يعرف تسرب مياه البحر المالحة إلى المياه الجوفية بإزاحة المياه العذبة في الخزان الجوفي الساحلي بمياه البحر، والتي يمكن أن تؤدي إلى تلوث مصادر مياه الشرب وعواقب أخرى. تسرب المياه المالحة يحدث بشكل طبيعي إلى حد ما أكثر في طبقات المياه الجوفية الساحلية، نظرًا للاتصال الهيدروليكي بين المياه الجوفية ومياه البحر. ولأن المياه المالحة تحتوي على نسبة أملاح ومعادن أعلى من المياه العذبة، فهي أكثر كثافة وأثقل، ولها ارتفاع ضغط للمياه أكبر، فإنه يمكن أن تغزو مياه البحر المالحة الداخلية المياه العذبة.
بعض الأنشطة البشرية، وخاصة ضخ المياه العذبة من الآبار الجوفية القريبة من الساحل، زادت من تسرب المياه المالحة في المناطق الساحلية جداً والسحب الجائر للمياه العذبة من تلك الآبار يؤدى إلى انخفاض مستوى سطح المياه، مخفضة للضغط وسامحة لغزو المياه المالحة القادمة من البحر. والحد من الضغط على المياه والسماح لتدفق المياه المالحة إلى الداخل والتي بدورها تسبب تملح الخزانات الجوفية الساحلية.
تعد المناطق الساحلية المعرضة لارتفاع مستوى سطح البحر ذات أهمية كبيرة، حيث تمتد سواحل الوطن العربي على المحيط الأطلسي، والمحيط الهندي، والبحر المتوسـط والبحر الحمر، والخليج العربي، ويبلغ الطول الإجمالي للمناطق الساحلية في الدول العربية نحو 34000 كم، منها 18000 كم مأهولة، ويتركـز فيها معظم سكان الوطن العربي، كما أن أكـثر من 90 %من سكان بعض الدول العربية مثل الكويت، والبحرين، والإمارات العربية، وفلسطين، ولبنان، وجيبوتي، والمغرب يعيشون على السواحل، كما تقع معظم المدن الرئيسية والانشطة الاقتصادية في المناطق الساحلية. وعليه فإن معظم الدول العربية متأثرة بزحف تداخل مياه البحر إلى الخزانات الجوفية الساحلية.
يعد تسرب مياه البحر واحدًا من أكثر المشكلات البيئية تحديًا وانتشارًا في المناطق الساحلية والتي تهدد نوعية واستدامة موارد المياه الجوفية العذبة في طبقات المياه الجوفية الساحلية. وقد تفاقم الضخ المفرط للمياه الجوفية، المرتبط بنقص التغذية الطبيعية مشكلة (SWI) في المناطق القاحلة وشبه القاحلة بالبلدان العربية حيث تعاني معظم السهول الساحلية في المنطقة العربية من ظاهرة تداخل مياه البحر المالحة مع المياه العذبة فيها، وذلك بسبب اختلال التوازن بين منسوب سطح مياه البحر، ومنسوب مستوى المياه الجوفية العذبة الناتج عن زيادة معدلات الضخ. ويتجلى الأثر السلبي لهذه الظاهرة في تملح مياه الآبار القريبة من الساحل، وتراجع أو فقدان صلاحيتها للاستخدام. ومعظم الدول العربية تعاني من هذه المشكلة.
وتشير معظم الدراسات أن ارتفاع مستوى مياه البحار مترًا واحدًا سيؤثر على نحو 41500 كيلومتر مربع من الأراضي الساحلية العربية مما سيضر بـ3.2% من عدد السكان، إذ ستغمر المياه ما بين 12% و15% من دلتا النيل، وستخسر البحرين نحو 20% من أراضيها، كما ستتأثر كل من تونس والمغرب والجزائر وموريتانيا وقطر والكويت والإمارات. محذرًا من غرق بعض المدن العربية الساحلية بسبب ارتفاع مستوى مياه البحار مثل الإسكندرية وعدن وجدة.
