2025-04-30
العالم يمر حاليًا بمتغيرات ومنعطفات غير مسبوقة منذ بداية القرن العشرين وما تلاها من أحداث قادت إلى حربين عالميتين أضرتا بالعالم، وترتب ع...
العالم يمر حاليًا بمتغيرات ومنعطفات غير مسبوقة منذ بداية القرن العشرين وما تلاها من أحداث قادت إلى حربين عالميتين أضرتا بالعالم، وترتب عليهما الكثير من الدمار والخسائر في الأنفس والاقتصاد، ثم ظن العالم أنه استقر منذ منتصف أربعينيات القرن الماضي عندما تشكلت مؤسساته التي مازالت قائمة، حيث وصل العالم إلى حالة من توازن القوى صاحبها حالة رشد سياسي، عززها الاتجاه إلى التنمية والابتكار والتطور، وجنت البشرية جمعاء ثمار هذا التطور القائم على الاستقرار حتى وإن كان هشًا ومعتمدًا على الردع وليس الوفاق التام بين القوى الكبرى، وزاد من هذا الاستقرار انتهاء الحرب الباردة بين القوتين العظميين مطلع تسعينيات القرن العشرين مع تفكك الاتحاد السوفيتي واختفاء حلف وارسو؛ ما خفف من حدة الشعور بالصراع، أو المنافسة على الأقل في جانبها العسكري.
::/introtext::العالم يمر حاليًا بمتغيرات ومنعطفات غير مسبوقة منذ بداية القرن العشرين وما تلاها من أحداث قادت إلى حربين عالميتين أضرتا بالعالم، وترتب عليهما الكثير من الدمار والخسائر في الأنفس والاقتصاد، ثم ظن العالم أنه استقر منذ منتصف أربعينيات القرن الماضي عندما تشكلت مؤسساته التي مازالت قائمة، حيث وصل العالم إلى حالة من توازن القوى صاحبها حالة رشد سياسي، عززها الاتجاه إلى التنمية والابتكار والتطور، وجنت البشرية جمعاء ثمار هذا التطور القائم على الاستقرار حتى وإن كان هشًا ومعتمدًا على الردع وليس الوفاق التام بين القوى الكبرى، وزاد من هذا الاستقرار انتهاء الحرب الباردة بين القوتين العظميين مطلع تسعينيات القرن العشرين مع تفكك الاتحاد السوفيتي واختفاء حلف وارسو؛ ما خفف من حدة الشعور بالصراع، أو المنافسة على الأقل في جانبها العسكري.
ثم ظهرت بوادر منافسة جديدة بين الولايات المتحدة والصين وإن كان الجانب الاقتصادي هو محورها وليس العسكري كما كان الوضع في عهد الحرب الباردة، وأخذ هذا التنافس أشكالًا مختلفة في المجال الاقتصادي، منها التطور التقني، ومحاولة كسب أسواق جديدة ومناطق نفوذ على اليابسة أو على الممرات المائية وطرق التجارة الدولية، وأيضًا تأسيس تكتلات اقتصادية في ظاهرها وإن كانت في باطنها محاولات استقطاب لاستمالة الاقتصادات الصاعدة إلى جانب كل طرف، فظهرت السوق الأوروبية المشتركة، والنافتا، وتجمع البريكس، ومنظمة شنغهاي للتعاون، والآسيان، إضافة إلى تكتلات غرب وشرق إفريقيا، وغيرها من التكتلات التي ظلت تراوح في شكلها الاقتصادي، إلى أن أخذ التنافس الأمريكي ـ الصيني أبعادًا أخرى منها محاولة سحب البساط من تحت أقدام الآخر ، فتبنت الصين ما يسمى بمبادرة الحزام والطريق، وظهر مؤخرًا ممر التنمية المنافس الذي يربط الهند بأوروبا مرورًا بالدول العربية والشرق الأوسط .
