًا خطيرًا للوضع المائي في سوريا والعراق.
وتتخذ تركيا من الورقة المائية أداة لتعزيز أجندتها الإقليمية، وتعزيز الأدوار السياسية لها في ضوء الصراع على تعلية الدور الجيوبولوتيكى للجغرافيا لدول المنطقة والتي تسعى إلى تبنيى مشروعات طاقة وممرات تنمية وتجارية عابرة للحدود في المنطقة.
وتتجاهل تركيا قواعد القانون الدولي المتعلقة بتقاسم مياه الأنهار الدولية، فبينما يطالب العراق بحصص تاريخية من مياه نهر دجلة، تدعي تركيا حقها الحصري في استغلال مياه أنظمة الأنهار المشتركة (دجلة والفرات)، وفقًا لمبدأ السيادة الإقليمية المطلقة.
وقد بدا أن المياه تم توظيفها كأحد أدوات السياسة التركية تجاه العراق وسوريا لإحداث تسوية بشأن عدد من الملفات العالقة وهى ملف طريق التنمية ونقل الطاقة عبرها وإعادة تصديره إلى أوروبا وكذلك مصالحها القومية في المنطقة.
ويعد العراق على وجه الخصوص الأكثر تضرراً من نقص المياه نتيجة المشروعات التركية على منابع نهري دجلة والفرات، إذ واجه العراق في سنوات متتالية أزمات حادة في أجزاء مختلفة من البلاد، وخاصة بسبب سد إيليسو والذي يعد ثاني أكبر سد في تركيا بعد سد أتاتورك على نهر الفرات، والذي اكتمل بناؤه عام 1990م، ويعد السدان جزءاً أساسياً من مشروع جنوب شرق الأناضول في تركيا، وهو مشروع ضخم يستهدف توفير المياه اللازمة للري وتوليد الكهرباء في المنطقة الأقل نمواً في تركيا، والتي تهدف لبناء 22 سداً و 19 محطة لتوليد الطاقة.
وقد تضرر القطاع الزراعي في سوريا والعراق على نحو أدى إلى اتخاذ إجراءات مثل حظر الزراعات كثيفة الري، ومنها الأرز، والقمح، والذرة، وقصب السكر، بالإضافة إلى تبوير الأراضي الزراعية، وتصاعدت أزمة نقص الكهرباء بالعراق وسوريا بصورة لافتة خلال السنوات الماضية، بسبب قيام تركيا بإغلاق بوابات عبور مياه دجلة والفرات إلى سوريا والعراق بالإضافة إلى التوسع في بناء السدود.
- الحالة الإثيوبية
تثار إشكالية توزيع مياه نهر النيل منذ عدة عقود بين دول حوض نهر النيل خاصة أن إثيوبيا دأبت على التصريح بعدم مشروعية الاتفاقيات السابقة، بل سعت إلى إعداد إطار اتفاقي أخر يجب كافة الاتفاقيات التاريخية السابقة والتي حددت الحقوق الشرعية لدول المصب وهو ما عرف باتفاقية "عنتيبي" والتي وقعتها عدد من دول الحوض وكان أخر الدول التي صدقت عليها دولة جنوب السودان خلال الشهر الماضي.
وتمضي إثيوبيا في تعاملها مع مياه نهر النيل على ذات النهج الذى مضت عليه تركيا، وذلك من خلال الاعتداد بمبدأ السيادة المطلقة على المياه التي تنبع من أراضيها، وأن ما تقوم به من أعمال السيادة الوطنية، ويعد نجاح مشروع سد النهضة ضروريا ليس من أجل تعزيز دور أديس أبابا الإقليمي في المنطقة فحسب بل لتوحيد إثيوبيا والممزقة بسبب العنف العرقي.
وقد شيدت إثيوبيا سد النهضة في عام 2011م،ولم تستشر مصر والسودان حينذاك وفي وقت كانت تحدث إضطرابات سياسية وأمنية في مصر وبما يشير إلى عدم وجود حسن النية، وقد بدا مشروع السد حسب ما أعلن حينئذ بإنه سيحجز خلفه ما مقداره 11.1 مليار متر مكعب من المياه ووصلت حاليا إلى 74 مليار متر مكعب.
وجدير بالذكر أن مشروعات السدود الإثيوبية لا تخص مجرى نهر النيل فقط، فقد قامت ببناء مشروعات مائية على حدود كل من كينيا والصومال، وقد تأثرت الدولتان خاصة كينيا بعد بنائها السدود على نهر "اومو" المشترك مع كينيا، رغم وعودها لهم بعدم المساس بحصصهم المائية.
وعلى الرغم من عقد اتفاق مبادئ بين الدول الثلاث (مصر والسودان وإثيوبيا) وكذلك جولات مفاوضات وبرعاية دولية إلا إنها في النهاية لم تنته إلى عقد اتفاق مرضي.