أيضًا تؤثر ظاهرة تداخُل مياه البحر على استدامة الموارد المائية في المنطقة العربية، فالمياه الجوفية مصدر مهم لتلبية احتياجات السكان المحليين والزراعة والصناعة، وإذا لم يتم التحكم في تداخل مياه البحر، فقد يحدث نقص حاد في الموارد المائية المتاحة وتدهور للبيئة المائية.
يقع الساحل العربي الإفريقي ضمن دائرة الخطر، لكن أكثر بلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تأثرًا بمخاطر غزو مياه البحر هي مصر، التي يتعرض ساحلها الشمالي -وخاصةً دلتا نهر النيل-لمخاطر عالية بسبب هبوط خط الساحل بالتزامن مع ارتفاع مستوى سطح البحر.
كذلك فإنه هناك خطورة كبيرة في وضع المياه الجوفية في العديد من المناطق الجافة مثل قطاع غزة في فلسطين؛ إذ تعاني طبقات المياه الجوفية بالفعل من ضغوط كبيرة نتيجة الاستهلاك المفرط للمياه الجوفية، وارتفاع معدلات التلوث، وتوغل مياه البحر، ما يجعل نسبة 4٪ فقط من طبقة المياه الجوفية الساحلية في غزة صالحةً للشرب.
كذلك سوف تتأثر المياه الجوفية في المناطق المتأثرة بتداخل مياه البحر والتي تستخدم لأغراض الشرب، ويتعرض مستهلكو هذه المياه لخطر حدوث مشكلات صحية بسبب تناول الكثير من الصوديوم نتيجة لزخف مياه البحر، وإذا تم استخدام المياه للري، فهناك خطر تملح التربة الزراعية والمحاصيل في معظم البلدان العربية المتأثرة بتداخل مياه البحر.
أشارت دراسات كثيرة أن العديد من المواقع في المنطقة العربية معرضة بشدة للتأثيرات المحتملة لارتفاع مستوى سطح البحر وتسرب المياه المالحة وزيادة تواتر وشدة العواصف.
وتعتبر منطقة دلتا النيل في مصر وكذلك الجزء الشمالي من موريتانيا والعديد من المواقع الساحلية في دول الخليج وشمال إفريقيا معرضة بشدة للخطر. ولا يرجع سبب الضعف إلى الغمر المباشر لمناطق واسعة فحسب، بل يرجع أيضًا إلى تسرب المياه المالحة وتأثيرها على الخزانات الجوفية الساحلية وتملح التربة. وتنعكس هذه الآثار على إنتاجية الأراضي والدخل والظروف الصحية للسكان. وستنعكس الآثار المترتبة على زيادة شدة وتواتر الأحداث المتطرفة أيضًا في زيادة مخاطر الجفاف وندرة المياه والفيضانات المفاجئة وزيادة الوفيات والخسائر الاقتصادية.وتعتبر مصر من أكبر الدول العربية المتأثرة بظاهرة تداخل مياه البحر، ويظهر ذلك في شمال دلتا النيل حيث يؤدى السحب الجائر لتلبية المطالب المحلية المتزايدة والتنمية الزراعية إلى زيادة معدلات سحب المياه الجوفية بكميات أعلى بكثير من إعادة تغذية طبقة المياه الجوفية في هذه المناطق. وعليه فإن تداخل مياه البحر هي السبب الرئيسي لتدهور جودة طبقة المياه الجوفية، ويعتبر التسرب المباشر من النيل، وشبكة قنوات الري الواسعة، والمياه الزائدة من مياه الري، المصادر الرئيسية لإعادة تغذية المياه الجوفية في دلتا النيل أقل بكثير من معدلات السحب. وتوضح الدراسات العديدة أن مساحة دلتا النيل والتي تبلغ نحو 22000 كيلومتر مربع، وطول قاعدتها عند البحر المتوسط نحو 245 كم والتي تمثل ثلثي الأراضي الزراعية الأكثر خصوبة في مصر، تتعرض إلى خسائر كبيرة نتيجة لتأثير ظاهرة زحف مياه البحر وتملح الخزان الجوفي الساحلي في شمال الدلتا وكذلك تملح التربة وفقدها خصوبتها. بالإضافة إلى ذلك فإن خزانات المياه الجوفية الساحلية والتي تمتد من السلوم غربًا إلى رفح شرقًا تتعرض إلى تدهور كبير في ملوحة المياه نتيجة لزحف وتداخل مياه البحر إلى الخزانات الجوفية مما أدى إلى تملح وتدهور التربة.