واحتدمت المنافسة التي إن جاز التعبير وصفها بالصراع مع اشتعال الحرب الروسية ـ الأوكرانية ووقوف الغرب "الناتو" إلى جانب أوكرانيا، وانضمت الصين إلى روسيا وأخذت تتبلور تحالفات جديدة تدور في فلكها دول أخرى ،وزاد من خطورتها وجود الأسلحة النووية لدى الطرفين المتصارعين، وفي غمرة هذا الصراع انفجر صراع الشرق الأوسط الذي انطلقت شرارته بين إسرائيل وإيران ثم انفجر بعد أحداث 7 أكتوبر عام 2023م، بين إسرائيل والفلسطينيين في غزة والذي مازال مستمرًا، وانتقل بعد ذلك إلى لبنان ثم سوريا وتشابكت الأحداث والملفات في الشرق الأوسط ؛ ما أدى إلى عرقلة الملاحة في البحر الأحمر ومضيق باب المندب لدخول الحوثيون كطرف في المعادلة، وزاد من سخونة الوضع الدولي والإقليمي القرارات التي اتخذها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب منذ توليه سدة الرئاسة في البيت الأبيض في يناير الماضي، وانتهج سياسات غير مسبوقة في تاريخ الإدارات الأمريكية السابقة، سياسات تبدو متناقضة لما استقرت عليه السياسة الأمريكية تجاه الحلفاء والأصدقاء قبل الأعداء! حيث يراها البعض أنها اتسمت بالارتجال والاندفاع والتخلي عن الثوابت التي يعرفها الغرب والعالم منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، فيما يراها البعض الآخر أنها تؤسس لمرحلة جديدة من النظام العالمي الجديد تقوم على أفكار ومبادئ برجماتية تنطلق من قناعات المحافظين الجدد وتعتمد على فكرة "أمريكا أولًا" والتخلي عن التحالفات والشراكات القديمة، وأن ترامب يريد تعويض الديون الأمريكية، وتعطيل انطلاقة الصين التي تهدد تربع بلاده على عرش العالم، فدشن مرحلة ولايته الثانية بالعديد من القرارات والتصريحات التي بدت غريبة، حيث أراد أن يضم كندا التي تفوق مساحتها مساحة الولايات المتحدة الأمريكية لتكون ولاية أمريكية، بل ضم قناة بنما وتغيير خريطة خليج المكسيك، والانطلاق بعيًدا لضم جزيرة جرينلاند، وانحيازه لروسيا ضد أوكرانيا، والانسحاب من منظمات دولية عديدة، بل التلويح بتفكيك حلف "الناتو" كل ذلك وغيره جعل حلفاء الولايات المتحدة يفكرون بصوت عال في بدائل للاعتماد على أمريكا، بل اتخذت دول الاتحاد الأوروبي خطوات على الأرض لتعزيز استقلال قرارها وتقليل اعتمادها على واشنطن خاصة في الجانب الأمني ، مع التحسب لما هو آت على ضوء تقلبات ترامب.
والسؤال المهم: أين تقف دول مجلس التعاون من المتغيرات العالمية المتسارعة؟ والإجابة تنطلق من ثوابت دول المجلس التي لا تحيد عنها، فهي تقف على خطوط متساوية ومتوازية من الجميع، وتتمسك بالحياد وعدم الانجرار وراء أي استقطاب مهما كان مصدره، وهذه السياسة ليست جديدة أو طارئة فهي قائمة منذ ما بعد الحرب العالمية الثانية وفي ظل الحرب الباردة، حيث رفضت كافة التحالفات التي كانت تستهدف دول الشرق الأوسط، كما أنها تضع مصلحة شعوبها ودولها في المقدمة وتتحسب لما قد يطرأ من متغيرات، فوضعت الاستراتيجيات التنموية لتنويع مصادر الدخل وعدم الاعتماد على النفط كسلعة رئيسية لاقتصاداتها، وانفتحت على الشراكات العالمية دون تمييز أو التعامل وفق أيدولوجيات بذاتها على حساب أخرى، وتبع ذلك زيادة حجم التبادل التجاري مع جميع دول العالم، وأولت اهتمامات قصوى لتوطين الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة، وبشأن التسليح أخذت تهتم بالصناعات العسكرية الوطنية مع التوسع في مصادر التسليح الخارجي.