- الحالة الإسرائيلية
تقوم إسرائيل بالسطو على ما نسبته 85 % من مياه الخزان الجوفي في الضفة الغربية، وتسيطر إسرائيل على حوالي 80 % من مياه الينابيع المتجددة والتي تقدر سنويًا بنحو 650 مليون متر مكعب وتبيع 20 % الباقية للشعب الفلسطيني بسعر دولار لكل متر مكعب، وفى الجولان السورية تستولي إسرائيل على حوالى 40% من المياه بكميات ضخمة أثبتت المسوحات إنها تعادل ضعفي كمية المياه السطحية التي تغذي بحيرة طبرية.
وفي لبنان أقدمت إسرائيل على مد خط أنابيب للمياه من نبع العين المتفرع من نهر الجوز وهو أحد روافد نهر الحاصباني وتستغل بشكل كامل مياه الحاصباني والوزاني بمعدل 145 مليون متر مكعب سنويًا كما تسيطر على قسم من الليطاني وتقوم بتحويلة إلى نهر الحاصباني ثم إلى بحيرة طبرية، كذلك عانى الأردن من السياسات الإسرائيلية التي أستولت على مياه نهر الأردن والذي ينبع من الأراضي الأردنية.
ثانيًا: التوجهات الإقليمية في مجال الطاقة وأمن الممرات الملاحية وأثرها على الأمن الغذائي لدول الخليج والدول العربية
- العلاقة بين أمن الطاقة وأمن الغذاء
تُهيمن دول مجلس التعاون الخليجي على الغالبية العظمى من احتياطات العالم من النفط ونحو 40 % من احتياطات العالم من الغاز الطبيعي، وبما جعلها هدفًا للعديد من القوى والجماعات الإرهابية بغرض توظيفها في إطار صراعاتها المختلفة، ويتم ذلك سواء بالاعتداء المباشر على أبار النفط والمصافي أو من خلال التأثير على الممرات الملاحية الاستراتيجية والتي تسهل وصول الطاقة إلى أسواق الاستهلاك المختلفة
فيعتمد انتاج الغذاء ونقله على الطاقة، ويؤدي أرتفاع ارتفاع أسعارها إلى ارتفاع تكاليف الغذاء والمنتجات الغذائية في الأسواق الدولية ومن ثم الأسواق المحلية إلى مستويات قياسية مع تنامي الطلب العالمي عليه من قبل الدول الصناعية والزراعية والناشئة على السواء وارتفاع تكاليف النقل وأسعار مستلزمات الإنتاج الزراعي بـ 150 %.
فمع الهجوم على مصافي أرامكو من جماعة الحوثيين في اليمن خلال عامي 2021 و 2022م، أرتفعت أسعار النفط بنسبة تقارب 20 %، وهو أكبر ارتفاع وقع في يوم واحد منذ حرب الخليج عام 1991م، وقفزت أسعار خام برنت، المؤشر الدولي الذي يستخدمه تجار النفط ، إلى 71.95 دولارًا للبرميل.
كذلك كان هناك تهديد دائم بغلق مضيق هُرمز في حال تعرض إيران إلى هجوم خارجي أمام الملاحة الدولية خاصة أن معظم إنتاج النفط في الخليج العربي يمر من خلال المضيق، ناهيك عن التأثير على الملاحة في البحر الأحمر حاليًا بسبب التعرض الدائم للسفن وناقلات النفط في المدخل الجنوبي للبحر الأحمر، كل هذه الأحداث أثرت على أسعار الوقود وكذلك أدت إلى أرتفاع أسعار الشحن للبضائع والتي منها المواد الغذائية، ومن ناحية أخرى يؤثر ارتفاع أسعار الطاقة على الأمن الغذائي من ناحية تأثر الأفراد نتيجة شراء الأفراد منتجات أقل تكلفة مناسبة لدخولهم.
وبالتالي فإن عدم الاستقرار في أسعار الطاقة نتيجة الاعتداء على المصافي ومنابع النفط أو تعطيل حركة الامداد الدولية به من خلال التعرض لخطوط الملاحة الدولية يؤثر على استقرار توفير الغذاء من الخارج ويؤثر على الموارد المالية التي يمكن توفيرها لاستيراد الغذاء ومشروعات الزراعة وتحلية المياه، والشكل التالي يوضح المسافات التي تقطعها السفن بعد تغيير الملاحة إلى طريق رأس رجاء الصالح بعد التهديدات التي طالت أمن الملاحة في البحر الأحمر وبما يلقى بتأثيرات على كل من الفترة اللازمة لتوفير الوقود الذي يتم نقله من خلال ناقلات النفط او حتى أسعار الشحن والتى يتم تحميلها على أسعار البضاع ومنها المواد الغذائية.
وبحسب تقرير المركز الإحصائي لمجلس التعاون لدول الخليج العربية؛ فإنه بالرغم
من القوة المالية التي تتمتع بها دول الخليج؛ فإنها قد تأثر بمخاطر تقلب أسعار الواردات والتي منها أسعار السلع الغذائية والفترة اللازمة لتوفيرها والتي تتمثل في مخاطر العرض المتمثلة في تعطل أو إيقاف الاستيراد من الخارج.