إن الحاجة الملحة إلى بنية تحتية متكاملة للتكيف وقدرة مؤسسية للرصد وبناء قواعد البيانات والتقييم الدوري والحد من المخاطر في جميع البلدان العربية هي شرط أساسي مهم للتخطيط الاستباقي والمتابعة والتنمية المستدامة. وتعتمد خيارات التكيف ومعايير الاختيار على المعايير المقررة والقضايا ذات الأولوية لكل دولة مع مراعاة تفعيل المبدأ الاحترازي. وتشمل هذه بشكل رئيسي:1- لا يمكن التغاضي عن مدى التأثر بارتفاع مستوى سطح البحر وانعكاساته على الموارد المائية والأمن الغذائي والسياحة والصحة العامة لجميع الدول العربية.2- بناء البنية التحتية والقدرات المؤسسية للرصد والنمذجة وتقييم مواطن الضعف وتطوير السياسات والتدابير وإنفاذ اللوائح. 3- إجراء البحوث حول توافر المياه وإدارتها، والأمن الغذائي والنباتات التي تتحمل الملوحة، والأحداث الساحلية المتطرفة، وبرامج الحفاظ على المياه.4- ينبغي لجميع الدول العربية تنفيذ برامج ضخمة لتقييم مفصل لقابلية التأثر، ودراسة الخيارات المفتوحة للتكيف، ووضع الاستراتيجيات والسياسات والتدابير في جميع قطاعات التنمية.5- تحتاج جميع البلدان العربية تقريبًا إلى بناء القدرة على الصمود للمجتمعات الضعيفة وتنفيذ تخطيط استباقي للإدارة المتكاملة للمناطق الساحلية وخلق فرص العمل والتنمية في المناطق الساحلية غير المعرضة للخطر.6- خلق فرص عمل وخطط تنمية في المناطق الآمنة وإنفاذ التقييم البيئي الاستراتيجي (SEA) وتقييمات الأثر البيئي (EIA) مع الأخذ في الاعتبار التغيرات المناخية وآثار ارتفاع مستوى سطح البحر.وللحفاظ على عذوبة مياه الخزانات الجوفية الساحلية، فإن ذلك يتطلب وضع استراتيجيات الإدارة المناسبة في استخدامات خزانات المياه الجوفية الساحلية للسيطرة على آثار مشاكل (SWI) ، مع اعتبارها مقبولة التكاليف الاقتصادية والبيئية. تتضمن هذه الاستراتيجيات الإدارة السليمة لاستغلال طبقات المياه الجوفية الساحلية وتحديد المدى النهائي المقبول في اتجاه الأرض لجسم المياه المالحة وحساب كمية تصريف المياه العذبة الضرورية باتجاه البحر للحفاظ على المياه العذبة كواجهة أمام المياه المالحة على ساحل البحر ووقف زحف المياه المالحة إلى الخزانات الجوفية العذبة.وتعتبر العوامل الطبيعية المرتبطة بتغير المناخ والعوامل البشرية بسبب التحضر الساحلي والأنشطة البشرية هي المكونات الرئيسية التي تؤدي إلى تفاقم مشكلة (SWI) ولذلك، يجب اتخاذ التدابير العلاجية المطلوبة لمنع المزيد من التدهور في نوعية المياه الجوفية نتيجة لتأثير غزو مياه البحر المالحة. هذه التدابير تشمل:
مراقبة ورصد تسرب مياه البحر:
- في المناطق الساحلية يمكن أن تتحرك مياه البحر إلى الداخل وتلوث طبقات المياه الجوفية المنتجة بسبب انخفاض منسوب المياه الجوفية العذبة. ولذلك، يجب أن تركز عملية الرصد على كل من مستوى المياه الجوفية وظروف التدرج الهيدروليكي بالإضافة إلى معايير جودة المياه الجوفية.