وفي مجال السياسة الخارجية، بداية تتبع دول الخليج التوافق تجاه السياسة الخارجية، وتتمسك بحقوق دول المنطقة، ومع إقرار السلام والاستقرار في المنطقة والعالم حيث امتدت مساعيها السلمية إلى استضافة الحوار الأمريكي ـ الروسي كما فعلت المملكة العربية السعودية التي لها مواقف مشهودة أيضًا من إنهاء الحرب الأوكرانية، كما تقف بثبات مع حقوق الشعب الفلسطيني وإقامة دولته المستقلة على حدود 4 يونيو 1967م، وفق حل الدولتين، وأنها ضد التصعيد مع إيران ورفض المواجهات العسكرية وضرورة انتهاج الحلول السلمية، وهي في ذلك تساند التفاوض بين واشنطن وطهران، وتقف دول الخليج أيضًا مع إنهاء الصراعات والحروب الداخلية في بعض الدول العربية كالسودان وليبيا واليمن، مع استقرار سوريا وعدم الزج بها في صراعات إقليمية، وفيما يتعلق بالعلاقات مع الولايات المتحدة فهي تعتبرها علاقات استراتيجية ووثيقة ولا تستخدمها كورقة في المساومات الدولية والإقليمية، وتعتقد أن الأصدقاء في البيت الأبيض رغم تعاقب الإدارات يتعاملون معها من هذا المنطلق، وكلا الطرفين يسعون للحفاظ عليها وتوثيقها ونأمل أن تستمر الإدارة الأمريكية الحالية في تبني النهج المتفق عليه لهذه العلاقات.
::/fulltext:: )
- قراءات سياسية / إحصائيات وارقام في خطاب الرئيس الروسي بوتين خلال الدروة 26 لمنتدى سانت بطرسبورغ الاقتصادي الدولي - أ.د. صالح بن محمد الخثلان
2023-07-04
- قراءات سياسية / انعكاسات زيارة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء إلى الجمهورية الفرنسية - مركز الخليج للأبحاث
2023-07-04
- قراءات سياسية / وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان في أهم خطوة دبلوماسية لاستئناف العلاقات بين السعودية وإيران - مركز الخليج للأبحاث
2023-07-04
object(stdClass)#1142 (15) { ["category_id"]=> string(4) "4374" ["asset_id"]=> string(5) "12637" ["category_title"]=> string(19) "كاتب الشهر" ["alias"]=> string(19) "2022-10-04-11-34-44" ["created_user_id"]=> string(3) "938" ["created_time"]=> string(19) "2020-08-30 19:29:57" ["checked_out_time"]=> string(19) "0000-00-00 00:00:00" ["content_id"]=> string(4) "6290" ["content_asset_id"]=> string(5) "14882" ["content_title"]=> string(57) "مشاركات الدكتورة فاطمة الشامسي" ["catid"]=> string(4) "4374" ["created"]=> string(19) "2022-10-04 11:34:44" ["images"]=> string(273) "{"image_intro":"images\/178\/Dr-FatemahAlshamsi-cover-page-pic.jpg","float_intro":"","image_intro_alt":"","image_intro_caption":"","image_fulltext":"images\/178\/Dr-FatemahAlshamsi-cover-page-pic.jpg","float_fulltext":"","image_fulltext_alt":"","image_fulltext_caption":""}" ["urls"]=> string(121) "{"urla":false,"urlatext":"","targeta":"","urlb":false,"urlbtext":"","targetb":"","urlc":false,"urlctext":"","targetc":""}" ["introtext"]=> string(435) "" }
مجلة اراء حول الخليج
٣٠ شارع راية الإتحاد (١٩)
ص.ب 2134 جدة 21451
المملكة العربية السعودية
+هاتف: 966126511999
+فاكس:966126531375
info@araa.sa :البريد الإلكتروني