وجدير بالذكر أن الذرة والقمح والأرز تمثل وفقًا لمنظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو) 60 % من استهلاك الطاقة الغذائية في العالم، ويتم في كل عام نقل ما يكفي من الذرة والقمح والأرز وفول الصويا لإطعام 2.8 مليار شخص، كما يتم نقل 180 مليون طن من الأسمدة، وأغلب عمليات النقل تلك تتم عبر الممرات البحرية.
- تأثير تهديد سلاسل الإمداد الدولية على الأمن الغذائي للدول العربية
تستورد الدول العربية من خارج الوطن العربي نحو 57 % من احتياجاتها من القمح ونحو 66 % من احتياجاتها من الذرة الشامية ونحو 65 % من احتياجاتها من السكر.
وبالتالي فإن الاضطرابات التي أصابت سلاسل الإمداد الدولية خاصة التي تعتمد بالأساس على الممرات الملاحية الاستراتيجية، نتيجة جائحة كوفيد 19، ثم ارتفعت مرة أخرى فيما بعد الجائحة في عام 2022م، بسبب الاضطرابات المستمرة لتدفقات الغذاء والطاقة من روسيا وأوكرانيا بفعل الحرب بين البلدين وحاليًا بسبب أحداث غزة والتي ساهمت فيها أطراف إقليمية بالإيعاز لجماعات تدين لها بالولاء للتعرض للملاحة الدولية مثل ما يقوم به الحوثيون في اليمن كذراع لإيران في المنطقة.
فقد صعد الحوثيون هجماتهم منذ نوفمبر من العام الماضي ضد سفن الشحن في مضيق باب المندب والبحر الأحمر، مما أدى إلى انخفاض حركة المرور في قناة السويس بنسبة 42 % بين نهاية ديسمبر 2023م، وأوائل فبراير 2024م، حسب البنك الدولي.
وباتت كلفة الشحن تماثل سعر المنتج أو تزيد في بعض الأحيان نتيجة عامل التأمين وكلفة النقل نتيجة استخدام خطوط ملاحية أخرى وزيادة مسافات السفر لسفن الشحن والناقلات بنسبة تصل إلى 53 %، وأدت الأزمة إلى ارتفاع أسعار الشحن وتكاليف التأمين على الشحن البحري، مما ساهم في التضخم وأثر سلباً على اقتصادات الشحن الإقليمية والدولية، وزيادة كلفة المواد التي يتم نقلها ومنها الغذاء، والشكل التالي يوضح الفرق بين عدد عمليات العبور اليومية قبل هجوم جماعة الحوثيين مقارنة بالمتوسط خلال أربع سنوات.
ولتأمين الغذاء في دول مجلس التعاون الخليجي فقد اتجهت إلى الاستثمار في شراء أراضي زراعية في دول العالم ويعد هذا النوع من الاستثمارات له مخاطر، تتمثل في ظهور أنظمة سياسية جديدة في البلدان التي أجريت فيها الاستثمارات، والتي قد ترفض قبول الشروط والأحكام التي تم التفاوض في شأنها، كذلك فإن استقرار هذا المورد يعتمد على أمن الممرات التي تحمل الغذاء إلى الدول العربية أو النفط التي يعتمد عليها إنتاج هذا الغذاء.
ختامًا:
تفاقمت التحديات التي تواجهها الدول العربية لتحقيق الأمن الغذائي لها بسبب تأثيرات الصراعات الدولية كالحرب الروسية الأوكرانية، أو مع امتلاك دول وجماعات إرهابية القدرة على تهديد منابع ومصافي النفط وبالتالي السيولة المالية التي يتم توفيرها والتي يمكن توجيهها لاستيراد الغذاء أو الاستثمار في إنتاج الغذاء في الخارج، وكذلك بسبب القدرة على تهديد سلاسل الإمداد الدولية سواء للطاقة والتي يعتمد عليها إنتاج الغذاء أو للسلع الغذائية، وفي الوقت نفسه فإن القدرة على إنتاج الغذاء وتحقيق ما يطلق عليه السيادة الغذائية تواجه حصار السدود التي يتم إقامتها والتي يمتلك مفاتيحها قوى إقليمية من خارجه وهى دول منابع تلك الأنهار التي تصب في الدول العربية.
وقد يرى في المستقبل القريب سياسات تعتمد على المقايضة وتقوم على تعزيز المصالح الاستراتيجية للدول التي تملك المورد المائي مقابل السماح بنفاذ المورد المائي لها لدول المصب وكذلك لدى الدول التي تملك وفرة في إنتاج الغذاء، وبما قد يؤدي إلى تهديد السيادة الوطنية في حال تعارض السياسات والمصالح بين تلك الدول وبما قد يستدعي إدراج مفهوم الأمن الغذائي في الاستراتيجيات الأمنية بوصفه أحد مكونات الأمن القومي للدول العربية.