- يوفر رصد المياه الجوفية في المناطق الساحلية أفضل فرصة لتوصيف الطريقة التي تتغير بها الواجهة في ظل ظروف مختلفة للرأس الهيدروليكي والتدرج ولتحديد المواقف عالية المخاطر الناشئة عن تغير جودة المياه الجوفية.
- ومن خلال ملاحظات المراقبة هذه، يمكن وضع استراتيجيات إدارة فعالة للتحكم في حدوث تسرب مياه البحر في المستقبل.
مراقبة ورصد تغير مستوى سطح المياه الجوفية وملوحة المياه:
- بشكل عام فإن الانخفاض الحاصل في منسوب المياه في الخزانات الجوفية بالقرب من الساحل يعد مؤشرًا على زحف مياه البحر والذي يجب مراقبته بشكل دوري.- ويلاحظ أن المناطق التي تعاني من انخفاض منسوب المياه تعاني أيضًا من زيادة ملوحة المياه الجوفية نتيجة الضخ المكثف مما أدى إلى زحف مياه البحر على هذه المناطق الساحلية، ولذلك يجب تقليل معدلات الضخ وساعات التشغيل للآبار لتقليل ظاهرة زحف مياه البحر من خلال التوازن بين معدلات تغذية الخزانات الساحلية والسحب منها. - ويعتبر التباين في ملوحة المياه الجوفية وتركيز الكلور (Cl-) والصوديوم ( Na+) والبروم (Br -) بمثابة مؤشرًا لزحف مياه البحر بخزانات المياه الجوفية العذبة. لذلك يجب الفحص الدوري لهذه العناصر لمراقبة ورصد مدى زحف مياه البحر. - كذلك فإن قيم HCO3/Cl، تدل على إعادة شحن المياه العذبة، وكلما كانت قيمها أكبر عن نسبة مياه البحر (0.0069) فإن ذلك يدل على شحن المياه العذبة والتغلب على ظاهرة تسرب مياه البحر، ولكنه على الجانب الآخر إذا كانت هذه القيم أقل أو قريبة من قيمة مياه البحر (0.0069) فإن ذلك يعتبر مؤشرًا إلى زيادة تأثير تسرب مياه البحر. وبالتالي يمكن اعتبار نسبة (HCO3/Cl) ) مؤشراً جيدًا لتملح خزانات المياه الجوفية العذبة بسبب زحف مياه البحر. - تصحيح مشاكل تسرب مياه البحر التي حدثت عن طريق ضبط حجم المضخات لتقليل معدلات الضخ وتقليل أطوال دورات الضخ لتجنب الزحف الجانبي من البحر.- وعند إنشاء الآبار يجب عدم التوغل بشكل أعمق تحت مستوى سطح البحر لتجنب حركة المياه المالحة إلى الأعلى من التكوينات العميقة.- يفضل إنشاء الآبار المتفرقة منخفضة التصريف عن الآبار المركزة ذات التصريف العالي لتجنب انخفاض منسوب المياه العذبة.- ضخ الآبار بالتناوب في حالة أنظمة الآبار المتعددة لتجنب تداخل مخاريط المنخفضات ومنع ظهور الواجهة المالحة نتيجة لزحف مياه البحر المالحة.
بالإضافة إلى هذا التدهور في خزانات المياه الجوفية الساحلية، فإن التغيرات المناخية تعد تهديدًا جديدًا يتسلل إلى أعماق المحيطات والبحار حول العالم، ومنطقة الوطن العربي ليست استثناءً من هذه التأثيرات، حيث أنه من المتوقع أن يتسبب ذوبان الجليد والتمدد الحراري للمحيطات في ارتفاع مستوى سطح البحر بحوالي 85 سم (زائد أو ناقص 25 سم) في العام 2100م، وذلك على نطاق العالم. وارتفاع مستوى سطح البحار سوف يعود بالضرر على المناطق الساحلية بالدول العربية سواء بغرق بعض المناطق الساحلية أو تملح الخزانات الجوفية الساحلية وكلاهما سوف يؤثر على الأنشطة المختلفة سواء زراعية أو سياحية أو صناعية وكلها سوف تؤثر على اقتصاد الدول العربية. يحد المحيط الأطلسي والبحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر والمحيط الهندي والخليج الفارسي وبحر قزوين منطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط وتشكل تهديدًا للتجمعات السكانية على الساحل. إن مدنًا مثل الإسكندرية أو البصرة معرضة بشكل خاص لخطر ارتفاع مستوى سطح البحر، ما قد يكون له عواقب على ملايين الأشخاص. وتقع ممالك الخليج أيضاً في مناطق معرضة للخطر.
وتمتد سواحل الوطن العربي حوالي 1800 كيلو متر على المحيط الأطلسي، والمحيط الهندي والبحر المتوسط والبحر الأحمر والخليج العربي، ويتركز فيها معظم سكان الوطن العربي، وأن أكثر من 90% من سكان بعض الدول العربية مثل (الكويت، والبحرين، والإمارات العربية، وفلسطين، ولبنان، وجيبوتي، والمغرب ) يعيشون على السواحل، وارتفاع مستوى البحر 1 متر سيفقد الوطن العربي حوالي 42 ألف كم مربع من الأراضي الساحلية، ويؤثر ذلك على حوالي 40 مليون من السكان، والأكثر تضررًا ستكون سواحل شمال إفريقيا والخليج العربي؛ حيث سيغرق حوالي 15% من دلتا نهر النيل وهي أراضي زراعية خصبة يعتمد عليها حوالي 6 ملايين مصري . وسيكون التأثير شديدًا على دول عربية بعينها، مثل: مصر، والسعودية، والمغرب، بينما سيكون التأثير أقل على دول أخرى، مثل: السودان، وسوريا، والأردن، وستشهد كل من الإمارات، وقطر، والبحرين أعلى نسبة سكان معرضين للخطر بفعل ارتفاع مستوى البحر.
مصادر تلوث خزانات المياه الجوفية الساحلية
بالإضافة إلى تملح خزانات المياه الجوفية الساحلية بسبب زحف مياه البحر المالحة، فإنه هناك مصادر أخرى لتلوث المياه الجوفية. فمنها ما يعود لعوامل طبيعية، ومنها ما يعود لأنشطة الإنسان. ويمكن تقسيم مصادر التلوث الناتجة عن أنشطة الإنسان إلى مصادر زراعية وصناعية ومنزلية.
مصادر التلوث الزراعية:
مبيدات الآفات، المخصبات، مبيدات الحشرات والمخلفات الحيوانية، تلك هي المصادر الزراعية الرئيسية لتلوث المياه الجوفية. ومن أمثلة ذلك : تسرب المخصبات والمبيدات مباشرة إلى الأرض أثناء التعامل معها، التسرب الناجم عن تحميل وغسل معدات رش المبيدات، التسرب الناجم عن تخزين الكيماويات الزراعية في مناطق مكشوفة دون حمايتها من الرياح والأمطار، مزج ونشر المبيدات والمخصبات مع مياه الري يمكن أن يؤدي إلى تلوث المياه الجوفية إذا كانت كمية هذه المواد الكيماوية أكبر من حاجة النبات، ويمكن للمزارع التي تفرط أو تسيء في استخدام المخصبات والمبيدات أن تؤدي إلى تلويث المياه الجوفية بالعديد من المركبات العضوية، وعناصر النيتروجين ، والكادميوم ، والكلور ، والزئبق والسيلينيوم . أما المخلفات الحيوانية فيمكنها تلويث خزانات المياه الجوفية بالنيترات، وبكتيريا الكوليفورم، والمواد الصلبة الذائبة والكبريتات. ويمكن للتعامل غير الرشيد مع الآلات والماكينات الزراعية أن يؤدي إلى تلويث المياه الجوفية بالأصباغ (التي تحتوي على الرصاص والباريوم)، والبنزين وزيوت التشحيم التي تحتوي على مركبات عضوية طيارة، ووقود الديزل (الذي يحتوي على الباريوم)، وسوائل الشطف (التي تحتوي على بقايا المخصبات والمبيدات).
مصادر التلوث المنزلية:
تعتبر مياه الصرف الصحي المتدفقة من المنازل مصدرًا رئيسيًا لتلوث المياه الجوفية، حيث تقف وراء طائفة واسعة من الملوثات، بما في ذلك البكتيريا، والفيروسات، والنترات من المخلفات المنزلية، والمركبات العضوية. ويمكن للمواد الكيميائية المخزنة في المنازل بطريقة غير سليمة أو التي يتم التخلص منها مع مياه الصرف الصحي أن تكون مصدرًا خطيرًا لتلويث المياه الجوفية. ومن بين هذه المواد الأصباغ، سوائل التنظيف، والزيوت، والأدوية، والمطهرات ... الخ. وتصبح المشكلة أخطر بكثير في حالة حدوث تسرب في شبكات الصرف، أو في حالة الصرف المباشر في باطن الأرض. ومع التوسع الكبير في حجم الأحياء السكنية الحديثة وفي شبكات الطرق، تصبح مياه الأمطار مصدرًا إضافيًا لتلويث المياه الجوفية بما تأخذه معها من على أسطح البيوت والأماكن المكشوفة فيها، وكذلك من الشوارع، إلى باطن الأرض. والمخلفـات المنزلية يمكنها أن تصيب المياه الجوفية بالعديد من الملوثات، ومن بينها: المنظفات الاصطناعية المستخدمة في غسيل الأطباق والملابس، والمركبات العضوية في مخلفات المنازل، والبكتيريا والنترات والكبريتات في مياه المجاري، والزيوت والشحوم، وسوائل التنظيف ومعطرات الجو التي تحتوي جميعها على رابع كلوريد الكاربون. أما مياه الأمطار فيمكنها أن تأخذ معها إلى المياه الجوفية الكلور والصوديوم، والمركبات العضوية من الزيوت والبنزين، والرصاص، وسوائل التنظيف ومذيبات الشحوم التي تحتوي جميعها على مواد سامة مثل رابع كلوريد الكربون.
مصادر التلوث الصناعية:
تتطلب النشاطات الاقتصادية الحديثة نقل وتخزين مواد تستخدم في التصنيع، والمعالجة، والبناء. وبين إنتاجها وتخزينها ونقلها يمكن لهذه المواد أن تجد طريقها إلى المـياه الجوفية من خلال التسرب، أو الانسكاب، أو التعامل غير الصحيح معها. والأكثر من هذا أن تنظيف هذه المواد يمكن أن يسبب هو الآخر تهديدًا للمياه الجوفية عندما تنتقل هذه المواد مع مياه التنظيف إلى باطن الأرض. ولا ترتبط منشآت صناعية وخدمية كثيرة، بشبكة الصرف الصحي، وتلقي بمخلفاتها مباشرة إلى باطن الأرض أو إلى جور معدة لذلك. ومن أخطر هذه المنشآت محطات تنظيف وتصليح السيارات، ومحلات تنظيف الملابس، ومعامل تحميض الصور، ومصانع الأدوات الكهربائية ومكوناتها لأن مخلفاتها تتضمن مواد كيميائية سامة. وحتى في المنشآت الكبيرة المربوطة بشبكات الصرف الصحي، تشكل الكميات القليلة من مخلفاتها المتسربة إلى باطن الأرض تهديدًا للمياه الجوفية.
مصادر التلوث الطبيعية:
يمكن أحيانًا أن تصاب المياه الجوفية بالتلوث دون أن يكون الإنسان سببًا له. ويتوقف الأمر على التركيبة الجيولوجية لطبقات الأرض التي تتحرك خلالها المياه الجوفية. وتتحرك المياه الجوفية عبر طبقات صخرية وطينية تحتوي على طائفة واسعة من العناصر مثل المغنسيوم والكالسيوم والكلور. وتحتوي الجدران الداخلية لخزانات المياه الجوفية على تركيزات طبيعية عالية لمكونات قابلة للذوبان مثل الزرنيخ، والبورون والسيلنيوم. ويتوقف تأثير مصادر التلوث الطبيعية هذه على نوع الملوثات وتركيزها.